بوصلة لا تشير الى القدس مشبوهة

بوصلة لا تشير الى القدس مشبوهة
مدونة الفكر القومي التقدمي

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الاثنين، 28 أكتوبر 2013

نشرية القدس العدد 95 .

وعد بلفور .. وعد من لا يملك لمن لا يستحق ..

وعد بلفور .. وعد من لا يملك لمن لا يستحق ..

لم تمر أكثر من سنة على مشروع سايكس بيكو سنة 1916 الذي قسم الوطن العربي الواحد الى دويلات ، حتى صدر وعد بلفور المشؤوم في 2 نوفمبر 1917 ، ليسرق فلسطين أمام مرأى و مسمع الجميع .. حيث وجه في مثل ذلك اليوم اللورد بلفور وزير الخارجية البريطاني ، رسالة الى الملياردير الصهيوني ليونيل روتشيلد لتكون وعدُ من لا يملك الى من لا يستحق ، بانشاء كيان عنصري قائم على العقيدة الدينية على الارض العربية ، وهو ما شكل عدوانا عنصريا منذ ذلك التاريخ ، على الارض والشعب ، بدأ التمهيد له سرا بشراء الاراضي ، ثم بتنظيم الهجـرة السرية اليهودية من شتات العالم الى أرض فلسطين  ، التي لم يكن عدد اليهود فيها يتجاوز الـ 6 %  من مجموع السكان ، وأغلبهم من اليهود العرب الاصليين .. ثم انتقل المخطط الصهيوني - البريطاني  الى العمل العدواني المسلح تحت رعاية بريطانيا ، التي قدمت كل التسهيلات منذ ذلك التاريخ و حتى قيام دولة اسرائيل سنة 1945 ، وفاء للوعد الذي لا تزال الامة تعاني من تبعاته الى اليوم ، وهو ينص على ما يلي :

وزارة الخارجية في الثاني من نوفمبر/ تشرين الثاني سنة 1917 .

عزيزي اللورد روتشيلد :

يسرني جداً أن أبلغكم بالنيابة عن حكومة جلالته ، التصريح التالي الذي ينطوي على العطف على أماني اليهود والصهيونية، وقد عرض على الوزارة وأقرته :
" إن حكومة صاحب الجلالة تنظر بعين العطف إلى إقامة مقام قومي في فلسطين للشعب اليهودي، وستبذل غاية جهدها لتسهيل تحقيق هذه الغاية، على أن يفهم جلياً أنه لن يؤتى بعمل من شأنه أن ينتقص من الحقوق المدنية والدينية التي تتمتع بها الطوائف غير اليهودية المقيمة في فلسطين ، ولا الحقوق أو الوضع السياسي الذي يتمتع به اليهود في أي بلد آخر " . وسأكون ممتناً إذا ما أحطتم الاتحاد الصهيوني علماً بهذا التصريح .

                                                                     المخلص آرثر جيمس بلفور .

( القدس عدد 95 ) . 

أوجاع الوطن ..

أوجاع الوطن ..

حين اشتعلت شرارة الثورة في سيدي بوزيد ، وانتفض النقابيون والمعطلون والمهمشون ،  ثم سرت باصرار منهم في بقية الجهات ، لم يكن هناك ملتحين ، ولا سلفييين ، ولا نهضويين .. ولم  نسمع وقتها  تكبيرا على تلك الطريقة ، ولم نر رايات سوداء ، كما لم نسمع أحدا من هؤلاء يتكلم في قناتهم الجزيرة لنقل الاحداث ، ويقدم تحليلا في نشرات الاخبار، بل كان يقوم بذلك الدور النقابيون والقادة الميدانينن للثورة من القوى الثورية الحقيقية القومية واليسارية ، المعـروفة أسماؤهم وعناوينهم .. والذين ظلوا مطاردين من طرف النظام حتى رحيله يوم 14 جانفي 2011 ... ولم نر من هؤلاء الذين خرجوا من جحورهم بعد الثورة ، رمزا واحدا يتكلم في اجتماع شعـبي مثلما فعل غيرهم من الاطراف السياسية .. ولم يظهر ولو واحدا منهم قبل سقوط الطاغية في فيديو من بين مئات الفيديوهات التي تابع العالم من خلالها أحداث الثورة ، أو حتى في صورة فوتوغـرافية تؤكد انخراطهم الفعلي والميداني ، واقدامهم على التضحيات التي قدمها أبناء الشعب  طوال تلك الفترة ، لسبب بسيط واحد هو غيابهم الكلي عن الثورة بأدوارها وأفكارها .. فهم لا يؤمنون أصلا بالثورة الشعبية ، بل كان أقصى طموحهم أن يمنحهم النظام دورا ثانويا يتمثل في النشاط الدعوي بالنسبة للبعض ، أو الانخراط في اللعبة السياسية عن طريق النهج الاصلاحي بالنسبة للبعض الآخر .. والواقع ان نجاح الثورة في نهاية المطاف ، قد منح العديد منهم حريتهم كاملة  حين رُفعت عـنهم الراقابة  والقيود ، وحين خرج الكثيرون منهم من السجون ، أو حين تمكن غيرهم من العودة الى أرض الوطن بعد غربة دامت بالنسبة للبعض عشرات السنين ..
تلك هي الحقيقة المؤلمة بالنسبة لهؤلاء الذين لا يريدون سماعها ثم ينزعجون ويردّون عليها بالانكار دون دحض لحجة أو اثبات ..
غير ان الحقيقة الاكثر ايلاما ووجعا هي سرقة الثورة ، والغدر بها من خلال التلاعب بالارادة الشعبية التي  خذلوها وتآمروا عليها حين  أداروا ظهورهم للشعب ،  دون التفات لمن يعمل على تجويعه وترويعه ، ويعبث بأمنه ومستقبله .. فاستفردوا بالحكم ، وعزلوا القوى الثورية الحقيقية ، ثم جنحوا لمهادنة العصابات من اعداء الثورة ومساومتهم ..


( القدس عدد 95 ) .

الاثنين، 21 أكتوبر 2013

ليبيا : المليشيات .. والفوضى .. وخطرالتقسيم ..

     عامان بعد الثورة الكاذبة : المليشيات .. والفوضى .. وخطرالتقسيم ..

عامان يمرّان على استشهاد العقيد معمرالقذافي في 20 / 10/2011 بواسطة غارات جوية مكـثـفة وهمجية شنها حلف الناتو على طرابلس وسرت والعـديد من المناطق الأخرى بحجة تحرير ليبيا ..
والواقع اننا عندما نلتفت الى وضع ليـبيا الحالي نجدها تـرزح تحـت وطأة البند السابع للامم المتحـدة الذي يبـيح  التدخل الاجنبي في كل لحظة وفق تقديرات الدول التي هندست الحرب ، والتي  ستعمل على ابقاء هذا القيد الى ما لا  نهاية بدعوى عدم استقرارها ، فتظل تحت الحماية الدائمة والتبعـية المفروضة بقـوة القانون الدولي ، وهو ما سيـجـعــلها واقـعة تحـت الهـيمـنة والضغــوط الخارجية على مدى عقود في المستقبل ..
اما من الناحـية الداخلية فان كل شئ قد تغـير في ليبيا  الى الاسوء ، حـتى  اصبحت اشبه بغابة تتصارع فيها كل أنواع الوحوش .. وليس أدل على ذلك الا عجـز الدولة عـن حماية رموزها الوطنية مـثلما حصل  لرئيس الوزراء الذي وقع اختطافه في وضح  النهار .. الى جانب عجزها التام عـن السيطرة على ثروات النفط  وحمايتها من المليشيات المسلحة التي تعمل على نهبها .. 
أما المواطن العادي فـقـد أصبح  وضعه  أكثـر تأزما وخطورة بسبب حوادث الاختطاف والاغتصاب والاغـتـيالات ، وفي ظل فوضى السلاح التي بات  من الواضح ان أيادي خفيّة دولية واقليمية تحركها ، كما تستفيد منها أطراف محلية وأجنبية ، وهو في الواقع وضع مأساوي يهدد بالانفجار في أي لحظة سواء داخل ليبيا أو خارجها .. فضلا عن خطر التقسيم الذي تلوّح به أطراف عديدة مستفـيـدة من التغـيـيـر الحاصل على هذا الوجه ..

( القدس عدد 94 ) .


الديمقراطية.. بين الشكل والمضمون ..

الديمقراطية.. بين الشكل والمضمون ..

لقد عاشت تونس يوم 23 أكتوبر 2011 ، حدثا تاريخيا بأتم معـني الكلمة وبكل المعايير الانسانية ، تمثل في انجاز انتخابات المجلس التاسيسي .. وبقطع النظرعن ملابسات المشهد الانتخابي ، وما شابه من شوائب قد لا تخلو منها اي انتخابات في المجتمعات المتخلفة ديمقراطيا ، فان نزوع المجتمع بنخبه الحزبية وعامته الشعبية نحو الاسلوب الديمقراطي كان بمثابة الاختيار الامثل والخيار الصحيح للخروج بالمرحلة الانتقالية بعد الثورة الشعبية الى برّ الأمان وصولا لارساء قواعد صلبة للديمقراطية الحقيقية والدائمة التي يفترض أن يقع تاسيسها بانتخاب سلطة شرعية تعبّر عن ارادة الشعب ، فتكون نتائج تلك العملية ، أفضل تتويج للتضحيات التي قدمها الشعب خلال ثورة 17 ديسمبر 2010 ..
هكذا كان الظن لدى الجميع ، قياسا على ما يحدث في المجتمعات المتقدمة حيث تؤدي الانتخابات الى ارساء قواعد للديمقراطية التي تبدأ ببناء المؤسسات واحترام القانون وقيام سيادة الدولة التي تعمل على خدمة الشعب و تحقيق طموحاته ..
غير أن مرور أكثر من سنتين كاملتين على الانتخابات وماصاحبها من فشل ذريع وغدر بطموحات الشعب ، جعل الانطباعات تتغـير مائة وثمانون درجة كاملة .. وأحسّ عامة الناس بان ذلك الحدث قد انقلب عليهم بالنقمة بدل النعمة ، وهم يرون يوميا  كيف يتم استغلال الارادة الشعبية في بناء الحصون المتينة لدولة الاستبداد ، بتحويل مؤسسات الدولة تدريجيا الى مؤسسات حزبية خاضعة  للحزب الحاكم  ..
والواقع فان الديمقراطية الحقيقية لا تقاس بالارادة الشعبية التي اختارت ممثليها في السلطة من خلال انتخابات خاطفة تحدث لاول مرة في حياتهم كما حدثت في تونس .. بل تقاس بالارادة السياسية التي تظهر في الممارسة بعد الانتخابات ، فـتـنعـكس ايجابيا على الواقع الاجتماعي والسياسي والامني والاخلاقي والثقافي وفي كل ما يمس جوانب الحياة من قريب أو من بعيد حتى يشعـر المواطن بأن حياته تغيرت الى الافضل ، و ان دولته الديمقراطية تقودها مؤسسات مستقلة قائمة سلطتها على علوية القانون .. أما عندما تنحصرمنفعة السلطة في الموالين ، ثم تصبح آداة قاهرة في مواجهة الشعـب ، فهي بالضرورة سلطة مستبدة ، تستغل الشكل الديمقراطي دون مضامين ديمقراطية ..

( القدس عدد 94 ) . 


الاثنين، 14 أكتوبر 2013

مؤتمرشيوخ الفتنة ..

مؤتمرشيوخ الفتنة ..

لقد توافد شيوخ الفتنة - ومنهم القرضاوي والعريفي وحسان  - على مصر منتصف شهر جوان 2013  للتآمر على سوريا وشعبها باسم الدين ، والدين منهم براء .. بترتيبات على أعلى مستوى من أمريكا وقطر وحكام  آل سعود ، وبطواطئ من مصر التي احتضنت " مؤتمر علماء الامة "  بحضور نائب الرئيس مرسي ، ثم نظمت مؤتمرا ثانيا بعد يومين فقط تحت عنوان  " مؤتمر الامة المصرية لنصرة سوريا " والذي افتتحه الرئيس مرسي في القاعة المغطاة بالقاهرة .. و قد وقع هذين المؤتمرين في اطار ردة الفعل الجنونية على تحرير القصير وهو الحدث الذي اهتز له كل أعداء سورية وعلى رأسهم اولائك المنظمون لهذه المؤتمرات المشبوهة .. التي تمت أيضا بترتيب من التنظيم العالمي للاخوان المسلمين و " المجلس التنسيقي الاسلامي العام " التابع للسلفية في مصر .. وغيرهما من التنظيمات التي كانت تعمل جاهدا منذ بداية الحرب على اسقاط النظام  لفائدة الاخوان وبقية الحركات الدينية في سوريا ، وقد اعترف  رئيس " رابطة علماء أهل السنة " في مصر صفوت حجازي وأعلن أمام المؤتمر الاول أن " الرابطة ترسل السلاح إلى سوريا لدعم المعارضة منذ نحو عام " ،  مضيفا ان " رابطة علماء أهل السنة ستكون أول روابط العلماء التي تدفع بلواء الجهاد في أرض الشام  " .. 
ولذلك فان كل هذه الجهات المنظمة للمؤتمر أرادت في الواقع ان تجعل من شيوخ الفتنة آداة لتنفيذ أغراضها ، وتتخذ منهم غطاء للعدوان على سوريا في شكل فتاوي دينية .. وهي في الحقيقة بمثابة  الاعلان للحرب عن العـروبة والاسلام ، ونصرة لامريكا واسرائيل التي بات أهلها ينامون آمنين مطمئننين .. وعوض ان يتخذ علماء الامة كما يسمون انفسهم مواقفا ضد اسرائيل وامريكا ولو حتى بالكلام ، نجدهم ينادون بالتدخل الخارجي في سوريا ويعلنون النفير والجهاد ضدها وهو البلد العربي المسلم الذي احتضن المقاومة منذ تشريدها على يد الصهاينة  حين لم تحتضنها تلك الحكومات النفطية ، واحتضنت هؤلاء الشيوخ ، ورعتهم ، وأغدقت عليهم من المال الحرام حتى صاروا ادوات طيعة في أيديها .. وهم في الواقع ما كانوا بعلماء ، بل عملاء الامة الذين يخدمون المشروع الصهيوني الساعي منذ نشاة كيانه العنصري الى تقسيم المقسم و تفتيت المفتت حتى تزداد الامة ضعفا وتمزقا وعجزا وتخلفا ، فتبقى اسرائيل في سلام .. أمّا تباكيهم الكاذب على الشعب السوري فهو النفاق بعينه .. لان شعب فلسطين المشرد الذي يقتل و يذبح على ايد الصهاينة كل عام ، وتنتهك مقدساته وأعراضه ، هو أولى باعلان الجهاد لنصرته ..
 ثم ان الشعب السوري  يقدر كغـيـره من الشعوب على الدفاع عن نفسه والصمود في وجه الاستبداد اذا سُلط عليه  .. فلماذا بعثوا له بالارهابيين من كل فج عميق ؟  ألا يعملون على بث الفوضى للسعي من خلالها الى السيطـرة على الحكم كما فعلوا سابقا في ليبيا ؟
 ولماذا لم تتحرك ضمائرهم ، ونخوتهم تجاه الشعب العراقي عندما كانت تدكه أمريكا بالاسلحة المحرمة ؟ و لماذا لم يعلنوا الجهاد على اسرائيل أو على الحكام الذين يصمتون و لا يفتحون الحدود ؟ هل كانت ضمائرهم ميتة عندما ارتكب الصهاينة عشرات المجازر في لبنان وفلسطين وضربوها بالقنابل الفسفورية المحرقة و قصفوا البيوت على اهلها  وهم نيام ؟
 ثم اين هو الحراك الشعبي في سوريا الآن ؟ الم تصبح الحرب على سوريا دفاعا عن اسرائيل ، بعد أن اصبح الشعب السوري يقف الى جانب قوات الجيش مدافعا عن وطنه ، حين ادرك خيوط المآمرة وأبعادها ؟ وماذا يعني التحريض على الشيعة في سوريا وهم جزء من نسيج المجتمع الذي استقر على التعدد والتنوع منذ قـرون ؟
 ان تلك الدعوات هي محاولة عابثة لجر البلاد الى مزيد من الفتنة والاقتتال الداخلي الذي يمكن ان ينسب الى اولائك الشيوخ المأجورين ، لكنه لا يمكن باي حال من الاحوال ان ينسب الى الاسلام دين الوحدة والمحبة بين الناس ، الذي يحرّم اراقة الدماء بين المسلمين ولا يدعو الى الجهاد الا ضد المعتدين ، وهم في وطننا العربي اليوم يتمثلون في الصهاينة والامريكان الذين يستنجد بهم دعاة الفتنة للعدوان على سوريا ..


( القدس عدد 93 ) .

من الممكن الى ما يجب أن يكون ..

من الممكن الى ما يجب أن يكون ..

غالبا ما نرى الاشياء تحدث أمام أعيننا ونحـن نجهل اسبابها ، وكيفية وقوعها ، ونعجـز عـن تفسيرها ،  فـنـنسبها للصدفة .. غير ان الصدفة تعبير غير واقعي ، وغير علمي ايضا لانه لايوجد في الكون ما يحدث صدفة ، بداية بالظواهر المادية الى الظواهر الحيوانية والنباتية وصولا الى الظواهرالانسانية ..  كل شيئ منضبط  في حركته من الماضي الى المستقبل .. وهو النظام المحكم الذي يجعلنا - اذا عرفنا اسراره وقوانيه مسبقا - نثق بانفسنا وباعمالنا فنعمل بما يتفق مع حتمية هذه القوانين و نترك ما لا يتفق معها ، لنغـير واقعنا مما هو كائن  الى ما نريد .. غير أن اختيار التغيير الذي ياخذ بالاسباب والمسببات هو التغيير الممكن دائما لتحقيق ما يجب أن يكون ..  اما اذا ما حاولنا تغيير الواقع عن طريق التجربة والخطا ، غير عارفين  بالقوانين النوعية التي تحكم حركة الاشياء والظواهر التي تاثر بدورها على اتجاه التطور الانساني في المجتمع ، و مداه ، فان ما يصادفنا – وقتها - من فشل تكون مسؤوليته علينا وحدنا ، لاننا أخطأنا في تقدير الاشياء ، و لم نفهم واقعنا فهما صحيحا ، أو لاننا لم  نهيئ الظروف اللازمة لتحقيق التغيير اللازم ، بالوسائل الضرورية  .. وصدق سبحانه عندما أكد في العديد من الآيات ان الكون تحكمه سنن لا تتبدل ليمنحنا الثقة المطلقة في اختيار ما نريد في اطار ما نملكه من معرفة لاسرار الطبيعة والمجتمع ، ثم قطع الشك في امكانية التغـيـر حين قال : " ان الله لا يغـيـر ما بقوم حتى يغـيـروا ما بانفسهم " ( الرعد 11 ) ..


( القدس عدد 93 ) .

الاستبداد الديمقراطي ..

الاستبداد الديمقراطي ..

السلطة ضرورة اجتماعية لا مفر منها في المجتمع .. لذلك قال الخليفة الرابع علي بن ابي طالب رضي الله عنه : " لا بد للناس من امارة بارّة أو فاجرة ّ " .. والسلطة في مجتمعنا العربي الاسلامي ، وفي غياب الاجماع عليها بالطرق المشروعة والشرعية عن طريق الاختيار الشعبي ، فانها قليلا ما تكون عادلة .. اي انها عادة ما تكون سلطة مستبدة ، بيد فرد ، أو حزب ، ولذلك فهي لا تستطيع ان تستمر دون حماية .. فلا بد اذن لكل سلطة مستبدة من قوة تحميها ..
ذلك لان السلطة المستبدة يكون المنتفعون منها أقلية في المجتمع ، وهو ما يجعلها  بالضرورة في مواجهة الاغلبية الشعبية التي تأخذ قاعدتها في الاتساع تدريجيا للتضييق على السلطة الحاكمة ، مما يدفعها للبحث عن طرف يحميها .. وقد يكون هذا الطرف داخليا مثل القبيلة أو العشيرة ، أو الحزب ، حيث يفقد الحاكم الثقة في كل ابناء الشعب ، فلا يجد الا الاقارب والموالين ، الذين يصبحون في مقابل حرصهم على مصالحهم ، لا يثقون في بعضهم البعض ، ولا يجدون بدورهم الا التنافس على شراء الذمم ، حتى يشيعوا الفساد في كل مكان من المجتمع .. وتتحول تلك السلطة العشائرية والقبلية أو الحزبية الى سلطة فاسدة كما هو الشأن في أغلب الانظمة العربية ..
ووقتها قد يزداد الحاكم خوفا وتحسّبا ، فيتجه للاعتماد على الحماية الخارجية ، تحت مظلة احدى الدول الكبرى مثلما نرى في الوطن العربي حيث تمنح الكثير من دوله المستبدة جزءا هاما من سيادتها للدول التي تشتري منها الحماية بحرية القرار ، والسيطرة على ثرواتها ، و مؤسساتها .. اي انها تفقد تماما استقلالها الوطني وسيادتها .. فيضاف وقتها الى الاستبداد ، التبعـية والعمالة للقوى الخارجية ..

لا شك أن هذه الحصيلة السيئة للاستبداد مرفوضة فعلا ، غير أن الاسوء من ذلك هو" الاستبداد الديمقراطي " الذي يبدأ بالانتخابات ، ثم ينتقل تدريجيا عن طريق القوة الناعمة التي تستعملها السلطة الشرعية الى الاستبداد ، من خلال السعي المتواصل للسيطرة على مؤسسات الدولة على قاعدة الولاء الحزبي والجهوي .. فيكون ذلك الاسلوب المتخلف هدما حقيقيا للاسلوب الديمقراطي ، وتاسيسا للاستبداد الذي يأتي هذه المرة عن طريق الخيانة والخذلان لطموحات الناخبين .. واذا بالشرعية تتحول الى نقمة شعبية ، فتلوذ السلطة المستبدة ديمقراطيا كغيرها بالحماية في مواجهة الشعب ..

( القدس عدد 93 ) . 

الاثنين، 7 أكتوبر 2013

في ذكرى الثورة اليمنية ..

في ذكرى الثورة اليمنية ..

قامت الثورة اليمنية في 26 سبتمبر 1962 وهرب الامام الى السعـودية ، و من هناك بدأت القصة مع النظام السعودي .. حيث كان آل سعود منذ نشأتهم ضد أي تغـيير الى الافضل ، وضد أي محاولة للتحرر والاستقلال الحقيقي من قبضة الاستعمار .. لذلك كانوا ولا يزالون قادة الحلف الرجعي ورموز الخيانة لقضايا الامة ، المتآمرين دوما على الثورات الحقيقية التي تقارع الاستعمار والصهيونية .. والداعمين لقوى الردة والثورة المضادة في أي مكان ، بتقديم المال وتجنيد العملاء ..
ذلك هو نهج النظام السعودي منذ نشأته ، والذي تربت في أحضانه الحركات الرجعـية مثل  الاخوان المسلمين ، وذلك هو تاريخه الاسود  خلال فتـرة الخمسينات والستينات التي شهدت فـيها الامة العـربية ذروة المد القومي للثورة العـربية الشاملة بعد ان انطلقت منذ بداية القرن بالتمرد على مشاريع التتيرك في المشرق ، والتهويد في فلسطين والفرنسة في الجزائر ..  وقد ساهم ذلك النظام بتحالفه مع الاعداء ودعمه للانظمة الرجعية خلال تلك المراحل من الصراع  في استمرار التخلف العربي ، وتكبيد الامة خسائر لا تحصى كما تبين هذه المقتطفات المنقولة من ويكيبيديا :
" .. في عام 1963 وحده ، أنفق السعوديون 15 مليون دولار لتجهيز القبائل اليمنية الموالية للملكيين بالسلاح ،   وتأجير المئات من المرتزقة الأوروبيين وإنشاء محطة إذاعية خاصة بهم . وقامت باكستان ببيع بنادق للملكيين وكانت قد رأت فيها فرصة للتكسب من الحرب. وكان يوجد بعض عناصرالحرس الوطني السعودي تقاتل في جيش الإمام . وقامت إيران بدعم الملكيين بالمال فقد وجد الشاه محمد رضا بهلوي أنه يجب عليه دعم الإمام محمد البدر الشيعي  الزيدي.  وسمح البريطانيون بمرور قوافل السلاح عبر أراضي أحد حلفائهم في الجنوب العربي وهو شريف بيحان الذي كان تحت حماية الإدارة البريطانية في عدن.  وقامت الطائرات الحربية البريطانية بعمليات نقل جوية لإعادة إمداد قوات الإمام ...
وقد تم إرسال مرتزقة من فرنسا ، وبلجيكا ، وإنجلترا، من الذين حاربوا في روديسيا ، شبه الجزيرة المالاوية ، والهند  الصينية ، والجزائر، لمساعدة الإمام ..
كما قام أولئك المرتزقة بتدريب رجال القبائل على استخدام الأسلحة المضادة للدبابات مثل المدفع عيار 106 مليمتر، وكذلك قاموا بتدريبهم على زرع الألغام ... 
 وفي أثناء الحرب ، قامت المملكة العربية السعودية والأردن بعقد اتفاقية للدفاع المشترك والتعاون العسكري عُرفت باتفاقية الطائف . وبسبب لجوء بعض الطيارين السعوديين إلى مصر بعد رفضهم قصف المواقع المصرية في اليمن ، التجأ السعوديون إلى الأردن للقيام بالغارات الجوية . وبالفعل ذهب وفد عسكري أردني إلى السعودية يرأسه قائد الجيش حابس المجالي ومعه قائد سلاح الجو سهل حمزة للاتفاق على تفاصيل الضربة الجوية التي سيقوم بها طيارون أردنيون . وكانت الأهداف التي يجب ضربها مطارات صنعاء ، الحديدة ، وتعـز، وتدمير الطائرات والمعدات الموجودة، من بينها السفن المصرية في البحر الأحمر المتجهة والعائدة من اليمن، إذاعة صنعاء ، محطة الاتصالات اللاسلكية، ، إذاعة تعـز، وميناء الصليف شمال مدينة الحديدة .
وبسبب طول المسافة وصغـر سعة خزان وقود الطائرات ، فقد تم الاتفاق على ضرب الأهداف ثم الاتجاه إلى القاعدة العسكرية البريطانية في عدن لإعادة التزود بالوقود وإكمال تسليح الطائرات وفي طريق العودة يتم ضرب أهداف أخرى .
وفي أثناء زيارة الوفد العسكري غادر قائد سلاح الجو الأردني - سهل حمزة - السعودية إلى عمان بدون إبداء الأسباب وكان في نيته مقابلة العاهل الأردني لمناقشته في جدوى الأمر . وعندما لم يستطع مقابلته . قرر التوجه بطائرته إلى القاهرة لمقابلة عبد الناصر. وقد ذكر سهل حمزة في إحدى الأحاديث الصحفية أنه فكر في الأمر وتوصل إلى أنه إذا رفض القيام بالمهمة فسيقوم بها غيره ، وإذا امتـثل فهو " عار له ولبلده " ... وهكذا لجأ الى مصر ، كما لجأ ـ بعد ذلك ـ طيارون شرفاء آخرون ..

خطة التمويه في حرب اكتوبر ..

                      خطة التمويه  في حرب اكتوبر ..

اعتمدت الخطة المصرية السورية لاستعادة سيناء والجولان على الخداع الاستراتيجى حيث دخلت القيادة السياسية في مصر وسوريا قبل الحرب في مشروع للوحدة مع ليبيا والسودان رأى فيه العدو حالة استرخاء للقيادات السياسية في البلدين .. ولم ير فيها بحسب ما جاء فى " مذكرات حرب أكتوبر " للفريق سعد الدين الشاذلي بُعدها الاستراتيجى فى أن ليبيا والسودان قد أصبحا هما العمق العسكرى واللوجيستى لمصر ..
 فقد تدرّب الطيارون المصريون فى القواعد الليبية وعلى طائرات الميراج الليبية ونُـقـلت الكلية الحربية المصرية إلى السودان بعـيدا عن مدى الطيران الإسرائيلى .. وقد سمح مشروع الوحدة بجلوس القادة العسكريين  في  مصر وسوريا على مائدة المفاوضات أمام عـيون الموساد للتنسيق فيما بينهم على موعد الحرب ... كما تم تطوير مصلحة الدفاع المدني قبل الحرب بمعدات إطفاء قوية وحديثة ومنها خراطيم المياه التى استخدمت فى تجريف الساتر الترابى لخط بارليف بطول الجبهة وذلك بعيدا عن عيون الموساد ...



صورة نادرة لرئيسة الوزراء الصهيونية  قولدامئير يوم 6 اكتوبر 1973 ..


 ( نشرية القدس عدد 92 ) .

نصر أكتوبـر : دروس وعـبـر ..

                      نصر أكتوبـر :  دروس وعـبـر ..                    

ان اروع ما في حرب أكتوبر 1973 انها كانت حربا قومية باتم معـنى الكلمة .. شاركت فيها مصر وسوريا فعليا في معارك هجومية وكانتا الدولتان المتفقتان منذ البداية على جميع خطط الحرب وساعة الصفر .. في حين كانت مشاركة العديد من الدول العربية لاحقا ، تمثل اسنادا معـنويا هاما ، وتعطي المعركة ابعادها القومية الحقيقية .. و قد جاءت هذه المساهمات من الجزائر والعراق وليبيا والمغرب وتونس والاردن والسودان والكويت .. التي وصلت جيوشها وطائراتها في اوقات متفاوتة من الحرب ، و وُضعت كلها تحت تصرف القيادة العسكرية في مصر ..
والواقع فان حرب اكتوبر أو حرب العـبور كما تسمى في مصر، وحرب تشرين التحريرية كما تسمى في سورية هي بالفعل ملحمة قومية تجسّدت فيها كل مضاهر التضامن العربي والارادة السياسية  منذ انطلاق حرب الاستنزاف في أعقاب هزيمة 67  .. وهي اطول حرب فـرضتها القوات العربية المصرية على اسرئيل وخاضتها ببسالة على مدى ثلاث سنوات .. ثم التحق الجيش العربي السوري في الاعداد لحرب مشتركة انطلقت يوم 6 أكتوبر 1973 ..     
ان هذا النصر الذي تحقق في ذلك الوقت بفضل التضامن العربي وحشد جزء يسير من الامكانيات القومية ، فتح عيون الاعداء على خطورة الدور القومي في المعـركة ، فبدأ الاعداء منذ وقت مبكر يخططون لضرب وحدة الامة و تفتيت نسيجها الاجتماعي من خلال مخططات الفتنة التي كان لبنان مسرحا لها منتصف السبعينات .. ثم ظهرت الدراسات الصهيونية التي تتحدث عن تفتيت الاقطار العربية من خلال اثارة النعـرات الطائفية ، والعـرقـية بين مكونات المجتمع الواحد ، لادخالها في دوامة العـنف والاقتتال الداخلي الذي يؤدي بالضرورة الى اضعافها جميعا .. وقد استطاعت الولايات المتحدة والصهيونية بنجاح من استغلال كل الظروف السيئة التي عاشتها الامة بعد اتفاقيات كامب ديفد و تخلي مصر عن دورها القومي ، لتحقيق  اهدافهما والوصول بالوضع العربي الى ما هو عليه اليوم ..


( نشرية القدس عدد 92 ) .