بوصلة لا تشير الى القدس مشبوهة

بوصلة لا تشير الى القدس مشبوهة
مدونة الفكر القومي التقدمي

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الأحد، 29 أبريل 2012

في ذكرى عيد العمّال ..



 في ذكرى عيد العمّال ..

عيد العمال هو بالاساس مناسبة  للاحتفال بكل المكاسب التي تحققت بفضل تضحيات العمال في العديد من الدول رفضا  للقهرو الاستغلال ، و كان ذلك منذ القرن التاسع عشر حيث بدأت الاحتجاجات في كندا سنة 1870 للمطالبة بحقوق العمال و التخقيض في ساعات العمل .. ثم انتقلت الى الولايات المتحدة  ليبدأ اول احتفال بعيد العمال في نيورك سنة  1872  و شيكاقو التي شهدت سنة  1986 اضرابات عامة و اعتصامات انتهت بتدخل وحشي لقوات الامن راح ضحيتها العديد من العمال ثم تبعتها موجة من المحاكمات و الاعدامات ..  وقد كان لتلك التضحيات العمالية الاثر الكبير في تحقيق كل المكاسب التي عرفها العمال في جميع انحاء العالم ، حيث وقع اقرار يوم غرة ماي كيوم عطلة رسمية ... كما وقع الاقرار بالعديد من الحقوق على راسها تحديد ساعات العمل ..       
عيد العمال في تونس  لهذا العام ليس ككل الاعياد . ففي السابق لم يكن متاحا للشغالين ان يعبّروا عن شواغلهم وآرائهم بكل حرية في شوارع المدن ، بالشعارات و اللافتات و الغناء الملتزم و غيرها من مظاهر الاحتفال ..
عيد الشغل مناسبة ارادها الشغالون و النقابيون ان تكون احتفالية و تبليغية في نفس الوقت ..
 احتفالية بمعنى ان تكون مشاركتهم و مساهمتهم في الاحتفالات بنفس الطريقة التي تحدث في جميع انحاء العالم ، دون قيود ، ودون وصاية على العمال او تزييف لمشاعرهم ، فهم اولى بالتعبير عن همومهم .. وهو ما يحدث فعلا في جميع انحاء العالم  ، حيث ياخذ الاحتفال بعدا جماهيريا يعبـّـر عن تضامن العمال على النطاق العالمي و المحلّي معبّرين عن وحدتهم و وعيهم التام بوحد مصالحهم  في اطار منظماتهم  النقابية في جميع انحاء العالم ..
وهي مناسبة تبليغية اراد من خلالها العمال بمختلف شرائحهم ، التعبير عن قوّتهم واستعدادهم دائما للدفاع عن مصالحهم  و حقوقهم المشروعة دون ان يكون ذلك محل شك او مزايدة عليهم في الوطنية و حب الوطن ، فهم من يعمل و يبذل دون كلل للنهوض  بوطنهم ، وليس السياسيين مهما كان لونهم السياسي ..
وهي مناسبة ارادها العمال و النقابيون ان تكون تعبيرا على عراقة منظمتهم الشغيلة التي ساهمت منذ وقت مبكّـر في الدفاع عن حرية الوطن خلال حرب الاستقلال و هي المنظمة العتيدة التي قدّمت الشهداء في العديد من المحطات النضالية التي خاضتها و على راس هؤلاء الشهيد فرحات حشاد زعيم الاتحاد العام التونسي للشغل ،و شهيد الحركة  الوطنية الذي استشهد في 5 ديسمبر 1952 فاهتز لموته المغرب و المشرق و ليس تونس فحسب  ...
عام ليس ككل الاعوام ، كان الاحتفال فيه بعيد الشغل قد اضاف عنصرا  لم يكن موجودا من قبل و هو الحرّية ، لكنه احتفال يحمل في طياته الاحساس بالمرارة لان هناك ما لا يقل عن ثمان مائة ألف من فاقدي الشغل الذين شاركوا في الاحتفال بطرقهم الخاصة للتذكير بوضعهم المأساوي في ظل البطالة مذكرين بان من ابرز شعارات الثورة هي شعارات التشغيل ، فهل من مجيب او من مستجيب ؟  

( نشرية القدس العدد 17 ) .                                                                             

الأحد، 22 أبريل 2012

في الظلم خراب العمران ..



 في الظلم خراب العمران ...

عندما نتأمّل ما يحدث في الواقع العربي من ثورات هنا و انتفاضات هناك ، ندرك انه ليس في الامر سرا ، بل هو فعلا امر طبيعي و ربما حتمي ان يسعى الناس لتغيير واقعهم . ففي كل قطر عربي نفس المشاكل و نفس المعوّقات التي جعلت هؤلاء الناس يحطمون حواجز الخوف و يثورون  أملا في تحقيق حياة أفضل ... انّه الظلم الجائر الذي عمّ وشمل كل نواحي الحياة للمواطن العربي في كل قطر ، من تردّي الظروف المعيشية ، الى البطالة و التهميش ، الى القمع و الاحساس بالمهانة  وفقدان الكرامة ..الخ 
 لقد صدق اذن بن خلدون عندما قال قولتين مشهورتين : العدل اساس العمران ، و قال ايضا : الظلم مؤذّن بخراب العمران ..
 لنتابع هذه الفقرة لعالم الاجتماع و المؤرّخ  صاحب المقدّمة المشهورة :
  
" ولا تَحْسَبَنَّ الظُّلْمَ إِنَّما هو أَخْذُ المالِ أو المُلْكِ من يَدِ مالِكِهِ، مِن غَيْرِ عِوَضٍ ولا سَبَبٍ كما هو المشهورُ، بل الظُّلْمُ أَعَمُّ مِن ذلكَ، وَكُلُّ مَنْ أَخَذَ مُلْكَ أَحَدٍ، أو غَصَبَهُ في عَمَلِهِ، أو طالَبَهُ بغيرِ حَقٍّ، أو فَرَضَ عليه حَقًّا لم يَفْرِضْهُ الشَّرْعُ فقدْ ظَلَمَهُ، فجُبَاةِ الأموالِ بغيرِ حَقِّها ظَلَمَةٌ، والمعـتدونَ عليها ظَلَمَةٌ، والمُـنتهِـبُونَ لها ظَلَمَةٌ، والمانِعُونَ لحقوقِ النَّاسِ ظَلَمَةٌ، وَوَبالُ ذلكَ كُلِّهِ عائِدٌ على الدَّوْلَةِ بِخَرابِ العُمْرَانِ، الذي هُوَ مادَّتُها؛ لإِذْهَابِهِ الآمالَ من أهلِهِ، واعْلَمْ أنَّ هذهِ الحِكمةَ المَقصودةَ للشَّارعِ في تحريمِ الظُّلْمِ، هُوَ ما يَنْشَأُ عنه من فَسَادِ العُمْرَانِ وخَرَابِهِ، وذلكَ مُؤْذِنٌ بانقطاعِ النَّوعِ البّشَرِيِّ، وهيَ الحِكمةُ العامَّةُ المراعِيَةُ للشَّرْعِ في جَميعِ مَقاصِدِهِ الضَّرُورِيَّةِ الخَمْسَةِ مِنْ حِفْظِ الدِّينِ والنَّفْسِ والعَقْلِ والنَّسْلِ والمَال ِ.
 فلمّا كانَ الظُّلْمُ - كما رأيتَ – مُؤْذِنًا بانْقِطاعِ النَّوعِ لِمَا أَدَّى إليهِ مِن تَخريبِ العُمْرَانِ، كانَتَ حِكْمَةُ الخَطَرِ فيه موجودةً . فكانَ تحريمُهُ مُهِمًّا ، وأدلَّتُهُ من القرآنِ والسُّنَّةِ كثيرةٌ،أكثرُ مِن أَنْ يَأْخُذَها قانونُ الضَّبْطِ والحَصْرِ .. " 

 لقد اعتبر بن خلدون ان التعدّي على أي ناحية من نواحي الحياة عندالانسان  ظلما يقع عليه ، وهو سيؤدّي حتما عند انتشاره بين الناس الى فقدان الأمن  والامل  والثقة في المستقبل ، وهو الوضع الذي يشيع الفوضى والمفاسد والنفاق بين الناس ، فيؤدي الى خراب العمران ... 
وهكذا نجد أن الظلم عند بن خلدون مهلك للمجتمعات الانسانية ومخرّب للحياة بصفة عامة فلا اعمار ولا حياة سوية مع الظلم ، بل انه جالب للمفاسد ومسبب للدّمار لذلك استنتج ان الحكمة من تحريم الظلم شرعا هي بالاساس من اجل الحفاظ على كل مقوّمات الحياة من خلال حفظ الدين والنفس والعقل والنسل والمال ..
وان كان بن خلدون يسوق في المقدمة العديد من الامثلة لتاكيد مبدأ العلاقة بين العدل والظلم والعمران من خلال مقولاته المشهورة في ذلك الشان ، فان واقعنا العربي لا يخفى ما يقع فيه من المفاسد التي أدت الى خراب المجتمعات بسبب غياب العدل وتفشّي الظلم ، فانهارت القيم وسادت العلاقات الفاسدة التي بسببها وقع الخراب في المجتمعات .. فانتفض المظلومون ضد الظلم  .. 
يقول بن خلدون : " كثرة العمران محفوظ برعاية العدل " . و الظلم " : حسب ابن خلدون هو العدول عن العدل الذي به كثرة المال ونماؤه " .. 
فلا نموّ للمال - أي للاقتصاد - الا بالعدل  .. ولا عمران الا بنمو مالي  ..  فلا تطوّر اذن كما نقول في عصرنا الا بمحاربة الظلم ونشر العدل في كل مكان .. وهو ما يؤكده ،  ويحرّض عليه الشرع اولا و اخيرا : يقول تعالى  :  وَإِذَا حَكَمْتُم بَيْنَ النَّاسِ أَن تَحْكُمُواْ بِالْعَدْلِ (النساء 58 )  .

 ( نشرية القدس العدد 16 ) .                                

الأحد، 15 أبريل 2012

رحيل آخر العمالقة ..



رحيل آخر العمالقة ..

بعد رحيل الكثير من العظما في امتنا العربية خلال العقود الاخيرة من السياسيين و الفنّانين و الادباء و المفكرين  أمثال جمال عبد الناصر و نزار قباني و الشيخ امام و طه حسين و عبد الوهاب المسيري و صدام حسين  و عصمت سيف الدولة و غيرهم  .. رحل يوم الاربعاء 11 أفريل 2012 احد الكبار و العمالقة في وطننا العربي المرحوم احمد بن بلــّــة أول رئيس للجزائر بعد التحرير الذي تحقق بفضل ثورة المليون شهيد ، و قد توفي رحمه الله عن عمر يناهز الستة وتسعين عاما ..
لقد فقدت الامة العربية رجلا بارا ، ومناضلا قوميا دافع عن عروبة الجزائر وعن كل القضايا العربية  المطروحة على الساحة  .. فخاض ـ رحمه الله ـ مسيرة صعبة ، و قاد ثورة الجزائر الى بر الامان  صحبة العديد من رفاقه الذين قدّموا التضحيات الجسام  .. وقد قضّى المناضل أحمد بن بـلــّـة اغلب فترات حياته بين سجن المستعمر و سجن ابناء جلدته الذين دبّروا له انقلابا عسكريا سنة 1965 قاده هواري بومدين وثلة من العسكريين منهم الرئيس الحالي للجزائر عبد العزيز بوتفليقة ..
 كان أحمد بن بيلا أحد أبرز القادة للثورة الجزائرية ، وقد أُلقيَ عليه القبض في الجزائر سنة 1950 وحُـكم عليه بسبع سنوات قضى منها سنتين بعد أن  تمكّن من مغادرة  السجن  خفية والتحق ببعض رفاقه في القاهرة الذين وجدوا في ثورة يوليو 1952 خير سند لهم .. وهناك تمكّنوا من تكوين المجموعة التي تعمل من الخارج لجبهة التحرير الجزائرية ..
كما قــُـبض عليه مرة اخرى سنة 1956 اثناء تنقّله بين المغرب وتونس وهو في الطائرة  رفقة اربعة من رفاقه بواسطة القرصنة البحرية للطيران الفرنسي حيث نـُقل بعدها الى سجن فرنسي اين بقي معتقلا الى غاية الاستقلال يوم 5 ماي 1962  .. وبعد عودته ،  انتـُخب  أول رئيس للجزائر بعد الاستقلال في 15 سبتمبر 1963..
كان احمد بن بـلـّـة منشغلا شديد الانشغال بعروبة الجزائر التي حاول الاستعمار الفرنسي فرنستها بكل الوسائل لكنه فشل في ذلك فشلا ذريعا ، وبعد الاستقلال مباشرة قام احمد بن بـلـّة باستدعا آلاف الاساتذة العرب الى الجزائر لتدعيم اللغة العربية .. كما قام بتطوير علاقات الجزائر وربطها بالمحيط العربي وخاصة مصر في عهد عبد الناصر الذي كان يدعم الثورة الجزائرية بدون شروط ، ليس فقط بايواء الثوار ، بل بمدّهم بالـمال  والسلاح والغذاء ..
 كما عمل بن بـلــّـة على تطوير علاقات بلده بالمعسكر الاشتراكي الذي كان داعما للقضايا العربية في تلك الفترة بسبب تناقض مصالحه مع الولايات المتحدة .. وقد كان لبن بـلــّـة رؤية تقدمية للاسلام يربط فيها بين العدالة السياسية والعدالة الاجتماعية .. بينما كانت تلك التوجّهات لا تعجب أعداء الجزائر فدبّروا له انقلابا اطاح به في 19 جوان 1965 نفـّذ ه العقيد هواري بومدين ، ثم  اودعه السجن مدة 15 سنة لم يغادر خلالها الاقامة الجبرية  الا بعد وفاة  بومدين حيث أطلق سراحه الرئيس الشاذلي بن جديد سنة 1980 ..
وقد عاش بن بـلــّـة اثر ذلك متنقلا بين الدول الاوروبية  والافريقية ، فأنشأ الحركة الديمقراطية الجزائرية ... وفي 2007 وقع تعيينه رئيس حكماء افريقيا للنزاعات  تأكيدا على حكمته ونزاهـته ومكانته بين شعوب القارة السمراء ...
هكذا كان للمرحوم تاريخا نضاليا كبيرا ومواقف شجاعة وولاء تاما لقضايا شعبه وامته .. وان لله وان اليه لراجعون .                
 ( نشرية القدس العدد 15 ) .

الأحد، 8 أبريل 2012

ذكرى 9 افريل بين عهدين ..



 ذكرى 9 افريل بين عهدين ..
  
عندما يكون جزءا هاما من تاريخنا مزيّف يكون من الاهمّ التدقيق في كل كبيرة وصغيرة منه ليس لتصحيحه فقط وانما لانصاف الكثيربن ممن ضحوا بارواحهم وهم اوّل من شملهم النسيان طوال العهد البائد ...  
 ففي كل عام تأتي ذكرى مرّ عليها أكثر من سبعين عاما ، هي ذكرى الشهداء الابرار الذين استشهدوا يوم 9 افريل 1938 عندما خرجوا الى الشوارع غاضبين ،  مطالبين بالحرية والكرامة ورحيل المستعمر واقامة حكم ديمقراطي تحت مظلّة برلمان منتخب وحكومة وطنية .. فواجتهم سلطة الاستعمار الفرنسي بالرصاص ..
وقد كانت تلك المظاهرات الحاشدة التي خرج فيها الرجال  والنساء على حدّ السّواء محطة فاصلة في تاريخ النضال الوطني ، اذ  كسر الشعب من خلالها حواجز الخوف وشق طريق النضال الصحيح نحو نيل مطالبه بالقوّة وليس بالتوسّل أو بالمساومة .. وهذا ما وقع فعلا اذ سرعان ما ظهر أثر ذلك على وعي الناس بقضيتهم  فتبلورت  فكرة المقاومة المنظـّمة والمسلـّحة وتشكّلت في الاربعينات والخمسينات بداية بظهور جماعات شعبية مسلحة تقاوم المستعمر مثل فلاقة المرازيق ( 1943 – 1944 ) وفلاقة زرمدين ( 1945 – 1948 ) .. ثم بتصدي اتحاد العمّال لسياسة القمع الاستعمارية .. كما ظهر تنامي الحس القومي لدى التونسيين بمساندة القضية الفلسطينية  وبالخصوص بعد صُدور قرار التقسيم  سنة 1947 وحتى قيام الدولة العبرية سنة 1948 .. لقد كانت هذه المرحلة فترة مخاض الثورة المسلــّحة الحقيقية التي بدأت بوادرها تظهر للعيان ليشتد عودها في بداية الخمسينات من خلال العديد من مظاهر المقاومة الشعبية في الشمال والوسط والجنوب . حيث شهدت كل هذه المناطق نماذج مختلفة من المقاومة فكانت سياسة القمع تزداد في نفس الوقت ضد المواطنين  ، منها قمع التحركات بجهة الساحل في فيفري 1952 ، واغتيال فرحات حشاد في 5 ديسمبر 1952 والهادي شاكر في سبتمبر 1953 ، وقيام المقاومة المسلحة بالارياف  سنة 1954 ، ثم وقع تتويج كل هذه المحطات بالمقاومة الواسعة بعد اعلان الاستقلال الداخلي الذي رأى فيه اليوسفيون بقيادة صالح بن يوسف غدر بثورتي الجزائر والمغرب من خلال اختيار بورقيبة للمسار المنفرد . كما رأوا  فيه كذلك انتقاصا من سيادة تونس واستقلالها فشدّدوا على نيل الاستقلال التام دون شروط مع جلاء القوات الاستعمارية عن ارض الوطن . وهو ما شكل نقطة خلاف جوهرية  أدّّت الى ظهور الازمة اليوسفية البورقيبية ، وملاحقة هذا الاخير لليوسفيين ، والتنكيل بهم وقتلهم في ساحات القتال بالتحالف مع الجيش الفرنسي ثم تتبّعهم بالمحاكمات والاعدامات والتعذيب وحرمان ذويهم من حقوقهم ومضايقتهم لمدة عقود بأكملها ..
و في الحقيقة لقد ظـُـلم ثوار تونس العديد من المرات :
* اوّلا عندما نُسب كل ما قام به هؤلاء الذين ضحوا بارواحهم الى شخص واحد وزعيم أوحد طوال فترة حكم  بورقيبة الذي اختزل تونس بأكملها في شخصه المفدّى ، فكان المجاهد الاكبر والمفكر والعبقري والمنقذ الخ ..                    
* ثانيا لقد ظُـلم هؤلاء الثوار والشهداء في كل احتفال رسمي بذكرى الشهداء حيث يقع كل سنة اختزال اعترافنا بما قدّموه في وقفة لرئيس الجمهورية في مقبرة الشهداء و قراءة الفاتحة و وضع اكليل من الزهور ليتحوّل بعد ذلك استغلال هذه الذكرى للتنويه بما يقوم به الرئيس و ليس بما فعله الشهداء ..
* ثالثا لقد ظـلموا جميعا و أُخذوا غدرا من اوّل شهيد منهم الى آخرهم عندما وقع تزوير تاريخ الحركة الوطنية باكمله واصبحت  فصوله تدور كلّها حول شخص هو في تلك القراءة ، الرمز الوحـيد لتونس الذي كان الاكثر وعيا في شعب كلّه جهل فلا يستحق حتى الانتخابات النزيهة لذلك لم تشهد تونس طوال فترة حكمه والذين أتوا من بعده إلا التسلّط والاستهتار بقدرة الشعب الذي عاش في الزيف على مدى خمسين عام من الحكم الفردي المقيت ..
* رابعا لقد ظـّـلم هؤلاء جميعا عندما اُدين من بقي على قيد الحياة من اخوانهم بسبب المقاومة فوقعت محاكمتهم ثم حبسهم وتعذيبهم او إعدامهم  او تشريدهم ، لأنهم حملوا السلاح وصمّموا على اخراج المستعمر تماما كما نادى بذلك شهداء 9 افريل ...
* وأخيرا وليس آخرا لقد ظــُـلم هذا الشعب باكمله ، عندما تنكّر حكّامه لهويته التي ضحّى من اجلها رجال آمنوا بعروبتهم و إسلامهم ، فدافعوا عنهما بدمائهم طوال فترة الاستعمار الفرنسي  قادها المتعلّمون من رجال الزيتونة وغير المتعلـّمين من رجال تونس الذين تربّوا على قيم الحضارة العربية الاسلامية ، لذلك انظمّ اغلب التونسيين الى الحركة اليوسفية التي قادت معارك الدفاع عن استقلال الوطن وهويته العـربية الاسلامية ...

( نشرية القدس العدد 14 ) .