بوصلة لا تشير الى القدس مشبوهة

بوصلة لا تشير الى القدس مشبوهة
مدونة الفكر القومي التقدمي

بحث هذه المدونة الإلكترونية

مشروع دراسة عن " دولة العرب "



PDF

د.عصمت سيف الدولة .

مشروع دراسة عن " دولة العرب "..

1 - ما تزال في الفكر القومي ثغرة تفصل بين منطقة ( وحدة الوجود وغايته "وحدة الدولة القومية " ) . ولقد بُذلت محاولات نظرية وعملية كثيرة لاكتشاف أسلوب ووسائل وأدوات الوصل بين الأمة والوحدة . فعلى المستوى النظري استطاع الفكر القومي ، عن طريق مداخل عديدة ومتنوعة ، إثبات الصلة الحتمية بين وجود الأمة ووحدتها السياسية . كما استطاع أن يوحد قوى كثيرة في مؤسسات تستهدف تحقيق الوحدة بأساليب نضالية منظمة . وبالتالي استطاع أن يكشف عن المعالم الأساسية للقوة القومية الأداة الملائمة ، بخصائصها ، لتحقيق دولة الوحدة .
والواقع أنه في إصراره على اكتشاف الأداة القومية الملائمة لتحقيق الوحدة كان قد فاضل بين عدة أدوات متاحة ( الحزب القومى الواحد ـ الجبهة القومية الموحدة من الأحزاب القطرية ـ وحدة المنظمات الجماهيرية قطريا كمقدمة لوحدتها قوميا . الخ .. ) . ولما لم يكن بين كل هذه الأنماط تناقض أساسي فانه يمكن القول بأن حزبا قوميا واحدا ، يدخل فى جبهة موحدة مع الأحزاب القطرية ، يوحد المنظمات الجماهيرية قطريا ثم يقودها في نضال موحد الإستراتيجية متنوع التكتيك إلى هدف الوحدة ، هو صيغة نظرية قد يمكن قبولها كآداة لتحقيق الوحدة.
هذا على مستوى النضال الجماهيري . أما على مستوى النشاط الدولي ، فانه منذ أن أنشئت جامعة الدول العربية . وألحقت بها مؤسسات متخصصة ، قد أدت الأحداث التي جرت على الساحة العربية إلى دفع الدول العربية الى إنشاء علاقات سياسية واقتصادية واجتماعية وتربوية وإعلامية تتوثق رويدا رويدا وتؤدّى دورا تمهيديا متعاظما نحو الوحدة بما يؤثر به في إضعاف الرواسب المتراكمة للعزلة الإقليمية.
ثم أنه في ظروف محددة اجتمعت فيها فاعلية الوحدة الجماهيرية مع ضرورات الوحدة الدولية ، قفزت بعض الأقطار العربية الى الوحدة الدستورية بأشكال مختلفة :
(الاتحاد الكونفدرالي ، والاتحاد الفيدرالي ، والوحدة البسيطة ) .
2 - ومع ذلك ، وبالرغم من التسليم بالانتماء الموحد الى أمة واحدة ، والتسليم بضرورة الوحدة القومية ، فان كل تلك الأساليب والوسائل والأدوات قد توقفت دون الوحدة أو انتكست عن هدف الوحدة . وبعض الباحثين يرجعون هذا "الفشل"  إلى أسباب ترجع إلى كل واحد منهم حسب موقفه المسبق من أهداف الوحدة أو حسب فهمه في إدراك عوامل النجاح أو الفشل في تحقيقه .
ولقد قيلت آلاف الآراء خاصة بعد انفصال سورية عن الجمهورية العربية المتحدة عام 1961. وإذا استبعدنا أعداء الوحدة الذين اتخذوا من الحدث مبررا لتخطئة فكرة الوحدة او حتى لإنكار الوجود القومي ذاته نجد أن محاولات تفسير او تبرير الانفصال قد اتجهت الى اتجاهين:
* الاتجاه الأول يركز على المؤامرات الخارجية كسبب رئيسي للانفصال.
* الاتجاه الثاني يركز على أخطاء الحكم كسبب رئيسي للانفصال .
ونلاحظ أن هذين الاتجاهين يعبران عن رؤية واحدة برغم اختلافهما فيمن توجه إليه الإدانة والمسئولية ، فهما يركزان على العامل الذاتي في الوحدة او الانفصال سواءا كان عنصرا ذاتيا مواتيا ( قيادة عبد الناصر ) أو معاديا ( التآمر الخارجي ) الذي ما كان لينجح لولا عدم الكفاءة الذاتية ( أسلوب حكم وإدارة دولة الوحدة ) .. وطبيعي انه لا يمكن استبعاد العوامل الذاتية في الإحداث التاريخية ولكن إسناد الدور الأساسي لها وحدها ، او انفرادها بالفعل كمؤثر وحيد ، يحملها مسؤولية أكثر بكثير مما تسمح به النظرة العلمية . فالذوات ، على اية حال ، لا يعيشون ولا يدبرون في فراغ بل هم يؤثرون ويتأثرون أيضا بعوامل موضوعية .
3 - فالتآمر الخارجي لإعاقة المسيرة الوحدوية ، ليس كراهية عاطفية للأمة العربية ، بل هو إحباط لمحاولة الأمة العربية توظيف مواردها المادية والبشرية لمصلحة شعبها ، لتبقى تلك الموارد المادية والبشرية مباحة او متاحة للقوى المتآمرة . فهي فعل يستند إلى مبررات موضوعية تماما . كما ان حركة القيادات العربية نحو الوحدة او الانفصال ليس اختيارا ذاتيا مقطوع الصلة بواقع سياسي واقتصادي واجتماعي متحقق ، او يرجى تحقيقه . والواقع موضوعي دائما .
4 - ولعله مما يؤكد كل هذا ، الانتكاس او العجز، الوحدوي في أحزاب تحكمها أحزاب وقيادات لا يشك أحدا في أنها قد بدأت مسيرتها إلى الثورة ، او السلطة ، كبداية الطريق الى الوحدة العربية . أن هذا نموذج متعدد في الوطن العربي لم يصادفه النجاح لا على المستوى القومي (مصر عبد الناصر - بعث العراق - بعث سوريا - ليبيا القذافى) ولا على المستوى التعدّدي (وحدة المغرب العربي - وحدة مصر والسودان) .
5 - يدل هذا في رأينا على أن ثمة عقبات موضوعية على طريق الوحدة العربية لم يكشف الفكر القومي عن طبيعتها وبالتالي لم يستطع ان يزود القوى الوحدوية بأساليب ووسائل وأدوات تخطيها .
ونعتقد أن على رأس هذه العقبات التي لم تحظ قط بأية دراسة من قبل هي:
* علاقاتها بالدول الأخرى .
* علاقاتها بمواطنيها .
* علاقاتها بالأمة العربية .
يبدو أن تلك عناصر يظن مقدما ، وبدون بحث ، أنها لا تشكل عقبات في سبيل الوحدة .  فأولا ، لان كل هذا متروك للشعب العربي في دولته الموحدة الذي سيكون صاحب السيادة والحق المطلق في رسم علاقاته الخارجية والداخلية ، وبالتالي فان مجرد التركيز على أن تكون دولة الوحدة ديمقراطية يتضمن حلا لما تثيره العلاقات في المستقبل من مشكلات . سواءا كانت علاقات خارجية (دولية) أو علاقات داخلية (دستورية) . وثانيا ، لان تاريخ الدول والنظم ملئ بتجارب الوحدة والاتحاد ، ويكاد تستقر حصيلة تلك التجارب الإنسانية على نماذج محددة ومعروفة من العلاقات الداخلية تبدأ بجامعات الدول (الكومنولث البريطاني) وتنتهي بالدول الموحدة البسيطة ، مرورا بالنموذج الكونفيدرالي والفيدرالي والاتحاد الشخصي .. الى أخر ما هو معروف . أما عن العلاقات الخارجية فان قواعد القانون الدولي وميثاق هيئة الأمم قد أرست للعلاقات الخارجية حدودا وقيودا ليس من المتوقع او من المطلوب أن يرتبط هدف الوحدة بأفكار او اتجاهات مغايرة لها .
ولكن هذا صحيح بقدر .
ولكنه يقفز من فوق العقبة التي تحول دون دولة الوحدة ..
6 - فالمسلم به ، او ما يجب ان يكون مسلما ، ان دولة الوحدة " الشاملة " ستكون خاضعة لإرادة الشعب العربي فيها والعلاقات الدولية التي تكون سائدة حينئذ . فهي اذن لا تمثل عقبة لأنها هي ذاتها الهدف . انما العقبة هي" ماهية " دولة الوحدة " النواة " . إذ من المسلم ، أو يجب ان يكون مسلما ، هو ان الوحدة العربية الشاملة التي هي هدف استراتيجي ، لن تتحقق مرة واحدة ، بل تسبقها على أول الطريق إليها " دولة وحدة نواه " ، تمتد وتتسع حتى تتحول ـ خلال مرحلة تاريخية كاملة ـ  الى دولة الوحدة الشاملة .
وليس في الفكر العربي كله أية دراسة عن ماهية وخصائص هذه الدولة " النواة " التي تميزها عن أية دولة إقليمية أخرى لتكون "نواة" ويبدو هذا القصور في الفكر العربي إذا ما بحثنا في أدبياته الغنية عن إجابة على أسئلة تبدأ من أول انتصار للقوى الوحدوية في أمة مجزأة فيها :

* ما الذي يفعله الوحدويون بعد أن يستولوا على السلطة في دولة إقليمية حتى لا تقف إرادتهم عند حدودها ؟
* ما الذي يفعله الوحدويون في دولة موحدة من قطرين او أكثر حتى لا تقف مسيرة الوحدة عن حدود دولة الوحدة متعدد الأقاليم ؟
* وفى سؤال واحد ما الذي يفعله الوحدويون في دولة وحدة جزئية ، بدولتهم ، لتكون قابلة للنمو حتى تطابق دولة الوحدة الشاملة ؟


......؟؟؟







ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق