منذ ثلاثة اسابيع بايامها الطويلة ، ولياليها الدامسة بلا نور ، ولا
ماء ، ولا رغيف .. بل بساعاتها الثقـيلة ولحظـاتها االصعـبة تحت القصف والدمار
والجنون .. وشعـبنا الأعـزل في غـزة
يتعـرض ـ بعد الحصار الطويل ـ للابادة الجماعية التي تفوق وحشيتها أحيانا كل ما
عرفه التاريخ البشري من أهوال خلال
الحربين الكونيتين ، وخلال الغـزوات الهمجية في العصور الغابرة ..
فها هي أحياء غزة تدكها
آلة الحرب بكل ما فيها من دقة الصنع ، وحرص العقول المفكـرة في عصر العلم
والاكتشافات .. وها هو العالم الحر يتابع
ما يجري مباشرة على الفضائيات باعصاب باردة .. وها هي الحكومات بنظمها الديمقراطية
في الغـرب تندّد بالمقاومة وتساند الدولة الباغية ، والجيش المدجج باسلحة الدمار
.. وها هم عملاء العـرب يدسون رؤوسهم في الرمال ، ويزايدون ويتهمون المقاومة ويظهـرون
الشماتة وينحازون للعدو .. فلا تجتمع جامعـتم ، ولا تسمع أصواتهم ، ولا تغضب
جماهيرهم الغضبة الكبرى بحجم الكارثة .. ثم لا تلتـفـت بعض حكوماتهم حولها الى
الكلاب الناهشة للحم المقامة الصامدة ..
خسئتم .. فحينما تدق طبول الحرب ، وتقصف المدن وتسيل الدماء الطاهـرة في الشوارع
والساحات .. وحينما تتطاير أشلاء الأطفال والنساء والشيوخ ، و تقع أجسادهم تحت
الأنقاض .. وحينما تهب المقاومة لتدافع عن
الارض والعـرض والشرف .. ينقطع الكلام ، و
تنحني كل الرؤوس والهامات ، وتنتهي
المزايدات الرخيصة .. فلا صوت يعلو فوق صوت المعـركة ..
( نشرية القدس العدد 134 ) .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق