بوصلة لا تشير الى القدس مشبوهة

بوصلة لا تشير الى القدس مشبوهة
مدونة الفكر القومي التقدمي

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الأحد، 1 أبريل 2012

التطبيع ليس وجهة نظـر..



التطبيع ليس وجهة نظـر..

لا أحد يشكك في جدوى التعريف بالقضية المركزية للامة العربية في مناسبات  مثل يوم الارض وذكرى النكبة و وعد بلفور وغيرها من المناسبات ، التي يرد فيها بالخصوص تذكير بجرائم العدو ومعانات الناس في الاراضي المحتلة .. وهو تقليد نضالي يتكرّر بصفة دورية كالذي نراه في نهاية شهر مارس من كل سنة فيما بات يعرف بيوم الارض .. و قد ظل الحديث من ذكرى الى أخرى مقتصرا على فلسطين وحدها ، والواقع ان الاكتفاء بهذا المضمون أصبح غير كاف  ولا يعطي للذكرى بعدها الحقيقي لعدّة اسباب . 
أولا ، لا بد ان نشير الى ان الكثير من الاحتفالات الرسمية التي تقام في الوطن العربي في هذه المناسبة تكون للمزايدة لا غير ، وهي  تـُـقدّم في ظاهرها على انها عمل نضالي من اجل القضية الفلسطينية ، غير انها في الحقيقة تروّج  مضمونا هو بالاساس لضرب القضية وانهائها بما يرضي الاعداء .. حيث انهم زيادة على تشويهها بتنزيلها في اطارها الاقليمي الذي يـُـقدّم القضية كقضية خاصة بشعب فلسطين وحده ، يضيفون اليه ما يروّجون له من حلول استسلامية كالحديث عن شروط السلام ، و التذكير بما يسمىّ المبادرات العربية ، وسلام الشجعان ، ثم الحديث عن الواقعية ، و ترك الشعارات وهم يقصدون مثلا شعارا من الشعارات التي مثـّـلت حقبة كاملة من النضال القومي في الخمسينات والستينات على غرار الشعار الذي رفعته الجماهير العربية من المحيط الى الخليج  وأوّلها الجماهير الفلسطينية : لا صلح ، لا اعتراف ، لا تفاوض ...  اضافة الى ما يقع تقديمه من مضامين هزيلة لافراغ القضية من مضمونها النضالي المقاوم والانحراف بها عن بعدها القومي وهو الاطار الطبيعي الذي يجب ان تتنزّل فيه ، مثل الترويج لمشاريع السلطة الفلسطينية باستدعاء ممثلين عنها او من انصارها .. 
 ثانيا ان الاحتفال بيوم الارض هو بالاساس من اجل الارض المحتلّة ، و لما انطلقت الفكرة من حادثة الاستيلاء على اراضي بعض الفلاحين الفلسطينيين سنة 1976 الذين استـُـشهد بعضهم في تلك الاحداث ، فبقيت الذكرى تتعلّق عند الاقليميين بالارض الفلسطبنية وحدها ، والمفروض ان تكون هذه المناسبة للتذكير بتحرير كامل الاراضي العربية التي لا تزال ترزح تحت الاحتلال ، وهي أقطار باكملها  منها ما هو محتل قبل فلسطين مثل الاحواز (1925) ، و منها ما وقع احتلاله بعدها مثل العراق ( 2003 ) . و في الواقع فان اجزاء كثيرة من الاراضي العربية لا تزال محتلّة الى الآن على غرار لواء الاسكندرون السورية الواقعة تحت الاحتلال التركي وهو اقليم يمثـّـل ما يقارب قطرا كاملا مثل تونس ،  والجولان السورية ايضا و مزارع شبعا اللبنانية الواقعـتين تحت الاحتلال الصهيوني ،  والجزر الاماراتية الثلاث التي تحتلّها ايران ، وجزر سبتة ومليلة بالمغرب الواقعة تحت الاحتلال الاسباني  ... 
ثالثا ان احياء مثل هذه الذكرى زيادة على كونها مناسبة للتعريف بالقضايا القومية للاجيال الجدية ، فانها يجب ان تكون مناسبة قومية لفضح سياسات الانظمة العربية المتخاذلة ، وكل السياسات التي تروّج لها بعض الاطراف التي تتظاهر بمقاطعة العدو وعدم الاعتراف به  لكنّها تتعامل مع العملاء واعداء الامة الآخرين كأصداقاء  فيقع استقبالهم بالاحضان وهم من يخطط لتدمير الامة وفرض استسلامها وهزيمتها ،   وهم أنفسهم الذين يقدّمون الدعم المادي والعسكري للصهاينة كما يقفون في الامم المتحدة ضد أي قرارات تدين جرائمهم على غرار ما وقع في جنين وغزة ولبنان ... وهم ايضا نفس الاعداء الذين ينهبون ثروات الامة ويحتلون مياهها الاقليمية في الخليج ويستبيحون امنها .. وهم ايضا الذين خالـفوا كل الاعراف الدولية وقاموا باحتلال قطر عربي عـضو في منظمة الامم المتحدة وهو العراق ، حيث وقع تدميره وتقتيل اهله بجميع الاسلحة المحرّمة .. كما نكّلوا بشعب افغانستان المسلم وشردوه ..                                                            
رابعا انه لم يعد كافيا الاقـتصارعلى احياء الذكرى في نفس الموعد من السنة وجعلها تقـتصر على الاحتفالات وعرض الصور للضحيا الفلسطينـيين واقامة المحاضرات او تقديم القصائد والاغاني الحماسية ، ثم الانصراف بعدها الى الحياة الخاصة دون ان تكون قضية فلسطين حاضرة باستمرار في حياتنا كتعبير على ان تلك المشكلة هي مشكلتنا فعلا  وأن قضية الارض هي قضيتنا جميعا ، وهؤلاء المعذبون في اجزاء الوطن المحتل من الاحواز شرقا الى سبتة ومليلة غربا هم اهلنا واخواننا الذين تعاملهم سلطات الاحتلال كمواطنين من الدرجة الثالثة والرابعة اذا لم يكونوا في بعض الاقطار كالعبيد ..
ان من حق تلك القضايا علاينا ان نُدعمها بما نستطيع من مقاطعة البضائع وتقديم المساعدات المادية والمعنوية حتى نكون في المستقبل قادرين على المساهمة ميدانيا في تحريرها  .. و واجبنا اليوم ان نفرض العديد من المكاسب لكل تلك القضايا وعلى راسها قضية فلسطين مثل المقاطعة العربية الرسمية للعدو وتجريم التطبيع معه على جميع المستويات السياسية والاقتصادية والاكاديمة والفنية والرياضية..  وعدم ترك هذه المسألة التي تتعلّق بالامن والحقوق القومية للاجتهاد والتقديرالشخصي و وجهات النظر ...

 ( نشرية القدس العدد 13 ) .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق