بوصلة لا تشير الى القدس مشبوهة

بوصلة لا تشير الى القدس مشبوهة
مدونة الفكر القومي التقدمي

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الاثنين، 26 مارس 2012

القدس العدد 12 .



تحميل العدد 12 .
القدس العدد 12 * الاثنان 26 مارس 2012 .



الافتتاحية :                                          بسم الله الرحمان الرحيم

               يوم الارض : تسمية تلامس جوهر المشكلة (2)       
                                                                                  
كلّما اثير الحديث بعمق عن تحرير فلسطين ، يكون ضمنيا او صراحة متصلا بالوحدة العربية . لان أي خوض في هذا الموضوع له علاقة بتصوّر المستقبل الذي يتجاوز حدود فلسطين ليشمل المنطقة باكملها . و بما ان قضية فلسطين قد استقطبت العديد من القوى ذات المصالح المتباينة  التي لم تقتصر على فلسطين وحدها ، او بمعـزل عن محيطها ، فان أي تصوّر للمستقبل لا بد ان يُـطرح في اطار هذه التـّـجاذبات .. هكذا يرى الموقف القومي بان العدوان الحاصل على فلسطين ، هو اعتداء على الوجود القومي باكمله ... لان الارض المحتلّة  هي جزء من الارض العربية ككل والتي يجب حشد كل الامكانيات القومية لاستردادها ... وقد كان هذا الموقف يتعرّض للطعن والتـّـشكيك  منذ عقود من طرف القوى الاقليمية  بدعوى الواقعية ورفض الشعارات ، حتى تأكدّ ان نوايا المشكّكين كانت تقوم على تحقـيـق مصالحهم حين كانوا يحرصون على ان تكون تلك النوايا متطابقة مع  نوايا القوى الكبرى المتكالبة على ثروات العرب ، وهي تسعى ـ باي شكل ـ للسيطرة على الامة باكملها ، لذلك مانفكت تلك القوى تعمل على تغيير اساليبها وتكتيكها بالانتقال من مرحلة التعامل باسلوب العصا والجزرة مع الانظمة العربية ، الى مرحلة اخضاعها  بالقوّة  أو اسقاطها ان لزم الامر كما فعلت في العراق .. و هكذا ظلت مشكلة فلسطين منذ نشأتها قضية هي بالاساس واحدة من قضايا أمتها يتلاعب بمصيرها كل الطامعين في ثرواتها ، من العرب اولا ، و من المستعمرين ثانيا ، فلا يجدون حلا للسيطرة عليها جميعا الا باضعافها . و لما كان ذلك هدفهم فان دعم الاحتلال في فلسطين كان أحد وسائلهم لتحقيق أغراضهم ..  لذلك فانه لم يعد خافيا على أحد ان كل ما يجري في فلسطين خاصة أو في الواقع العربي عامة من صراع ظاهر او خفي ، انما تدور فصوله حول السيطرة على الارض او على مقدّراتها ، و ان كل ما يُستعمل من وسائل ذات صلة بتخريب الشخصية الحضارية للمجتمع  من خلال تهميش اللغة و الدين و العادات  والتقاليد وكل  القيم الحضارية عموما انّما ياتي بالقدر الذي يساهم في اضعاف المجتمع العربي ،  حتى تضعف مقاومته ، فتسهل السيطرة عليه ..
في هذا الاطار فانه ليس صعبا ان يدرك أي مهتم بمشكلة فلسطين ان الكثير من الحلول التي طرحت لحل المشكلة انما هي بالاساس مطروحة لانهاء القضية والاعتراف بالعدو والتعاون معه كشريك في صناعة المستقبل كما يرونه للمنطقة .. انهم اذن جزء من المشكلة فلا يمكن ان ترجى منهم الحلول الصحيحة ..

فلسطين بين الحلول الممكنة والوهمية :  

في الاصل ان مشكلة فلسطين لم تكن موجودة الا في بداية القرن العشرين ، عندما كوّن الصهاينة منظمتهم الصهيونية وعقدوا لها اول اجتماع في سويسرا سنة 1897 ، ثم شرعوا في الاتصال بالدول الكبرى للاعتراف بمشروعهم ، فصدر وعد بلفور المنسوب  لوزير الخارجية البريطاني الذي قدّم فيه وعدا لهم - وهو الذي لا يملك شيئا مما وعد به -  باقامة وطن قومي لليهود .. و هكذا بدا كل شيئ يجري بترتيب وتخطيط محكم أمام أعين الدولة العثمانية نفسها ، حيث بدأ التـّسلل الى ارض فلسطين منذ وقت مبكّـر قـبل وعد بلفور واستمرّ على وتيـرة اسرع بعد قيام الحركة الصهيونية ومن ثمّ كان التحيّل لشراء الارض يتمّ عن طريق التسهيلات التي تقدّمها سلطة الاحتلال البريطاني لليهود الوافدين كما تُوفّـر لهم كلّ الحماية اللازمة . و قد كان ذلك سببا في زايدة عددهم من سنة الى اخرى ، تحوّلوا بعدها الى منظّمات ارهابية  تتلقى الدّعم المادي والعسكري لتنفّـّـذ عمليات التقتيل والارهاب ضدّ المواطنين العـزّل من الفلسطيين (تأسست الهاجانا  سنة 1920 ، والارجون سنة 1931 و شتيرن سنة 1940 ) ....
تلك بعض فصول الصراع العربي الصهيوني الذي بدأ باحتلال الارض العربية ، وقد كانت تحتضن كل الديانات التي يعتنقها سكّانها .  فلم يدّعي أحد من العرب المسلمين قبل احتلال الصهاينة لارض فلسطين بان اليهود ليس لهم الحق في العيش فيها ، كما لم يشهد التاريخ العربي الاسلامي على امتداد اربعة عشر قرنا في دولة الخلافة سواء زمن الخلفاء او بعدهم ، بأن هناك صراع قائم بين المسلمين واليهود على اساس الدّين .
ان ترديد مثل هذه الآراء لا تقود الا لتضليل الناس ، بما تثيـره من قضايا جانبية او وهمية على غرار الصراعات الدينية بين المتدينين فيما بينهم ، أو بينهم و بين غير المتدييين ... وان مردّ الخطورة في مثل هذا الطرح هو في الاختيار الخاطئ لاطراف الصراع ومكانه  وزمانه ، مما يؤدّي الى  اهدار الوقت والطاقات وتضليل الناس بصرفهم عن الحلول الصّحيحة المتمثلة في التحام الجماهير العربية بقضيتها المركزية وبكل القضايا القومية العالقة ، قصد تحرير الارض ، ورفع الهيمنة الخارجية على الوجود القومي ، كغاية واضحة ومحدّدة ضد قوى العدوان ، فلا تتعدّاها  الى صراعات وهمية لا ندري الى اين تقودنا ولا أي جيل يمكن ان ينهـيها  عندما تكون  قائمة على اسس دينية ..
وهكذا  يجنبنا الحل القومي اهدار الجهد  المبذول في غير محله ، و يحصّننا ضد الوقوع في العدوان الخارجي ، او في الفتن الداخلية ، اذا دخلنا لعـبة الصراعات الدينية . كما  يُـلزمنا اهدافا  واضحة ومشروعة ، تستمد شرعيتها من الجماهير العربية ذاتها ، كأن تسعى  للالتحام في أطر قومية تبنـيها بنفسها ، وتحوّلها الى أدوات فاعلة للمقامة والتحرير والوحدة .. جنبا الى جنب مع كل القوى المناهضة للاستعمار والصهيونية في الداخل والخارج على المستوى الاسلامي والعالمي  ... 
( القدس )                                                                                  
                                    
بسم الله الرحمان الرحيم
﴿ فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفَاءً وَأَمَّا مَا يَنْفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الْأَرْضِ  
صدق الله العظيم .

  

* باقون ما بقي الزعتر و الزيتون . 
 * قف دون رأيك في الحياة مجاهداً  إن الحياة عقيدة وجهادُ  
 * إننا أمة لو جهنم صُبـّـت على رأسها  واقفة ما حنى الدهـر قامتها أبدا  
 إنما تنحني لتـُعين المقادير إن سقطت أن تقوم ...  تتم مهماتها الهادفة ..
 

                                           * قطر من الاقطار خال من  الاشجار . ما هو ؟
* كيف يمكن استعمال الارقام : 123456789 ، للحصول على المعادلة : 45 – 45 = 45 ؟


قال الطبيب للمريض : خذ من هذا الدواء أربع ملاعق في اليوم .
فرد المريض : لكن يا دكتور .. لا يوجد عندي إلا ملعقتين فقط !!

ك ل م ات  *  م ت ق ا ط ع ة


           
افقيا :
1 ) لـُـقـّـب بسيف الله المسلول .
2 ) حرف- المضارع من عمل ( مقلوبة ) .
3 ) اول الحروف – حرف – عاصمة فرنسا – اول الحروف .
4 ) حرف – حرف – حرف – حرف .
5 ) حرف – حرف – ولاية بالجنوب –  اول الحروف .
6 ) حرف – الامر من نشط .
7) ثالث الخلفاء الراشدين .
عموديا :
1 ) حرف – حرف .
2 ) حرف - باسمها ذكرى 30 مارس - حرف .
3 ) حرف – حرف .
4 ) عكس ديمقراطية ( مقلوبة ) .
5 ) حرف – حرف .
6 ) حرف – حرف – حرف – أول الحروف .
7 ) رموش العين .
8 ) صخرة مفتتة في التربة ( مقلوبة ) – ثلاثة حروف متشابهة .
9 ) ادراك جيد للاشياء – يرسل اشعّة ( في المضارع ) .
10 ) فلسطين ( مبعثرة ) .
11 ) آخر الحروف – اول الحروف  .
12 ) حرف –  اول الحروف – اول الحروف – حرف .

      














* قطر الادائرة .
* نلاحظ ان جمع كل الارقام من 1 الى 9 = 45
و بالتالي فان 987654321 – 123456789 = 864197532 ،  و مجموع كل واحدة منها 45 .
    



 أصبح عندي الآن بندقية  /  نزار قباني


أصبح عندي الآن بندقية
إلى فلسطين خذوني معكم
إلى ربىً حزينة
كوجه المجدلية
إلى القباب الخضر
والحجارة النبيَّة
عشرين عاماً وأنا أبحث عن أرضٍ وعن وهوية
أبحث عن بيتي الذي هناك
عن وطني المحاط بالأسلاك
أبحث عن طفولتي
وعن رفاق حارتي
عن كتبي
عن صوري
عن كل ركن دافئٍ
وكل مزهرية
إلى فلسطين خذوني معكم يا أيها الرجال
أريد أن أعيش أو أموت كالرجال
أصبح عندي الآن بندقية
قولوا لمن يسأل عن قضيتي
بارودتي صارت هي القضية
أصبح عندي الآن بندقية
أصبحت في قائمة الثوار
أفترس الأشواك والغبار
وألبس المنيّة
أنا مع الثوار
أنا من الثوار
من يوم أن حملت بندقيتي
صارت فلسطين على أمتار
يا أيها الثوار
في القدس
في الخليل
في بيسان
في الأغوار
في بيت لحمٍ هناك
حيث كنتم أيها الأحرار
تقدموا ... تقدموا ..
إلى فلسطين طريق واحد
يمر من فوهة بندقية
            

                   


                                
                                                                                                              
                                                                                                                                                     
                                 للاستماع بصوت ام كلثوم

             http://www.youtube.com/watch?v=3VZXnjZQa-4


مشكلة فلسطين بين الحقيقة والوهم ..


ليس هناك مشكلة في العالم اكثر وضوحا من مشكلة فلسطين . اذ أن شعب فلسطين كأي شعب في العالم كان يعيش في هدوء ، لم يكن يخطّط مطلقا الى غزو شعوب أخرى لاحتلالها مثلا ، أو افتكاك جزءا مما تملك ، بل هو شعب مسالم  ، متشبّع بتلك القيم العليا التي نادت بها كل الاديان وعلى رأسها مبادئ الاسلام .. كما ان أرض فلسطين تاريخيا هي ارض الرسالات السماوية التي يأتيها الناس من مختلف الديانات في كل انحاء العالم لزيارة المقدّسات والتبرّك بها وآداء الفرائض ، ولم يكن في ذلك ما يثير القلق أو الريبة ،  لو لا ما حدث في حادثتين متشابهتين .. الاولى نشأت عندما قدم الصليبيون متستـّرين بالدين للسيطرة على فلسطين ، و قد واجه المسلمون والمسيحيون تلك الاطماع الاستعمارية ، حتى تمكنوا من تحرير الارض العربية بعد قرن كامل من الاحتلال  والصّراع ، غير عابئين  بادّعاءات المعتدين ..  والثانية نشأت عندما بدأ المستعمرون الاوروبيون يخطّطون مع الصهاينة لزرع كيان غريب باسم الديانة اليهودية وهم يعرفون قبل غيرهم ان أولئك اليهود الوافدين  جميعا من كل فجّ وصوب ، والمنتمين الى أمم شتّى ، ليس لهم اي علاقة بأرض فلسطين .. 

لذلك  لم ينخدع اسلافنا ابدا بما كان يدّعيه المغـتصبون ، ولم يشكّوا لحظة في ان الارض التي احتلّها الصليبيون مثلا هي أرضهم ، ولم يثيروا زوبعة حول نوع الصراع  وهم يرون بأعينهم ان كل محتلّ قد جاء ليسكن بيت واحد منهم ، ويزرع ارض فلاح منهم ... فلم يثيروا معارك جانبية ،  كأن يقولوا مثلا أن الصليبيين أتوا مبشـّـرين بديانة في ارض الديانات . ولم يشكّك أحد منهم ابدا في حق كل مواطن مسلم كان او مسيحي  في الدفاع  عن بيته وارضه ، لذلك لم يفتّشوا في صدوروهم عن ايمانهم ... بل طلبوا منهم جميعا ان يدافعوا عن ديارهم و أعراضهم ...  لذلك فان المشكل اليوم  يصبح اكثر تعقيدا عندما نسمع حلولا تعيد ربط الاحتلال بالدين ، فتشترك في طرحها مع ما يدّعيه المحتلون .. كما تثير خلطا كبيرا في اذهان الناس بين ما هو خاص بكل فئة كالعقيدة ، وبين ما هو جامع لكل الناس كالارض ، والوطن ..
هكذا تبدو مشكلة فلسطين اليوم  بسيطة ، وواضحة ، خلاصتها ان اهل فلسطين  شعب  تعرّض للعدوان على امنه ووجوده ، عندما قدم غزاة من وراء البحار لم يكن يعرف أي واحد منهم قبل ذلك ارض فلسطين ، مدّعين انها ارض الميعاد كما تقول اساطيرهم الكاذبة ، التي أحكم اخراجها كهنتهم .. كما أنهم عندما قدموا اعتمدوا كل وسائل الارهاب ، فقـُـتل من قـُـتل   وشـُرّد من شـُرّد ليصبحوا لاجئين ، و بقي من بقي تحت الاحتلال ، بعد ان صُودرت اراضيهم و هُـدّمت بيوتهم ثم بُـنيت على انقاضها مستوطنات الصهاينة الوافدين ..
لم تكن اذن مشكلة فلسطين مشكلة صراع  ديني تدور بين اليهود والمسلمين لاسباب بسيطة و واضحة منها :
1- ان اليهودية دين قائم لدى المؤمنين بها على قاعدة ميتافيزقية ايمانية  في أي مجتمع ، في حين ان العلاقة بالارض هي علاقة ملموسة تربط كل فرد  بوطنه الاصلي مهما كان دينه ، أي أنّها علاقة قومية اذا كان المجتمع أمة كما هو الحال في عصرنا ، تمثل الارض عنصرا مهمّا و أساسيا في وجوده واستقراره . فلا يقوم الخلط اذن  بين ما هو مشترك بين كل الافراد في المجتمع و هي الارض التي بها يكتمل وطنهم ، فيبنون فوقها مجتمعهم و يعملون على تقدّمه ، و بين ما هو خاص بكل فرد او مجموعة داخل المجتمع مثل الدين . واننا لو نظرنا حولنا في الواقع لوجدنا  تعدّد  الاديان في كل المجتمعات ..  فكما يكون العربي يهوديا او مسلما او مسيحيا يمكن ان يكون أي مؤمن بهذه الديانات منتميا الى أي مجتمع  من المجتمعات والامم التي تملا الارض دون تناقض او تعارض بين انتمائه الى الدين وانتمائه الى الامة ..
 2 - ان اليهود الذين أتوا من كافة أنحاء العالم وأحتلّوا فلسطين ، لم ياتوا مبشـرين بالديانة اليهودية في الارض التي نزلت بها ، ولم يعملوا على نشرها  مطلقا . فقد كانوا رافضين ـ بعنصريتهم ـ الاندماج مع شعوبهم  في مجتمعاتهم الاصلية ، محافضين في نفس الوقت على تقاليدهم القبلية العنصرية ، متخلـّـفين بذلك عن شعوبهم التي تخطت تلك المراحل عندما اسهم أبناء تلك المجتمعات جميعا بالتفاعل مع غيرهم والانصهار التدريجي للتحوّل من الطور القبلي الى الطور القومي ، وقد ظلّ اولئك اليهود يعيشون قرونا في عزلة داخل ما يُعرف " بالجـيتو " ، وقد كانوا طبقا لسلوكهم الانعزالي منبوذين في مجتمعاتهم ، الى ان جاءت الفرصة سانحة  للتـّخلـّص منهم  بالهجرة الى فلسطين ، في اطار مخطط  يخدم مصالح الدول الاستعمارية ، ويحول دون ظهور كيان عربي موحّد يمكن ان يتحوّل الى قوة اقتصادية هامة في العالم ... وليس ادلّ على ذلك الا تزامن عملية التفتيت للوجود القومي العربي من خلال مشروع سايكس بيكو سنة 1916 وصدور وعد بلفور سنة 1917 الذي يعتبر حجر الاساس لمشروع الاستيطان في فلسطين والذي جاء في اطار ملابسات تلك الظروف . 
 3- ان الفلسطينيين الضحايا لم يـفرض عليهم اليهود قبل قتلهم او تهجيرهم او ابقائهم أحياء تحت الاحتلال ، ان يغيّروا معتقداتهم او ان يرتدّوا عن دينهم ليصبحوا يهودا او كفـّارا ... بل انهم جاؤوا كصهاينة تجمعهم العديد من المعتقدات التوراتية المحرّفة القائمة على الخرافات القبلية التي روّجو لها بينهم ، ثم اتخذوها ذريعة لتنفيذ مشروعهم العدواني ،  فأخرجوا السكان العرب  من ديارهم واستولوا على أرضهم بكل الوسائل و دون اعتبار لانسانية الانسان ، أو تمييز بين المتديـّـنين ..
4 - ان مشكلة المسلمين مع اليهود في عصر الخلافة ومنذ نشاتها في المدينة لم تكن على خلفية دينية اذ ان الاسلام ابقى على الديانات الاخرى " لكم دينكم ولي ديني " وسمح حتى للذين يريدون ان يبقوا على كفرهم بان يكون لهم حرية الاختيار " فمن شاء فليؤمن و من شاء فليكفر " بل ان المشكلة كانت حول مسالة المواطنة في اطار دولة المدينة التي وضع الرسول صلى الله عليه وسلم  دستورها في ما يعرف بالصحيفة . اذ ان اليهود خذلوا المسلمين وتآمروا عليهم وخانوا انتماءهم الى مجتمعهم الجديد الذي لم يقم باقصائهم على اساس اختلافهم الديني بل أراد ان يجعل منهم مواطنين لهم حقوق المواطنة كغيرهم من اهل المدينة .   ان هذا التحوّل الذي ارسى قواعده الرسول صلى الله عليه وسلم  في المدينة يُـعتبر أول نواة للمجتمع القومي الذي سيظهر لاحقا بعد عدّة قرون لذلك تـُعتبر الصحيفة اول شهادة ميلاد للامة العربية  اسهم العرب المسلمون بالفتوحات في تكوينها تحت راية الاسلام التي رفعوها ، وهي ايضا اول وثيقة تنظّم الحياة بين المسلمين وغير المسلمين في اطار هذا المجتمع الجديد الموحّد .
تقول الصحيفة فيما يخص العلاقة بين المسلمين و اليهود  : " بسم الله الرحمان الرحيم . هذا كتاب من محمد النبي صلى الله عليه وسلم بين المؤمنين والمسلمين من قريش ويثرب ( اسم المدينة في الجاهلية ) ومن تبعهم ، فلحق بهم ، فجاهد معهم ، انهم امة واحدة من دون الناس ..."..." ... وان اليهود يتـّـفقون مع المؤمنين ما داموا محاربين . وان يهود بني عوف امة مع المؤمنين . لليهود دينهم ، وللمسلمين دينهم مواليهم و انفسهم الا من ظلم او اثم فانه لا يوتغ  ( يهلك ) الا نفسه واهل بيته . وان ليهود بني النجار مثل ما ليهود بني عوف ( وذكر مثل هذا بالنسبة الى يهود بني الحارث و بني ساعدة    وبني جشم و بني الاوس وبني ثعلبة وبني جفنة )  وان جفنة بطن من ثعلبة .... وانه من فتك فبنفسه الا من ظلم ، وان الله على ابر هذا ( شاهد على هذا ) " ..... " وان على اليهود نفقتهم وعلى المسلمين نفقتهم ، وان بينهم النصر على من حارب اهل هذه الصحيفة ، وان بينهم النصح والنصيحة ، والبر دون الاثم . وانه لن ياثر امرؤ بحليفه ، وان النصر للمظلومين ... وان يثرب حرام جوفها لاهل هذه الصحيفة . وان الجار كالنفس غير مضار ولا آثم .. وان الله على اصدق ما في هذه الصحيفة وأبرّه ، وانه لا يحول هذا الكتاب دون ظالم وآثم . وانه من خرج آمن ومن قعد آمن بالمدينة الا من ظلم او اثم . وان الله جار لمن برّ واتقى .( محمد صلى الله عليه و سلم ) . 
 هكذا اذن كانت الصحيفة او الدستور الجديد تمهّـد و تدشـّـن لظهور طور جديد من المجتماعات لم تعرفه القبائل العربية في وسط الجزيرة من قبل " شعب "  يتوحّد الناس فيه مع اختلاف الدين ، فترقى العلاقة بين الناس الى ما فوق الطور القبلي حيث تظهر العلاقة الجديدة بالارض و تتغير أسس المعاملات بين الناس على قاعدة المواطنة او الانتماء للوطن ، ولذلك استحق اليهود من بني قينقاع وبني النضير وبني قريضة جزاء النفي بسبب خيانتهم  لمعارك الدفاع المشترك عن الوطن (المدينة) . 
 لم تكن اذن مشكلة الخلاف مع اليهود في عهد الرسول او بعده قائمة على أسس دينية بل انها ظلـّـت - الى ما قبل ظهور المشروع الصهيوني -  تقوم على اساس المواطنة ، اذ ان اليهود لم يكونوا مواطنين صالحين في الدولة . وان مثل هذا النوع من الخلاف او من الصراع لم يقتصر على اليهود وحدهم بل ان في تاريخ دولة الخلافة من كان من المسلمين  اكثر خطورة على تلك الدولة  من اليهود انفسهم .. ثم انها كانت مشكلة اليهود في كافة انحاء العالم الرافضين للاندماج  في مجتمعاتهم  حتى في الدول الاوربية .. فلا  يقوم شك او شبهة او تظليل بادعاء العداء التاريخي بين اليهود   والمسلمين على اساس الدين . وان المشكلة في جوهرها لم تكن مطروحة بهذه الحدّة نظرا لقلة عدد اليهود الذين كانوا يعيشون بين المسلمين على امتداد دولة الخلافة  
 5 - ان المشكلة الحالية في فلسطين ليس بيننا و بين اليهود على اساس معتقدهم او دينهم بل على اساس الاستيلاء على الارض ، وانها لم تكن على هذا الوجه الا عندما شرعوا في التخطيط لاحتلال فلسطين ، أي منذ ان اعتنق من اعتنق منهم العقيدة الصهيونية القائمة على الاعتقاد بحقهم في فلسطين ، وهي لم تكن موجودة من قبل ، وفي ذلك يمكن ان يستوي معهم من يقول بهذا القول سواء من المسيحيين او حتى من المسلمين . وان اكبر دليل على ذلك انهم عاشوا منتشرين على امتداد الدولة الاسلامية من اقصى الشرق الى اقصى الغرب بالاندلس ...   

هكذا بدات المشكلة بالتحديد بين العرب والصهاينة منذ ان بدأوا يخططون لاحتلال ارض عربية متسترين بالدين . وهي ليست المرة الاولى التي كنّا فيها ضحية مثل هذا الخلط ، ففي السابق قدم المحتلون الصليبيون الى ارض فلسطين يمنـّون انفسهم بثرواتها و خيراتها مدعين حقهم فيها وقد كانت مهد الرسالة المسيحية ، ولم يكن النصر حليف العرب الا بعد ان سفـّهوا هذه المعتقدات الكاذبة ، وحشدوا طاقاتهم ووحدوا صفوفهم مسلمين ومسيحيين دفاعا عن الارض غير عابئين بادعاء المحتلين . 
 فلسطين على هذا الاساس كغيرها من الاراضي العربية قد دخلت في اطار الوجود القومي  منذ الفتح العربي الاسلامي الذي اسهم في توحيد القبائل و الشعوب الممتدة بين الخليج و المحيط ، واعطاها القرآن لغة جاهزة وهي لم تكن لغتها جميعا قبل الفتح  . فاصبحوا بمرور الوقت عربا صاغوا جميعا بتفاعلهم الحر والمشترك حضارتهم الواحدة هي الحضارة العربية الاسلامية .. وبهذه التحوّلات الاجتماعية الحاصلة  لم تعد فلسطين ارضا تختص بها أيّ من القبائل او الشعوب التي عاشت فوقها  طوال المراحل السابقة على الطور القومي ، لان  أبرز ما يتميّـز به  الطور القومي عن الطور القبلي هو عنصر الارض . اذ انه خلال المراحل القبلية لم تكن القبائل تختص بما تختص به الامم  . فهي دوما قبائل متنقلة و مرتحلة بحثا عن مصدر العيش ، او متحالفة في شكل قوى ضاربة تغزو  و تسيطر على ما يقع في طريق غزوها عنوة او صدفة ، حيث  شهدت البشرية مراحل طويلة من الغزو ، والغزو المضاد في اطار ما كان يعرف بعصر الامبراطوريات ،  فتمتدّ الارض و تتقلّص تحت اقدام الفاتحين وفقا لموازين القوى الذي يعود الى قدرة جنودهم و جيوشهم على ضم ما يقع تحت طائـلتهم ثم على مدى قدرتهم على الحفاض على ما اصبحوا يسيطرون عليه .. و هو ما عُـرف بحق الفتح الذي يرضى بنتائجه الغالب و المغلوب ..  وقد كانت الامبراطورية العربية الاسلامية واحدة من امبراطوريات عصرها هذّب الاسلام  اسلوب الفتح لدى الفاتحين المسلمين اذ كان الاسلام دينا يدعوا للعدل و المساواة دون تمييز .. ومشروعا يحمل قيما انسانية تحترم انسانية الانسان .. لا يوجد لدى غيرهم من الفاتحين .. فاتـّسعت اراضيها ثم استقرت زمنا تحت سيطرتهم عندما كانوا قادرين على حمايتها ، ثم بدات تتقلـّـص شرقا و غربا مع بزوغ عصر القوميات ، الى ان وصلت دولة الخلافة الى شيخوختها ، زادتها الصراعات الداخلية و اطماع الدول القومية الاستعمارية مرضا على مرضها مما أجبر سلطة الخلافة على العديد من التنازلات ، اهمها تقديم الامتيازات لهذه الدول ، و سكوتها ، او عدم قدرتها على مقاومة هذه الاطماع التي وقع تتويجها باحتلال اقطار عربية  ووضعها تحت الحماية  .. ثم  بصدور مشروعين اساسيين صُودر بهما مستقبل العرب منذ ذلك التاريخ و الى حد الآن هما مشروعي سيكس بيكو ووعد بلفور.. كما لا ننسى ما صاحب مطامع الدول الاستعمارية في اطار السعي لتحقيق مصالحها القومية ، من مصالح للاتراك العثمانيين انفسهم . اولا بتغليب مصالحهم القومية محافضين على وحدة أمّـتهم في مقابل التنازل عن وحدة العرب ، ثم محاولاتهم الهيمنة عليهم باستعمال وسيلة الـتـتريك ، ففقدت بذلك دولة الخلافة صفتها الجامعة على قاعدة المساواة  وتحوّلت الى اطار هش للسيطرة على العرب ..غير ان كل هذه الاطماع   والمحاولات كانت سببا في ظهورالحسّ القومي للعرب وانطلاق مقاومتهم لكل هذه المشاريع ، أي للاتراك  و الاروبيين معا ..    
6– ثم اخيرا و ليس آخرا ان ساحة الصراع لم نرها تستقطب عمليا الى حد الآن في ساحات الدفاع المباشر عن فلسطين أي جهة  او قوّة من أي دولة اسلامية سواء كان حزبا  اسلاميا ، او جيشا لدولة اسلامية او حتى افرادا من المسلمين من دون المواطنين العرب الذين قدّموا قوافل من الشهداء ، ما عدى بعض الشعارات الفضفاضة التي نراها في مؤتمرات منظمة المؤتمر الاسلامي التي لا تخرج عن اطار الدعاية والمزايدة على غرار الجامعة العربية ، بحيث اننا لا نسمع منهما الا تنديدا او قرارات لا ترى النور ... في حين ساهمت اجيال من الشباب العربي ، والجنود العرب على مدى عقود طويلة لم تنقطع خلالها المساهمة و التضحيات التي قدّموها من اجل فلسطين .. لذلك فان ما يكذّبه الواقع لا يمكن ان نبنيه على الشعارات والعواطف الجيـّاشة ، وحتى لا يتحوّل – وقـتها  - كل ما نقوله الى تضليل  ..     ( القدس ) .

 

  حل الكلمات المتقاطعة


30 مارس : ذكرى رحيل المفكر العربي عصمت سيف الدولة .

عصمت سيف الدولة : اسمه كان هوية   .. 
طلال سلمان .

في الميدان سقط الفارس ، لكن سيفه ظل مُشهراً وضّاءً كعمود من نار . 
رحل عصمت سيف الدولة ، الرجل الذي استمر يفجر في لجـّة اليأس منابع للأمل ، ويرفض الاستسلام لا مكابرة بل إيماناً بأن في الأمة عافية وزخماً وطاقات هائلة لن تذهب بها انحرافات الحكام ولا هذه الاستكانة المؤقتة التي أشاعها تعب الثوار القدامى واستقالتهم من احلامهم وانقلابهم على ما كانوا يبشرون به وعلى من صدقهم من الناس فانخرطوا في النضال . 
من قبل الرحيل بزمان طويل كان عصمت سيف الدولة قد تخطى بفكره حدود " الشخص " فبات حركة ناشطة لها أهلها في معظم الأقطار العربية ... وتحولت كتبه الى منشورات خطرة تـُكافح كما المخدرات ويعتقل موزّعها وناقلها وقارئها وسامعها بوصفهم مصادر للخطر على الأمن القومي والسلامة العامة . 
من مكتبه في قلب قاهرة المعز ، كان عصمت سيف الدولة يفوض نفسه ، وهو المحامي الكبير ، بصلاحيات القاضي المسؤول عن كرامة الأمة وجدارتها ومناضليها الشرفاء ، يوكل نفسه عن المضطهدين داخل مصر كما في أرجاء المشرق العربي والمغرب العربي ، ويذهب فيواجه أنظمة الردة والطغاة والمروّجين للتفريط واتفاقات الإذعان . 
كان الانسان العربي قضيته . وحتى اليوم الأخير ظلت الثورة فكراً ، ودعوة وتعبئة وتحريضاً ، برنامج عمله اليومي . كتب آلاف الصفحات ، وجاب دنيا العرب محاضراً ، مناقشاً ، كواحد من الصحابة المكلفين بالتبليغ . 
ووقف في عشرات المحاكم يرافع عن " القضية " محولاً قضاة السلطان إلى متـّهمين وكاشفاً الصورة الأصلية للسلطان ذاته فإذا هو طاغية أو مارق يتوجّب الخروج عليه بالسلاح. 
ولأنه رجل قانون فقد كان يحاول حماية شرف القانون ، فيتصدى لمحاولة ابتذاله وتسخيره لخدمة الأغراض والأحقاد وقمع الحريات وتبرير الطغاة وتزيين الخيانة . 
ولأنه فارس نبيل فلقد كان يرفض الصمت على تواطؤ الحاكم ضد الدولة ومؤسّساتها ، وكان يجتهد في استنقاذ فكرة الدولة وحماية المؤسسة من مخاطر التهديم والتزييف وتحوير دورها بحيث تصبح معادية للناس الذين أُنشئت من أجلهم والذين يقتطعون من قوتهم ثمن ادامتها . 
ولأنه مؤمن بالإنسان وبحقوقه في التعبير عن نفسه وممارسة حريته ، فلقد انتدب نفسه للدفاع عن مختلف انواع المضطهدين بسبب أفكارهم : من " الاسلاميين " إلى " الناصريين " ومن الشيوعيين " إلى " الوطنيين التقليديين " . 
ربما لهذا كله فقد تخطى عصمت سيف الدولة دور الرجل أو الداعية فصار تياراً ، وفاخر عديدون من الرجال وفي اكثر من قطر عربي بأنهم  آمنوا بدعوته ووجدوا أنفسهم في أفكاره ، وأفادوا من كتبه ومن مقالاته العديدة  لبث الدعوة إلى التغيير ... ولم تكن مصادفة أو نتيجة أخطاء في التقدير أن قـُـدّم الكثير من الرجال الى المحاكمة في أكثر من عاصمة عربية يحكمها طاغية ، بتهمة الانتساب إلى أفكار عصمت سيف الدولة . 
روح مصر العربية ، أوروح العروبة في مصر ، مع انفتاح على الفكر العالمي المتقدم : لا هو متحجر أو متعبد لصنم التاريخ ، ولا هو فاقد لهويته مندفع مع موجات التحديث التي تدفع الناس الى التغرب وخيانة الذات . 
كان اسمه هوية ، وبرغم الانتكاسات وسيادة مناخ الهزيمة والانكسار ، فقد ظل عصمت سيف الدولة يقاوم مرارات العمر والمرض وموجات اليأس المتلاحقة حتى اللحظة الأخيرة . 
ومؤكد انه مات والقلم في يده ، يكتب لأجيال آتية مبشراً بفجر جديد ، بهي ومضمخ بدماء الشهداء ، ولائق بكرامة الانسان العربي ، في القرن الحادي والعشرين . 
القاهرة أقل وهجاً الآن . بعد انطفاء هذا القبس المتوهـّج والذي ظل يبشـّر ويحلم ويستولد آمالاً عظيمة من قلب الآلام العظيمة حتى توقــّـف قلبه الكبير فأودع سيفه كتابه الأخير هاتفاً بالناس من حوله : لا تتوقفوا ، هيا أكملوا المسيرة نحو النصر العزيز والبعي   . 

      جريدة السفير بتاريخ 4 أفريل 1996 وقد كان رحيله في 30 مارس 1996