بوصلة لا تشير الى القدس مشبوهة

بوصلة لا تشير الى القدس مشبوهة
مدونة الفكر القومي التقدمي

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الأحد، 27 أبريل 2014

الفضل على الخاصة و العامة ..



يتعلق الناس ببعض الزعماء المخلصين الذين ساهموا في تحرير أوطانهم من الاستعمار ، أو الذين عملوا بصدق للنهوض بشعـوبهم ، وعملوا على اخـراجهم من الجهل والتخلف .. فتراهم يرفعون صورهم  ويردّدون مقولاتهم ، ويذكـرونهم في مناسباتهم ، وكلها مظاهر تدلّ على تعـلق هؤلاء الناس بهؤلاء الزعماء ، وعلى رأسهم الزعـيم الراحل جمال عبد الناصر الذي نراه حاضرا بعد أكثر من أربعـين عاما عن غـيابه !.. غـيـر أن البعض الآخر يستكثـرون عليهم كل ذلك الاعـتـراف ، ويعـتبـرونه بمثابة العبادة والتقـديس .. !! فأين يقف الدين من كل هذا ؟ 
قال تعالى : ( ولا تهـنُـوا وَلا تحْــزَنُوا وَأَنـتـُمُ الأَعْـلـوْنَ إِنْ كُـنـتـمْ مُؤْمِـنِـيـنَ )  ( آل عمران 139 ) . هذا هو ديننا . الذي تعلمه اسلافـنا وأجدادنا وحملوه اليـنا بتلـك المعاني والمبادئ الخالدة . وترجمتها في عصرنا أن لا حرية بدون أحرار و لا عـزة بدون مؤمـنـيـن يؤمنون بانهم الاعلون فلا يشعـرون بالهوان والذلّ . وتلك مبادء و قيم نبيلة يعمل كل مؤمن بحق أمته في الحياة الكريمة على تـرسيخها في المجـتمع كما دعـت اليها جميع الاديان السماوية . وكما دعـت اليها شريعـة الاسلام  السمحاء .. على المؤمن بها أن يأخذها حيثما وجدها .. يأخذها من القرآن والسنة ، أومن أفواه الصحابة والتابعـيـن ، أومن الـزعماء والمفكرين ، ومن كل من يستـلهم شيئا في الأمة للنهوض بها مثـلما فعـل الزعـيم الرّاحل جمال عبد الناصر .. 
 فاذا كان عبد الناصر أحد أبناء هذه الأمة الذي عاش يجاهد من أجل عـزتها وكرامتها واصلاح شأنها فلماذا لا يذكره الناس ، ويذكـرون  فضله ؟ 
الا يردّد المؤمن كل يوم  " السلام علينا و على عباد الله الصالحين " عشـرات المرات ؟ فهذا جمال عبد الناصر واحد من الرجال الصالحين في هذه الأمة الذين أفـنـو أعمارهم  للدفاع عـنها والنهوض بها ، ولا تزال أقواله  تعـبّـر بصدق عن همومها ، وعن سبيل عـزتها . ثم ان الاعـتـراف بالفضل يُـعـتـبـر أمرا الهـيـا صريحا كما جاء في الآية 237 من سورة البقرة حينما امرنا الله قائلا : ﴿ولا تـنسَـوْا الْفـضْـلَ بَـيــنَـكُـمْ ) ، وكما  قال صلى الله عليه و سلم : " لا يعـرف الفضل لأهل الفضل إلا أهل الفضل " . وقال أيضا : " ومن أسدى إليكم معـروفا فكافـئـوه فإن لم تجدوا فادعوا الله  له حتى تروا أنكم كافأتموه  ". وقد كان صلى الله عليه وسلم يحث الناس على شكر من أحسن اليهم حينما قال : " لا يشكر الله مَنْ لا يشكر الناس" ..
وهكذا فاذا كان هذا ما يستحقه العـبد من اعـتـراف اذا كان صاحب فضل على الخاصة ، فان ما يستحـقه عبد الناصر هو ما تفعـله الجماهـيـر وزيادة ، باعـتـباره صاحب فضل على العامة ..  والله أعلم . 

 ( نشرية القدس العدد 121 ) .

مشروع كيسنحر في الوطن العربي ..



سادت منذ منتصف السبعينات نظرية هـنـري كيسنجـر التي عُـرفت باسم " الخطوة خطوة " فاعتمدتها اسرائيل مدعومة من الولايات المتحدة لكي تفـتـّـت الوطن العـربي وتستـفـرد بالدول العـربية الواحدة تلو الاخرى ..  
وتهدف الخطة الاستراتـيجـية لهذا المشروع  الى ضرب التيار العـروبي وذلك بدعم الحركات الدينية على اختـلاف مراجعها العقـائدية كما وقع في مصر خلال السبعـينات .. كما تهدف الى اشعال الحروب الطائفـية في الوطن العـربي  بين جميع المكوّنات الدينية والعـرقية : صراع المسلمين والمسيحيين ، صراع السنة و الشيعة ، صراع السنة والدروز ، صراع السنة والعـلويين ، صراع السلفـية والصوفـية ، صراع ابناء الطائفة الواحدة  حول مسائل ثانوية  مثل الـزعامة ، أو بسبب اختلاف في الاجتهاد .. صراعات عـرقية يقودها الأكراد أو البربر ... وهكذا يتحقـق لهم أمرين هامين  :
 - تفـتـيت المجتمع العربي دون خسائر يتكبدونها  .

 - الهاء العـرب عن عدوّهم الحقيقي الذي سيتفـرّغ للتقدم والبناء ، بينما ينهمكون  هم في الاقـتـتـال حتى يدمّـروا بعضهم البعض .
.. 

ولقد تمّ تنفيذ هذه الخطة فعلا بمباركة دول عـربية منها السعودية وقطـر ، وأحزاب وحركات رجعية متمثلة في الحركات الدينية ، التي قادت الأمة الى مشروع الاقتتال الداخلي والفتن مثلما يحدث الآن في سوريا و العراق و اليمن و ليبيا  .. 

 ( نشرية القدس العدد 121 ) . 

شهداء تونس في فلسطين ..



1 - الشهيد البطل عمران بن الكيلاني المقدمي : من مواليد المظيلة ، مدينة قفصة 1962 و هو فنّي في التركيب الميكانيكي ، استشهد في 26 / 04 / 1988 في عملية بطولية باصبع الجليل شمال فلسطين المحتلة ردّا على اغتيال القائد الفلسطيني أبو جهاد .
2 - الشهيد البطل ميلود بن ناجح نومة : أصيل منطقة سيدي مخلوف و لاية مدنين ، استشهد هو ورفيقه السوري خالد الاكر في عمليات الطائرات الشراعية المشهورة ، شمال فلسطين في 17 / 11 / 1987
3 - الشهيد البطل فيصل الحناشي : من مواليد ولاية قابس وهو طالب بكلية  العلوم بتونس ، استشهد اثر مشاركته في عملية فدائية جريئة ضد دورية صهيونية جنوب لبنان على مشارف فلسطين في 08 / 07 / 1993 .
4 - الشهيد البطل خالد بن صالح الجلاصي : عامل نجارة من مواليد قرية نصر الله ولاية القيروان ، استشهد في عملية بطولية بمنطقة المنارة بالجليل الاعلى شمال فلسطين في 25 / 12 / 1988 .
5 -  الشهيد البطل سامي بالطاهر الحاج علي : من مواليد ميدون جربة في 28 / 05 / 1967 ، استشهد حينما نصب كمين لقافلة صهيونية على الطريق الواقعة بين الطيبة اللبنانية  و مستوطنة مكاف بفلسطين في 19 / 1 / 1995 .
6 - الشهيد البطل رياض بن الهاشمي بن جماعة : طالب من مواليد صفاقس في 02 / 03 / 1968 ، استشهد في عملية فدائية صحـبة الشهـيد سامي الحاج علي في 19 / 01 / 1995 .
7 - الشهيد البطل كمال البدري : تلميذ من مدينة المتلوي ولد في 27 / 01 / 1975 ، استشهد في عملية فدائية بجزين جنوب لبنان في 27 / 01 / 1996
8 - الشهيد البطل بليغ بن محمد انور اللجمي : تلميذ من مواليد مدينة صفاقس ، استشهد صحبة الشهيد كمال البدري في 27 / 01 / 1996 .
9 - الشهيد البطل محمد نذير أحمد الدويري : ( يوسف التونسي ) من مواليد 1952 بتونس العاصمة . تاريخ العملية والاستشهاد 30 / 11 / 1980 .
10 - الشهيد البطل صلاح الماجري : (ابو جهاد)  من مواليد 1961 بتونس ، تاريخ الاستشهاد 5 / 3 / 1999 .
11 - الشهيد البطل بن المسعودي بدري : طالب ، استشهد بتاريخ   19 / 5 / 1995   ، في عملية بمنطقة السريرة فضاء جزين  ..... 
 وغيرهم كثيرون .. عليهم رحمة الله .. 

 ( نشرية القدس العدد 121 ) . 

أول انجاز للحجومة الجديدة : التطبيع مع الكيان الصهيوني ..!!


لقد عانت تونس بعد الثورة من انحياز الحكومات المتـتالية الى مشاريع خاصة لا علاقة لها بمشروع تحقيق اهداف الثورة .. حيث قامت الحكومة الأولى والثانية في ظل الصراعات الحادة التي قسمت المجتمع ، بين من ينادي بالتغـيـيـر الجذري واسقاط المنظومة السابقة من أساسها .. وبين من يسعى الى سـرقة الثورة وتحويلها الى مجـّرد عمليات تجميل  للواجهات الموجودة  قـبـل 17 ديسمبر ..  

ولقد جاءت الانتخابات بعد ذلك مخـيـبة للآمال حين تبـيّـن للجميع - بمن فـيهم حتى الذين صوّتوا للفائزين بمقاعد المجلس التاسيسي - أن سيناريو الانحياز السلبي للمشاريع الحزبية تواصل بأكثر حدة ودهاء على حساب تحقيق أهداف الثورة المعـروفة في شعاراتها : الخبـز والحرية والكـرامة والـتـشغـيـل ..
ولعل ما زاد الأمر تعـقـيـدا هو ظهور التشدّد  لدى الجماعات التكفـيـرية التي أصبحت تهدّد الأمن والاستـقـرار في المجتمع بالانتـقال إلى الاغـتيالات السياسية واستهداف عـناصر الامن والجيش ، ممّا دفع أطراف عـدّة - بعد تلك الظروف العصـيـبة - الى المناداة بتكويـن حكـومة وطـنـيـة " محايدة " .. !! 
وفعلا .. فقد  تشكلت الحكومة الحالية لهذا الغـرض : تحقيق الحياد من خلال الوقوف على نفس المسافة من جميع الأحزاب ، للتخفـيف من حدة الانقسام الذي حصل داخل المجتمع .. والانكباب على دراسة الواقع لإيجاد حلول مستعجـلة ، وتهـيـئة الأجواء المناسبة للانتخابات القادمة ... فأين الحكومة من تلك المطالب ؟
أن المتـتبع لنشاط الحكومة مباشرة  بعد استلامها لمهامها ، يلاحظ انطلاقها في البحث عن حلول اقـتصادية من خلال اتباع نفس التوجّه للسياسات السابقة ، المتمثـلة في التعـويل الكامل على الاقـتـراض والتدايـن الخارجي .. وهي سياسة معـروفة مسبّقا بنتائجها الكارثية على استقـلالية القرار الوطني ، والسيادة الوطنية  .. انها خيارات الخضوع لشروط  صندوق النقد الدولي ، والمنظومة الرأسمالية العالمية ، المعـروفة بأنها لا تمنح أموالها  للمقـترضين الا بالموافقة التامة على ما تمليه من شروط  مؤثرة على السياسة الداخلية والخارجـية للدولة المستـفـيـدة ..
ففي السياسة  الداخلية  يؤدي التعويل على الاقـتـراض الخارجي الى الوقوع في فخ التبعـية والهيمنة من خلال مقايضة الأموال الممنوحة بالتـنازلات التي تمسّ مباشرة سيادة الدولة .. مثل تقديم الامتيازات الخاصة بالحضور العسكـري تحت مسميات التعاون الفـني والمناورات المشتـركة  ، أوتقـديم التسهـيلات الخاصة بالبعـثات الدبلوماسية  التي يمكن أن تسعى من خلالها الدولة المانحة لتوسيع تمثـيلها بصفة غـيـر عادية لاستغلاله في التجسّس .. الى جانب " التعاون " في مجلات التعليم والثقافة ، الذي تعمل من خلاله تلك الدول عل تمرير سياساتها ومناهجها للتأثـيـر في الحاضر والمستقبل معا .. كما تـتضمّن الشروط المجحفة لصندوق النقد الدولي ، طلب التدخل في وضع الخطط الاقتصادية للدولة في شكل مقـتـراحات ونصائح ، وهي في الواقع املاءات لا يمكن تجاهلها ، تصل أحيانا إلى المطالبة بالتـفـويت في المنشآت العامة المعـروف " بالخـوصصة " ، ورفع الدعم عن المواد الأساسية ، ثم المطالبة بتقـديم التـنازلات في مجال الاستثمار وإبرام الصفقات الخاصة  باستخراج الثروات الطبيعـية ، وتوجـيه النشاط الاقـتصادي من خلال التـدخل في تحديد الشركاء الاقـتـصاديـيـن الخ ..
أما في السياسة الخارجـية فان التـبعـية ستـكـون أكثـر وضوحا من خلال ارتهان القـرار الوطـني في بعض القضايا الحساسة والجوهـرية المتعلقة خاصة بالصراع العـربي الصهيوني .. حيث تكون التنـازلات في شكل تعاون مقـنّع معه ، كحضور ندوات دولية ذات صبغة اقـتصادية أوعلمية تشارك فـيها إسرائيل ، أو قـبول التـنافس الرياضي معها في إطار المنافسات الدولية ، أو إبرام الصفقات الاقـتـصادية والتجارية مع اطراف غـيـر رسمية ، وتبادل الوفود السياحـية الخ .. وهي سياسة ممنهجة تؤدي بالضرورة الى التعـوّد والقـبـول والارتياح النفسي لدى عامة الشعب على هذا الكيان الغاصب ، وصولا الى الاعـتـراف الكامل بوجوده والتطبـيع معه لانهاء الصراع في.آخرالمطاف ..
وبالفعل فان زيارة وفد السياح الصهيوني الى تونس ، هي أولى بوادر الخضوع في سياسة الحكومة الجديدة ..  ويبقى الغـريب في الأمر ، هو المبرّرات التي تم تقديمها - في سياق الرّد على حملة الادانة الواسعة لهذا السلوك الخطير - والمتمثلة في : " النهوض بالاقـتـصاد " و " عدم تسـيـيس السياحة " و " حيادية الحكومة " الخ ..  وكلها في الواقع مغالطات لا يقبلها الا المغـفـلين .. حيث لا يصدّق عاقل بأن مستقـبل السياحة صار رهـينة لقدوم مائة سائح صهيوني .. !! كما لم يقصد أحد من قـبل بأن الحياد المطلوب من الحكومة هو حياد تجاه اسرائـيـل .. !! ان مثـل هـذا السلوك يعـبّـر في الواقع عـن الانحـيـاز للعـدو ولـيـس العـكـس .. في حـيـن كان المطـلوب من الحكـومة " الموقـّـرة " أن تكون على الحياد الايجابي في علاقة مع الأحزاب ، أي على مسافة واحدة من جميع الفـرقاء السياسيين لخدمة المرحلة الانـتـقـالـية لا أكـثـر  …. وهذا الأكـثـر كان التطبيع الذي سيظل جرما لا يغـتـفـر حتى وان كان بلا قانون .. !!
  
 ( نشرية القدس العدد 121 ) .