الموقف
العربي العدد 61 ـ ماي 1985 .
عصمت
سيف الدولة يتحدث عن :
ـ اتفاق
حكومة الأردن لا ينسب الى الشعب الاردني ، واتفاق بعض قادة "فتح" لا
ينسب الى الشعب العربي الفلسطيني ..
ـ لقد استطاعت الصهيونية أن تتسلل الى عقول بعض العرب
فأصبحوا عربا صهاينة ..
ـ ما هو قائم في لبنان أرى فيه الثورة العربية في مراحل
انتقالها من الصيغة الفلسطينية الى الصيغة القومية ..
أجرى
الحوار : عبد الحليم قنديل .
ربما تختلف
مع بعض ما يقوله الرجل ، لكنك لا تملك
أن تنكر عليه جدية إسهامه في تطوير فكر الثورة
العربية ، ولا تستطيع أن تنكر عليه نفاذ بصيرته وسلامة مواقفه في
حدودها الإجمالية ..
.. ومبكرا ، حذر
المفكر القومي الكبير د.عصمت سيف
الدولة من المأزق الراهن للنضال
الفلسطيني وأكد أن منظمة التحرير تتقدم على الطريق المسدود في وقت لم
ير فيه الكثيرون غير علامات الصعود السياسي
والعسكري للمنظمة .. !!
.. سألت الدكتور عصمت سيف
الدولة :
* الاتفاق الأردني ـ
الفلسطيني حلقة جديدة في سلسلة التسوية السياسية للصراع العربي
الصهيوني ، من منظورك
كيف ترى الاتفاق وتقيمه ؟
* أريد أن أصحح أولا
بعض التعبيرات
التي جاءت بالسؤال أو بالأحرى أن أحدد فهمي له ، فأولا الاتفاق الأردني ـ
الفلسطيني ليس اتفاقا أردنيا ـ فلسطينيا ، ولكنه اتفاق بين حاكم الأردن
وبعض الفلسطينيين .
إني أعتبر هذا التحديد
على أكبر قدر من الأهمية ، ذلك لأنه قد آن الأوان في رأيي بأن تفرز القوى وأن
تتحمل كل قوة
مسؤولية مواقفها ، وان ترغم ـ إذ لزم الأمر ـ على أن تتحمل هذه المسؤولية وذلك
بعدم السماح لها بالاختفاء
وراء تعبيرات قد تصدق عليها وعلى غيرها
من القوى المختلفة معها .
فاتفاق حكومة الأردن لا ينسب للشعب الأردني ، واتفاق بعض قادة
"فتح" لا ينسب الى الشعب العربي
الفلسطيني .
وفي هذا السياق لم تعد كلمة ( العربي ) تعني شيئا محددا خاصة في معركة تحرير
فلسطين من الغزو الصهيوني ، ولكن هناك هويات أكثر تحديدا وأوضح دلالة
على المواقف
المتناقضة للقوى ( العربية ) ، ولا يجب أن نستمر في السماح بخلط
الأوراق بعد أن سمحنا لها بأن تختلط زمنا طويلا . نعم كلنا عرب ولكن لا يجب أن
ننسى قط أنه حتى الخونة
عرب ، والمستغلون عرب ، والعملاء عرب
، وأبطال التحرر عرب أيضا .. !!
إن التجربة
التاريخية المرة على مدى نصف قرن قد أثبتت لكثيرين ، ثم أسفرت للكافة
عن الفارق النوعي بين الصراع ضد الصهيونية
والخلاف مع إسرائيل . إنهما معركتان
متميزتان ، بل أصبح واضحا
أنهما متناقضتان في المنطلقات
والغايات والأساليب والقوى .. باختصار إن معركة الصراع ضد الصهيونية
تنطلق من وحدة الأمة
وتستهدف دولة الوحدة .. أسلوبها الثورة العربية الشاملة التي يقع في نطاقها
استرداد أرض فلسطين
لحساب مشروع الوحدة
، هذا الصراع قوته الأساسية
هم القوميون
في الوطن العربي وليس مجرد العرب
، وفي هذه المعركة لا محل لما يسمى التسوية
السياسية أصلا ، وفيها أيضا تسخر السياسة وفنونها وتكتيكاتها لخدمة
الثورة ..
أما المعركة الأخرى معركة الخلاف
مع إسرائيل فهي تنطلق أساسا من قبول الوجود الصهيوني في فلسطين
، وتختلف فقط حول الحدود وتستهدف اقامة دولة فلسطينية
وليس أبعد من ذلك ، وتساوم سياسيا من أجل توسيع رقعتها .. هذه المساومة التي أخذت أشكالا متعددة
فكرية وسياسية
وقتالية في بعض الأوقات هي التي تسميها في سؤالك " سلسلة التسويات
السياسية " ، اذ في نطاق الخلاف والمعركة الخلافية توضع البندقية
في خدمة الهدف السياسي
..
هذا ما أعتقده وأراه وهي رؤية قديمة
ما تزال الأحداث تثبت صحتها . المهم أن يختار كل واحد منا معركته ، وألا يترك للقوى
الإقليمية المشتبكة في معركة الخلاف مع إسرائيل أن تختلط بالقوى
القومية المشتبكة في معركة الصراع
ضد الصهيونية .. ولست في حاجة للقول أنني أنتمي للقوى المشتبكة في
معركة الصراع ضد الصهيونية . وبالتالي لست في حاجة للقول بأن الأمة العربية
بكل جماهيرها وفي كل أقطارها لم تكن في أي يوم طرفا في التسوية
السياسية وليست طرفا في الاتفاق الذي نسميه " الأردني ـ الفلسطيني
" . إن هذا الاتفاق لكونه يجئ من أجل تحقيق مكاسب في تسوية الخلاف مع
إسرائيل يقع في معسكر القوى
الإقليمية في الوطن العربي ..
من هذه الناحية ـ وقد تندهش
ـ فأنا سعيد بالاتفاق ، فقد كشفت فيه بعض القوى التي طالما حسبت نفسها على الأمة العربية
عن أنها أكثر إقليمية من الإقليميين . وبالتالي ساهمت حتى بدون أن تدري في تنقية الحركة
القومية من الشوائب
الإقليمية ..
* لوحظت حالة من
التمايز في مواقف قوى المعارضة المصرية بصدد الاتفاق الأردني ـ الفلسطيني
، " فقيادة العمل " و
" قيادة التجمع " أيدتا الاتفاق
، فيما عارضه " الناصريون
" وأقسام من " الشيوعيين " ، هذا التمايز الحادث في المواقف .. هل
هو محض التباس
تكتيكي أم أنه تعبير عن خلاف جوهري
في الاتجاهات والرؤى الإستراتيجية بشأن المسألة الفلسطينية ؟
* لست أريد
وما ينبغي لي أن أحاكم من أختلف معهم من المعارضين أو غير المعارضين ، ولست أريد
أن أسلم بدون تحفظ على ما تنسبه الى "حزب العمل" أو "حزب التجمع"
أو "الناصريين"
، فعلى قدر علمي ليست المواقف موحدة في أي من هذه الأحزاب أو الجماعات
.. إنما بالقطع هناك تمايز في المواقف وهذا هو الايجابي . أعني أنه من المفيد
لمجمل الحركة
السياسية في مصر أن تعلن المواقف
وتتمايز تمهيدا لإكمال أروع ظاهرة في الوطن
العربي وفي مصر خاصة بدأت منذ عشر سنوات ، أعني بها ظاهرة فرز القوى ..
ولعلك تذكر أنني في عام 1980
نشرت في نشرة "التقدم"
التي كان يصدرها "حزب التجمع" مقالا بعنوان (الخروج من المستنقع أولا) ،
كان ذلك أيام حكم السادات ، وكانت الدعوة الى تكوين جبهة للمعارضة
نشيطة وكان لي نصيب في نشاطها .. وكان من ناتج خبرتي بقوى المعارضة
ذلك الوقت ما لاحظته من أن الكثيرين من المعارضين لا يريدون أن يفصحوا
عن أهدافهم الإستراتيجية من بعض القضايا القومية والوطنية مكتفين باللقاء على المستوى
التكتيكي أو المرحلي . وكان هذا الإخفاء هو العقبة
الأساسية التي حالت دون تكوين الجبهة
في ذلك الوقت ، فكانت مقالتي حديثا
الى قوى المعارضة بأن تفصح كل قوة منها عن أهدافها الإستراتيجية حتى يمكن لها أن تلتقي
في جبهة على المستوى التكتيكي أو المرحلي
لقاء ( على نور ) .. أي يعلم أصحابه أنه لقاء مؤقت
الى أن يحققوا غايتهم المرحلية
المشتركة ، واستعملت تعبير ( الخروج من
المستنقع ) استعارة من تاريخ الثورة الفرنسية حيث كانت تطلق كلمة "المستنقع"
على الموقف الوسطي
غير الملتزم استراتيجيا ، فالتمايز الحادث الآن والذي أتمنى أن يزداد وضوحا هو
ظاهرة صحية لا يقلل من قيمتها ما كشفت عنه من أن بعض الأشخاص قد خرجوا
من مستنقع الموقف الوسطي الى مستنقع الاعتراف بإسرائيل ..
لقد استطاعت الصهيونية أن تتسلل الى عقول
بعض العرب فأصبحوا عربا صهاينة .. إذ الفيصل
المميز للصهيونية هو الاعتراف
بأن لها حقا تاريخيا في أرض فلسطين
وترجمته السياسية هي الاعتراف
بإسرائيل ..
* حذرتم مبكرا من
تقدم منظمة التحرير على الطريق المسدود ، والآن كيف ترى خريطة النضال
الفلسطيني في ظل الانقسام الراهن ؟
* في رأيي أن مرحلة
النضال
الفلسطيني قد انتهت . أعني أن النضال من أجل تحرير فلسطين
في صيغته الفلسطينية قد بلغ السد الذي حذرنا منه منذ 1968 ، وأن الثورة تتجاوز
الآن إطارها
الفلسطيني لتدخل مرحلة جديدة في طريقها لتكون ثورة عربية ، وتتجسد هذه
المرحلة الانتقالية
فيما هو مشتعل الآن في جنوب لبنان والذي لا اشك لحظة واحدة في أنه سيمتد الى أقطار أخرى
..
أما ما تسميه الانقسام ، فان قسما ما يزال متمسكا بالفلسطينية
.. ولما كان قد أدرك السد دون الثورة ، فقد تحول الى مسلسل التسوية السياسية ..
أما القسم الآخر فان مصيره ما يزال غامضا ويتوقف على إدراكه أن الثورة الفلسطينية
من عمر الثورة العربية قد أعطت كل إمكانياتها ، وأن المسألة ليست مجرد أخطاء شخصية
بحيث تصحح بأن يحل أشخاص محل أشخاص ، ولكنه واقع موضوعي
ذو أصول تاريخية
يحتم ألا تتحرر فلسطين
إلا في نطاق ثورة عربية شاملة تستهدف الوحدة
العربية بعد التحرير ، فان أدرك هذا القسم (المناوئ لعرفات) متطلبات
المرحلة التاريخية
القادمة فان مصير حركته سيرتبط عضويا بالمرحلة القادمة من الثورة
العربية ، أما إذا لم يدرك هذا فان مصيره ومصير حركته لن يكون أكثر جدوى
من مصير القسم الأول ..
إن هذا كلام وجهناه الى "منظمة فتح" عام 1968 وما يزال صحيحا
لأنه ما يزال صحيحا فشل القوى
الإقليمية في معركة تحرير فلسطين
، وأن أية قوة ما دامت إقليمية فهي تسير شاءت أم أبت على طريق مسدود ..
* ما بعد منظمة
التحرير أو ما تسميه المرحلة القادمة في النضال من أجل تحرير فلسطين ، ما أساليبها
وأدواتها ؟
* منذ ربع قرن وأنا
أدعو الى أن التنظيم القومي هو آداة قيادة الجماهير العربية
من منطلق وحدة الأمة
الى هدف دولة الوحدة
. ولكن التنظيم القومي ليس استجابة ذاتية لدعوة ما ، بل إن له مضامين موضوعية لا
تنشئها إحدى الدعوات إذا لم تكن متحققة في الواقع .
المضمون الموضوعي اللازم لقيام التنظيم القومي غير قابل للاكتشاف إلا إذا قام التنظيم
القومي فعلا ، أعني على وجه التحديد
أنه مهما تكن الرغبة في إنقاذ الأمة العربية
ومهما يكن فهم مشكل إنقاذها صحيحا ، ومهما يكن التنظيم
القومي هو الحل العلمي الصحيح ، فان عدم قيام تنظيم قومي حتى الآن يعني
أن طلائع الشعب
العربي لم يصلوا بعد الى درجة من نضج الوعي والمقدرة على الحركة
المنظمة تؤهلهم موضوعيا لتحمل مسؤولية بناء التنظيم
القومي .. ربما لأن البدائل الإقليمية وما تثيره من أوهام الانتصار ما
تزال معروضة بكثافة تختلط بأمل النصر المعقود للتنظيم القومي ، بالرغم من أن الشعب
العربي يلمس كل يوم تساقط هذه البدائل في ميادين التحرر أو التقدم أو التنمية أو
حتى الأخلاق
، كأنه يبدو أن ثمة بدائل ما تزال عالقة بوعي الشعب
العربي تزاحم الحل القومي .. من هنا أعتقد
أن ما يسمونه الانهيار العربي أو المأزق العربي
وكل المآسي الدائرة على الأرض العربية الآن تساهم في إسقاط المزيد من البدائل
الإقليمية . وعندما تقتنع طلائع الشعب العربي بالا بديل عن التنظيم
القومي ، سيقوم التنظيم القومي .. أما قبل ذلك فانه لن يقوم إلا مصطنعا
، وعندما يكون التنظيم مصطنعا لا يكون قوميا
، فلنصبر مع الصابرين ، ولندعو مع الدعاة ثم لنترك الشعب العربي
يختار آداته ..
* الحوار لغة مطروحة على الساحة ، ألا
تعتقد بجدوى هذه اللغة في بناء التنظيم
القومي (آداة المرحلة القادمة في
النضال من أجل تحرير فلسطين) انطلاقا من التعددية
القائمة في صفوف القوى القومية
التقدمية ؟
* الحوار مفيد
دائما من حيث هو البديل عن الهجر والعزلة . والحوار هو الجدل
الاجتماعي .. والجدل الاجتماعي هو القانون العلمي لاكتشاف حقيقة
المشكلات وحلولها الصحيحة
، ولا ينال من فاعلية هذا القانون إلا أن بعض ما يسمى (حوارا) لا يكون لا بحثا عن
الحقيقة ولا بحثا عن حل ، ولكن محاولة تجنيد أو استقطاب
أو تخريب أو حتى اكتشاف لحساب قوى يهمها أن تعرف مواقف الآخرين تحت ستار الحوار ..
أما باقي السؤال فيوجه الى أصحابه
أو من تسميهم بالقوى
القومية التقدمية المتعددة ، فهو تعبير لم أفهمه قط .. فأنا لا أفهم
القوى القومية التقدمية إلا مصوغة في تنظيم قومي ، بمعنى أنه قبل ذلك قد يوجد قوميون
تقدميون ، أما أن يتحولوا الى قوى قومية تقدمية ويبقوا متعددين فهو
تناقض واقع على مستوى مفهوم القومية
التي هي وحدة في جوهرها ، هذا بالإضافة الى أنني في الواقع قد اكتفيت
وما أزال مكتفيا بدور الداعية وبالتالي فاني أكاد أكون معدوم الخبرة
بجدوى أو عدم جدوى الحوار
بين القوى
المتعددة على إنشاء تنظيم واحد
..
وأكاد أقول أن الخبرة العالمية لا تؤيد الآمال المعقودة على الوحدة بين القوى
المتعددة من خلال الحوار ، فخلاصة
التجربة الإنسانية كما أعيها هي أن الحوار بين القوى المتعددة يؤدي
بنجاح الى تكوين جبهة أما الوحدة فلست أرى في التاريخ
كله مثلا واحدا لها ..
* في الواقع العيني
الملموس هل ثمة مؤشرات ومفردات ترسم اتجاها عاما يؤشر التحول نحو المرحلة القادمة في النضال
من أجل تحرير فلسطين
( مرحلة الثورة العربية الشاملة ) ؟
وأنا مقتنع بأنه إذا تعاملنا مع الواقع العربي
كما هو بدون مثالية من حيث هو واقع مجزأ تجزئة طال بها الزمن
وتعلقت بها مصالح الإقليميين
، وتحرسها قوى دولية ، فان الثورة
العربية ستكون المرحلة الأخيرة من سلسلة ارهاصات ثورية
، وثورات تنفجر في مواقع الضعف
الإقليمي وما تنفك تتسع وتتنامى الى أن تصبح على قدر من الشمول في المنطلقات
وفي القوى مع الاحتفاظ بوحدة الغاية والآداة .. وهذا يعني أن نحرر أوهامنا من توقع
ثورة شعبية تجتاح الأقطار
العربية مرة واحدة أو ثورة شعبية تستولي على قطر
منها وتستعمله لاجتياح بقية الأقطار على الطريقة
الباسماركية ..
بناء على هذا رأيت أنه ما إن تحولت ثورة
يوليو من ثورة مصرية
الى ثورة قومية
حتى امتدت الثورة للأقطار الأخرى ولا أقول قامت ثورات أخرى في تلك الأقطار ، وكانت
فلسطين
المغتصبة هي المفجر ولم يكن مصادفة أنه كلما امتدت الثورة
الى أحد الأقطار اتخذت من فلسطين
ذات الموقف الثوري
، ثم بدأ الانحسار بعد سنة 1987 عندما هزمت ثورة يوليو في معركتها ضد الصهيونية
، وانكمشت الثورة العربية واحتمت بالإطار الذي لم يكن أحد يجرؤ على إنكاره عليها أعني
به ( الاطار الفلسطيني ) ، وقد بارك أعداء الأمة هذا الإطار في بدايته
لأنه لم يروا فيه إلا ثورة فلسطينية
ولكن كنت أرى غير ذلك .. كنت أرى أن التصميم على استمرار الثورة
حتى النصر لن يلبث أن يحولها الى مسارها الصحيح نحو ثورة عربية
، أي أن تسترد من خلال النضال
هويتها القومية .. من تلك الرؤية حذرت من المراهنة
على النصر في المرحلة
الفلسطينية
تحذيرات نشرت تحت عنوان (التقدم
على الطريق المسدود). والآن نحن في مرحلة ما بعد السد ، وبالرغم من خروج أغلب
القوى الفلسطينية من ساحة الثورة استمرت الثورة في الإطار المسمى بالوطن المتجسد
الآن في لبنان
والمميز له أن ليس كل الثوار في لبنان لبنانيين وليست صفوف الثوار في لبنان مغلقة
دون الشباب العربي
.. الشباب القومي . وغدا أو بعد غد ستستمر الثورة
في أقطار أخرى حائمة دائما حول موقع تفجيرها في فلسطين
، عاملة دائما على أن تكسب في ميدان
فلسطين في جميع الاتجاهات مزيدا من العمق الاستراتيجي
، ومن يعش غدا أو بعد غد سيرى أنه سيعيش
مرحلة الثورة
بدون أن يعرف حتى متى اشتعلت وكيف أصبحت ثورة قومية
.. هو تراكمات الفعل الثوري
على الساحة العربية
ووحدته بالرغم من العزلة الإقليمية .. إن هذه رؤية لا يستطيع أن يراها واضحة إلا
من يرى الأمة العربية واحدة .. ومادة الثورة واحدة وليست التجزئة إلا عقبات ،
وهكذا أنا أرى ..
* ولكن هذه الرؤية
فيما يبدو تقفز فوق طبيعة الفعل البطولي
القائم في جنوب لبنان ، فالفعل
اللبناني كما تؤكد الظواهر حالة مقاومة وليست حالة ثورة بمعنى عدم
امتلاكه وانضباطه على المبدأ الصحيح والإستراتيجية الصحيحة
والتكتيك الصحيح
من منظور الثورة العربية الشاملة .
* هذا رأيك ، وهو
رأي يقفز فوق
البعد الزماني لتطور الثورة العربية ، فأنت تقيس ما هو قائم في لبنان حاليا على خصائص الثورة
العربية في مرحلة اكتمالها فتراه قاصرا
، أما أنا فأرى فيه مرحلة الثورة العربية في مرحلة انتقالها من الصيغة الفلسطينية
الى الصيغة القومية
فأراه أكثر اكتمالا من الصيغة
الفلسطينية وأقل اكتمالا بالضرورة من الصيغة القومية لأنها مرحلة من
ثورة لها خصائصها
التي لا تكتمل إلا من خلال حركة تطور على مدى زماني معين
..
الدليل على ذلك أن ما تملكه الثورة في مرحلتها الحالية من العناصر التي
تنسب إليها القصور فيها هي أكثر تطورا مما كانت تملكه الثورة
في المرحلة السابقة .. أما أن الثورة
في مرحلتها الحالية في لبنان هي مقاومة وليست ثورة فأرجو أن يكون واضحا أن كل ثورة
هي مقاومة .. والثورة
العربية في مراحلها جميعا ستكون مقاومة للاستعمار
من أجل التحرر وللتجزئة من أجل الوحدة وللاستغلال
من أجل الاشتراكية .. إنها مقاومة
للقهر في جميع أشكاله ، ولهذا فهي ثورة
..
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق