بوصلة لا تشير الى القدس مشبوهة

بوصلة لا تشير الى القدس مشبوهة
مدونة الفكر القومي التقدمي

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الأحد، 27 سبتمبر 2015

في ذكرى الانفصال والغياب ..



في ذكرى الانفصال والغياب ..   

في مثل هذا اليوم ، الثامن والعشرين من شهر ايلول ، عاشت الامة العربية حدثين مأساويين  ، غيرا من مجرى تاريخها الى الاسوأ بشهادة الوقائع والتاريخ ، الذي انقلب فيه كل شئ ـ بعد ذلك ـ  رأسا على عقب ..
 الحدث الاول كان في ذلك اليوم من سنة 1961 ، وتمثل في حدوث الانفصال بين القطر الشمالي والقطر الجنوبي للجمهورية العربية المتحدة ، الاقليم القاعدة ، ونواة دولة الوحدة التي بنى عليها أبناء الامة الصادقين آمالهم في التحرر والوحدة والتقدم للوصول بها الى صفوف الدول الكبرى ، حيث شهدت الامة  العربية في تلك الفترة تصاعد وتيرة المقاومة في جميع المجالات ، بفضل الدور الريادي الذي لعبته مصر الناصرية ، فكانت هناك شواهد عديدة تشهد على الانجازات التي حققتها الثورة في ميادين التصنيع والتحديث ومقاومة الفساد السياسي الذي تمارسه العائلة المالكة والاحزاب الرجعية الملتفة حولها من العائلات الاقطاعية ، ومقامة الأحلاف الخارجية والمد الاستعماري الساعي للالتفاف على ثروات الأمة والسيطر على مقدراتها وغيرها .. وفي الواقع لم يكن دور مصر متوقفا على  الشعارات وحدها ،  بل كان جزءا هاما من افكارها ومبادئها يجري انجازه في الواقع على  جميع الجبهات ، فكان وقوفها الى جانب  حركات التحرر ، وعلى راسها المقاومة العربية في فلسطين وفي الجزائر وتونس واليمن ، الى جانب المساهمة عمليا في تكريس سياسة الاستقلال والحياد الايجابي حيث كان لمصر دورا أساسيا في بناء منظمة عدم الانحياز ، ثم في افشال سياسات الاستعمار الجديد في بناء احلاف جديدة مثل حلف بغداد ، وهزيمة الدول الاستعمارية التقليدية في معركة السويس التي تم بفضلها استرجاع شركة القنال .. وقد زادت السياسة الاجتماعية للثورة في مجالات التعليم والصحة والتغطية الاجتماعية وحقوق العمال والفلاحين واتخاذ اجراءات التاميم ومقاومة الفساد جنبا الى جنب مع الخطاب الوحدوي الشامل المدافع عن الامة ، زاد ذلك  في تاطير الحاضنة الشعبية للثورة ، لتكون ثورة قومية عارمة ، كانت وحدة 1958 ثمرة حقيقية من ثمارها .. 
وهكذا كان حدث الانفصال بداية لمرحلة جديدة من الانهيار العربي ساهمت القوى الرجعية في الداخل والخارج في فرضه على مصر التي كانت تقاوم نيابة عن الامة بامكانياتها الاقليمية ، فكانت هزيمة 1967 لأربع دول دخلت الحرب ـ بإشكال متفاوتة ـ هي  مصر وسوريا والاردن والعراق ، خير دليل على فشل الدولة الاقليمية واجهزتها في تحقيق النصر ..
ورغم ان مصر قد استطاعت اعادة توازنها في ظرف قياسي لتتهيأ من جديد للدخول في معركة الكرامة التي تنتظرها الجماهير العربية في كل مكان ، الا ان هذه الاخيرة فوجئت يوم الثامن من ايلول / سبتمبر 1970 برحيل قائدها وغيابه عن مسرح الاحداث التي كان يخوضها ببسالة دفاعا عن فلسطين والمقامة التي تعرضت في تلك الفترة ، للمؤامرة الرجعية في احداث ايلول بالاردن ، وصولا  الى تصفيتها ، فكان وقوف عبد الناصر طوال شهر سبتمبر الى جانب المقاومة ، والى آخر لحظة وهو يودع الوفود المشاركة في القمة المنعقدة لهذا الغرض قبل رحيله ، خير خاتمة بالفعل لحياته التي بدأها مدافعا عن فلسطين في معارك الفلوجة سنة 1948، لينهيها مدافعا عن مقاومتها الشريفة سنة 1970   ..

( نشرية القدس عدد 195 ) .

الاثنين، 21 سبتمبر 2015

الوحدة العربية بين دعاتها وأعدائها .. (24) .

                 الوحدة العربية بين دعاتها وأعدائها .. (24) .


تاسعا : لا يغير الله ما بقوم حتى يغيروا ما بانفسهم ..

الحركة القومية لن تتقدم ولن تتطور ولن تبلغ اهدافها أبدا ، وهي مجزأة ، ومشتتة مهما تصور الصادقون فيها  انهم على حق ..
والحركة القومية لن تتوّحد أبدا الا بحركة ارادية واعية من القوميين الصادقين .. لتتمكن بعد ذلك وهي موحدة ، من التفاعل الايجابي مع  مشاكل الامة في اي مكان ..
فالحركة القومية أمامها مشكلات التجزئة في الوطن العربي ، وأمامها مشاكل الاستعمار والاحتلال الصهيوني ، وأمامها مشكلات التخلف والقوى الرجعية والرأسمالية المتوحشة .. فمن الغباوة بمكان أن لا تفكر في الوحدة ولو في حدها الأدنى : وحدة الصف ، كمرحلة مهمة وضرورية هي عبارة عن مرحلة انتقالية يتم فيها التحول من التعدد السلبي الى التعدد الايجابي ،  أو مرحلة " التعدد الذي يسبق الوحدة " ، بكل ما في ذلك من معاني  ، وأهداف سامية ، وبكل ما يقتضيه من تغيير في العقلية ، والسلوك ، نحو التكامل والوحدة ..
ويبقى تحوّل الحركة القومية الى حركة جماهيرية شعبية رهين الشروط المتصلة بطبيعتها القومية ذاتها ..
أي عندما تتحوّل أولا الى حركة قومية واحدة ، تجعل المواطن العربي في أي قطر ، يشعر بأنها تمثله فعلا .. على عكس ما يشعر به في الواقع الحالي ، وهو يرى أن الحركات القومية الحالية ـ بتعدّدها وتشرذمها ـ لا تقدّم له أي دليل مادي على أنها قومية فعلا .. وهي بالتالي ـ وفي أحسن الحالات ـ يمكن أن تستقطب اهتمام الذين اختاروا وحدهم انتماءهم الفكري في الأقطار التي تنشط فيها تلك التنظيمات ، وقد يبقى كثير منهم رافضين انتماءهم اليها بسبب طبيعتها الاقليمية .. فلا ينخرطون فيها ، ولا ينتخبون ممثليها ، ولا يدافعون عنها ضد خصومها ، بل نجدهم أحيانا يهاجمون آدءها ومواقفها وسياساتها وخياراتها جميعا ..
وعندما تتحوّل ثانيا الى حركة قومية ملتحمة  بقضايا أمتها الحيوية التي تهدّد أمنها ووجودها ذاته .. أي حينما تكون منسجمة مع طبيعتها القومية في الدفاع عن وجود الامة التي تسعى الى  توحيدها .. فيكون لها وجود في أماكن المقاومة والقتال ضد اعدائها ، مثلما يكون لها تواجد في مواقع السياسة والانتخابات .. أو بمعنى آخر حينما تكون لها يد تبني ، ويد تحمل السلاح ، ليشعر بدورها الفاعل  كل من له مصلحة في وجودها ووقوفها الى جانبه  ..
وعندما تتحوّل ثالثا الى حركة ديمقراطية فعلا ، يعرف كل فرد فيها أن الجدل الذي يؤمن به كقانون نوعي خاص بالانسان ، ليس له أي لزوم أصلا ، الاّ لادارة الاختلاف .. ومعناه ان لا تطور ، ولا وحدة ، ولا قوة تنظيمية الا بالديمقراطية الحقيقية ، التي تبدأ بمساهمة الجميع في طرح المشكلات ، ومساهمة الجميع في تقديم الحلول ، وتنتهي بالتزام الجميع بتنفيذ الحل الأغلبي ..  فلا تشكيك ، ولا شتائم ، ولا استقالات ، ولا انقسامات .. 
ثم وهذا على قدر كبير من الأهمية ، حينما يصبح لها قاعدة ثابتة تتحرك منها لتحقيق كل أهدافها ، وقد تكون تلك مهمّتها القادمة ..  
عندها ، وعندها فقط  ، ستكون الحركة القومية هي الحركة الجماهيرية الأولى في الوطن العربي ..

 ( القدس عدد 194 ) . 



نشرية القدس عدد 194 .

الاثنين، 14 سبتمبر 2015

الوحدة العربية بين دعاتها وأعدائها .. (23) .

                    الوحدة العربية بين دعاتها وأعدائها .. (23) .


ثامنا : الاختبار الصعب ..

مطلوب تمهيد فعلي بين القوى القومية على أساس الثوابت (المحكمات) ، يحوّل واقعهم الردئ الشبيه بواقع الأنظمة الاقليمية الى واقع قومي حقيقي ..
ورغم أن التشبيه بتلك الأنظمة معناه استحالة حصول المطلوب ، الا أن الولاء القومي الذي يتميز به القوميون عن القوى الاقليمية جميعا ، هو القادر وحده على احداث المستحيل اذا توفرت الارادة الحقيقية التي يقدرون بها وحدها على ازالة كل العقبات والحواجز العارضة ..   
وعليه ، فلو فرضنا ان وضعا مشابها لهذا الوضع قد اصبح واقعا حيا ، باتخاذ احد الاحزاب القومية زمام المبادرة ، مكلفا قائده أو رئيسه أو أمينه العام  ، بالاتصال بنظرائه في الأحزاب القومية على الساحة القطرية والقومية للتباحث والحوار وطرح المبادرات ولو من أجل تحقيق وحدة الصف ، ووحدة الموقف بين القوى القومية ، مع ما يتطلبه ذلك الأمر الجلل من تنسيق وتشاور ، واتصالات دائمة .. لتحقيق وحدة الموقف والحركة ، وتوفير الكثير من الجهد الضائع في مواجهة بعضهم البعض على المستويين القومي والقطري ، للتنافس على المهام والمكاسب الإقليمية المحدودة ، التي يستطعون تحقيها اضعافا وهم مجتمعون .. فماذا  سيكون موقف الدول الإقليمية تجاه هذا الوضع ..؟؟  هل ستسمح سلطاتها مثلا باحتضان مؤتمر قومي يبحث في إمكانيات الوحدة بين الفصائل القومية ، وهم يتناوبون على لعن الإقليمية ، ويجدّدون رفضهم لشرعية مؤسساتها ودولها ، وكياناتها المصطنعة .. ؟؟ 
وهل ستسمح بعد ذلك أي دولة إقليمية لأي حزب قومي بالتواصل مع الأحزاب القومية الأخرى ، والتنسيق معها من أجل الوصول إلى إلغاء وجودها ولو ديمقراطيا عن طريق الخيار السلمي ..؟؟
 أبدا .. لن يسمح بذلك أي نظام إقليمي في الوطن العربي وهو يعلم أن وراء تلك الخطوات أهدافا صريحة تدعو لإزالة مؤسسات الدولة من أساسها .. ولا شك أن أجهزتهم الأمنية ومخابراتهم ستنشط في كل مكان لجمع القرائن والأدلة التي تدين تلك الأحزاب ، وصولا إلى حلها ، وإيقاف نشاطها ، على خلفية التآمر على أمن الدولة ، والتعامل مع جهات أجنبية لزعزعة أمنها واستقرارها .. !!
ألا تنتظر القوميين إذن ، تهم جاهزة بالخيانة في كل حين .. ؟
بلى .... وان وضعا مشابها لهذا الوضع سيحصل  يوما ما ، لتكون سلطة الدولة الإقليمية اللاديمقراطية ، بكل ما تملكه من آلة البطش ، هي العدو المباشر للمشروع القومي ، ولا شك أن تلك السلطة  ستكشر عن أنيابها في أي لحظة ينتقل  فيها القوميون للعمل الفعلي على تحقيق مشروعهم .. أي حينما يصبحون قوميين فعلا .. وهنا يمكن أن يُطرح السؤال : لماذا تبدو سلطة الدولة الإقليمية ، والإقليميون من حولها صامتين تجاه المشروع القومي إلى حد الآن ..؟؟
والجواب بكل بساطة .. لأن القوميين جميعا ـ في الوضع الرّاهن ـ اقليميين .. وهم بالتالي قد يشكلون خطرا ـ في أي وقت ـ على النظام القائم ، فيعاملونهم بالتضييق والحصار والاقصاء .. ولكنهم لا يمثلون اي خطر ـ في الوقت الراهن ـ على مؤسسات الدولة الاقليمية ذاتها ، طالما انهم لم يتحوّلوا إلى قوة منظمة تستهدف تلك الدولة من الداخل والخارج ..
وفي المحصلة النهائية ، قد يكون من المفارقة حقا ، أن يكون القوميون على موعد مع اشد المعارك التي تنتظرهم ضد الدول الإقليمية  باعتبارها تمثل النقيض من مشروعهم ، وهم يتنافسون في الوقت الراهن على الوصول إلى مؤسساتها .. !!
ففيما يكون التنافس اذن ...؟؟  هل يكون من أجل تحقيق غايات ومكاسب اقليمية محدودة ، ، قد يكفي فيها التنسيق والتعاون مع القوى الاقليية لانجازها ، أم من أجل أهداف ومصالح  قومية لا تتحقق الا  بوحدة الصف ووحدة الحركة النضالية بين القوى القومية ، على المستويين القومي والقطري ، وبالوسائل الثورية المناسبة لتحقيق  تلك الاهداف والغايات ..؟؟


للحديث بقية ..    

 ( القدس عدد 193 ) .      




نشرية القدس عدد 193 .

الاثنين، 7 سبتمبر 2015

الوحدة العربية بين دعاتها وأعدائها .. (22) .

                  الوحدة العربية بين دعاتها وأعدائها .. (22) .


سابعا : وبعد ..

بعد أكثر من نصف قرن لا يزال القوميون يتجادلون ـ في كثير من المواقع ـ حول من هو القومي التقدمي .. ؟؟ !!
* القومي التقدمي هو كل من يلتزم بثوابت الفكر القومي حتى وان اختلف مع غيره في ما تشابه منه ..
* والقومي التقدمي هو كل من كان ولاؤه الوحيد لامته وقضاياها الراهنة ومستقبلها مهما كان فهمه واجتهاده ودوره في الممارسة السياسية ، فقد يكون منهم من يخطب في الجماهير ، أو يترشح للانتخابات .. وقد يكون منهم أيضا العامل والفلاح ، أومن يقود بهم السيارة ويحمل حقائبهم الى المطارات ..
* والقومي التقدمي هو كل من يخدم أمته من موقعه ولو في مؤسسة حزبية اقليمة دون أن يتخلى عن منطلقاته وغاياته القومية ..
* والقومي التقدمي هو كل من يزيل عقبة على طريق الحركة العربية الواحدة ، أو يخطو خطوة نحو تحقيق تلك الغاية ، ويحرص بصبر طويل على تنقية مؤسساتها من الشوائب التي تسبق ـ عادة ـ أو تصاحب كل مرحلة من مراحل التأسيس ..
القومي التقدمي هو ... !!
ولكن ما فائدة هذا بالنسبة لأمة تعصف بها الرياح العاتية ، وتنهشها الوحوش الضارية ، حتى صارت مهدّدة بالزوال ..؟
وما فائدة هذا بالنسبة لمن يقبع في العراء ، ويعاني من الجوع والمرض ، أو لمن يجوب الشوارع بحثا عن شغل حتى تتورم قدماه ،  ثم يعود خائبا آخر النهار ..؟؟

ليس هناك ما هو أكثر وضوحا من طبيعة المرحلة الحالية ، حيث تشهد الامة العربية انسداد الافق أمامها في غياب المشروع الوحدوي ، فلا يوجد ما هو أكثر ضرورة من مواجهة الواقع بما هو ممكن حتى الوصول الى قيام الحركة العربية الديمقراطية ..  ذلك المشروع الحيوي الذي لم يعد يحتمل التأخير ..  

 ( القدس عدد 192 ) .  




نشرية القدس عدد 192 .