بوصلة لا تشير الى القدس مشبوهة

بوصلة لا تشير الى القدس مشبوهة
مدونة الفكر القومي التقدمي

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الأحد، 29 مارس 2015

الوحدة العربية بين دعاتها وأعدائها .. (6) .

الوحدة العربية بين دعاتها وأعدائها .. (6) .

لا شك أن ما وصلت اليه الامة العربية اليوم من فرقة وتشتت وصراعات لا تقع المسؤولية فيه كاملة على القوى المعادية والمعتدية وحدها .. بل لعل جزءا كبيرا من تلك المسؤولية تتحمله بالدرجة الاولى العديد من القوى الوحدوية التي وصلت الى السلطة في بعض الاقطار مثل سوريا والعراق وليبيا .. وهي التي سايرت الواقع في كثير من الاحيان ، ودخلت لعبة الصراعات العربية ـ العربية بين الدول الاقليمية وداخلها ، طلبا للزعامة على المستوى القومي ، والانفراد بالحكم والبقاء فيه أكثر ما يمكن من الوقت على المستوى القطري .. وقد كان ذلك الخيار سببا في وقوع تلك الصراعات العنيفة بين رفاق الدرب الذين حوّلتهم المصالح الى أعداء يتبادلون الاتهامات ، ويتوعّد البعض منهم بعضهم الآخر، ويلاحقه في الداخل والخارج  .. وهو ما أدّى  الى الانقسامات  التنظيمية ، ثم الى القطيعة ، مثلما حصل داخل حزب البعث الذي انقسم الى شطرين : شطر في سوريا وشطر في العراق   وفي بقية الاقطار احزاب بعثية تابعة لهذا القطر أو ذاك  .. وهكذا فرّطت تلك القوى في الكثير من الفرص التي كان بالامكان استغلالها في تحقيق الوحدة الحقيقية  لولا تغليب المصالح القطرية والحزبية بعدما وصلت الى السلطة في كلا القطرين .. ثم سرعان ما تحوّلت الى قوى اقليمية مضادة للوحدة لا تتردّد في التنكيل بالوحدويين حينما لا يعبّرون عن الولاء لهم ، أو حينما ينتقدون سياساتهم المناقضة لشعاراتهم المرفوعة الخ .. ورغم أن الأنظمة القومية التي تولت السلطة في ليبيا والعراق وسوريا قد سعت الى بناء دول قطرية قوية تقوم على نهضة علمية مثلما فعل الشهيد الراحل صدام حسين .. ورغم أن تلك الأنظمة قد تعرّضت بالفعل للمؤامرات والدسائس من جميع القوى المناهضة للوحدة وللمشروع القومي مثلما حصل لليبيا منذ الثمانينات الى الآن ، والعراق منذ بداية التسعيانت ، ومثلما يحصل الآن لسوريا منذ اربع سنوات الخ .. غير ان الذي  لم تكن تقدر أن تمنعه كل قوى الشر في العالم هو توفر إرادة سياسية حقيقية تحقق الوحدة بين قطرين متجاورين هما سوريا والعراق اللذان يحكمهما حزب واحد هو حزب البعث منذ أواخر الستينات ، وقبل أن تجرؤ الولايات المتحدة على استهدافهما خلال العقدين الأخيرين .. 
وهكذا فعلا ، قد أهدرت القوى الوحدوية تلك الفرص التي اتيحت لها بداية من وحدة مصر وسوريا سنة 1958 ، مرورا بالوحدة الثلاثية بين مصر وسوريا والعراق التي انتهت فيها المفاوضات الى الفشل بسبب تغلب الولاءات الحزبية على الولاء القومي .. وصولا الى التفريط في امكانية توحيد قطرين كبيرين على الاقل يحملان نفس العقيدة ونفس الايديولوجيا ونفس الافكار الوحدوية ... فكان ذلك التفريط وبالا عليهما قبل أن يكون على الاقليميين ..

 ( نشرية القدس العدد 169 ) .

الأحد، 22 مارس 2015

الوحدة العربية بين دعاتها وأعدائها .. (5) .

              الوحدة العربية بين دعاتها وأعدائها  .. (5) .

خلال التفكير في مادة هذه الحلقة تذكرت عنوان كتاب للمفكر القومي أبو خلدون ساطع الحصري كتبه منذ  الخمسينات من القرن الماضي بعنوان " العروبة بين دعاتها ومعارضيها "، ففوجئت باختيار نفس العنوان تقريبا .. وهو ما جعلني أتصفح الكتاب من جديد بعد مرور عشرات السنين على قراءته .. وهنا تبادر الى ذهني سؤال مهم : هل أن طرح الأستاذ ساطع الحصري لنفس الفكرة منذ أكثر من نصف قرن ، معناه أن الوحدة تتعرض للفشل منذ ذلك التاريخ ..؟
والواقع أن المسألة لم تكن بهذا الشكل ، حيث كانت مجمل الافكار  التي طرحها الأستاذ الحصري ، لا تتحدث عن الفشل ، بقدر ما تتناول الرّد على المشككين في الأسس التي يمكن إن تقوم عليها الوحدة ، مؤكدا على وحدة الوجود والمصير القومي ، مفـندا تلك الأفكار الإقليمية ، لعدد من الكتاب ، والشخصيات الأدبية والسياسية ، مستشهدا في نفس الوقت ببعض التجارب التي عاشتها الشعوب في الشرق والغرب لتأكيد فكرة الوحدة ..
ورغم أن الصدفة كان لها أحكامها في اثارة هذا الجانب من الحديث ، الا أننا قد نجد له شبها من خلال تكرار نفس التجربة مع أعداء آخرين يتصدون اليوم لمشروع الوحدة – باسم الدين – وهم لا يملكون الدليل الشرعي القاطع ، بل نجدهم يتخبطون في المتناقضات ، متحصنين بالاسلام من خلال الشعارات الجوفاء حتى يظهر كل من يخالف رأيهم مخالفا للدين .. !!
والحقيقة أن ما يفعله هؤلاء في عصرنا بجميع المخالفين لآراءهم ، يذكرنا برجال الدين في اوروبا الذين ابتدعوا نظرية الحق الالاهي لفرض ارادتهم على العام والخاص ، واستطاعوا في فترة من الفترات ان يقارعوا بها السلطة السياسية قبل الرعية .. حتى تمكنوا في بعض الفترات الاخرى من فرض سلطتهم المطلقة على المجتمع والدولة ، فأمعـنت الكنيسة في استغلال الدين حتى صار مدانا عند شريحة واسعة من الناس ، وكان سببا مباشرا في انتشار الالحاد في أغلب المجتمعات الغربية .. وقد أثارت تلك النزعة الالحادية التي اجتاحت اوروبا ، ردود فعل سلبية تجاه ظاهرة التدين نفسها بسبب الاستغلال السيئ للمؤسسة الدينية من طرف رجال الدين  ..
والواقع فان السعي للسيطرة على الكنيسة لم يكن مجرد سلوك نابع من حرص رجال الدين على تطبيق العقيدة الدينة ، بل كان يمثل محاولة للهيمنة على المجتمع اجتماعيا واقتصاديا من خلال المؤسسة الدينية ، الشيئ الذي جعل مثل هذا الواقع ، يُـفرز علاقات متوتـرة  بين جميع الاطراف ، ومناخا سياسيا واقـتـصاديا وثقافـيا يغلب عليه الصراع  بين السلطة السياسية والكنيسة تواصل قـرونا طويلة ، شهدت خلالها المجتمعات تقلبات عديدة بين تحالف وتقارب أو تناحر وتنافر، ضاعفت من معاناة الناس وتضحياتهم ، ولم يتخلصوا منها الا بالثورة التي ادت في النهاية الى تصحيح العلاقة بين الكنيسة والدولة من خلال اضطلاع كل مؤسسة بمهامها دون افراط ولا تفريط ..
بالنسبة لواقعنا العربي فان الامر يختلف كثيرا عن هذا الوضع ، حيث من الواضح أن الاسلام لا يمكن ان يقبل أبدا بفكرة الكهانة والوصاية على الدين بتلك الطريقة الشائهة التي عرفتها أروربا .. وما وجود الصراع بين الفكر التقدمي والفكر الرجعي في واقعنا الا دليلا على هذا .. ومن هذه الزاوية ، وفي تلك الحدود ، يمكن الحديث عن الفشل ، في اطار قراءة الواقع الذي عاشته الأمة العربية منذ الخمسينات الى الآن ، .. أي فشل التجارب الوحدوية وما رافقها من أخطاء ارتكبها ـ أولا وقبل كل شئ ـ أصحاب الشأن المعنيين بتحقيق ذلك المشروع  ..
والواقع ، فان التجربة تؤكد أن الفشل في تحقيق الوحدة  في الوطن العربي لم يكن بسبب رفض الفكرة على المستوى الشعبي .. بل على العكس من ذلك ، فان تلك الفكرة هي التي حققت أكثر رواجا بين الجماهير العربية من المحيط الى الخليج طوال فترة الخمسينات والستينات .. ولعل الظروف التي حفت بقيام وحدة 1958 أكبر دليل على صحة هذا القول  ..
 فلماذا لم تتحقق الوحدة اذن منذ أكثر من نضف قرن مرت على وجود الأنظمة القومية ..؟
ـ فقد تأسست حركة القوميين العرب منذ سنة 1948 ..
ـ وتأسس حزب البعث العربي الاشتراكي منذ بداية الأربعينات ليتم الإعلان عنه رسميا بعد توحيد أجنحته في سنة 1947 .
ـ ثم قامت ثورة 23 يوليو الوحدوية  في مصر منذ سنة 1952 .
ـ وقد وصل حزب البعث في سوريا إلى السلطة منذ آذارـ مارس 1963 ، ثم في العراق في شهر تموز 1968.
ـ وقد تمكن الضباط الأحرار في ليبيا من الوصول إلى السلطة منذ سبتمبر 1969 ..  
فلماذا لم تتوحد تلك الأقطار التي حكمها القوميون على أقل تقدير ؟ وهل كان الفشل في تحقيق هدف الأحزاب القومية وأنظمتها القائمة على مدى أربع عقود ، يعود كله إلى المؤامرات الخارجية ..؟
بالتأكيد لا .. فما كان لأي قوة في العالم أن تمنع قيام الوحدة واستمرارها بين قطرين عربيين ، لو توفـّرت الإرادة  الحقيقية بين القوى القومية الحاكمة طوال تلك الفترة .. وهو ما يحمّـلها ـ وحدها ـ المسؤولية كاملة في فشل مشروعها ...

( نشرية القدس العدد 168 ) .

الاثنين، 16 مارس 2015

نشرية القدس العدد 167 .

تحميل العدد 167 .

الوحدة العربية بين دعاتها وأعدائها ..(4) .

حينما غيّب الموت الزعيم الراحل جمال عبد الناصر في أيلول سبتمبر سنة 1970 ، كان قد مرّ سبع سنوات على تلك الصيحة الشهيرة التي أطلقها ـ رحمه الله ـ سنة 1963 بعد فشل المباحثات الثلاثية بين مصر وسوريا والعراق ، معلنا إخلاء مسؤوليته عن تحقيق ذلك المشروع من موقعه في السلطة ، مناديا الجماهير العربية والقوى الوحدوية في الوطن العربي بعدم الانتظار وعدم التعويل على الدول الاقليمية  في بناء أي مشروع وحدوي ، والتحرّك مباشرة لتنظيم صفوفها ، وأخذ المبادرة الشعبية لبناء الحركة العربية الواحدة القادرة وحدها على تحقيق ذلك الحلم من خارج أسوار الحكم في الدول الاقليمية التي تمنعها ـ موضوعيا ـ مصالحها ، ودساتيرها وأطرها المغلقة ، من تحقيق تلك الغاية حتى وان كان يقودها القوميون .. فضلا عن المعوّقات التي تلاقيها من المجتمع الدولي وقوانينه التي تعتبر كيان تلك الدول الاعضاء مقدّسا لا يمكن المساس به .. مؤكدا في نفس الوقت على الاسلوب الثوري الذي يقدر وحده على تحقيقها حينما تتوفر الارادة والآداة الجماهيرية القادرة على فرضها .. وقد مات الزعيم الراحل رحمه الله وهو على ذلك المبدأ ، يعمل ـ من جهة ـ  بامكانيات الدولة الاقليمية لتحقيق ما يمكن تحقيقه لمواجهة التحديات التي كان يفرضها الواقع الدولي والاقليمي على مصر .. ومن جهة ثانية من خلال إعطائه الضوء الأخضر للشروع في بناء التنظيم القومي أواخر الستينات ، متخطيا كل العقبات الدستورية التي تمنع قيام ذلك التنظيم باعتبار تناقض غايته مع الوجود القانوني للدولة مثلما ينص عليه الدستور ، وهو ما لا تستطيع اي قيادة أن تقبله أو تقدم عليه ، بدون تلك الروح القومية والارادة السياسية  التي تملكها  مصر في ذلك الوقت ..  
وفي مثل هذه الظروف التي عاشتها الامة العربية أواخر الستينات كانت الجماهير العربية تعيش حالة من الاحباط  بسبب الهزيمة العسكرية التي منيت بها الدول الاقليمية ، لعل اصدق مثال على تلك الحالة ، هو ما عرفته حركة القوميين العرب ، كواحدة من ابرز الحركات القومية في الوطن العربي في تلك الفترة ، من مراجعات وتحوّلات وانقسامات تحت وطاة الهزيمة وفشل المشاريع الوحدوية على المستوى الرسمي بين الدول الاقليمية ، أدت في النهاية الى تحوّل أغلب قياداتها من الفكر القومي الى الفكر الماركسي ، أو الى المزج بين هذا وذاك .. وفي تلك الاثناء استطاع حزب البعث الموجود في أقطار المشرق العربي ، من الوصول الى السلطة في كل من سوريا والعراق ، وهو الذي كان قادته البارزين ينادون بالوحدة ويروّجون لافكارهم الوحدوية داخل اقطارهم وخارجها ، حتى وصل صداها الى كل الأقطار  .. وقد كان يفترض أن يقوم  حزب  البعث بملئ الفراغ الذي تركه ذلك الغياب المفاجئ للزعيم الراحل جمال عبد الناصر على المستوى القومي ليقود الجماهير العربية نحو غايتها المعلنة .. 
غير ان شيئا من ذلك لم يتحقق .. واتجهت الأمور الى الاسوء بانقلاب مصر على المشروع القومي ، وخروجها نهائيا من الصف العربي الى صف الأعداء ، الذين أغراهم انتصارهم في تحييد مصر ، وأصبحوا يخططون لهدم أي مشروع نهضوي حتى على المستوى الإقليمي .. 

( القدس ) .

* الرجوع إلى الحق خير من التمادي في الباطل  ..


* خير الناس أنفعهم للناس ( حديث شريف ) .

                                                    ***

تقدمو
تقدموا
ها هو قد تقدم المخيم
تقدم الجريح
والذبيح
والثاكل
والميتم
تقدمت حجارة المنازل
تقدمت بكارة السنابل
تقدم الرضع
والعجز
والارامل
تقدمت ابواب جنين ونابلس
اتت نوافذ القدس
صلاة الشمس
والبخور والتوابل
تقدمت تقاتل
تقدمت تقاتل
لا تسمعوا
لا تفهموا
تقدموا
تقدموا
كل سماء فوقكم جهنم
وكل ارض تحتكم جهنم
 

  ( سميح القاسم )


معقول أن يقع التعامل مع امريكا على المستوى الرسمي باعتبارها دولة كبرى .. فيتم التعبير عن ذلك بالطرق المعمول بها في المجال الديبلوماسي بين الدول .. ولكن ان يتم استقبال شخصيات أمريكية رسمية في تونس ، ثم يكون في برنامجها اجتماعات خاصة وموسّعة مع احزاب بعينها مثلما وقع مع قيادات النهضة ، من طرف جون ماكاين ثم مادلين اولبرايت ، أعداء العرب والمسلمين ، وقاتلي أطفالهم ، فهذا أمر ملفت للانتباه ، وغير طبيعي بالمرّة ، وهو ما يؤكد استمرار سياسة التدخل من جانب امريكا في شؤون الدول الصغـرى مثل تونس ، واستمرار نهج الخضوع وقبول الاملاءات من جانب تلك الأحزاب .. وهذا امر غير مقبول وغير معقول تحت أي عنوان ، وبأي شكل  كان  ...
 

عندما تعمل نخب الدولة في بيئة المؤسسات الضعيفة وقدر محدود من المنافسة السياسية وتوسّع في الفرص الاقتصادية فإن المجال يصبح مفتوحاً للفساد والإفلات من العقاب . في هذه الحالة نكون أمام متلازمة : “المسؤولون الحكوميون” حيث يمسكون هم والشخصيات السياسية وأقربائهم وإخوانهم بكل الأوراق .
وهنا يستشري الفساد على شكل أحادي الجانب من قبل السلطة، ففي حالة المسؤولون الحكوميون الأثرياء فإنه ما من شيء يمنع الشخصيات السياسية الطموحة من سلب المجتمع والاقتصاد .

( مايكل جونستون ؛ من كتاب متلازمات الفساد ، الثروة والسلطة والديمقراطيّة ) .

انتخابات أكتوبر 2014 ، لم تقلب موازين القوى في السلطة التشريعيّة فحسب ، بل خلقت التمايز عن سابقتها في سنة 2011 عبر الحضور اللافت لرجال الأعمال كنوّاب للشعب و” راعين لمصالحه ” بنسبة تجاوزت العشرة بالمائة من إجمالي عدد النوّاب .

إنّ الدور الجديد الذّي سيلعـبه أصحاب رؤوس الأموال في رسم المستقبل السياسيّ للبلاد من خلال المجلس النيابيّ والتشريعيّ الجديد لن يقتصر حتما على شعارات الحملات الانتخابيّة التي تمحورت حول “حماية مصالح الشعب ورعايتها ” و” بحث قضايا البطالة والفقر والتهميش” ، بل سيكون لطبيعة النوّاب الجدد تأثيرا على التشريعات القادمة وسياسات الدولة الاقتصاديّة وستكون المصالح الخاصة وحسابات الربح والخسارة محور الصراع في الفترة النيابية المقبلة .

الاتحاد التونسي للصناعة والتجارة والصناعات التقليديّة : الطريق إلى السلطة :

هذا الحضور المعـتبـر في قلب السلطة لم ينشأ من العدم ، بل سبقته العديد من الخطوات التي كرّست تواجد أصحاب الثروات بشكل فاعل في المشهد السياسيّ وبعد أن ارتضت الأحزاب المتنافسة أن تفتح الباب لهؤلاء للمشاركة الفعليّة في الحياة السياسيّة بدل الاكتفاء بدور المساند أو المموّل للحملات الانتخابيّة.
كانت الثروة وأصحاب الثروات قبل 2011، مكمّلا للسلطة وحاشية تأتمر بقرارات الرئيس وعائلته ، ولكن الوضع تغيّر بعد هروب الرئيس السابق، واتجّهت رؤوس الأموال التونسيّة إلى تحصين نفسها من تجربة مماثلة عبر لعب دور مباشر في الحياة السياسيّة والتحوّل إلى مقرّر لسياسات البلاد وتوجّهاتها العامّة. وقد لعب الاتحاد التونسي للصناعة والتجارة والصناعات التقليديّة (UTICA) من خلال رئيسته وداد بوشماوي دورا محورّيا في تمثيل أصحاب المصالح ورجال الأعمال من خلال فرض نفسه كقوة موازنة للاتحاد العام التونسي للشغل وطرف أساسي في الحوار الوطني الذّي أسقط حكومة الترويكا عقب اعتصام الرحيل سنة 2013 وقام بتنصيب السيد مهدي جمعة كرئيس للحكومة التكنوقراط بعد أشهر من أزمة سياسية حول المرشّح التوافقيّ الذي سيرضي جميع الأطراف .
كان “ الحوار الوطني” إذا الأداة التي أدخلت رجال الأعمال إلى الساحة السياسيّة كطرف مباشر في المفاوضات بين أحزاب “ الترويكا ” والنهضة من جهة، وبين المعارضة المدعومة ضمنيّا من الاتحاد العام التونسي للشغل من جهة أخرى .

وقد كان تمرير هذا الاسم المفتاح الذي فتح الباب على مصراعيه لتكثيف حضور منظّمة الأعراف في المشهد السياسيّ خلال الأشهر القليلة الماضية ، وهو ما ترجمته المواكب الضخمة من أصحاب المشاريع والاستثمارات المرافقة لرئيس الحكومة خلال جولاته الخارجيّة أو من خلال تصريحات هذا الأخير المتتالية حول وضعيّة ومستقبل القطاع العمومي والتي تتناغم مع رؤى منظّمة الأعراف وطرحها في معالجة الأزمة الاقتصادية .

دور الاتحاد التونسي للصناعة والتجارة تعاظم ليشمل استقبال البعثات الدبلوماسية والسفراء والحديث بمنطق صاحب القرار والسلطة في البلاد، أو على الأقلّ أحد لاعبيها الأساسيين. وقد اتضّح الدور المحوري الذّي تلعبه منظّمة الأعراف في الحياة السياسيّة للبلاد من خلال التحضيرات للانتخابات الأخيرة، إذ شهد مقرّ الإتحّاد التونسي للصناعة والتجارة والصناعات التقليديّة توافد ابرز القيادات السياسيّة الحزبيّة في البلاد كالباجي قائد السبسي وراشد الغنّوشي وحمّه الهمّامي وكمال مرجان وغيرهم من قادة الأحزاب ، من أجل التباحث مع رئيسة الإتحاد وداد بوشمّاوي تحت عنوان المشاورات حول الاستحقاق الانتخابي .

ولكنّ النتائج الحقيقيّة لهذه الاجتماعات ما لبثت أن ظهرت مع الإعلان عن القوائم الانتخابية “ للأحزاب الكبرى” في تونس خلال الأيّام القليلة الماضية والتي شهدت موجة غير مألوفة، على الأقلّ منذ 14 جانفي 2011، من حيث ترأسّ رجال الأعمال لقوائم الانتخابات التشريعيّة.

تعدّدت الألوان والمصلحة واحدة :
قد يبدو للوهلة الأولى أنّ التنوّع الحزبيّ يدلّ على اختلاف برامج وأطروحات النوّاب ، ولكنّ حفل الاستقبال الذّي نظّمه الاتحاد التونسي للصناعة والتجارة والصناعات التقليديّة يوم 13 نوفمبر الفارط على شرف النوّاب من رجال الأعمال، كان أكبر دليل على وحدة المصالح التي تجمع بين هؤلاء وهدفهم المشترك من دخول الميدان السياسيّ والمجلس النيابيّ بالخصوص . وخلال استقبالها لممثّلي منظّمة الأعراف في مجلس النوّاب على حدّ تعبيرها ، والذّين بلغ عددهم 21 نائبا، حمّلت رئيسة المنظّمة رجال الأعمال مسؤوليّة الدفاع عن رؤوس الأموال المحليّة وضرورة العمل على سنّ التشريعات التي تتماشى ومصالح القطاع الخاصّ . هذا واعتبرت السيّدة وداد بوشمّاوي أنّ بعض الأحزاب ما تزال تطرح برامج إصلاح اقتصاديّة غير قابلة للتطبيق حسب رأيها ، داعية نوّابها الجدد إلى الإمساك بزمام الأمور في اللجان ذات الطابع الاقتصاديّ والطاقيّ وعدم تكرار تجربة المجلس الوطني التأسيسي الذّي هدّد مصالحهم في أكثر من مناسبة، كما جاء على لسانها ..
ومحاور الصراع في المرحلة القادمة :
ومن أهمّ النقاط التي ستكون محور الصراع المستقبليّ بين أصحاب المصالح المختلفة من ممثّلي الأحزاب والمنظّمات ، مسالة التعامل مع المؤسّسات العموميّة وكيفيّة التصرّف فيها بعد الوضع الكارثيّ الذّي وصلت إليه من عجز وتراكم خسائرها. خصوصا أنّ طرح خصخصتها لا يزال خيارا ممكنا بعد أن لمّحت إليه الحكومات الانتقاليّة المتتالية . كما لم تتوان السيّدة وداد بوشمّاوي عن الدعوة صراحة خلال حفل الاستقبال إلى تسريع عمليّة المصادقة على مشاريع القوانين المتعلّقة بالشراكة بين القطاعين العام والخاصّ وقانون الصفقات العموميّة، داعية أن يلعب النوّاب الجدد دورهم في دفع التصويت نحو الاتجاه الذّي يحمي مصالحهم ويخدم أعمالهم. النقطة الثانية التي تمسّ مباشرة من مصالح رجال الأعمال الممثّلين في مجلس النوّاب هي مشاريع مجّلة الاستثمار التي تمّ سحبها في عهد حكومة مهدي جمعة بدعوى إعادة مراجعتها بالإضافة إلى مشروع الإصلاح الجبائيّ الذّي برغم مراعاة الحكومة لمصالح المستثمرين في جلّ النقاط التي تناولها المشروع الجديد ، إلاّ أنّ منظّمة الأعراف ما زالت تبدي عدم رضاها عن الإصلاحات المقترحة وتسعى لكسب نقط أكثر لصالحها وهو ما بان جليّا خلال تعليقات ممثّليها في الاستشارة الوطنيّة حول إصلاح المنظومة الجبائيّة ..  

مسألة أخرى لا تقلّ أهمية عن النقاط التي سبق ذكرها، تتعلّق بمستقبل الاتفاقات الممضاة في مجال الطاقة والثروات الطبيعيّة التي تمسّ مباشرة من نشاط كبار رجال الأعمال التونسيّين لعلّ أوّلهم السيّدة وداد بوشمّاوي نفسها التي ترجمت عن قلقها ورغبتها في السيطرة على مجريات الأمور صراحة في خطابها خلال حفل استقبال نوّاب المنظّمة عبر الدعوة الصريحة إلى التمكّن من مختلف اللجان الاقتصاديّة صلب مجلس النوّاب والدفاع عن مصالح رجال الأعمال وضمان سنّ التشريعات التي تحفظ أعمالهم وتساهم في ازدهارها. وهو ما يعني توزيع الفريق النيابيّ الجديد من رجال الأعمال على اللجان حسب القطاعات التي ينشطون فيها لتكوين ما يشبه المحميّات الخاصّة التي تحمي استثماراتهم وتكيّف القوانين وفق مصالحهم ..

الاختلاف في الرأي ، والتفكير وتعدد وجهات النظر  أمر لا مفر منه في المجتمع الانساني مهما كانت درجة تقدمه وتطوّره .. والاختلاف مسالة مفروغ منها في جميع النظم ، والديانات والشرائع بحكم الاختلاف في قدرات الناس وظروف عيشهم وتنوّع بيئتهم ..  وقد كان الاسلام صريحا في هذا حينما عبر بكل وضوح عن هذا الامر فقال سبحانه : " ياأيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا" ( الحجرات 13 ) وقال : " وما بعضهم بتابع قبلة بعض " (البقرة 147 ) ، وقال أيضا تأكيدا لنفاذ الأمر الالهي ، واختصاصه وحده بالحكم فيه  : " الله يحكم بينكم يوم القيامة فيما كنتم فيه تختلفون " ( آل عمران 141 ) ..
وعلى هذا الاساس فان أخذ الناس بجرم الاختلاف تحت اي غطاء هو الجرم الاكبر والخط الأحمر الذي لا يجوز الاقتراب منه ، وبالخصوص تحت اسم الاسلام  ..



نسبة 11% من إجماليّ عدد النوّاب في المجلس النيابيّ الجديد، تنوّعت من حيث الانتماءات الحزبيّة لرجال الأعمال الذّين استطاعوا أن يحوزوا أصوات الناخبين . وقد توزّعت بالأساس بين حزب نداء تونس الذّي ينتمى إليه 60% من رجال الأعمال الذين دخلوا المجلس ليحلّ في المرتبة الثانية حزب آفاق تونس بأربعة نوّاب تليه حركة النهضة بثلاثة نوّاب، وتتوزّع باقي المقاعد بين نوّاب التحالف الديمقراطي والاتحاد الوطني الحرّ وحزب المبادرة بنائب لا غير لكلّ منهم بالإضافة إلى رجل أعمال مستقلّ حزبيّا عن ولاية توزر.
-  رضا شرف الدين : حركة نداء تونس – ولاية سوسة الرئيس المدير العام لمخابر الأدوية UNIMED التي أسّسها منذ سنة 1989. كما تولّى رئاسة النجم الرياضي الساحلي منذ سنة 2012.
-  زهرة إدريس : حركة نداء تونس – ولاية سوسةسيّدة أعمال أصيلة مدينة سوسة وابنة محمد إدريس أكبر المستثمرين في القطاع السياحي والفندقة في منطقة الساحل وشقيقة رجل الأعمال معزّ إدريس. انطلقت بدورها في مجال الأعمال عبر القطاع السياحيّ والفندقة وإدارة مجموعة نزل “مرحبا” التي تعود ملكيّتها للعائلة، بالإضافة إلى نصيب العائلة في شركة “نوفال آر” و”الشيراتون” والمدرسة الخاصة للتكوين السياحي و نصيبهم في خليج “بالم لينكس” في المنستير. كما تولّت رئاسة المجلس التونسي الفرنسي في الاتحاد التونسي لصناعة والتجارة والصناعات التقليديّة.
-  حمدي قزقـز: حركة نداء تونس ـ ولاية سوسة رجل أعمال أصيل مدينة سوسة والمدير العام للمركز التقني للتعليب والتهيئة التابع لوزارة الصناعة.
-  عبد العزيز القطّي : حركة نداء تونس ـ  ولاية أريانة احد المنخرطين الأوائل في حزب نداء تونس بعد أن انسلخ عن حزب المؤتمر من أجل الجمهوريّة الذّي مثّله في المجلس الوطني التأسيسي. يعمل السيّد عبد العزيز في المجال التجاريّ وبيع المعدّات الفلاحيّة ، حيث يملك شركة CGE المختصّة في بيع المعدّات الفلاحيّة .
-
 محمد بن صوف : حركة نداء تونس ـ إيطاليا رجل أعمال تونسي مقيم في إيطاليا وصاحب شركة تعمل في مجال السياحة والترفيه من وإلى تونس.
-  عبد الرؤوف الميّ : حركة نداء تونس : الدول العربيّة رجل أعمال ورئيس مجلس الأعمال التونسي الإماراتي . التابع لغرفة التجارة والصناعة في تونس المنضوية تحت الاتحاد التونسي للصناعة والتجارة والصناعات التقليديّة . مقيم في دبي وصاحب شركة  Medtel Consult .
- هدى تقيّة : حركة نداء تونس ـ ولاية منّوبة سيّدة أعمال ومالكة شركة STIMAD لنجارة الألمنيوم في ولاية منّوبة . كما تشغل السيّدة تقيّة منصب رئيس الاتحاد الجهوي للصناعة والتجارة والصناعات التقليديّة في تلك الجهة منذ سنة 2012 ، بالإضافة إلى كونها عضوا في غرفة التجارة والصناعة في تونس .
-  محمد سعيدان : حركة نداء تونس ـ ولاية المنستير رجل أعمال أصيل ولاية المنستير وتحديدا مدينة قصر هلال . يدير شركته الخاصّة في مسقط رأسه الناشطة في مجال النسيج والطباعة على القماش . كما أنّ هذا الأخير عضو في الغرفة الوطنيّة للتجارة والصناعة ورئيس لجنة مساندة المؤسّسات الصغرى والمتوسّطة.
-  بشير بن عمر : حركة نداء تونس ـ ولاية مدنين السيّد بشير بن عمر، عضو اللجنة المركزيّة في حزب التجمّع الدستوري الديمقراطي وعضو مجلس المستشارين السابق ، استطاع أن يدخل من جديد ميدان السياسة عبر حزب نداء تونس الذي ترأس قائمته عن ولاية مدنين . ويعتبر السيّد بشير بن عمر أحد أهمّ رجال الأعمال في منطقته وعلى المستوى الوطني ، إذ بدأ مشواره المهنيّ مع تأسيس شركة SOGEFOIRES المختصّة في تنظيم المؤتمرات والملتقيات الكبرى والإدارة السياحيّة . وقد استطاع السيّد بن عمر أن يوسّع اعماله ليفتتح مكاتب لشركته في كلّ من المغرب وليبيا وموريتانيا .
-  منصف السلاّمي : حركة نداء تونس ـ صفاقس2 أحد أكبر رجال الأعمال في تونس وأقدمهم . بعد إتمام دراسته في فرنسا ، عاد إلى تونس ليبدا مسيرته المهنيّة عبر المساهمة في “الاتحاد البنكي للتجارة والصناعة” و” بنك الجنوب” الذي تغيّر اسمه في ما بعد إلى “ التجاري بنك ”. أسّس سنة 1978 شركته الخاصّة ” Tunisie Câbles” المختصّ في صناعة الكابلات الخاصّة بالسيّارات . توسّعت أعماله في ما بعد ليتحوّل إلى مجموعة صناعيّة كبرى تحت اسم One Tech والذّي يتولّى منصف السلاّمي رئاسة مجلس إدارته منذ سنة 2012 . بالإضافة إلى نشاطه الاقتصاديّ تولّى رئاسة النادي الرياضي الصفاقسي بين سنتي 2008 و 2010 .  ولم تتوقّف نشاطاته عند هذا الحدّ، بل امتدّ استثماراته إلى المجال الإعلامي عبر امتلاكه لجريدة “المغرب” اليوميّة .
-  سلمى اللّومي : حركة نداء تونس ـ نابل 1 السيّدة سلمى اللومي الرقيق هي أحد المالكين لمجموعة اللومي الناشطة في العديد من القطاعات الاقتصاديّة . تشغل السيّدة اللومي حاليّا منصب الرئيس المدير العام لشركة   Cofat Med المختصّة في تصنيع الكابلات في معتمدية
مجاز الباب بالإضافة على إدارتها لشركة Stifen المختصّة في انتاج وتصبير الغلال والفواكه . هذا وتجدر الإشارة إلى أنّ السيّدة سلمى اللومي الرقيق هي شقيقة فوزي اللومي عضو المكتب التنفيذي لحزب نداء تونس .
-  مريم بوجبل : حركة نداء تونس ـ نابل 2احد افراد عائلة بوجبل الناشطة في القطاع السياحيّ بالوطن القبلي . تعتبر سيّدة أعمال معروفة في نابل وأحد الوجوه البارزة في مجال الفندقة والخدمات السياحيّة . وتشترك السيّدة مريم بوجبل في إدارة مجموعة شركات بوجبل للفندقة بالإضافة إلى شركة “Medis” للأدوية ومصنع “الجبل” لتصبير وتعليب الطماطم .
-  كمال حمزاوي : حركة نداء تونس ـ ولاية القصرين ترأّس المستقبل الرياضي للقصرين بين سنوات 1986 و1998. رغم انتمائه لحزب التجمّع الدستوري المنحلّ، إلاّ أن رجل الأعمال صاحب مصنع الأكياس الذي يعتبر الاستثمار الخاصّ الوحيد في المنطقة، عاد بعد 14 جانفي 2011 ليمارس نشاطه السياسيّ صلب حزب نداء تونس و ليترأس قائمته في القصرين ويكون ممثّلا للولاية للسنوات الخمس القادمة.
-  بلقاسم دخيلي : حركة نداء تونس ـ جندوبة رجل أعمال أصيل ولاية جندوبة ، يتولّى إدارة شركة كروم قرطاج Les Vignerons De Carthage. تعرّض بلقاسم الدخيلي للإقالة خلال حكومة النهضة بعد قرار وزير الفلاحة آنذاك محمد بن سالم تعيين لجنة تصرّف وقتيّة على رأس الشركة نظرا لشبهات فساد في مجلس إدارتها. ولكنّ حكم القضاء قضى ببطلان قرار الوزارة وتمّ تثبيت المدير العام للشركة في منصبه.
-  محمد فريخة : حركة النهضة ـ صفاقس 2 بعد إنهاء دراسته الجامعيّة في فرنسا ، تولّى محمد فريخة منصب مدير مركز شركة “ألكتال” للتنمية في فرنسا ثمّ في تونس قبل أن يقدم في سنة 1994 على بعث شركته الخاصّة في مجال الاتصالات والاستشارة في المجال التكنولوجي “تالنات” والتي تم إدراجها في البورصة سنة 2011. في سنة 2012 قام ببعث شركة النقل الجوّي “سيفاكس آرلاين” التي يملك 25% من رأس مالها. تقدّم محمد فريخة للانتخابات التشريعيّة ضمن قائمات النهضة قبل أن يختار الترشّح للانتخابات الرئاسيّة بصفة مستقّلة.
-  حسين الجزيري: حركة النهضة ـ فرنسا 2 أحد الوجوه البارزة في حركة النهضة وناطقها الرسميّ . بالإضافة إلى نشاطه السياسيّ ، يعتبر حسين الجزيري واحد من رجال الأعمال المغتربين خلال نظام بن عليّ ، إذ أسّس في فرنسا المعهد الخاصّ لتعليم اللغة العربيّة والثقافة العربيّة الإسلامية. كما أنّه أحد المساهمين في بعث قناة الزيتونة .
-  سامي الفطناسي : حركة النهضة ـ ولاية باجة قبل أن يصل منصبه الحالي كرئيس للمكتب الجهوي في باجة للاتحاد التونسي للصناعة والتجارة والصناعات التقليديّة، عمل السيّد سامي الفطناسي في المجال البنكي وكان مديرا لفرع احد البنوك الخاصّة في مدينة باجة قبل أن يتولّى إدارة “مجموعة بن صخريّة” المختصّة في المقاولات والمحاجر والتابعة لرجل الأعمال منير بن صخريّة.
-  مهدي بن غربيّة : التحالف الديمقراطي ـ بنزرت العمل النيابيّ لن يكون بالتجربة الجديدة بالنسبة للسيّد مهدي بن غربيّة الذي كان نائبا طوال ثلاث سنوات في المجلس الوطني التأسيسي. بدأ مسيرته السياسيّة كمنخرط في حركة النهضة والتي حكم عليه بخمس سنوات من السجن بسبب نشاطه صلبها قبل أن يطلق سراحه في أوائل التسعينيّات بعد التعهّد بالتوقف عن أيّ نشاط سياسيّ . دخل الانتخابات سنة 2011 كممثّل عن الحزب الديمقراطيّ التقدميّ، لينسلخ عنه ويساهم في تأسيس التحالف الديمقراطي الذّي حمل برنامجه في الانتخابات الأخيرة . بخلاف نشاطه السياسيّ يعتبر مهدي بن غربيّة احد أهمّ رجال الأعمال في ولاية بنزرت. إذ يمتلك العديد من الشركات التي تختصّ في مجال النقل والسياحة والعقّارات. كما شغل منصب رئيس غرفة الوكلاء الديوانيّين صلب الاتحاد التونسي للصناعة والتجارة والصناعات التقليديّة. هذا وشملت نشاطاته المجال الرياضي عبر ترأسه منذ سنة 2011 النادي الرياضي البنزرتي.
-  لطفي عليّ : حزب المبادرة ـ ولاية قفصة رجل أعمال مختصّ في المقاولات، يمتلك واحدة من أكبر الشركات العاملة في هذا المجال وهي “الشركة العامة للمقاولات والأشغال العموميّة” والتي يقع مقرّها الرئيسيّ في مدينة قفصة، كما يمتلك العديد من الاستثمارات في مجال مواد البناء ومحاجر الرخام وغيرها من الأنشطة التي ترتبط بمجال استثماره الأساسيّ.
-  نعمان الفهري  : حزب آفاق تونس ـ نابل 1 يعتبر السيّد نعمان الفهري احد الفاعلين في قطاع الاستثمارات الأجنبيّة خصوصا وأنّه تولّى بعد تخرّجه كمهندس في الفيزياء الجيولوجيّة، مناصب هامّة في العديد من الشركات الدوليّة مثل Schlumberger, KPMG Consulting, Sema Group و Atos Origin ، كما كان مدير العديد من فروع هذه الشركات في فرنسا وسنغافورة وبريطانيا قبل أن يؤسّس شركته الخاصّة “EuroMed Technology Consulting” للاستشارات التكنولوجيّة في تونس .
-  حافظ زواري : حزب آفاق تونس ـ ولاية سوسة رجل أعمال أصيل بلدة “ القلعة الكبرى” في الساحل التونسي ، له عديد الاستثمارات في مختلف المجالات استطاع هذا الأخير أن ينوّع نشاطه الاقتصاديّ ليشمل العديد من القطاعات كصناعة المصاعد والرخام وتجارة قطع غيار السيّارات وتركيب الحافلات والشاحنات والمقطورات ، كما يحتكر وكالة العديد من الشركات الأجنبيّة في تونس كشركة “هونداي” والشركة الصينيّة لصناعة السيّارات “سانغ يونغ”، بالإضافة إلى قطاع النقل البريّ للمحروقات عبر شركته ” الشركة المغاربيّة للنقل البرّي”.
-  عبد الرزّاق شريّط : قائمة لمجد الجريد ـ ولاية توزر رئيس بلديّة توزر بين سنوات 1995 و2008، استطاع أن يدخل مجلس النوّاب الجديد عبر قائمته المستقلّة التي جاءت في المركز الثاني بعد قائمة حركة النهضة. ويعتبر النائب الجديد عبد الرزّاق الشريّط واحدا من أهمّ الشخصيّات في مدينة توزر، فبخلاف نشاطه صلب البلديّة ، فله العديد من الأنشطة الاقتصاديّة خصوصا في القطاع السياحيّ ، لعلّ أهمّها ملكيته لنزل “دار الشريّط ”، المعلم الأبرز في المدينة .
-  ياسين ابراهيم : حزب آفاق تونس ـ ولاية المهديّة بدأ مسيرته السياسيّة كوزير للنقل في حكومة محمد الغنّوشي وليواصل عمله في نفس المنصب مع حكومة الباجي قائد السبسي إلى حدود جوان 2011 . كان قد أسّس حزب آفاق تونس بعد 14 جانفي 2011 ودخل في تحالف مع الحزب الجمهوري في سنة 2012 قبل أن يعاود الانفصال عنه ومواصلة مسيرته السياسيّة مع حزبه منفردا. بخلاف نشاطه السياسيّ ، شغل هذا السياسيّ الشاب ومهندس الاعلاميّة العديد من الوظائف المهمّة في عدّة شركات دوليّة بعد إتمام دراساته الجامعية في باريس لعلّ أهمّها منصب المدير العام لشركة ” GLtrade” العالميّة، قبل أن يؤسّس شركته الخاصة في فرنسا ولندن، بالإضافة إلى شركة للإعلامية في تونس .
- محمد أنور العذار: حزب آفاق تونس ـ صفاقس2 رجل أعمال ومدير مصنع “ صفاقسي مول” للصناعة المواد البلاستيكيّة والمطاطيّة. عضو سابق في الغرفة الوطنيّة للتجارة .
- علي بالاخوة : الاتحاد الوطني الحرّ ـ ولاية بنزرت رجل أعمال والرئيس المدير العام لشركة “ ستارز للالكترونيات ”. ما يزال حتّى هذه الساعة عضوا في الغرفة الأمريكيّة التونسيّة للتجارة والاتحاد التونسي للصناعة والتجارة والصناعات التقليديّة. لم يقتصر نشاطه على المجال الاقتصاديّ بل شغل لفترة منصب نائب رئيس الملعب الرياضي البنزرتي. قبل أن يدخل مجلس النوّاب كنائب عن الاتحاد الوطنيّ الحرّ الذّي أسّسه سليم الرياحي ، كان رئيس المكتب الجهويّ لحزب نداء تونس في بنزرت ... 

الجهاد وعلاقة المسلمين بغير المسلمين : لم يوجب الإسلام قتال  غير المسلمين إلا في حالتين :             
الحالة الأولى :
هي إكراه المسلمين على الردة عن دينهم وفتنتهم عنه قال تعالى ( وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة ويكون الدين كله لله ) ..                
والحالة الثانية :
هي إخراج المسلمين من ديارهم قال تعالى (أذن للذين يقاتلون بأنهم ظلموا وأن الله على نصرهم لقدير الذين أخرجوا من ديارهم بغير حق إلا أن يقولوا ربنا الله ) .
مذهب إيجاب قتال غير المسلمين إطلاقاً والرد عليه :  غيران هناك مذهب قال به بعض الكتاب الإسلاميين المعاصرين( كسيد قطب ) ، استنادا إلى أقوال بعض الفقهاء، ومضمون هذا المذهب هو أن الإسلام أوجب قتال غير المسلمين (إطلاقاً)، وغزو العالم لنشر الدعوة ، غير ان كثير من العلماء يرون أن هؤلاء الفقهاء بنوا موقفهم هذا على أساس أن واقع العالم في زمانهم (واقع الدولة غير ثابتة الحدود ) لم يكن يسمح ـ إلا قليلا - بان تكون علاقة المسلمين مع غيرهم هي علاقة سلم ما لم تتوافر شروط الجهاد، أو علاقة حرب في حاله توافر شروط الجهاد ، يقول الشيخ محمد أبو زهرة في معرض حديثه عن آراء الفقهاء في عدم جواز الصلح الدائم (… ولقد أثاروا تحت تأثير حكم الواقع الكلام في جواز إيجاد معاهدات لصلح دائم، وإن المعاهدات لا تكون إلا بصلح مؤقت لوجود مقتضيات هذا الصلح، إذ أنهم لم يجدوا إلا حروباً مستمرة مشبوبة موصولة غير مقطوعة إلا بصلح مؤقت ) (محمد أبو زهرة، العلاقات الدولية في الإسلام “الدار القومية، القاهرة ، 1384م ، ص78- 79) ، ويدل على هذا أن هناك علماء خالفوا ما قرره هؤلاء الفقهاء، حيث نجد ابن تيمية يخالف الرأي القائل بقتال الجميع لمجرد الكفر( وإذا كان أصل القتال المشروع هو الجهاد ، ومقصودة أن يكون الدين كله لله وأن تكون كلمة الله هي العليا ، فمن منع هذا قوتل باتفاق المسلمين ، وأما من لم يكن من أهل الممانعة والمقاتلة ” كالنساء والصبيان والراهب والشيخ الكبير والأعمى والزمن وغيرهم ” فلا يقتل عند جمهور العلماء ، إلا أن يقاتل بقوله أو فعله ، وإن كان بعضهم يرى إباحة قتل الجميع لمجرد الكفر إلا النساء والصبيان لكونهم مالاً للمسلمين ، والأول هو الصواب ، لأن القتال هو لمن يقاتلنا إذا أردنا إظهار دين الله   كما قال تعالى : “ وقاتلوا في سبيل الله الذين يقاتلونكم ولا تعتدوا إن الله لا يحب المعتدين”، وفي السنة عن النبي ( صلى الله عليه وسلم ) أنه مر على امرأة مقتولة في بعض مغازية ، قد وقف الناس عليها، فقال “ما كانت هذه لتقاتل ” ، وقال لأحدهم : الحق خالداً فقل له لا تقتلوا ذرية ولا عسيفاً “، وفيها أيضاً عنه (صلى الله عليه وسلم ) يقول : لا تقتلوا شيخاً فانياً ولا طفلاً صغيراً ولا امرأة ”. وذلك أن الله أباح من قتل النفوس ما يحتاج إليه في صلاح الخلق كما قال تعالى “والفتنة أشد من القتل”، أي أن القتل وإن كان فيه شر وفساد ففي فتنة الكفار من الشر والفساد ما هو أشد، فمن لم يمنع المسلمين من إقامة دين الله ، لم يكن كفره إلا على نفسه ) . آيه السيف : و قد اسند أصحاب هذا المذهب إلى القول بأن آية السيف ناسخة لكل الآيات التي تدعو للسلم ، والمقصود بها الآيات:  ( فَإِذَا انسَلَخَ الأَشْهُرُ الْحُرُمُ فَاقْتُلُواْ الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدتُّمُوهُمْ وَخُذُوهُمْ وَاحْصُرُوهُمْ وَاقْعُدُواْ لَهُمْ كُلَّ مَرْصَدٍ فَإِن تَابُواْ وَأَقَامُواْ الصَّلاَةَ وَآتَوُاْ الزَّكَاةَ فَخَلُّواْ سَبِيلَهُمْ إِنَّ اللّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ) (التوبة: 5).  و( قَاتِلُواْ الَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَلاَ بِالْيَوْمِ الآخِرِ وَلاَ يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللّهُ وَرَسُولُهُ وَلاَ يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ حَتَّى يُعْطُواْ الْجِزْيَةَ عَن يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ) (التوبة: 29). غير أن هذه الآيات لا تفيد قتال غير المسلمين إطلاقاً، وبالتالي تنسخ الآيات الداعية للسلم، بل هي مقيدة بالحالات التي أباح الإسلام فيها قتال غير المسلمين (إخراج المسلمين من ديارهم ،أو إكراههم على الردة على دينهم) ، يقول الشيخ محمد الغزالي (يشيع بين المفسرين أن آية السيف نسخت ما جاء قبلها، وعند التحقيق لا يوجد ما يسمى آية السيف، وإنما هناك جملة من الآيات في معاملة خصوم الإسلام أو في مقاتلتهم ،أحياناً لأسباب لا يختلف المشرعون قديماً وحديثاً على وجاهتها ، وعلى أنها لا تنافي الحرية الدينية في أرقى المجتمعات)، ويرى الشيخ رشيد رضا : أن آية السيف تتراوح الآية الخامسة من سورة التوبة الداعية إلى قتال المشركين كافة كيفما يقاتلون المسلمين كافة، وإنها غير ناسخة لغيرها من الآيات ، ويستشهد بما قاله السيوطي من أن أياً من الآيتين ليس ناسخاً لغيرها من الآيات التي تتناول علاقة المسلمين بالمشركين ، ولكن لكل منها حكماً يسري في ظرف معين، ويرى أن الدعوة إلى مقاتلة المشركين هو رد على مبادأة المشركين القتال، وأن المقصود بالآيتين مشركي جزيرة العرب وليس مشركين الأرض، أما الآية 29 الخاصة بأهل الكتاب فإن نزولها جاء تمهيداً للكلام في غزوة تبوك مع الروم من أهل الكتاب بالشام ، والخروج إليها في زمن العسرة والقيظ فضلاً عن أن المقصود بها ليس أهل الكتاب ولكن فريقاً منهم لهشروط أربعة معينة ذكرتها الآية الكريمة.
فتوى أهل ماردين ومذهب اباحه قتال حكام المسلمين والرد عليه :  هناك مذهب يقول باباحه قتال الحكام المسلمين ، ويعتبره شكل من أشكال الجهاد ، وهو يستند في ذلك – ضمن ما يستند – إلى تفسير معين لفتوى الإمام ابن تيميه في أهل ماردين الشهيرة بـ ” فتوى التتار”. غير أن هذا التفسير يتناقض مع مذهب ابن تيميه في عدم جواز الخروج على الحاكم المسلم  حيث يقول في الفتاوى مثلا ( والصبر على جور الأئمة أصل من أصول أهل السنة والجماعة)( مجموع الفتاوى ، ص 28 ) .     مفهوم التترس ومذهب مذهب اباحه قتل المسلمين والرد عليه: و هناك مذهب يتخذ  قاعدة التترس( اى جواز قتل المسلم إذا تترس به الكافر)، كأساس شرعي لتبرير بعض العمليات العسكرية التي يترتب عليها قتل المسلمين ، غير أن كثير من العلماء يرى أن هذا التبرير غير صحيح للاتي:
أولا : أن التترس لا يكون إلا في حاله الحرب ( الاشتباك العسكري ) .
ثانيا : أن من أباح التترس جعل له شروط لا تنطبق على هذه العمليات ، و هي أن تكون المصلحة منه :
1/ ضرورية : اى لا يحصل الوصول إلي الكفار إلا بقتل الترس  .
2/ كليه : اى أن عدم قتل الترس يترتب عليه أن يستولى الكفار على كل الامه .
3/ قطعـية : اى أن تكون المصلحة حاصلة قطعا . ( القرطبي ، الجامع لأحكام الفران، ج16، ص 285 )  . هذا مع وجوب تقرّر أن هناك من الفقهاء من حرّم الترس  كالإمام مالك ،  استنادا إلي الايه ( ولولا رجال مؤمنون ونساء مؤمنات لم تعلموهم أن تطؤهم فتصيبكم منهم معـرة دون علم .. ليدخل الله في رحمته من يشاء .. لو تزايلو لعذبنا الذين كفروا عذابا أليما ) ، فالآيه تفيد وجوب مراعاة الكافر في حرمه المسلم .
تعارض الإرهاب مع مفهوم الجهاد :  يمكن تعريف الإرهاب بأنه : استخدام القوه (العنف)، بشكل غير شرعي قانونيا وأخلاقيا ودينيا ( عدم الشرعية ) ، ولا يتم فيه اختيار المستهدف يشكل شخصي بحيث يمكن استبداله بأخر بخلاف الاغتيال السياسي(عدم شخصيه المستهدف ) ، ويؤدى إلي إحداث ضرر مادي أو جسدي أو نفسي ( الضرر) ، ويهدف إلي في تغيير في سلوك فرد أو جماعه أو مؤسسه أو دوله تجاه الفاعل ( تغيير السياسات ) . وطبقا للتعريف السابق نجد أن الإرهاب يتعارض مع مفهوم الجهاد كما قررته الشريعة الاسلاميه للاتي :
شرعيه استخدام القوه : استخدام للقوه خارج إطار الشرعية الدينية والقانونية والاخلاقيه  يتعارض مع الشريعة الاسلاميه ، قال تعالى ( من قتل نفس بغير نفس أو فساد في الأرض فكأنما قتل الناس جميعا ) .
شخصيه العقاب : عدم الشخصية المستهدف بالعقاب  يتعارض مع الشريعة الاسلاميه ، قال تعالى ( ولا تزر وآزره وزر أخرى ) ، لذا حددت الشريعة  شخصيه المستهدف في الحرب بالمحارب ، يقول الإمام ابن تيميه ( وأما من لم يكن من أهل الممانعة والمقاتلة- كالنساء والصبيان والراهب والشيخ الكبير والأعمى والزمن وغيرهم- فلا يقتل عند جمهور العلماء إلا أن يقاتل بقوله أو فعله )
النهى عن الإفساد في الأرض : كما تنهى الشريعة الاسلاميه عن  إحداث الضرر بأشكاله المختلفة إلا في إطار الشرعية ، وهو ما عبر عنه القران بالإفساد في الأرض ( وإذا تولى يسعى في الأرض ليفسد فيها ويهلك الحرث والنسل والله لا يجب الفساد)، كما أوجبت عقاب المفسدين في الأرض ( إنما جزاءا لذين يحاربون الله ورسوله ويسعون في الأرض فسادا أن يقتلوا .. ) . وبناء على ما سبق فانه  لا صحة لاتهام بعض الغربيين لمفهوم الجهاد بأنه شكل من أشكال الإرهاب ، كما انه لا يجوز نسبه اى عمليه عسكرية إلي الجهاد ما لم تتوافر فيها ضوابط وشروط الجهاد الشرعية .
   

2 / الحركة اليوسفية .. ومناهضة بورقيبة             :
تمثّل الحركة اليوسفية تياراً قومياً في أهدافه، يتركز على شعار العروبة والإسلام كمرجعية ثنائية منغرسة في وجدان المجتمع .. تعود جذورها إلـى بدايات القرن العشرين حين تشكل الحزب الحر الدستوري سنة 1920، على يد الزعيم عبد العزيز الثعالبي ، الذي كان من أركان الإصلاح الاجتماعي والاقتصادي، والإصلاح الفكري الديني في تونس، وكان متشبثاً بالتراث العربي الإسلامي، كمصدر للتشريع، ومؤمناً بأن العرب أمة واحدة لا بد أن تتوحد. فقد كتب على سبيل المثال في مجلة الشهاب التي كانت تصدر في الجزائر في عدد تموز /  يوليو 1939 تحت عنوان " الوحدة العربية في طريق التحقيق" بقوله:   "الوحدة العربية كيان عظيم ثابت، غير قابل للتجزئة والانفصال، يشغل قسماً كبيراً من رقعة آسيا الغربية وشطراً من أفريقيا يمتد رأسه في الشرق من المحيط العربي، ويسير مغرباً غرباً إلـى المحيط الأطلنطي، ويضم في هذا الشطر نصف القارة الأفريقية"                            .
وقف الحزب الحر الدستوري القديم إلـى جانب صالح بن يوسف الذي أصبح يرى فيه معبراً عن تطلعات وأفكار الحزب الدستوري القديم ، ومدافعاً عن توجهاته ، والزعيم الكبير صاحب الرصيد النضالي القادر على أن يضاهي بورقيبة ، والوقوف بنديّة في وجهه. كما وقفت جامعة الزيتونة المدافعة عن الهوية العربية الإسلامية لتونس إلـى جانب صالح بن يوسف ، نظراً لعداوتها التقليدية لبورقيبة بسبب علمانيته وميوله الغربية السافرة                          .
انضم كبار الفلاحين الذين مكّنهم صالح بن يوسف من العبور إلـى " الاتحاد العام للفلاحة التونسية " إلـى الحركة اليوسفية، بهدف حماية مصالحهم أمام خطر النزعة العمالية الاشتراكية، التي كان يمثلها الاتحاد العام التونسي للشغل الذي تحالف مع الرئيس بورقيبة خلال فترة الانشقاق داخل الحركة الوطنية . وانضم أيضا قسم من جيش التحرير ( الفلاقة ) الذين لهم ميول عروبية مشرقية إلـى الحركة اليوسفية ، بهدف استعادة مكانتهم في معركة التحرير الوطني، واستعادة سلاحهم الذي جُرّد منهم على يد بورقيبة، ليحصد وحده ثمرة كفاحهم ويحصد تضحياتهم وما بذلوا من دمائهم وأرواحهم (21) .  
يعود البعد القومي العربي للحركة اليوسفية المدافعة عن الهوية العربية والإسلامية للبلاد ، إلـى المؤتمر الذي عقد في القاهرة عام 1947، وضم كافة حركات التحرر الوطني في المغرب العربي وتونس. وقد أنبثق عن هذا المؤتمر لجنة سميت "لجنة تحرير المغرب العربي في 5 كانون الثاني / يناير 1948، أسندت رئاستها إلـى الأمير محمد بن عبد الكريم الخطابي ، ونصّ ميثاقها فيما نصّ على أن المغرب العربي بالإسلام كان ، وللإسلام عاش ، وعلى الإسلام سيسير في حياته المستقبلية، والمغرب العربي جزء لا يتجزأ من بلاد العروبة وتعاونه في دائرة الجامعة العربية، على قدم المساواة مع بقية الأقطار العربية أمر طبيعي ولازم، والاستقلال المأمول للمغرب العربي هو الاستقلال التام لكافة أقطاره الثلاثة تونس والجزائر ومراكش .(22) 
ومن العوامل التي أسهمت إسهاماً فعلياً في تعميق البعد القومي للحركة اليوسفية، وبالتالي في إخراج المسألة الوطنية التونسية من حيزها القطري الضيق إلـى بعدها العربي، اندلاع ثورة 23 تموز/يوليو في مصر عام 1952 بزعامة عبد الناصر، التي شكلت نقطة انعطاف كبيرة في صعود الحركة القومية العربية إلـى واجهة الأحداث، من خلال تحقيق الاستقلال والجلاء، وتحرير الفلاحين من قيود الملاكين العقاريين الكبار وظلمهم، وتوسيع القطاع العام، وتأميم الرأسمال الأجنبي، والقضاء على البرجوازية الطفيلية، ومقاومة الهيمنة الإمبريالية، عبر مقاومة الأحلاف العسكرية. والدعوة إلـى الحياد الإيجابي، حيث شكل انعقاد مؤتمر باندونغ بإندونيسيا في نيسان / افريل 1955، حدثاً سياسياً هائلاً في كل العالم، حين شاركت فيه كل من الهند والصين ومصر ويوغسلافيا، وحين جسّد ذلك المؤتمر خطّاً سياسياً واضحاً يدعو إلـى مقاومة الاستعمار، ومساندة حركات التحرر الوطني في العالم، وخاصة في شمال أفريقيا، وبانتهاج الحياد إزاء الصراع السياسي والأيديولوجي بين الاتحاد السوفييتي والولايات المتحدة الأمريكية.
كان الزعيم صالح بن يوسف قد حضر مؤتمر باندونغ، الأمر الذي عزز حضوره السياسي كزعيم وطني، وعزز أيضا علاقاته مع عبد الناصر، وزعماء العالم الثالث آنذاك.
تبلور خط الحركة اليوسفية، باعتباره تياراً وطنياً وعروبياً يقوده الزعيم صالح بن يوسف، الذي استطاع أن يشق الحزب الحر الدستوري التونسي إلـى قسمين : الديوان السياسي بزعامة الحبيب بورقيبة، والأمانة العامة بزعامة صالح بن يوسف. وتلقت الحركة اليوسفية دعماً قوياً من جبهة التحرير الوطني الجزائرية بإمضاء محمد خيضر، ومن حزب الاستقلال المغربي بإمضاء علال الفاسي.
وانفجر الصراع بين جناحي الحزب الحر الدستوري الجديد في عام 1955، بسبب اتفاقيات 3 حزيران من العام ذاته، التي قاومها الشعب التونسي بكل فئاته وفصائله، حيث طلب بورقيبة مساندة القوات الفرنسية له فتمّ سحق الانتفاضة في ستة أسابيع                                 .
لقد أدرك بورقيبة أن التسوية السياسية مع الاستعمار الفرنسي هي مفتاح الحل للمسألة الوطنية التونسية، لذلك ضحى بالمقاومة المسلحة ( الفلاقة ) وعمل على تجريدها من السلاح ، لأنه يعلم أن استمرار المقاومة المسلحة ضد الاستعمار الفرنسي، يعني أن مركز الثقل السياسي سيميلبكل تأكيد لمصلحة الحركة اليوسفية التي تقود هذا الكفاح المسلح، والمتحالفة عضوياً مع الثورة الجزائرية.
وعلى الرغم من أن صالح بن يوسف حاول أن يحسم الصراع مع بورقيبة على أرضية سياسية، من خلال انعقاد مؤتمر تاريخي للحزب ليحسم الشعب الخلاف حول الاتفاقات، إلا أن بورقيبة بتحالفه مع الاستعمار الفرنسي ولجوئه إلـى القوة لحسم الخلاف مع خصمه، جعل بن يوسف يحتاج إلـى أسلوب المواجهة العسكرية أمام بورقيبة الذي هزمته شعارات العروبة والإسلام المتجذرة في أعماق نفوس الشعب التونسي. آنذاك استقطبت الحركة اليوسفية قيادات حركة المقاومة المسلحة في تونس، ومن بينها الطاهر الأسود باعتباره القائد العام لجيش التحرير التونسي، ومجموعات فدائية تتألف من عناصر تونسية وجزائرية مشتركة ومن أبرزها مجموعات رضا بن عمار بالعاصمة، عبد اللطيف زهير بالساحل التونسي، مصباح النيفر بالجنوب الشرقي، عبد الرحمن جابا الله في الجنوب الغربي، الطيب زلاق بالشمال الغربي. أما عن تقدير أعدادهم فيتراوح ما بين  600  و1500 رجل      .
وفيما كان بورقيبة يرى حل المسألة الوطنية التونسية في باريس عن طريق الارتماء في أحضان الغرب، ويرسم مستقبل تونس ضمن الدائرة الغربية المتوسطية، كان صالح بن يوسف يرى أن حل المسألة الوطنية التونسية يكمن في تعزيز التلاحم الكفاحي مع الثورة الجزائرية المسلحة من أجل تحرير كل المغرب العربي، وفي توطيد العلاقة مع القاهرة، حيث أصبح فيها عبد الناصر في تلك الفترة العدو اللدود للاستعمار عامة والفرنسي بوجه خاص، بسبب دعمه المادي والمعنوي للثورة الجزائرية، وفي رسم مستقبل تونس ضمن دائرة الانتماء للهوية العربية الإسلامية                                  .
نزلت الإمبريالية الفرنسية بكل ثقلها في المغرب العربي، لتعديل ميزان القوى لمصلحة بورقيبة، ولتحسم معركة حل المسألة الوطنية التونسية على أرضية الخط الذي يبقي تونس تدور في فلك الاستعمار الجديد. ولم تستطع الحركة اليوسفية المدعومة عربياً أن تصمد كثيراً في هذه المعركة غير المتكافئة. وكانت من نتيجة هذه المعركة بين التيار التغريبي الذي يقوده بورقيبة، والتيار الوطني العروبي الذي يقوده صالح بن يوسف، أن أدار نظام بورقيبة الجديد ظهره إلى المشرق العربي، وعمّق قطيعته مع الأمة العربية، وبلغ به الأمر حد قطع العلاقات مع "الجمهورية العربية المتحدة " بسبب لجوء صالح بن يوسف إلـى القاهرة وتدبيره من هناك محاولات لاغتيال الحبيب بورقيبة(23) .
إن عملية الاستقلال كما طرحتها الحركة اليوسفية، والتي تعني تشديد النضال المسلح ضد الجيوش الفرنسية على التراب التونسي، وإجلاء القواعد الفرنسية من تونس، ومواصلة الكفاح المسلح إلـى جانب الثورة الجزائرية، وتوحيد كامل المغرب العربي تحت راية العروبة، لم تكن مسموحة آنذاك، ولا هي مقبولة من الغرب. فقد كان ضرورياً لجيش الاحتلال الفرنسي أن يبقي المغرب العربي هامشياً تابعاً، وإن بصيغ جديدة من خلال التعامل مع النخب الحاكمة الجديدة، التي أنشأت علاقة قوية مع المراكز الإمبريالية الغربية              .
ومع هزيمة المعارضة اليوسفية، دخلت تونس مرحلة جديدة اتسمت بهيمنة نظام الحزب الواحد، والفكر الواحد، والرأي الواحد. فألغى نظام بورقيبة المظاهر الديمقراطية، التي حاول أن يتظاهر بها في البداية، ومنع تواجد الأحزاب، وقمع حرية الصحافة، وأغلق صحف المعارضة، والتجأ إلى استخدام الإغراءات، وإلى اعتماد أساليب الإرهاب والمطاردة والتصفية الجسدية، التي كان الزعيم صالح بن يوسف أول ضحاياها، حيث تمّ اغتياله على يد البشير زرق العيون، في مدينة فرانكفورت بألمانيا الغربية عام العناصر المشاركة فيها. وكان من بين المشاركين في الانقلاب وحكم عليه بالإعدام غيابياً الشيخ المسطاري بن سعيد، الذي توفي في دمشق في تموز/يوليو 1997  .  
هوامش :                
(21) المنجي وارده - جذور الحركة اليوسفية - المجلة التاريخية المغاربية - العدد 71 - 72 مؤسسة التميمي – زغوان ، تونس، أيار/ مايو، ص483)                                    .
(22)
محمد بن عبود ود.جاك كاني: مؤتمر المغرب العربي سنة 1947 وبداية نشاط المغرب العربي في القاهرة: عملية ابن عبد الكريم ص 7 - 30، المجلة التاريخية المغربية عدد 25 - 26، حزيران/يونيو 1982، تونس ص2 )
 23) ) انظر "الكتاب الأبيض" في الخلاف بين الجمهورية التونسية والجمهورية العربية المتحدة ، 1962 .
وبعد أن قام النظام البورقيبي بتصفية صالح بن يوسف اغتيالاً في ألمانيا الغربية، حدثت في تونس في نهاية عام 1962 محاولة انقلابية شارك فيها عدد من العسكريين والمدنيين المنتمين إلى المعارضة اليوسفية ، بسبب تفرّد بورقيبة بالسلطة وتنكّره للزيتونيين الذين لهم السبق في تأسيس الحزب على يد المرحوم الثعالبي، وإصرار بورقيبة على تجريد المقاومة المسلحة من أسلحتها دون طرح بدائل، وإقصاء المقاومين وغير ذلك من الأسباب                     ..
كان صاحب الفكرة المحورية في الانقلاب التيار الزيتوني، العروبي ( الإسلامي )، ومن أهم ممثلي هذا التيار داخل المجموعة الانقلابية الشيخين البارزين عبد العزيز العكرمي (أستاذ اللغة العربية في جامع الزيتونة، وأحمد الرحموني ( خريج جامع الزيتونة ) ، إضافة إلى إبراهيم طوبال ( من لجنة تحرير المغرب العربي ) ، والأزهر الشرايطي(24) ( القائد العام لجيش التحرير الوطني ) ، وعز الدين الشريف (مدرس/خريج جامع الزيتونية )  . 
كانت هذه المحاولة الانقلابية فرصة جديدة للنظام البورقيبي الذي أراد أن يبرهن من خلال استغلالها على " قوته وجديته". وكان حصاد هذه المحاولة إعدام أغلب أصدرته الدولة للشؤون الخارجية للجمهورية التونسية في كانون الأول/ ديسمبر 1956 .
(24)
 التحق الأزهر الشرايطي سنة 1952 بالمقاومة المسلحة ضد المحتل الفرنسي وكان أحد قادة ثورة 1952 إلى جانب الطاهر الأسود مساعداً أولاً للقائد العام والساسي الأسود مساعداً ثانياً ، ومحجوب بن علي وعبد العزيز بن حسن والعجيمي بن المبروك وعمار سلوغة وهلال الفرشيشي وعلي الصيد ومصباح الجربوع والبرني البناني والطيب الزلاق، لكن بعد تاريخ حافل بالبطولات سلّم الشرايطي ومن معه سلاحهم يوم 8/12/1954، ما عدا الساسي الأسود فقد رفض تسليم سلاحه، وأحيل على المحكمة العسكرية التي أصدرت عليه يوم 17/1/1963 مع 12 آخرين الحكم بالإعداد ونفذ فيهم بعد أسبوع.   










العصافيرُ مدّت مناقيرها في اتّجاه النشيد وقلبي ..
أنا الأرض
والأرض أنت
خديجةُ ..! لا تغلقي الباب
لا تدخلي في الغياب
سنطردهم من إناء الزهور وحبل الغسيل
سنطردهم عن حجارة هذا الطريق الطويل
سنطردهم من هواء الجليل .. 



 في سنوات الخمسينات والستينات ، نجحت الحركة القومية العربية في الوصول إلى السلطة في بعض البلدان العربية. حدث ذلك بعد فترة قصيرة على نشوئها التنظيمي والسياسي لا تكاد تتجاوز جيلاً واحداً. الأمر الذي يستفاد منه أنها كانت أكثر تنظيماً من غيرها من الحركات السياسية الأخرى كالأحزاب الشيوعية والحركة الإسلامية (“الإخوان المسلمون”، “حزب التحرير”، “حزب الدعوة”..) على أن عاملاً آخر ساعدها في هذا الانتقال السريع من الحركة إلى السلطة هو توسلها بالمؤسسة العسكرية لإحداث التغيير في النظام السياسي. وحين نتذكر بأن هذه المؤسسة هي الأكثر تنظيماً وانضباطية وفعالية في مؤسسات الدولة والمجتمع، وهي التي تملك وسائل القوة اللازمة لتغيير التوازن الاجتماعي والسياسي، أدركنا لماذا حصل لجوء الحركة القومية إلى اسلوب الانقلاب العسكري لحيازة السلطة .
 بدأت التجربة في مصر، مع تنظيم “الضباط الأحرار” في 23 يوليو ،1952 واستأنفت مع حزب البعث” في سوريا والعراق بعد سنوات (،1958 ،1963 1968). لم يكن تنظيم “الضباط الأحرار”، الذي أسسه جمال عبد الناصر، حزباً قومياً ولا فرعاً من حزب قومي .  
كان خليطاً من الضباط المتباينين فكراً: من المتأثر بالإخوان، إلى المتأثر بالليبرالية، إلى المتأثر بالماركسية، جمعتهم الوطنية المصرية ومرارة هزيمة 48 والفساد والرغبة في التغيير. أما الفكرة القومية، فتبلورت لاحقاً في تجربة السلطة، لا بصفتها فكرة عقائدية، بل بما هي حاجة موضوعية حتى بالنسبة إلى الأمن الوطني المصري. يختلف الأمر في حالة “حزب البعث العربي الاشتراكي”. فهو حزب عقائدي يقوم على فكرة الأمة الواحدة وحقها القومي في وحدة كيانية، ووصوله إلى السلطة في سوريا والعراق ما كان بهدف البقاء في سوريا والعراق بل لغاية وحدوية أعلى (أو هكذا كان الأمر ابتداء). كانت الفكرة القومية تأسيسية في مشروعه ولم يلتق بها في تضاعيف تجربة السلطة مثل عبد الناصر. رأى خصوم عبد الناصر و”البعث” في طريقة وصول الأخيرين إلى السلطة انقلاباً وجادلوا في تسميته ثورة. وكان واضحاً ان اسقاط صفة الثورة عن التغيير الذي حدث إنما هدفه اسقاط الشرعية السياسية عنه والايحاء بأنه شكل من الاغتصاب غير المشروع  للسلطة أو انه على الأقل ليس تغييراً سياسياً حقيقياً للأوضاع.
لكن عبد الناصر و”البعث” لاحقاً أثبت أن ما حصل من تغييرات في البنى الاقتصادية والاجتماعية كان ثورة بجميع المعايير. وحين يستعيد المرء اليوم فقرات برنامج البناء الاقتصادي والتنموي الذي نهضت به الأنظمة المستندة إلى الفكرة القومية والنظام الناصري خاصة يدرك إلى أي حد كان ذلك التغيير في بنى المجتمع شاملاً. فمن سياسة الاصلاح الزراعي (توسعة الأرض المزروعة، تحديد الملكية وتمليك الفلاحين..)، إلى التصنيع ، إلى تأمين القطاعات الاقتصادية الاستراتيجية ، إلى سياسات إعادة توزيع الثروة والحد من الفوارق الطبقية الفاحشة...، كانت صورة بعض البلدان العربية تتغير فعلاً وتدخل إلى العصر باسم المشروع القومي.   إذا أضاف المرء إلى ذلك كله، ما كان من هذه الأنظمة من سياسات استقلالية في المنطقة، والانخراط المستمر في الصراع العربي الصهيوني وتحمل أكلاف ذلك منفردة ، ودعم حركات التحرر الوطني في المغرب العربي واليمن وإفريقيا . والتحالف مع “ المعسكر الاشتراكي العالمي، وتبني سياسة الحياد الايجابي لتعـزيز الاستقلال الوطني، وخوض تجربة التوحيد القومي ولو لفترة زمنية قصيرة ولكن (كانت) واعدة..، اجتمعت الأسباب كافة للقول إننا ما كنا في حال تلك النظم السياسية وطريقة قيامها أمام انقلاب عسكري، وإنما أمام ثورة ، صحيح انها تمت من طريق الاستيلاء العسكري على السلطة وليس من طريق ثورة شعبية ، لكن نتائجها السياسية والاجتماعية والاقتصادية هي عينها نتائج أية ثورة ، مع فارق ذي اعتبار هو ان التبديد الذي تعرضت له هذه المكتسبات ، في ما بعد ، ما كان ليحصل بالسهولة واليسر اللذين حصل بهما لو أتت السلطة الثورية من ثورة شعبية أو من صندوق الاقتراع ..  من النافل القول إنه في باب المصادفات السياسية السيئة أن القوميين العرب وصلوا إلى السلطة على ظهور الدبابات وليس من طريق حامل اجتماعي شعبي . ولكن أياً يكن أسلوب حيازتهم للسلطة ، في ذلك العهد ، وعلى الرغم من حيثيته اليوم بل ومن أثره في انتكاس تجربتهم ، فإن الكم غير اليسير من المكتسبات السياسية والتنموية التي أنجزوها، يضفي الكثير من أسباب الشرعية على السلط التي أقاموها في بعض البلاد العربية . وهي شرعية مضاعفة للحركة القومية وللفكرة القومية اللتين أقامتا دليلاً على أنهما ممكنان تاريخيان لا حالة طوباوية ..
مشكلتنا إيه ؟ احنا شعب طرد من بلده .. عايزين إيه ؟ عايزين نرجع لبلدنا .. يبقى إيه ؟ يبقى نحارب من أجل الرجوع إلى بلدنا ... هل نحارب ارتجالاً ؟ لأ ..  يجب ان احنا نقدّر ونجهّـز ونستعد ، ونواجه إسرائيل ومن هم وراء إسرائيل ... "/ الزعيم الراحل جمال عبد الناصر.