ارتبط مفهوم النكبة منذ 15 ماي 1948 بقيام دولة العصابات الصهيونية في فلسطين .. حيث كان ذلك اليوم ، وذلك العام من أسوء الأيام والسنوات التي عاشها العـرب في تاريخهم الحديث .. فحتى مفهوم الاستعمار والانتداب الذي شهدته أغلب أقطار الوطن العـربي بما فيه من هيمنة وإذلال وجرائم كان لا يخلو من الاعتراف بحق الشعوب في أوطانها بحكم أنها تحت الحماية أو الانتداب .. فقد جاء في مؤتمر الصلح في باريس سنة 1919 بعد نهاية الحرب العالمية الأولى توضيحا لمفهوم الانتداب الذي يتم بموجبه قيام دولة كبرى بإدارة شؤون الدولة الناشئة التي لا عهد لها بالحكم بعد أن كانت خاضعة لفتـرة طويلة لإحدى الإمبراطوريات المتداعـية كالدولة العـثمانية ، فـتساعدها حتى تصبح قادرة على إدارة شؤونها بنفسها ..
أما الاحتلال الذي قام في فلسطين بصدور قرار التقسيم سنة 1947 فقد كان يتضمن سلبا لحق العـرب التاريخي في فلسطين بسيادة شعـبها على أرضه ، وإعطاء ذلك الحق - باطلا - للعصابات الصهيونية القادمة من شتى أنحاء العالم لتقـيم لهم دولة اختاروا لها - زورا - اسم إسرائيل ..!
والواقع فان مثل هذه المأساة لم تكن لتستمرّ فصولها منذ ذلك التاريخ إلى الآن لولا الفرقة ، وحالة الضعـف والهوان التي بقيت عليها الأمة طوال العقود الماضية .. وحتى فترة الصمود والشموخ التي عاشها المواطن العـربي مع طلوع فجر ثورة 23 يوليو 1952 كانت تحتاج - لتستمر - إلى مجهود قومي وإمكانيات قومية تتجاوز ما قدمته مصر ، لإفشال مشروع الصهيونية العالمية الذي يتلقى دعم الدول الكبرى ، ورأس المال العالمي .. غير أن التنكّر والخذلان للمشروع القومي الذي نادت به ثورة يوليو - حينما رفعـت شعارات التحرّر والوحدة والتصنيع والمقاومة - من طرف جهات عربية ، كان في حقـيقة الأمر دعما للمشروع الاستعماري الصهيوني بكل ما فيه من عدوان وفـرقة وفـتن وتخريب حضاري ، نجحت تلك الدوائر فعلا في تحقيقها على يد العملاء من أمراء الخليج والقوى المتحالفة معهم من البورجوازية والاقطاع ، وتجار النفط ، الذين عملوا بكل الوسائل لترويض الحركات الدينية حتى اشتدّ عودها ، ثم خرج منها من تمرّد على أولياء النعمة ، وصاروا جميعا يتلاعبون بمصير الأمة ، ويقودونها إلى مزيد من النكبات ، عنوانها احتلال ، وتـناحر، ودماء بين الاشقاء .. وأمن واستقـرارو رخاء للأعداء ... !!
( نشرية القدس العدد 123 ) .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق