الصفحات

الأحد، 22 نوفمبر 2015

عروبة فلسطين .. (3)

عروبة فلسطين .. (3) .

كثيرا ما نسمع التركيز في وسائل الاعلام ، على مشكلة القدس من طرف االسياسيين ، داخل الجمعيات والأحزاب ونشطاء المجتمع المدني  باعتبار ما يتعرض له سكانها ، من حصار وممارسات عنصرية واعتداءات سواء على المصلين أوعلى المدنيين ، وباعتبار ما تتعرض له المدينة من محاولات تهدّد فعلا بهدم مقدساتها وتغيير معالمها عن طريق الحفريات ..  وهو عمل لازم ومطلوب في كل حين  لرفع المعاناة ، وحماية المقدسات بكل انواع المقاومة الشريفة .. غير ان ما يجب التفطن اليه هو الطرح الاجمالي والاطار  الذي يجب ان تتنزل فيه مثل هذه القضايا ، لان قضية القدس ليست مجرد قضية تهويد للمقدسات ، او منع للمصلين من آداء شعائرهم ، كما أن الحل المطلوب لا يتوقف على استرجاع القدس  باعتبارها قبلة ثانية للمسلمين ، ومسرى للرسول الكريم صلى الله عليه وسلم فحسب ، بل لأنها فوق هذا ،  جزء من قضية مركزية تشمل القدس وغزة والضفة الغربية والجليل الاعلى وكل اراضي فلسطين الواقعة اليوم تحت السيطرة الصهيونية على سواحل البحر الابيض المتوسط وفي صحراء النقب ، وعلى كل شبر من فلسطين التاريخية قبل الانتداب البريطاني ، وقبل الغزو الصهيوني الذي انتهى  باقامة هذا الكيان العنصري سنة 1948 ..
 ان ما يحتاجه واقعنا اليوم هو تنزيل مثل هذه القضايا الجوهرية في اطارها الصحيح ، حينما تتقاطع ـ أولا ـ مع الاطار التاريخي الذي صنع هذه الأحداث  ، وحينما تلتقي ثانيا مع التحديات التي يطرحها المستقبل ، لعالم يتجه فيه ـ الكل ـ لبناء التكتلات التي لا مكان فيها لتلك  الكيانات القـزمية التي تسمى اقطارا  في الوطن العربي ، الا محتمية ، تابعة ، خاضعة ، مستسلمة ، مستكينة ، مقهورة ، لا حول لها ولا قوة أمام من يقبل بحمايتها مقابل أن يراها دائما على تلك الصورة المذلة  ، وهو يوجهها الوجهة التي يريد ، وينهب منها كل ما يريد ..
قد تكون القدس محطة من المحطات التي تدور فيها المعارك معزولة عن بعضها البعض ، وهو ما يجعل مأساتها تتواصل في ظل العجز العربي ، الناتج عن واقع العرب اليوم ، وهم أمة مجزأة ، تقع لقمة سائغة لكل الطامعين في اراضيها وثرواتها ، وفي ظل التخلف الذي يعيشه ابناؤها فلا يهتدون الى الحل القومي القادر وحده على تخليصهم من معاناتهم ، واخراجهم نهائيا من هذا المأزق التاريخي الذي وقعوا فيه ..

  ( نشرية القدس عدد 203) .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق