بوصلة لا تشير الى القدس مشبوهة

بوصلة لا تشير الى القدس مشبوهة
مدونة الفكر القومي التقدمي

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الأحد، 25 مايو 2014

الهروب الى الأمام ..


لقد أصبح العام والخاص في تونس على علم  بعمق الازمة الاقتصادية بعد ما بذله رئيس الحكومة منذ توليه مقاليد الامور في شرح بعض ما كان خافـيا في الـفترة السابقة ، وهو ما يثير الدهشة والحيـرة فعلا لدى الكثيرين الذين كانوا يسمعون من المسؤولين السابقـيـن الى آخـر لحظة  - وهم على رأس حكومتهم - حديثا مطـوّلا عـن نسبـة النمو الاقـتـصادي والمشاريع والاستـثمار .. !!  وبقطع النظـر عن حقـيقة الارقام المتعـلقة بالازمة فان ما يهم الناس هو التوجّه مباشرة الى الحلول ....
وعوض أن تتجه الحكومة الجديدة للبحث عن حلول جذرية بفـتح ملف الثـروات الوطـنيـة والتهـريب والأموال المنهـوبة وملاحقة الفاسديـن ، اتجهت الى الخارج للتسوّل والبحث عن المساعدات والقروض البالغة الى حد الآن 50 % من الناتج المحلي ، والتي سيتم استغلالها بصفة عشوائية في المجالات الاستهلاكية لتجاوز العجز دون توظيفها في الاستثمار الذي يمكن أن يجعـل منها ثـروة حيوية تساهم قي تسديدها ... 
  أما في الداخل فقد اتجهت الى الحلول السهلة ، مستغـلـّة فكـرة قديمة عن التضامن ، لاقـنـاع الناس بضرورة الانخراط  في مشروع الاكـتـتـاب الوطني الذي سيساهم في تمويل ميـزانـيّة الدولة حسب ادّعائهم .. كما اختـلقـت هذه الحكومة فكـرة الحوارات الاقـتصادية المشبـوهة التي تديـرها أطـراف خارجـية من وراء الستار بواسطة عملائها ووكلائها من السياسيين ورؤوس الاموال الفاسدين والسماسرة الذين يتم الـزج بهم عـبـر هذه المنابر والأطـر لتمـريـر الاملاءات الدولية المفروضة من صندوق النقـد الدولي باسم التوافق ، والتي بدأت أخبارها تـتـردّد في وسائل الاعلام  مسبقا  لجسّ النبض لدى المواطنين ، خاصة وأن الحلول المقـتـرحة لفك الأزمة تتعلق بالمواد الاساسية التي تدعمها الدولة ، وهي اجراءات عادة ما تـتسبّب في هـزات اجتماعـية عـنيفة كما حصل سابقا في تونس وعدة دول عـربية أخرى مثل المغـرب والاردن  ومصر .....  
واضح اذن توجه الحكومة ، باتباعها لتلك الحلول القديمة المعـروفة نتائجها مسبقا في تكريس التبعـية للقوى المانحة ، وتهميش الفئات الضعـيـفة في المجتمع معـتمدة على المزيد من التـفـويت في المؤسسات العمومية ورفع الدّعم ، استجابة للشروط المحدّدة مسبقا للقروض .. انها باختصار سياسة الهـروب الى الامام التي أدّت في السابق الى جميع الأزمات والهـزّات العـنـيـفـة ، والتي يمكـن أن تكون حلا سهلا لتأجـيـل الانهـيـار الاقـتـصاديّ .. غير أن  نـتـائجـها الكـارثـيــة  ستـظهـر ولو بعـد حـيـن .. 

 ( نشرية القدس العدد 125 ) .

الأحد، 18 مايو 2014

نعمة التفكير ..


حين يتأمّل الانسان بعض ما جاء في القرآن الكريم  مثل  الآيات الواردة  في سورة يونس ، يمكن أن يشفق فعلا على بعض الناس الذين يؤمنون بالمطلق ، وينساقون وراء الولاء الأعمى للأشخاص ، سواء كانوا دعاة أو قادة أحزاب أو منظرين وقادة رأي عام .. حتى يفقدوا نهائيا ما منحهم الله من ملكة تفكير .. والحال ان البشر بشر ، والناس  مهما علا شأنه فهم لا يصلون أبدا الى مرتبة الكمال .. وها نحن في وضع يخاطب فيه الله رسوله الكريم قائلا : " فإن كنت في شك ممّا أنـزلنا إلـيك فاسأل الذين يقـرؤون الكتاب من قـبلك لقد جاءك الحق من ربـك فلا تكونـنّ من الممتـرين (94) ولا تكونـنّ من الذين كذّبـوا بآيات الله فـتـكون من الخاسريـن (95) "  .. 
والسؤال هل أن الـرّسول صلى الله عليه و سلم  قد شك فـيما اُنـزل الـيه حتى ينهاه الله  ؟
وهل كان الرّسول يبحث عن اليقـيـن عن طـريق الشك ..؟
أسئلة وجـيهة طرحها العديد من الباحـثـيـن ، وتطـرّق إليها المفسّرون ، لكن من الثابت - وبقطع النظـر عن التأويل -  فان إيمان الـرّسول صلى الله عليه وسلم لا يـرقى إليه الشك .. ويكفي لنتأكد أن نتذكر ما قدّمه من تضحيات ، وما تحمّـله من معاناة حتى وصل بالرّسالة الى  ما وصلت إليه .. فضلا عن التأكـيـد الذي ورد في القـرآن الكريم في عديد من الآيات منها قوله تعالى  : " مَا ضَلَّ صَاحِـبُـكـُمْ وَمَا غَـوَى " ( النجم 2 )  .. وقد يكون هذا الكلام موجّه للناس عن طريق الرّسول كما قال القرطبي .. أو هو مجاز دارج على طريقة الكلام عـند العـرب كما قال الطبري، أو هو قول على سبيل الفرض والتمثيل كما قال الـزمخشري .. وأي كان معـنى السياق الذي جاءت فيه الآيات الكريمة ، فإن المقاصد واحدة ، وهو أن ندرك قيمة ما وهـبنا الله من دون الكائـنات ، وما كـرّمنا لأجله وفضلـنا به على كـثـيـر من خلقـه ، وهي نعـمة التـفـكـيـر ..
فما أحوجـنا الى المزيد من التـفكـيـر حيث لا مقــدّس الا كلام الله .. والله أعلم .

 ( نشرية القدس العدد 124 ) . 

غباء وليس وجهة نظر ..!!


لم يعد أحد من الذين ينتمون الى الصف الوطني سواء في سوريا أو خارجها يصدّق أن ما يحدث هـناك ثورة شعـبـيـة حقـيقـية الا الأغـبـيـاء .. وهو الوصف الوحـيد الذي يـبـقـيهم داخل الدائرة الوطنية الضيـقـة الآن بعـد أن هـرولت كل القـوى الـرجـعـية أحـزابـا وحكومات ، وراء أسيادهم من أعداء الامة الذين فاجأتهم الاحداث المزلـزلة لعـروش الطغـاة في تونس و في مصر ، ليجعـلوا منها  خـريفا عـربيا هـنا ، فشتاء قارسا هـناك ، ألبسوهما أثـوابا مستوردة  حـتى تكون زيا للـرّبـيع العـربي الذي صُـنع على هوى الحاقديــن ..
 فأي ربيع هذا الذي تهبّ رياحه  محمّلة  بالحقد والكـراهـية ، فلا يخـلـّـف الا الدماء والهـدم والدمار ..؟
 وأي ربـيع هذا الذي يأتي متـنـكّـرا لكل ما هو جميـل وأصيـل ..؟  
 ان كان الربيع هو التعـبيـر عن الفوضى واغـتـيال القيم الحضارية وقلب المفاهـيم ، فان ذلك أغـرب ما يكون عن منطق الثـورات ، فلا علاقة اذن لهذا الربـيع بالثـورة ...
وهل يعـقـل أن تكون الثورات بقـيادة أقطاب الرجعـية في قطر والمملكة العـربية السعودية ؟ 
ولماذا تصرف كل دولة منهما المليارات في سبيل هذه الثورة أو تلك ؟ 
ثم لماذا تنكّـرا للثورة في تونس ومصر حتى في زمن صعود الحلفاء من الاخوان ؟ 
ولماذا لا يشدّون الرحال نحو فلسطين ان كانوا صادقين ؟ 
ألا يهاجمون الجيش العـربي السوري من القـنيطرة المحاذية للجولان المحتل ؟ 
 لقد كانت الساحة العـربية مهيأة فعلا لاحتضان ربـيع عـربي حقـيقي يمكن أن يغـيّـر كل ما هو موجود ليس باسقاط الانظمة الديكتاتورية فحسب ، بل باعادة رسم الخريطة العـربية من جديد ، لولا عاملين  مهمّين تسبّـبا في تحويله الى خـريف مرعـب وشتاء مفـزع .. 
 - أوّلا بسبب تدخل الأيادي القذرة للقوى المتربّـصة التي تملك كل الامكانيات للعـب في الخفاء وفي الوقت المناسب بتلك المنجزات الثورية كما تشاء .. 
- ثانيا بسبب تخلف القوى الثورية عن تلك اللحظة التاريخية التي كانت قادرة على صنعها حين تهــيّـأت ظـروفها الموضوعـية  لكـنها في الوقت نفسه كانت غـيـر مؤهّـلة ذاتيا لتطويرها في الاتجاه الذي يؤدّي الى المحافـظـة على مكـتسباتها .. وهو ما يفسّر انـتـكاس تـلك الثـورات في مهدها الأصلي الذي انطـلقـت منه .. كما يضع الثـوريـيـن من جديد أمام حقـيـقة صارت الآن مؤكّـدة : 
 الثـورة تحـتـاج الى تـنـظـيـم  ثـوري ... 

 ( نشرية القدس العدد 124 ) .

الأحد، 11 مايو 2014

من النكبة الى النكبات ..!!


ارتبط مفهوم النكبة منذ 15 ماي 1948 بقيام دولة العصابات الصهيونية في فلسطين .. حيث كان ذلك اليوم ، وذلك العام من أسوء الأيام والسنوات التي عاشها العـرب في تاريخهم الحديث .. فحتى مفهوم الاستعمار والانتداب الذي شهدته أغلب أقطار الوطن العـربي بما فيه من هيمنة وإذلال وجرائم كان لا يخلو من  الاعتراف بحق الشعوب في أوطانها بحكم أنها تحت  الحماية أو الانتداب .. فقد جاء في مؤتمر الصلح في باريس سنة 1919 بعد نهاية الحرب العالمية الأولى توضيحا لمفهوم الانتداب الذي يتم بموجبه قيام دولة كبرى بإدارة شؤون الدولة الناشئة التي لا عهد لها بالحكم بعد أن كانت خاضعة لفتـرة طويلة لإحدى الإمبراطوريات المتداعـية كالدولة العـثمانية ، فـتساعدها حتى تصبح قادرة على إدارة شؤونها بنفسها ..
 أما الاحتلال الذي قام في فلسطين بصدور قرار التقسيم سنة 1947 فقد كان يتضمن سلبا لحق العـرب التاريخي في فلسطين بسيادة شعـبها على أرضه ، وإعطاء ذلك الحق - باطلا - للعصابات الصهيونية القادمة من شتى أنحاء العالم لتقـيم لهم دولة اختاروا لها - زورا - اسم إسرائيل ..!
والواقع فان مثل هذه المأساة لم تكن لتستمرّ فصولها منذ ذلك التاريخ إلى الآن لولا الفرقة ، وحالة الضعـف والهوان التي بقيت عليها الأمة طوال العقود الماضية .. وحتى فترة الصمود والشموخ  التي عاشها المواطن العـربي مع طلوع فجر ثورة 23 يوليو 1952 كانت تحتاج - لتستمر - إلى مجهود قومي وإمكانيات قومية تتجاوز ما قدمته مصر ، لإفشال مشروع الصهيونية العالمية الذي يتلقى دعم الدول الكبرى ، ورأس المال العالمي .. غير أن التنكّر والخذلان للمشروع القومي الذي نادت به ثورة يوليو - حينما رفعـت شعارات التحرّر والوحدة والتصنيع  والمقاومة -  من طرف جهات عربية ، كان في حقـيقة الأمر دعما للمشروع الاستعماري الصهيوني بكل ما فيه من عدوان وفـرقة وفـتن وتخريب حضاري ، نجحت تلك الدوائر فعلا في تحقيقها على يد العملاء من أمراء الخليج والقوى المتحالفة معهم من البورجوازية والاقطاع ، وتجار النفط ، الذين عملوا بكل الوسائل لترويض الحركات الدينية حتى اشتدّ عودها ، ثم خرج منها من تمرّد على أولياء النعمة ، وصاروا جميعا يتلاعبون بمصير الأمة ، ويقودونها إلى مزيد من النكبات ، عنوانها احتلال ،  وتـناحر، ودماء بين الاشقاء .. وأمن واستقـرارو رخاء  للأعداء  ... !!  

( نشرية القدس العدد 123 ) .

الأحد، 4 مايو 2014

عيد العمّال ..

بدأت فكرة يوم العمال مبكرا في استراليا سنة 1856 ، وفي كندا منذ سنة 1870 ... وفى عام 1869 شكل فى أمريكا عمال صناعة الملابس بفيلادلفيا ومعهم بعض عمال الأحذية والأثاث وعمال المناجم منظمة " فرسان العمل " كتنظيم نقابى يكافح من أجل تحسين الأجور وتخفيض ساعات العمل  .
ومع تطور الحركة النقابية الأمريكية نجحت مجموعة من القيادات النقابية فى تكوين هيئة قومية للعمال عام 1886 وهى " الاتحاد الأمريكي للعمل" وتبنى هذا الاتحاد الدعوة لاعتبار يوم الأول من مايو 1886 يوم للإضراب العام من أجل مطلب " 8 ساعات عمل فى جميع الصناعات "  .
وجاء أول مايو 1886 ليشهد أكبر عدد من الإضرابات العمالية فى يوم واحد فى تاريخ أمريكا حيث وصل عدد الإضرابات التى أعلـنـت فى هذا اليوم نحو خمسة آلاف إضراب واشتـرك فى المظاهرات حوالي 340  ألف عامل .. وفى مدينة شيكاغـو احـتـفـل العمال وتظاهـروا فى أول شهر ماي لتخـفـيض ساعات العمل وكان شعارهم "  ثمانى ساعات للعمل - ثمانى ساعات راحة - ثمانى ساعات للنوم " . 

وفى يوم الثالث من مايو تجمع عمال شركة الآلآت الزراعية المضربين عن العمل منذ شهور بسبب تخفيض الأجور،  لكن تدخل  قوات الشرطة أدى الى أحداث عنف  قـتل خلالها عاملا من العمال المضربين  ...
وفى اليوم التالى 4 ماي عقد العمال مؤتمرا فى ميدان عام بالمدينة للاحتجاج على وحشية الشرطة . وقد بدأ المؤتمر بحضور نحو 1300 عامل ، وقد اقتحمت قوات الشرطة المؤتمر وبدأت تأمر بفضه وسرعان ما تحول الوضع إلى مواجهات دامية بين العمال والشرطة قـتـل فـيها أربعة من العمال وأصيب أكثر من مائة .. فى حـين قـتـل سبعة من رجال الشرطة
وتعرض خلال الليلة التالية عمال شيكاغو إلى حملة إرهابية وقمعـية غير مسبوقة من قبل الشرطة وأصحاب الأعمال تضمّنت مداهمة البيوت والتفـتيش وحملات اعتقال واسعة النطاق  .
وأسفرت الحملة عن إلقاء القبض على ثمانية من القادة العماليين وجرت محاكمتهم بصورة عاجلة صدر اثرها حكما بالإعدام على القيادات الثمانية ، تم تنفيذه في نوفمبر 1887 على اربعة من المحكومين  ...
وقد أصبح الأول من ماي ذكرى عالمية لتلك الأحداث ...  


 ( نشرية القدس العدد 122 ) .