بوصلة لا تشير الى القدس مشبوهة

بوصلة لا تشير الى القدس مشبوهة
مدونة الفكر القومي التقدمي

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الاثنين، 29 فبراير 2016

نشرية القدس عدد 217 .

تحميل العدد 217 .


    مأساتنا أم مأساة دولة الخلافة ..؟؟ (2)  .


في الوطن العربي فكرة رائجة يقف وراءها الاصوليون تحديدا وكثير من دعاة الاسلام السياسي ، مفادها أن الحركة القومية في مطلع القرن العشرين هي التي وقفت وراء سقوط دولة الخلافة .. وفي بعض الاحيان يقفون مردّدين تلك الفكرة الساذجة القائلة بأن المسيحيين العرب في المشرق هم الذين وقفوا وراء هذه الفكرة ودعموها متحالفين مع الغرب المسيحي الذي يتآمر على الاسلام  مجسّدا في دولة الخلافة  .. الخ
 والواقع أن هذه الفكرة لم تقتصر ـ بعد ذلك ـ على السذاجة التي انطلقت منها ، بل نجدها تتحوّل بسبب ذلك الاعتقاد السائد الى مواقف عدائية من الحركة القومية التي تزامن ظهورها ـ لاسباب تاريخية ـ مع سقوط دولة الخلافة .. وقد كان هذا التفكير راجعا بالاساس الى عوامل موضوعية في علاقتها بالواقع العربي من ناحية ، وذاتية في علاقتها بالبنى الفكرية السائدة في تلك الفترة الحساسة على المستوى العربي الاسلامي ، من ناحية ثانية  ..
 وفي مثل هذه الحالة التي يؤثر فيها العامل الذاتي على ادراك حقيقة الواقع الموضوعي بشكل كامل ، فانه من السهل ان تغيب عن الاذهان ، القراءة الصحيحة لما يجري ، ويكون الجهل مسيطرا على تلك المواقف من  جوانب عديدة اهمها :
ـ أولا الجهل الكامل بديناميكية المجتمعات البشرية الخاضعة ـ قبل كل شئ ـ الى سنة التطور التي تجعلها تنتقل من طور الى طور في صعود مستمر ، من المحيط الضيق للأسرة والعشيرة والقبيلة القائمة علاقاتها على قاعدة القرابة الدموية أساسا ، الى الفضاء الانساني الرحب الذي تختلط فيه الانساب والاعرراق ، فتختلف  المشارب الفكرية والمذاهب الدينية والمعتقدات بحكم سنة الاختلاف الجارية بين المخلوقات جميعا ..
 ـ الجهل ثانيا بان الشكل الامبراطوري الذي نشأت عليه دولة الخلافة ، والاسلوب الذي تطوّرت به لتصبح دولة امبراطورية ، لم تكن ابدا فكرة اسلامية ، ولم تكن فرضا دينيا ملزما وملازما لدعوة الاسلام ، بل كانت شكلا من أشكال الدولة السائدة في عصرها والقائمة اساسا على " مبدأ " حق الفتح والغزو والتوسع لضم الأراضي التي تستطيع  تلك الامبراطوريات الغازية ضمها بالقوة ، فتجعل شعوبها خاضعة لسيطرتها .. وهو ما يعني أن عنصر الارض في علاقته بالشعوب والقبائل ، لم يكن ـ في تلك الفترة ـ خاضعا لنفس المعايير التي نعرفها اليوم ، اذ كانت القبائل متنقلة غير مستقرة ، غازية لمن حولها ، وكانت مساحة الامبراطوريات تتسع ثم تتقلص تحت اقدام الفاتحين من جنودها ، تبعا لقوّتهم العسكرية في ميادين القتال ، وهكذا خضعت شعوب مختلفة الى امبراطوريات متعددة مهيمنة بحسب ما تؤول اليه الصراعات بين القوى المتصارعة لتلك الامبراطوريات المتنافسة على الدوام حتى ظهرت أوائل القرن العشرين مفاهيم جديدة تعترف  بـ " حق الشعوب في تقرير المصير " لكنها لم تنهي الهيمنة نهائيا ، بل جعلتها تخضع لاساليب جديدة يحميها القانون الدولي الحديث الذي نشأ مع ظهور عصبة الامم نهاية الحرب العالمية الاولى .. 
ـ ومنها ثالثا تجاهل الاسباب التي أدت الى ما انتهى اليه الوضع داخل دولة الخلافة ذاتها حينما أصابها  الضعف والهوان وهي تتعرض للاقتطاع والابتلاع سواء في جناحها الاوروبي الذي تراجع الى حدود الدولة التركية الحالية ، أو في جناحها العربي الذي صارت اقطاره لقمة سائغة تلتهمها الدول الاستعمارية ، الواحد  تلو الآخر حتى بلغت حدود الدولة العثمانية ذاتها ، وقد كان وصفها بالرجل المريض في تلك الفترة ، وصفا صادقا معبرا عن حقيقة ما يجري فيها ..
ـ الجهل رابعا بأن وضع التفكك الذي عرفته دولة الخلافة لم يكن وضعا خاصا بها وحدها ، فقد شهد العالم بأكمله تفكك كل الامبراطوريات الموجودة ، وتحوّلها الى دول قومية .. كما انه لم يكن ممكنا أبدا ان يكون ذلك التفكك سببه  ظهور حركة قومية ناشئة ضعيفة مطلع القرن العشرين ، كل مناصريها من المثقفين والسياسيين العزل الذين لا يملكون  أمام قوة الدولة الامبراطورية سوى ما يحملونه في رؤوسهم من أفكار ، وقد كانت موجة التنكيل والتشريد والمحاكمات والاعدامات التي طالت المئات منهم خير شاهدا على هذا الوضع .. !!  
ـ خامسا تجاهل حقيقة تاريخية لا يمكن اخفاؤها باي شكل من الاشكال ، وهو أن اعلان سقوط دولة الخلافة وقيام الجمهورية التركية ، كان من عاصمة الدولة ذاتها ، على يد زعيم الحركة القومية التركية كمال اتاتورك سنة 1923 ، حيث لم يكن للعرب سلطة مركزية في ذلك الوقت للتصرف في شؤون الدولة وتقرير مصيرها .. 
ـ سادسا الجهل التام بتلك التحولات الجوهرية الكبرى التي شهدتها  المجتمعات الانسانية عامة ، حيث بدأت المجتمعات القومية تتشكل من داخل الامبراطوريات الواسعة ، في كل من اوروبا وآسيا ، وهو ما حدث بشكل مماثل داخل الامبراطورية العثمانية التي بدأت فيها النزعة القومية بالظهور مبكرا من عاصمتها التركية ، مؤدية الى الوضع الذي انتهت اليه  .. وهو وضع لم يكن يختلف عما كان يجري في جميع الامبراطوريات الاخرى في مختلف انحاء العالم ..
وفي النهاية فان الحديث الصاخب عن دولة الخلافة لا يمكن أن يكون موضوعيا ، دون اظهار لهذه الحقائق ، التي تؤكد حقيقتين هامتين ترتبط احداهما بالاخرى :  
الحقيقة الأولى مفادها أن مصير دولة الخلافة  كان محسوما ومنتهيا بحكم سنة التطور التي عرفتها المجتمعات البشرية ، وهو ما يعني ان نهايتها لم تكن ماساة باي مقياس من مقاييس العصر الذي كان يشهد ظهور الدول القومية على انقاض الامبراطوريات المنحلة ، وقد كانت الأمة التركية التي كانت مركزا لسلطة الدولة العثمانية هي المستفيدة الاولى من تلك التحوّلات .. 
والحقيقة الثانية المترتبة عن هذا الوضع تؤكد ان ما حصل داخل دولة الخلافة كان مأساة حقيقية للعرب دون غيرهم ، فهم الذين كانوا يفتقدون الى أي سلطة مركزية تمكنهم من حماية مصالحهم على المستوى القومي ، بعد ان اصبحت إرادتهم مسلوبة ـ من جهة ـ من طرف الاتراك الذين قاموا بتوضيف سلطة الدولة العثمانية  ـ بالكامل ـ لصالح  الأمة التركية ، ومن جهة ثانية من طرف الدول الاستعمارية التي قسمت اقطارهم ووضعتها  تحت الانتداب ، وهو ما  جعل مأساتهم لا مثيل لها في العالم ، وهم يتحوّلون  من أمة موحدة  ، الى أجزاء  متصارعة ، يزعم كل جزء منها أنه أمة بحالها ... !!

( اتلقدس ) .



يعيش العرب الآن في ظلّ هوياتٍ غير واضحة وغير محسومة ، وأيضاً مع انعدام وجود لمشروع عربي حضاري محدّد . وهاهم الآن يختلفون حتّى على الهوية الوطنية نفسها ، وعلى ما فيها من تعدّدية داخل المجتمع الواحد . ولم تستطع الطروحات العربية الفكرية السائدة الآن أن تضع أمام الأجيال العربية الجديدة رؤيا فكرية سليمة تمكّن هذه الأجيال من أن تعمل على ضوئها لبناء مستقبل عربي أفضل .
لكن تبرز الآن على سطح الأحداث مسألة "الهويّة الدينية" وكأنها أصبحت بديلاً للهويات الوطنية والقومية. فهل يمكن اعتبار " الهويّة الإسلامية " بديلاً للهويّة العربية ؟
هذا التساؤل ليس بموضوع جديد على منصّة الأفكار العربية . هو موضوعٌ لا يقلّ عمره عن مائة سنة ، فمنذ مطلع القرن العشرين يدور التساؤل في المنطقة العربية تحديداً حول ماهية هويّة هذه المنطقة ، وهي المرحلة التي بدأ فيها فرز العالم الإسلامي إلى دول وكيانات بعد انتهاء الحقبة العثمانية .  لكن ما حدث خلال القرن العشرين أثبت عدم إمكان الفصل في المنطقة العربية ما بين العروبة الثقافية والإسلام الحضاري . فالعروبة والإسلام في المنطقة العربية حالة متلازمة مترابطة ومختلفة عن كل علاقة ما بين الدين كإسلام والقوميات الأخرى في العالم الإسلامي . فقد كان على تركيا، لكي تبتعد عن الدين (الإسلام) ولتأخذ بالعلمانية وبالمنحى الأوروبي .. كان عليها أن تتمسّك بقوميتها التركية. وهذا المثال الذي حدث في تركيا جعل الكثيرين من العرب المتمسّكين بدينهم الإسلامي يعتقدون أنَّ الحديث عن القومية العربية يعني التخلّي أيضاً عن دينهم قياساً على التجربة التركية ، بينما هناك في الواقع خصوصية العلاقة بين العروبة والإسلام، وهي خصوصية محصورة بالعرب ولا تشترك فيها معهم أيّة قومية أخرى في العالم الإسلامي . فالعربية هي لغة القرآن الكريم ، والثقافة العربية هي التي انتشرت من خلالها الدعوة الإسلامية في العالم . فحينما يتمّ فصل العروبة الثقافية عن الإسلام الحضاري ، فكأنّ ذلك هو فصل لغة القرآن الكريم عن القرآن الكريم نفسه ، وكأنّه فصل للأرض العربية التي عليها المقدّسات الإسلامية عن الدين الإسلامي . هذه الخصوصية في العلاقة تجعل من إضعاف العروبة إضعافاً للإسلام ، والعكس صحيحٌ أيضاً .
لقد كانت حالة الجزائر، حينما كانت تحت الاحتلال الفرنسي ، خير مثال على ذلك ، فقد حاولت فرنسا أن تضع بديلين في الجزائر : بديلاً حضارياً ، وهو الحضارة الغربية بدلاً من الحضارة الإسلامية ؛ وبديلاً ثقافياً حينما حاولت " فَرْنسة " الجزائر وفرض اللغة الفرنسية بدلاً من اللغة العربية . فكيف حافظت  الجزائر على عروبتها وعلى إسلامها ؟ لقد فعلت ذلك من خلال التمسّك بالقرآن الكريم . فمن خلال التمسّك بالإسلام نفسه ، تمسّكت الجزائر بعروبتها . وقد عاش المشرق العربي في مطلع القرن العشرين حالة معاكسة لتجربة الجزائر مع الفرنسيين حيث رفضت بلاد الشام محاولات " التتريك " التي كانت تحصل ، فتمسّكت بعروبتها حيث ساهم ذلك بالحفاظ على لغة القرآن الكريم ووعاءه الثقافي العربي . ورغم خصوصية العلاقة بين العروبة الثقافية والإسلام الحضاري ، فإنّ هذا الموضوع الشائك لم يٌحسم خلال القرن العشرين ، ورغم أنّه ما زال أيضاً هو الأساس لنهضة هذه المنطقة في القرن الجديد ، حتى لو كانت هناك ممارسات كثيرة ، وما تزال ، باسم العروبة وباسم الإسلام ، تسيء إلى العروبة نفسها أو للإسلام نفسه .
فقد كان من الخطأ مثلاً ، طرح القومية العربية خلال القرن العشرين وكأنها أيديولوجية عقائدية ، بينما يُفترض أن تكون القومية العربية إطاراً للهوية الثقافية ، بغضّ النظر عن العقائد والأفكار السياسية . إذ يمكن أن تكون قومياً عربياً علمانياً ؛ ويمكن أن تكون قومياً عربياً إسلامياً ؛ ويمكن أن تكون قومياً عربياً ليبرالياً.. أي نستطيع وضع أي محتوى " أيديولوجي" داخل هذا الإطار القومي . فالقومية هي هويّة ، هي إطار تضع فيه محتوًى معيناً وليست هي المحتوى . فالمشكلة التي حدثت ، خاصّةً في النصف الأول من القرن العشرين ، تكمن في أنّ معظم من طرحوا فكرة القومية العربية قد طرحوها بمضمونٍ إمَا علماني ليبرالي (غربي) ، أو علماني ماركسي (شيوعي) ، وفي الحالتين كان هذا الطرح متناقضاً مع الإسلام بشكل أصبحت معه دعوة القومية العربية تعني للبعض الإلحاد أو الابتعاد عن الدين ، عوضاً عن طرحها كهويّة أو كإطار ثقافي يشترك فيه العرب ككلّ ، مهما كانت اختلافاتهم الأيديولوجية أو انتماءاتهم الفكرية أو عقائدهم الدينية .
لقد كان الخيار القومي العربي - وما يزال - يعني القناعة بأنّ العرب أمَّة واحدة تتألف الآن من أقطار متعدّدة لكنها تشكّل فيما بينها امتداداً جغرافياً وحضارياً واحداً ، تتكامل فيها الموارد والطاقات . والمتضرّرون من هذا الخيار هم حتماً من غير العرب الذين في الماضي ، كما هم في الحاضر، يمنعون توحد الأمَّة العربية حفاظاً على مصالحهم في المنطقة وعلى مستقبل استنزافهم لخيراتها ومواردها وطاقاتها المادية والبشرية .
 وإذا كان من المفهوم أن يحارب غير العرب (على المستويين الإقليمي والدولي) فكرة القومية العربية ، فما هي المصلحة العربية في إطلاق السهام على هذه الفكرة من بعض العرب أنفسهم ، أو من بعض من ينتمون لأقليات إثنية وفدت للمنطقة العربية بفعل جرائم حصلت ضدّها من  أممٍ أخرى (كما حصل تاريخياً مع الأكراد والأرمن) ، فاحتضنت المنطقة العربية هذه الأقليات اللاجئة اليها ، وكان ذلك شهادة للعروبة كما كانت شهادة للعرب المسلمين وجود ملايين من أتباع الطوائف الدينية المسيحية واليهودية  لقرون عديدة ، قبل عصر "التتريك" والاستعمار الغربي والوجود الصهيوني وجماعات التطرّف الديني التي نشهدها الآن .
ربما تكون المشكلة هي في كيفيّة فهم " الهويّة العربية" ، حيث يراها البعض وكأنّها " هويّة " عنصرية تقوم على العرق والدم ، كما هي معظم " الهويّات " القومية في العالم ، بينما المثال الصحيح على طبيعة " الهوية العربية " هو " الهويّة الأميركية " التي تحتضن في ظلّها أصولاً قومية وثقافية ودينية متعدّدة ، ورغم ذلك يفتخر الأميركيون ب"هويّتهم" المشتركة التي صنعها مزيج وحدة التاريخ والأرض واللغة والمصالح ، وفي إطار كيانٍ اتحادي دستوري يُعبّر عن "الأمّة الأميركية " . فأين العرب والعروبة من كلّ ذلك ؟ ولماذا يتمّ التخلّي عن " الهوية العربية " لـ " أمّة عربية " تملك كل عناصر التكامل ومقوّمات التوحّد فيما بينها لتكون هي أيضاً قوة دولية كبرى اسمها "الولايات العربية المتحدة "، بدلاً من حال الانقسام وتجزئة المجزّأ الذي يعيشه العرب لقرنٍ من الزمن ؟!.
إنّ " الشخص العربي " هو الإنسان المنتمي للثقافة العربية أو لأصول ثقافية عربية . فالهويّة العربية لا ترتبط بعرق أو دين ، ولا بموقف سياسي أو منظور أيديولوجي . والعروبة هي تعبير عن الانتماء إلى أمّة لها خصائص تختلف عن القوميات والأمم الأخرى حتى في دائرة العالم الإسلامي . فالانتماء إلى العروبة يعني الانتماء إلى أمّة واحدة قد تعبّر مستقبلاً عن نفسها بشكل
من أشكال التكامل أو الاتحاد بين بلدانها .
إنّ " الهويّة الثقافية العربية " كانت موجودةً كلغة وثقافة قبل وجود الدعوة الإسلامية ، لكنّها كانت محصورة بالقبائل العربية وبمواقع جغرافية محدّدة .. بينما العروبة ـ كهوية انتماء حضاري ثقافي - بدأت مع ظهور الإسلام ومع ارتباط اللغة العربية بالقرآن الكريم وبنشر الدعوة بواسطة روّاد عرب .. هكذا أصبحت " العروبة الحضارية " هي الثقافة العربية ذات المضمون الحضاري الذي أخرج الثقافة العربية من الدائرتين : العرقية والجغرافية إلى الأفق الحضاري الواسع ، الذي اشترك في صيانته ونشره مسيحيون عرب ومسلمون من غير العرب ، وبالتالي خرجت الهويّة الثقافية العربية من دائرة العنصر القبلي أو الإثني، ومن محدودية البقعة الجغرافية ( شبه الجزيرة العربية ) إلى دائرة تتّسع في تعريفها لـ" العربي" ، لتشمل كل من يندمج في الثقافة العربية بغضّ النظر عن أصوله العرقية والإثنية . ودخل في هذا التعريف معظم من هم عرب الآن ولم يأتوا من أصول عربية من حيث الدم أو العرق . ويؤكّد هذا الأمر تاريخ العرب القديم والحديث من حيث اعتبار الطوائف الدينية المسيحية العربية نفسها كجزء مساهم بالحضارة الإسلامية ، ومن حيث تفاعل الأقليات الإثنية ( الإسلامية والمسيحية ) مع الثقافة العربية باعتبارها ثقافة حاضنة لتعدّدية الأديان والأعراق .
فهل يصحّ ، بعد كلّ ما سبق ذكره ، الحديث عن "هويّة دينية " بديلاً للهويّة العربية ؟! ولصالح من ، ووصولاً إلى ماذ ا؟!



أحد رسوم الشهيد ناجي العلي خلال فترة السبعينات ..
بين الحاكم والرعية ...

في هذه الخطبة لعمر بن الخطاب نجده يتوجه الى الناس فيحدد دوره أولا كولي للامر ( حاكم ) ، واجباته ، وحقوق الناس عليه .. فيقول :
" .. أيُّهَا النَّاسُ : ... إنَّهُ لَمْ يُبَلَّغْ ذُو حَقٍّ في حَقِّهِ أنْ يُطَاعَ في معصية اللهِ .. وإني لا أَجِدُ هَذَا المالَ يُصْلِحُهُ إلا خلالَ ثلاثٍ : أنْ يُؤْخَذَ بالحقِّ ، وأن يُعْطَى في الحقِّ ، وأن يُمنَعَ من الباطلِ ... وإنَّما أنا ومَالُكُم كَوَلِيِّ اليتيمِ : إن استغنيتُ استعففتُ ، وإن افتقرتُ أكلتُ بالمعروفِ ، ولَسْتُ أَدَعُ أَحَدًا يَظْلِمُ أَحَدًا ، ولا يَعْتَدِي عليهِ حتى يَضَعَ خَدَّهُ على الأرضِ ، وَأَضَعُ قدمي على الخَدِّ الآخَرِ حتى يُذْعِنَ  لِلْحَقِّ .. 
ولكمْ عليَّ أيُّها الناسُ خِصَالٌ أذكُرُها لكمْ .. فخُذُوني بها : ... لكمْ عليَّ أن لا أَجْتَبِي شيئًا من خَرَاجِكُمْ ، ولا مِمَّا أفاءَ اللهُ عليكُم إلا مِنْ وَجْهِهِ .. ولكم عليَّ إذا وَقَعَ في يَدِي أن لا يَخْرُجَ مني إلا في حَقِّهِ .. ولكمْ عليّ أن أزيدَ في أُعْطِيَاتِكُمْ وأَرْزَاقِكُمْ ، إنْ شَاء اللهُ ، وَأَسُدَّ  ثُغُورَكُمْ .. ولكمْ عليَّ أن لا أُلْقِيَكُمْ في الْمَهَالِكِ ، ولا أُجَمِّرَكُمْ  في ثُغُورِكُمْ .. "
وفي هذا الجزء يتحدث عن دور المسؤولين الذين بعثهم لادارة شؤون الناس ، من القضاة و الامراء وغيرهم .. فيقول :
" .. أيُّها الناسُ : ... إنَّ اللهَ عَظَّمَ حَقَّهُ فوقَ حَقِّ خَلْقِهِ ، فقالَ : ولا يأمُرُكُم أنْ تَتَّخِذُوا الملائكةَ والنبيينَ أربابًا .. أيأمُرُكُمْ بالكُفْرِ بَعْدَ إِذْ أَنْتُمْ مُسْلِمُونَ ؟ .. أَلا وإنِّي لَمْ أبْعَثْكُمْ أُمَراءَ ولا جَبَّارين .. ولكنْ بَعَثْتُكُمْ أئِمَّةَ الهُدَى يُهْتَدَى بكم .. فَأَدِرُّوا على المسلمينَ حُقُوقَهمْ ولا تَضْربوهُمْ فَتُذِلُّوهُمْ ، ولا تَحْمَدُوهُم فتَفْتِنُوهُم ، ولا تُغْلِقُوا الأبوابَ دُونَهم فيأكُلُ قويُهُم ضعيفَهُم ، ولا تستأثِرُوا عليهم فتظلِمُوهُم ، ولا تَجْهَلُوا عليهم ، .. وقاتلوا بهم الكفارَ طاقَتَهُمْ ، فإذا رأيْتُمْ بهم كَلالَةً فكُفُّوا عن ذلك ، فَإِنَّ ذلك أَبْلَغُ في جهادِ عَدُوِّكُمْ .. 
أيُّها الناسُ ؛ ... إني أُشْهِدُكُمْ عَلَى أُمَرَاءِ الأَمْصَارِ .. أَنِّي لَمْ أَبْعَثْهُمْ إلَّا لِيُفَقِّهُوا الناسَ في دِينِهِمْ ، ويَقْسِّمُوا عليهم فَيْئَهُمْ ، ويَحْكُمُوا بيْنَهُمْ .. فَإِنْ أَشْكَلَ عليهِمْ شَيْءٌ رَفَعُوهُ إليَّ   ...  "
                                                                         من خطبة لعمر بن الخطاب رضي الله عنه .
التقسيم في فلسطين .. قرار بلا شرعية ..
هذا مقتطف كامل من الموسوعة العالمية " ويكيبيديا " يبين خلفيات وملابسات القرار ، الى جانب راي بعض السياسيين في القرار .. وكلها تدل على فقدانه للشرعية حتى بمنطق الامم المتحدة نفسها : 
في نوفمبر 1947 بلغ عدد الدول الأعضاء في الأمم المتحدة 57 دولة فقط . ما زالت الدول المهزومة في الحرب العالمية الثانية - ألمانيا ، اليابان وحلفائها - خاضعة لسلطات الاحتلال أو ممنوعة من الانضمام إلى المنظمة الدولية . أما أغلبية دول القارة الإفريقية وآسيا الجنوبية الشرقية فما زالت خاضعة للسلطات الاستعمارية ولم تكن مستقلة . وشارك في تصويت 56 دولة ، أي جميع الدول الأعضاء باستثناء دولة واحدة هي مملكة سيام (تايلاند حالياً). وافقت الدول العظمى في ذلك الحين - الاتحاد السوفييتي ، الولايات المتحدة الأمريكية وفرنسا - على خطة التقسيم ، باستثناء بريطانيا التي دارت سلطة الانتداب والتي فضلت الامتناع . ومن بين الدول المعارضة للخطة كانت جميع الدول العربية والإسلامية وكذلك اليونان، الهند وكوبا .
بذل زعماء الحركة الصهيونية جهودا كبيرة لإقناع الدول المتردّدة ، واستعانوا بالديبلوماسيين الداعمين للخطة داخل الأمم المتحدة من أجل تأجيل التصويت من الـ 26 إلى الـ 29 من نوفمبر، مما أعطاهم الفرصة لإقناع  ليبيريا  الفلبين وهاييتي بالتصويت مع مؤيدي الخطة ، وتأمين دعم ثلثين من الدول الأعضاء ، وهي النسبة التي كانت لازمة لإقرار خطة التقسيم . حاولت الدول العربية منع هذا التأجيل فتنازل مندوبيها عن إلقاء خطاباتهم توفيرا للوقت، ولكن البعثة الأمريكية المؤيدة لخطة التقسيم أصرت على تأجيل جلسة التصويت إلى ما بعد عيد الشكر الأمريكي الذي حل في ذلك العام في 27 نوفمبر.
مع أن الخارجية الأمريكية قررت عدم ممارسة الضغوط على دول للزيادة من الدعم ، مارس بعض السياسيين ورجال الأعمال الأمريكيين الضغوط على الدول المترددة التي كانت متعلقة اقتصاديا بالولايات المتحدة الأمريكية. فالذي ضغط على ليبيريا مثلا كان المليونير الأمريكي المشهور هارفي صامويل فايرستون (Harvey Samuel Firestone) صاحب مزارع المطاط في ليبيريا وصاحب مصانع الإطارات المشهورة فايرستون (Firestone).
في مساء 29 نوفمبر جرى التصويت فكان ثلاثة وثلاثون صوتا إلى جانب التقسيم ، وثلاثة عشر صوتا ضدّه وامتنعت عشر دول عن التصويت ، وغابت دولة واحدة .
الدول الـ33 التي وافقت على القرار هي : أستراليا ، النرويج ، أيسلندا ،  فرنسا ، فنلندا ، الولايات المتحدة ،   كندا ، الاتحاد السوفيتي ، الجمهورية الأوكرانية السوفيتية الاشتراكية ، جمهورية بيلاروس السوفيتية الاشتراكية ، الدنمارك ، السويد ، نيوزيلندا ، بولندا ، تشيكوسلوفاكيا ،   ليبيريا ،   الفلبين ،   جنوب أفريقيا ، باراغواي، فنزويلا ، أوروغواي ، بيرو، بنما ، كوستاريكا ، البرازيل ،  جمهورية الدومينيكان ،  الإكوادور ، غواتيمالا ،  هايتي ،  نيكاراغوا ،  بيرو ،  هولندا ،  لوكسمبورغ  .
الدول الـ13 ضد القرار هي : أفغانستان ، إيران ، تركيا ، باكستان ، السعودية ،  سوريا ، العراق ، كوبا ، لبنان ، مصر، الهند ، اليمن، اليونان ,
الدول الـ10 التي امتنعت عن التصويت فهي : الأرجنتين ، تشيلي ، كولومبيا ، إلسالفادور، هندوراس،   المكسيك ،  جمهورية الصين ، إثيوبيا، المملكة المتحدة ،  يوغوسلافيا .
 الدولة الغائبة هي : تايلاند
وعندما أعلنت النتيجة انسحب المندوبون العرب من الاجتماع وأعلنوا في بيان جماعي رفضهم للخطة واستنكارهم لها.
قال وزير الدفاع الأمريكي آنذاك جيمس فورستال في مذكراته تعليقاً على هذا الموضوع : " إن الطرق المستخدمة للضغط ولإكراه الأمم الأخرى في نطاق الأمم المتحدة كانت فضيحة " ..




تجربة الوحدة الألمانية في العصر الحديث ..  
درس التاريخ والمستقبل  .. (3) .
د.صفوت حاتم .

إحتقار اللغة الألمانية :
  في اثناء القرن الثامن عشر تسربت افكار الإستنارة والرومانسية المبكرة ، كما عبرت عنها كتابات الفلاسفة والشعراء وكتاب القصة الإنجليز والفرنسيين .. وقد قوبلت الثقافة الأجنبية بحماسة شديدة من الطبقات العليا والطبقات الوسطى في ألمانيا .. بل كانت الطبقات العليا تفضل كل ماهو فرنسي ( !! ) . وعندما اسس " فردريك الثاني " أكاديمية " برلين " ، جعل اللغة  الفرنسية لغتها الرسمية ( !! ) .. بل عين لها سكرتيرا فرنسي الجنسية ( !! )  ) .
  وفي سنة 1783 وضعت الأكاديمية جائزة لمقال عن أسباب إنتشار اللغة الفرنسية عالميا وحصل على هذه الجائزة " أنطوان ريفارول " .. والذي عزا إنتشار اللغة الفرنسية في أوساط الطبقات العليا  والطبقات المتعلمة من الشعب الألماني الى الصفات المتفوقة للغة الفرنسية ولا سيما وضوحها ومنطقها الذين تفوقت بهما على جميع اللغات الأخرى 
  ( !! ) المدهش أن " ريفارول " قد حظي بتكريم كبير من الملك والأكاديمية من أجل مقاله هذا ( !! ) ..   بيد أن المركز المسيطر الذي أحتلته اللغة الفرنسية والأدب الفرنسي في أوساط النخبة الألمانية مالبث أن دفع الكتاب الألمان الوطنيين الى تأكيد مزايا اللغة الألمانية .. ويمكن تفسير إشادة " فيختة " المبالغ فيها بمزايا اللغة الألمانية كرد فعل متأخر على ما قالة " رفارول  "  ..
 الإصلاح الطبقي :
7ـ ومن جهة أخرى .. أخذ رجال السياسة أيضا .. يقدمون السبل والإقتراحات من أجل إجراء إصلاحات إدارية وإجتماعية .. لتهيئة السبيل للوحدة والإستقلال .. لأنهم إعتقدوا إعتقادا جازما بأن الناس لن ينزعوا الى الاستقلال نزوعا قويا .. مالم يذوقوا طعم الحرية  ..   كانت القوانين المرعية  في " بروسيا " في هذه الحقبة .. تميز طبقات المجتمع تمييزا صريحا فعليا .. فقد كانت تحرم  الفلاحين ورجال الطبقة الوسطى من حق تملك أراضي النبلاء عن الطريق الشراء .. كما أنها كانت تمنع النبلاء من ممارسة المهن مهما كان نوعها .. وقد أدرك رجال الإصلاح ما في هذه  الأحوال من مجافاة لمقتضيات الوحدة القومية .. فألغوا القوانين المذكورة .. واستعاضوا عنها بقوانين جديدة .. تزيل هذه القيود .. وتبيح لجميع افراد الشعب حق إمتلاك الأراضي وحق ممارسة المهن في وقت واحد .. وتجعل الناس يشعرون بأنهم ابناء وطن واحد وأمة واحدة  ..
وبجانب هذه الإصلاحات والتنظيمات الإدارية والإجتماعية .. قام رجال الجيش أيضا بتنظيم الحياة العسكرية على اسس جديدة تماما  ..    
معاهدة  الإستسلام  والعار :
8 ـ كان " نابليون " قد إشترط على    "بروسيا "   .. أكبر واقوى دولة ألمانية .. في المعاهدة التي أملاها عليها .. أن لايزيد عدد أفراد جيشها على 42 الف جندي .. وإحتفظ لنفسه بحق مراقبة الجيش المذكور للتأكد من مراعاة هذه الشرط ( أتمنى من القارئ أن يعود الى النصوص العسكرية التي فرضت على مصر في معاهدة كامب ديفيد!!  )  ..
  لذلك بحث رجال الجيش من الألمان الوطنيين المخلصين-  مثل " شانهورست "  و  " وجنايز ناو " ..  عن طريقة   تضمن تدريب جميع   المواطنين .. دون زيادة في عدد أفراد الجيش المقرر في المعاهدة .. فقرروا تقصير مدة التدريب العسكري والخدمة العسكرية الفعلية .. لهذا أخذوا من جهة يهتمون بتعميم الرياضة البدنية بين الشباب .. وابتدعوا من جهة أخرى .. انظمة عسكرية  بارعة .. واستطاعوا بهذه الصورة أن يعدوا جميع المواطنين للخدمة العسكرية إعدادا تاما .. دون أن يخرجوا على أحكام المعاهدة التي كانت فرضت عليهم فرضا  !!
وقد استمرت هذه الجهود والتدابير التنظيمية بدون انقطاع مدة سبع سنوات .. وخلقت في " بروسيا " روحا جديدة تختلف عن الروح التي كانت سائدة أيام هزيمة " يينا " اختلافا بينا ..   
حتى إذا ما بدأ " نابليون " يتراجع عن موسكو .. اقدمت روسيا على التجنيد العام وكونت بغتة جيشا كبيرا .. انضم الى جيش الحلفاء .. وانتصر على الفرنسيين في معركة " لايبسيك " .. ومحا بذلك العار الذي كان قد لحق بالجيش البروسي وبالأمة الألمانية في موقعة " يينا  "  
 وحدويون ومتدينون  !! :
  10 ـ كان من العوامل التي ساعدت  على نهضة " بروسيا " .. أكبر الدويلات الالمانية .. الخطب والمقالات التي كان يكتبها المفكر الألماني " فيختة " .. فقد كانت كلماته تؤثر تأثيرا كبيرا في الشباب الألماني لعدة عقود من السنين .. فصارت تعتبر من أهم عوامل ودوافع الوحدة  ..
كان   "فيختة " أستاذا للفلسفة في جامعة " يينا " قبل بدء الحوادث " النابليونية " ..
كان يبحث بوجه خاص في مهمة رجال الفكر في المجتمع  .. وأخذ يجتمع مع الطلاب أيام الآحاد .. ليتحدث إاليهم في هذا الموضوع .. غير أن رجال الدين .. الذين توهموا أنه يريد أن يحدث دينا جديدا  .. تهجموا عليه .. وأتهموه بالخيانة .. فإضطر الى الإلتجاء الى  " برلين " .. وكان في برلين عندما حلت كارثة " يينا " .. ولكنه إلتجأ الى الدانمرك عندما علم بتقدم جيوش  " نابليون " الى العاصمة البروسية ....
ولم يرجع اليها إلا بعد سنة .. مع انها كانت تحت الإحتلال الفرنسي .. ولكنه خلال هذه المدة كان يتأمل في نكبات ألمانيا ..
وعندما عاد الى برلين أخذ يلقى سلسلة من المحاضرات موجهة للأمة اللألمانية ضمنها أراءه في الموضوع  ..   كان " فيختة " مثل غيره من المفكرين الألمان .. لا يعرف حدودا لألمانيا إلا حدود اللغة الالمانية .. وكان ممن يقولون على الدوام : ان الفروق التي تشاهد بين " البروسيين " وغيرهم من الألمان .. كلها فروق عارضة ومصطنعة .. أما الفروق الموجودة بين الألمان وغيرهم من الأمم الأخرى فهي فروق طبيعية وجوهرية .. وقد استمرت خطب " فيختة " حتى بعد انتهاء الحروب " النابليونية " .. من أجل تحقيق الوحدة الألمانية تحقيقا فعليا ..  

*  الابتسامة أقصر طريق الى القلب ..

* من يضع نفسه في الشبهات ، فلا يلوم من يسئ به الظن .. !!
***
يا ايها الموتى بلا موت
تعبت من الحياة بلا حياة
وتعبت من صمتي  ومن صوتي
تعبت من الرواية والرواة
ومن الجناية والجناة
ومن المحاكم والقضاة
وسئمت تكليس القبور
وسئمت تبذير الجياع
على الأضاحي والنذور ..
                                                     ( سميح القاسم ) . 


بيوت الحيوان والطير :
بيت الأسد : عرين ، وغيّل  ، وأجمة  .
بيت الضبي : خنس ، وخلم ،
ومكنس ، وكصيصة .
بيت الابل : مأوى ( بكسر الواو ) ، وعطن ، ومعطن .
بيت البقر : مراح .
بيت الغنم : شاية ، وزرب ( زريبة ) ،  وربض ، وكرس
بيت الذئب : وجار .
بيت الضبع : وجار ، وعران .
بيت الثعلب : مكو ، وجحر .
                                                    بيت الأرنب : مكو .
                                    أحزان ليلة ممطرة ..
                                      فاروق جويدة .


السقف ينزف فوق رأسي
والجدار يئن من هول المطر
وأنا غريق بين أحزاني
 تطاردني الشوارع للأزقة ..
للحفر  ..!
في الوجه أطياف من الماضي
وفي العينين نامت كل أشباح السهر
والثوب يفضحني
وحول يدي قيد لست أذكر عمرهُ
لكنه كل العمر  ..
لا شيء في بيتي سوى صمت الليالي
والأماني غائمات في البصر
وهناك في الركن البعيد لفافة
فيها دعاء من أبي
تعويذة من قلب أمي لم يباركها القدر
دعواتها كانت بطول العمر والزمن العنيد المنتصر
أنا ماحزنت على سنين العمر
طال العمر عندي .. أم قصر
لكن أحزاني على الوطن الجريح
                                              وصرخة الحلم البريء المنكسر ..
تمويل الإرهاب .. تقاطع وتشابك مصادر التمويل .. (3) .

القاعدة وتجارة المخدرات  ..

تعد المخدرات من المصادر الأساسية لتمويل القاعدة، فمن المعروف أن التنظيم يعتمد على الأرباح التي يجنيها من تجارة الحشيش لتسليح وتدريب ودعم الجماعات الأصولية، بما في ذلك الحركة الإسلامية بأوزبكستان والمقاومة الشيشانية، وحاليا في سوريا. وقد تصدرت أفغانستان البلد الأم لتنظيم القاعدة، في العام 2010 قائمة الدول الأكثر إنتاجاً للحشيش في العالم.   ففي تقرير صدر عن منظمة الأمم المتحدة تم رصد احتلال أفغانستان المرتبة الأولى لإنتاج الحشيش، إلى جانب مركزها الأول كمنتج للأفيون.  وقد أضاف تقرير صادر عن مكتب المنظمة لمكافحة المخدرات والجريمة أن هذه المادة تزرع بشكل  كبير في 17 ولاية أفغانية ، وقدر المدير التنفيذي للمكتب "أنطونيو ماريا كوستا" إنتاج أفغانستان من هذه المادة المخدرة بما بين 1500 و3500 طن سنويا.                                                                                                             ويكفي معرفة أن تفجيرات قطار مدريد في عام 2004 التي قتل فيها 191 شخصاً والمتورط فيها  تنظيم القاعدة ، تم تمويلها بصورة جزئية من مبيعات التنظيم للحشيش، إلى جانب تهريب "السيديهات" المزيفة
وتتمثل تجارة المخدرات في :

زراعة الأفيون :

تعتبر أفغانستان اليوم أكبر بلد منتج للخشخاش في العالم ، وهو نبات يصنع منه الأفيون ، العنصر الرئيسي في إنتاج الهيروين ، والجدير بالذكر أن كيلو الهيروين يتكلف من 4000 إلى 5000 دولار، بينما يتم بيعه بسعر خيالي يبلغ ما بين 250 ألفا إلى 300 ألف دولار.

 وتؤكد تقارير الأمم المتحدة أن محصول الأفيون سيصل إلى 6100 طن سنويًّا ، والنسبة الأعلى منه تأتي من جنوب البلاد الخاضعة لسيطرة حركة طالبان المتحالفة مع تنظيم القاعدة ، ولا يخلو في أقاليم أفغانستان الـ34 من زراعة الأفيون سوى 6 أقاليم فقط ، ما يعني أن البلاد كلها تزرع الخشخاش وتصدره للعالم .

تهريب التبغ :                                    

تعتمد "القاعدة" بشكل أساسي على زراعة التبغ وتهريبه خاصةً في منطقة شمال إفريقيا ؛ ففي "الجزائر، مصر، ليبيا، المغرب، وتونس"  تبلغ نسبة المستخدمين للتبغ نحو 44% من الاستخدام الكلي لإفريقيا كلها، وهو ما فتح أكبر الأسواق السوداء للتنظيم للتجارة في التبغ المهرب ، وقد نشرت صحيفة "الأوبزرفر" البريطانية تحقيقا حول تأثير تهريب السجائر على إشعال عنف المتطرفين في إفريقيا ، وقالت: إن تجارة التبغ غير المشروعة تحقق مليار دولار في شمال إفريقيا وحدها

وقد لمع في هذه التجارة عضو تنظيم القاعدة في الجزائر "مختار بالمختار" الذي لقب بـ"السيد مارلبورو"؛ بسبب تكوينه لثروة طائلة من هذا النشاط .

الكوكايين :

 دخلت "القاعدة" سوق الكوكايين من خلال شبكة عالمية تصل الى كولمبيا .. فعصابات المخدرات في أمريكا الجنوبية نقلت عمليات تهريب الكوكايين إلى الأسواق الأوروبية من الطرق القديمة ، عبر منطقة الكاريبي إلى طرق في غرب إفريقيا تخضع لسيطرة تنظيم القاعدة والجماعات "الإرهابية" المتحالفة معه، فوفقاً لتقديرات مكتب الأمم المتحدة لمراقبة المخدرات فإن 35 طناً من الكوكايين تمر عبر غرب إفريقيا كل عام .

وحسب تقرير نشرته جريدة "صنداي تلغراف" فإن مقاتلي تنظيم "القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي" يتقاضون رسوماً ثابتة تبلغ ألفي دولار أمريكي عن كل كيلو مخدرات ، يتم تهريبه عبر شمال مالي أو أية منطقة أخرى خاضعة لسيطرتهم ، إلى أوروبا والولايات المتحدة  ...    
                                                                              ( بوابة الحركات الاسلامية ).
..

.