هزيمة الجيش الرابع الامريكى .
د.عصمت سيف الدولة .
يحيا الارهاب :
1 - فى الساعة التاسعة من صباح يوم الجمعة 3 يناير 1986 هاجم أربعة من المقاتلين العرب مجموعة من المتجمعين فى مطار روما في انتظار النداء على بدء رحلة طائرة ”العال” الصهيونية لتقلهم الى فلسطين المحتلة ، في الوقت ذاته هاجم ثلاثة من المقاتلين العرب مجموعة من المتجمعين في مطار فيينا فى انتظار النداء على بدء الرحلة رقم 364 لطائرة العال الصهيونية لتقلهم الى فلسطين المحتلة . وأسفر الهجومان وماصاحبه من اشتباك واشتراك رجال الأمن في المطارين عن مقتل ثمانية اشخاص واصابة 121 آخرين .
من كان طرفا المعركة ؟.
طبقا لمخلفات المعركة ، كانت بين مقاتلين من أجل تحرير فلسطين والصهاينة . اذ عثر رجال الأمن فى مطار فيينا على رسالة موجهة الى ” الصهاينة ” وموقعة من ” شهداء فلسطين ” . وطبقا لما أسفرت عنه من قتلى ومصابين كانت بين المقاتلين العرب والصهاينة . فقد استشهد أربعة من المقاتلين العرب . ولم يقتل أو يصب من غير الصهاينة الا خمسة من الامريكيين وثلاثة يونانيين ومكسيكيان وعربي من الجزائر . أما الباقون فجميعهم من الصهاينة . وطبقا للسلطات الايطالية والنمساوية تمت العمليتان ضمن نطاق الحرب المستمرة بين العرب والصهاينة … وطبقا لما أعلنه آفي بازنر المتحدث باسم وزارة الخارجية في المؤسسة الصهيونية المسماة ” اسرائيل ” ان ماتم فى روما وفيينا هو هجوم ضدهم وسيردون عليه “ في أي وقت في أي مكان “..
في أي مكان ؟
.. نعم . فطبقا للواقع الذي فرضته الصهيونية على العرب ، تتم المواجهة بينهما في أي مكان . في الأرض المحتلة فلسطين وهذا مفهوم . وخارج الارض المحتلة لأن الصهاينة قد طردوا الشعب العربي من وطنه فهو مشرد ” في أي مكان ” (الالتزام بعدم قتال المغتصبين الا في داخل الأرض المغتصبة هو تأمين للصهاينة ضد العقاب على التشريد وتأمين للمشردين ضد مسئولية الاشتراك في القتال) . ولأن الصهيونية منظمة عالمية منتشرة “ في أي مكان “(الالتزام بعدم مقاتلة الصهاينة حيث يوجدون من الارض هو تأمين لنشاطهم في دعم دولتهم في الأرض المغتصبة) ولأن هيئة الامم المتحدة وصفت الصهيونية بأنها حركة عنصرية ودعت العالم كله لمحاربة الحركات الصهيونية ” في أي مكان ” ، ولأن الجمعية العامة لهيئة الأمم المتحدة أقرت للشعوب المحتلة والمضطهدة بحقها في أن تقاتل من أجل تحرير أوطانها ” في أي مكان “…
بأية وسيلة من وسائل القتال ؟
نعم .
الجمعية العامة لهيئة الامم المتحدة خولت المقاتلين من أجل التحرر الوطنى ضد الاستعمار والعنصرية حق استعمال ” كافة الوسائل المتاحة لهم ” ( هذا هو التعبير الذي استعملته الهيئة في قراراتها حرفيا ) وبالتالي أصبح مشروعا دوليا أن يهاجم المقاتلون من أجل تحرير فلسطين ، المغتصبين الصهاينة بأية وسيلة من أول الكلمات الى آخر الرشاشات ..
وما ذنب الأبرياء ؟…
كل الاسئلة يمكن الرد عليها بهدوء الا هذا السؤال . انه ليس سؤالا استفزازيا فقط بل هو مجرد من أي صلة بالاخلاق . انه سؤال يثير الاشمئزاز الى حد الرغبة البيولوجية في القئ . سؤال مقرف لأنه جبان ومنافق . أباد الامريكيون مئات الألوف من الشيوخ والرجال والنساء والأطفال والكائنات الحية جميعا ” حرقا ” في هيروشيما ونجازاكي في لحظة واحدة . فمن ذا الذي يتحدث عن البراءة والأبرياء . دمر الأوربيون والامريكيون في حربهم البشعة عام 1939- 1945 آلاف المدن بسكانها ، والمصانع بعمالها ، وأبادوا مائة مليون من الشيوخ والرجال والنساء والأطفال فمن ذا الذي يتحدث عن البراءة والأبرياء . ويبدّدون جزءا كبيرا من ثروات شعوبهم ليخزنوا أسلحة تكفي لافناء البشرية عدة مرات فمن ذا الذي يتحدث عن البراءة والأبرياء . ويتفننون في اختراع الأسلحة الكيماوية والميكروبية والسموم المهلكة لمخلوقات في البر والبحر والجو بما فيها الانسان فمن ذا الذي يتحدث عن البراءة والأبرياء . واغتصبوا فلسطين عنوة . وقتلوا الشيوخ والرجال والنساء والأطفال ومزقوا الأجنة في الأرحام فمن ذا الذي يتحدث عن البراءة والابرياء . وقتلوا الشيوخ والرجال وهتكوا الأعراض ومزقوا جثث الأطفال في صبرا وشاتيلا فمن ذا الذي يتحدث عن البراءة والابرياء . لقد علمتنا حضارتنا الحرب النبيلة التي لا تصيب الا المحاربين ، وعلمتنا حضارتهم القذرة التي تهلك الملايين فمن ذا الذي يتحدث عن البراءة والأبرياء . الا الجبناء المنافقون الأذلاء يتشدقون بأطهر الكلمات وأكثرها براءة وهم يواجهون في كل مكان وفي كل يوم حرب ابادة البشر التي تشنها أكثر الدول نجاسة واجراما ؟..
كفى جبنا ونفاقا . ما زلنا نجتنب القتال الوحشي حتى قتلوا آباءنا وأمهاتنا وأطفالنا وأقاموا على جثثهم دولة المجرمين . كفى جبنا ونفاقا فقد قتلهم الصهاينة وجلدوا قادتهم فاعترفوا لهم بدولة على أرض اغتصبوها بالاجرام واعترفوا للمجرمين الصهاينة بأنهم حكام دولة ويستقبلونهم استقبال الذين “يخافون ولا يختشون ” . ان المسكنة لن تجديكم شيئا ، وان تقبلوا أن تكونوا مستضعفين في الأرض فقد وعدكم الله نار جهنم . فلنقاتل في كل مكان وبكل سلاح حتى نطهر الارض ممن حولوا الحروب العسكرية الى مجازر بشرية .
والى المعتدين نعيد ما جاء فى رسالة فيينا :
” كما أنكم اغتصبتم وطننا ، وانتهكتم شرفنا ، وطردتم شعبنا فاننا سندمر كل شئ حتى اطفالكم لتذوقوا احزان أطفالنا . ستدفعون مقابل ما سفحتم من دموعنا . لقد بدأت الحرب “.
أما للمنافقين فنقول : ان كنتم تحسبون أن وصفكم القتال من أجل تحرير فلسطين بأنه ” إرهاب ” سيرهب المقاتلين فينكصون عن قتال الذين قاتلوهم وأخرجوهم من ديارهم فها نحن فى مواجهتكم نهتف ، اذن ، ” فليحيا الأرهاب ”..
ثم نقول لكم : العبوا غيرها ولا تقرفونا ..
انها الحرب الثالثة .
2 - ومع ذلك فليس ثمة ارهاب من جانب ولا ارهاب متبادل بل هي الحرب الثالثة باسلوب عصرها . قد تسمى في التاريخ المقبل انها كانت ” حرب الارهاب ” كما يقال “حرب البسوس “، و”حرب المائة عام ” الا أن حقيقتها أنها حرب اعلنت على المستوى العالمي منذ عامين . فلقد كانت الحرب العالمية الثالثة متوقعة من نهاية الحرب العالمية الثانية . كان متوقعا أن تكون حربا ذرية الى أن تعادلت القوة الذرية أو تفوقت على ما تملكه الولايات المتحدة الامريكية فحال التوازن الذري دون أن تكون الذرة سلاحها فتأجلت . وعادت الولايات المتحدة الامريكية الى الحروب التقليدية التي لم تنقطع منذ نهاية الحرب العالمية الثانية واستطاعت في ظلها أن تفرض هيمنتها على أغلب دول العالم بالقوة المسلحة وبقوة الاقتصاد الذي تغذيه المتاجرة في الأسلحة وبسلاح أكثر فتكا من أي سلاح هو عجز الشعوب المقهورة عن المقاومة بالقوة نتيجة عجزها عن تحمل تكلفة اعداد الجيوش المتكافئة تسليحا . وهكذا تعيش كل الشعوب والأمم فى كل أنحاء الأرض ـ منذ الحرب العالمية الثانية ـ كمواطنين من الدرجة الثانية أو دونها حتى في أوطانهم ، بينما يحظى بحق المواطنة الكاملة شعبان أو ثلاثة ، هم اعضاء نادي السادة لأنهم أصحاب القوة القاهرة .
وماكان يمكن أن يستمر هذا الاذلال العالمي لأغلبية الأمم والشعوب . كان لابد من اعادة المساواة بين البشر بتجريد المتسلطين من قوة القهر.
هذا هو السبب الموضوعى الذي جعل الحرب العالمية الثالثة متوقعة . الشئ الذي كان مجهولا هو متى وكيف ومن الذي يشعلها أولا . وفي سبيل الأجابة على هذه الاسئلة لم تكف الدول القادرة ، القاهرة وعلى رأسها الولايات المتحدة الامريكية عن ابتكار الاسلحة ، وشن حروب يقال لها محدودة لمجرد اختبار فاعليتها ، وتحولت الأرض الى كوكب مسلح برا وجوا وبحرا ، ليلا ونهارا ، وأصبح التجسس علنيا بواسطة الاقمار الصناعية وأدوات الاستشعار والتصنت بعيدة المدى .. الخ .. ولم تقم الحرب العالمية الثالثة التي تتوقعها وتعد لها كل القوى في العالم .
الى أن حدث في بيروت أن شابين عربيين مجهولين ، لا يملك كل منهم الا قضيته وشجاعته وسيارة ملغومة . يدخلان معركة قصيرة ضد القوات الامريكية البرية والبحرية والجوية فى لبنان ، فيهزمان تلك القوات وتضطر الى الانسحاب . فيلتفت العالم كله . وعلى رأسه الدولة المهزومة في موقعة بيروت الى القوة العائدة من الماضى . قوة الفرسان والفروسية ، قوة الأفراد المسلح كل منهم بقضية وشجاعة وأبسط أدوات التدمير . ويتذكرون تلك المعارك التي دارت بهذا الاسلوب منذ بضع سنين في الطائرات والسيارات والمنازل التي هزم فيها أفراد لا يملكون الا قضية وشجاعة أعتى الدول وأجبروها على أن تنفذ إرادتهم . فتجمعت كل هذه الخبرة لتسقط القنابل الذرية والطائرات والدبابات والمدافع والجيوش من حلبات الحرب القادمة : الحرب العالمية الثالثة .
وكان أول من أدرك هذا وأعلن هذه الحرب الولايات المتحدة الامريكية .
3 - فقد نشرت الصحف يوم 16 ابريل 1984 خبرا يقول ان الرئيس الامريكى رونالد ريجان قد أصدر تعليمات بشن غارات انتقامية ضد الجماعات الأرهابية في خارج الولايات المتحدة الأمريكية وتوجيه ضربات وقائية اليها باستخدام القوة قبل أن تقع أية أحداث وأن هذه التعليمات قد جاءت كرد فعل للهجوم الانتحاري الذي تعرضت له قيادة قوات مشاة الاسطول الامريكي في بيروت في اكتوبر الماضي . وقالت الصحف ان تلك التعليمات تتضمن تشكيل وتدريب فصائل شبه عسكرية تابعة لوكالة المخابرات المركزية ( سي . أي . ايه) ولمكتب التحقيقات الفيدرالي الأمريكي ( مباحث أمن الدولة ) ووحدات كوماندوز تابعة لوزارة الدفاع الامريكية ( قوات مسلحة ) وستزود بقائمة بمواقع الارهابيين في العالم من أجل التحرك بسرعة لتوجيه ضربات اجهاض اليها أو شن هجمات انتقامية ضدها .
4 - هذا هو الخبر الذي أعلن يومئذ ، ليس تعبيرا عن نوايا تهديدية ، ولكن اعلانا عن بدء تنفيذ مخططات سبقت دراستها وتجهيزها للتنفيذ . ذلك لأن رؤساء الدول الكبرى مثل الولايات المتحدة الامريكية لايصدرون أوامر لدراسة امكانية تنفيذها ، بل يصدرونها للتنفيذ بعد أن تكون كل عناصر التحضير لها قد انتهت وأصبحت قابلة للتنفيذ الفعلى .
اذن فان الولايات المتحدة الأمريكية قد انتهت منذ أوائل عام 1984 من تكوين قوات خاصة أو ” جيشا رابعا ” بالاضافة الى الجيوش البرية والبحرية والجوية تتوافر لها عناصر الخفاء والسرية والتمويه على طريقة المخابرات المركزية الامريكية . والكفاءة القتالية على أعلى مستوى في القوات المسلحة الأمريكية . وأصدرت اليها الأوامر بأن تغادر الولايات المتحدة الأمريكية الى خارجها بدون أن تسمي جهة معينة الى ” أي مكان ” في الأرض في أية دولة لتوجيه ضربات وقائية باستخدام القوة الخفية .
اما الضربات الوقائية للاجهاض فتعني تصفية القوى المعادية قبل بدء تنفيذ أي نشاط هجومي . ومعنى ذلك أن الهوية ” الإرهابية ” لجماعة ما لن تتحدد طبقا لممارسة فعلية أيا كان قدرها ، بل تشمل الجماعات التي تدين بمبادئ أو تتبنى سياسات أو تروج أفكارا أو تلتقي في أحزاب أو منظمات تعتبرها الولايات المتحدة الامريكية مبادئ وسياسات وأفكارا ارهابية أو تؤدي الى الارهاب قياسا على مبادئ وسياسة وأفكار الحكومة الامريكية ذاتها . وبالتالي فان الجماعات المستهدفة ليست معينة على سبيل الحصر جغرافيا فقد تكون في أية دولة وقد تنتشر افرادا في أكثر من دولة ، وليست معينة على سبيل الحصر زمنيا فهي ما تعتبرها الحكومة الامريكية ذاتها ارهابية الآن أو ما تعتبرها ارهابية في المستقبل قياسا على ما يحدث من تغيير مبادئ وسياسة وافكار الحكومة الامريكية ذاتها في المستقبل .
صحيح أن الخبر المنشور يشير الى قوى الثورة الوطنية في لبنان العربي ، وصحيح أن الولايات المتحدة لم تكف منذ سنين عن وصف مقاتلي وكوادر وقادة الثورة الفلسطينية بأنهم ارهابيون وهو ما يعني أن الحرب التي أعلنتها أمريكا قد اعلنت ضد العرب أولا ولكن هذا لا يعني أننا نحن المستهدفون وحدنا في مكاننا من وطننا العربي بل سيضاف الينا أو قد اضيف فعلا ، كل الأحرار وكل الثوار في العالم كله. الذين ترشحهم افكارهم وأهدافهم ليكونوا ارهابيين في المستقبل طبقا لمقاييس امريكا . وسيضاف الى هؤلاء أو قد اضيف اليهم ، كل الفلاسفة والكتاب والفنانين والصحفيين والطلاب الذين يؤيدون ثورات التحرر الوطني ويعادون المبادئ والسياسات والافكار الامريكية لانهم قياسا على تلك المبادئ والسياسات والأفكار شركاء بالتحريض والمساعدة مع الارهابيين . وما لم تجهض أفكارهم من الآن ستولد ارهابيين في المستقبل . ولا تجهض أفكارهم الا بقتلهم .
ولست أشك لحظة واحدة فى أن كل الحكومات الجادة في دول العالم قد بدأت منذ 16 ايريل 1984 تدرس على أعلى مستوى قيادي مدني وعسكري وتضع خططا قتالية معقدة وتنشئ مراكز تدريب سرية ، وتجند افرادا مختارين طبقا لمقاييس خاصة للدفاع عن حرمة أوطانها واستقلالها الخارجي وأمنها الداخلي ، ضد القوات الامريكية الغازية خفية ، التي ستعبر الحدود فى شكل طلبة وسائحين وفنانين وأدباء ورجال اعمال وأصحاب أموال بجوازات سفر مزورة الى اوكار أعدت خفية تحت لافتات بريئة براءة مراكز البحوث العلمية وجمعيات الدفاع عن حقوق الانسان والتدريس والجامعات حيث يجد كل واحد سلاحه الذي سبق تهريبه وأوامر صريحة بأن يقتل ويدمر .. هذا “الفلان” أو ذلك ” المكان ” لاجهاض مخططات الارهابيين .. لاشك في هذا لأنه لا توجد حكومة جادة في دولة مستقلة تقبل بأن تغزوها جيوش القتل والتدمير الأمريكية بحجة أن الولايات المتحدة تريد اجهاض نشاط الارهابيين على أرضها بدلا من تتلقي من أمريكا اخطارا بأن لديها معلومات بأن على أرضها ارهابيين ثم تترك لها ممارسة سيادتها على أرضها احتراما لهذه السيادة .
وهكذا ستبدأ كل حكومة جادة في دولة مستقلة ، أوقد بدأت فعلا تكوين جيشها ” الرابع ” لحماية الوطن واستقلاله وأمنه ضد غزو جيش القتلة والمدمرين الأمريكي . وكما أن كل مواطن أو مقيم في أية دولة قد يكون في نظر الحكومة الامريكية وطبقا لمقايسها الخفية ارهابيا الان أو مرشحا طبقا لافكاره أن يكون ارهابيا في المستقبل وبالتالي هو هدف للانتقام أو للاجهاض فان كل دولة ستعتبر كل أمريكي من ذكر أو انثى يعبر حدودها مشتبها في أن يكون جنديا في الجيش الرابع الأمريكي وسيتعرض لما يتعرض له المشتبه فيهم والخطرون على الأمن من رقابة مستترة وتفتيش خفي واجراءات وقائية ضد نشاطه المحتمل .
كما أنني لا أشك لحظة في أن كل الاحرار وكل الثوار وكل الوطنيين في العالم قد أصبحوا على يقين من أنهم افرادا وجماعات قد اصبحوا أهدافا للقتل الامريكى ، أو قد يصبحون أهدافا يجب قتلهم طبقا لمقاييس أمريكية خفية وقوائم سرية ، وأنه قد يكون من بين جند الجيش الرابع الأمريكى المكلفين بقتلهم أينما كانوا اولئك الزملاء في المعاهد والملاعب والمشاة في الطرقات ورفاق السفر في القطارات أو قد يكون من بينهم تلكم الصديقات اللعوبات الفاتنات أو أولئك الاساتذة الوقورون .
باختصار لقد أصبح من حقهم أن يشكوا في كل أمريكي ، أو في كل عميل نصير لأمريكا ، خوفا من أن يكون هو الذي تلقى أوامر الرئيس الامريكي بتنفيذ عملية ” الأجهاض ” القاتل . وقد يبلغ بهم الشك حد المبادرة الى اجهاض الأجهاض .
وهكذا أعلن الرئيس الامريكى يوم 16 ابريل بدء حرب الاشباح حيث يطارد مجهولين في أماكن مجهولة في أوقات مجهولة . حيث سيكون السلاح الخنق بالايدي أو التسمم في الطعام أو الطعن بالخناجر أو الدهس بالسيارات أو تفجير القطارات أو اشعال النار في المنازل أو الغابات حيث سيلجأ كل واحد الى وقاية نفسه ضد ( الضربة الوقائية الأمريكية ) بأن يحرز السلاح ويتدرب عليه ويتعلم بنفسه أو يعلمه غيره أن الهجوم خير وسائل الدفاع فينقل المعركة الخفية الى قلب الولايات المتحدة الامريكية حتى تبقى دائرة هناك ولا تنتقل الى خارجها. وهناك ستهزم الولايات المتحدة الأمريكية لأنها قد اختارت ـ بغباء تاريخى ـ أن تخوض حربا لا تجدي فيها القنابل الذرية ولا الطائرات ولا الدبابات ولا الأساطيل ، اختارت أن تعلن حربا ينتصر فيها الوطنيون أصحاب العقائد التحريرية والثورية ويطيقون من تكلفتها مايكفي لثمن تذكرة سفر وشراء مسدس أو حتى خنجر أو ما هو أقل من ذلك ثمنا .
كل البشر ، في كل مكان ، لن يلبثوا حتى يجدوا أنفسهم أما قاتلين أو مقتولين في المخادع والمنازل والطرقات والشوارع ودور اللهو ومعاهد العلم . لن يتم هذا دفعة واحدة ولكنه قد بدأ . وعلى مدى سنين ستمتد هذه الحرب من خلال أفعال وردود أفعال الى أن تشمل البشر جميعا . واني لأرجو مخلصا أن تلتفت البشرية الى مخاطر الحرب التي أعلنها رئيس الولايات المتحدة الامريكية ، وألا يكون الجهل بمبرراتها أو قواتها أو أسلحتها وساحاتها أو ضحاياها مبرر التجاهل أنها هي هي الحرب العالمية الثالثة التي طال انتظارها .
ومن يعتقد أن ما نقوله خيالا عليه أن يفكر في أيهما أكثر واقعية . أن تكون الحرب العالمية الثالثة قد بدأت بأسلوب فرضته الظروف الأجتماعية والأقتصادية والسياسية التي سادت العالم منذ الحرب العالمية الثانية ، أم أن تعلن دولة كبرى مثل الولايات المتحدة الأمريكية أنها قد أعدت قوات مقاتلة وأمرتها بانتهاك حرمة كل الأوطان خفية . وقتل من تريد قتلهم ، بدون اقامة وزن لحرمة الأوطان واستقلال الدول وسيادة الشعوب وأحكام القانون . ان أي انسان يعيش فكره في النصف الثاني من القرن العشرين يدرك أن ما أعلنه الرئيس الامريكي وما تمارسه الولايات المتحدة الامريكية يصل الى مستوى الجنون . فليكن ريجان مجنونا . المهم هو التعامل مع الأمر الواقع كما هو ، والواقع أن الرئيس الامريكي قد أعلن الحرب العالمية الثالثة ، وعلى الشعوب والأمم في أنحاء الأرض جميعا أن تعد نفسها لمواجهة حرب الاشباح التي ستدوم سنين طويلة من الرعب الشامل يموت خلالها الناس فرادى وجماعات اغتيالا أو خوفا من الأغتيال فيتمنى الأحياء منهم لو كانت حربا ذرية .
….
هزيمة الجيش الرابع .
5 - مابين اعلان الولايات المتحدة الأمريكية الحرب الثالثة فى 16 أبريل 1984 ، وهجومها المسلح بالأسلحة التقليدية (الأساطيل والطائرات والصواريخ) على ليبيا يوم 16 ابريل 1986 ، مضى عامان ، خلال العامين وما قبلهما كانت الولايات المتحدة الأمريكية مشغولة بتنفيذ قرار وزير خارجيتها الكسندرهيج الذي أعلنته في 25 مايو 1981 ونصه ” أن القذافي سرطان يجب استئصاله “. صدر القرار الذي ادعى أن معركتي روما وفيينا سببا لتنفيذه قبل معركتي روما وفيينا بخمس سنوات ، وقبل أن يبلغ أحد المقاتلين العرب فيها سن العاشرة . كان لا بد من التمهيد للاستئصال بتحديد ما هو الجسم الذي يسبب له القذافي كل تلك الآلام المروعة التي لا تزول الا بالاستئصال . وقد استطاعت الولايات المتحدة الأمريكية بوسائل شتى أن تستأجر بعض الحكام والقادة العرب ، في مقابل وعود وهمية ، واعانات مالية ، وحماية عسكرية ، ليحاولوا اقناع الشعب العربي بأن القذافي ورم مؤلم في جسم الوطن العربي . حتى اذا ما ظنوا أنهم قد أفلحوا تداولوا مع حكومة مصر ” الشقيقة ” في كيفية اجراء العملية ، ولم تقبل مصر المشاركة واكتفت بالتجاهل الى حد اعلانها أن ليس لديها معلومات عن الاعتداء على ليبيا الذي عرض عليها الاشتراك فيه ثلاث مرات .
وفي 18 يونيو 1984 نشرت جريدة الواشنطن بوست أن المخابرات المركزية الأمريكية قد اعدت خطة لاغتيال القذافي ، وأن ريجان وافق عليها . ثم جاءت المفاجأة فاذا الهجوم بالأسلحة التقليدية .. لاغتيال القذافي شخصيا بدون انكار أين اذن الجيش الرابع الخفي الرهيب الذي أعلن ريجان عن تمام اعداده فى 16 ابريل 1984 . ولماذا تتكلف الولايات المتحدة الأمريكية آلاف الملايين من الدولارات وتحشد كل تلك الأساطيل والطائرات وتثير استنكار العالم كله لمجرد عملية اغتيال يقوم به فرد لا يملك الا قضية عادلة وشجاعة الانسان المقاتل ؟.
لأن الجيش الأمريكى الرابع المكلف باغتيال القذافي منذ عامين قد انهزم . لأن المجندين فيه لا يدافعون عن قضية عادلة ولا تتوفر لهم شجاعة الانسان المقاتل . أين ، ومتى ، وكيف حدث هذا ؟ الأجوبة مؤجلة الى أن تنتهي الحرب الثالثة . كل ما يمكن قوله الآن هو تحية تقدير للمقاتلين العرب ، الأفراد ، أصحاب القضية ، الشجعان ، الذين يخوضون الحرب التي شنتها الولايات المتحدة الأمريكية وجيشها الرابع في المدن والقرى والشوارع والطرقات والسيارات والطائرات في كل مكان ، في كل القارات . وهكذا ثبت ما قلناه من قبل ونشر يوم 25 ابريل 1984 فى جريدة ” الاهالي ” أن الولايات المتحدة الأمريكية قد اختارت نوع الحرب التي ستنهزم فيها على الأيدى العربية .
ان كل الظروف باتت مهيأة لمطاردة الجيش الرابع الأمريكي ونقل الحرب الى الولايات المتحدة الأمريكية ذاتها . وهناك ستكون المعارك حاسمة .
أما القذافي :
6 - أما القذافي والشعب العربي فى ليبيا فلا نهنئه ولا نعزيه . لقد بدأت الحرب كما قال مقاتل فيينا ، ولا سبيل الى التراجع أو التوقف دون النصر . وبعد النصر تكون التهنئة ويكون العزاء . أما الآن فالحذر من ترك الولايات المتحدة تهرب من ساحة المعركة التي نحن أقدر على هزيمتها فيها. حرب الفر سان والفروسية . حرب الشجعان وأصحاب القضية . حرب الأفراد الخفية . ولن يتحقق لنا هذا الا اذا طلبنا من الاخوة الحكام العرب أن يرفعوا أيديهم ولا يتدخلوا في المعركة . لا مؤتمرات دولية ، ولا جامعة بيزنطية ، ولا وزراء خارجية ، ولا دول عربية .. فأولئك هم الذين مكنوا الصهاينة من اغتصاب فلسطين أولا ، ويمكنون الولايات المتحدة من اغتصاب ما تبقى لنا من وطن وشعب وثروة وشرف .. أو يحاولون .
والسلام على الشهداء ..
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق