في
الظلم خراب العمران ...
عندما نتأمّل ما يحدث في الواقع العربي من ثورات هنا و انتفاضات هناك ،
ندرك انه ليس في الامر سرا ، بل هو فعلا امر
طبيعي و ربما حتمي ان يسعى الناس لتغيير واقعهم . ففي كل قطر عربي نفس المشاكل و
نفس المعوّقات التي جعلت هؤلاء الناس يحطمون حواجز الخوف و يثورون أملا في تحقيق حياة أفضل ... انّه الظلم الجائر
الذي عمّ وشمل كل نواحي الحياة للمواطن العربي في كل قطر ، من تردّي الظروف
المعيشية ، الى البطالة و التهميش ، الى القمع و الاحساس بالمهانة وفقدان الكرامة ..الخ
لقد صدق اذن بن خلدون
عندما قال قولتين مشهورتين : العدل اساس العمران ، و قال ايضا : الظلم مؤذّن بخراب
العمران ..
لنتابع هذه الفقرة
لعالم الاجتماع و المؤرّخ صاحب المقدّمة
المشهورة :
" ولا
تَحْسَبَنَّ الظُّلْمَ إِنَّما هو أَخْذُ المالِ أو المُلْكِ من يَدِ مالِكِهِ،
مِن غَيْرِ عِوَضٍ ولا سَبَبٍ كما هو المشهورُ، بل الظُّلْمُ أَعَمُّ مِن ذلكَ،
وَكُلُّ مَنْ أَخَذَ مُلْكَ أَحَدٍ، أو غَصَبَهُ في عَمَلِهِ، أو طالَبَهُ بغيرِ
حَقٍّ، أو فَرَضَ عليه حَقًّا لم يَفْرِضْهُ الشَّرْعُ فقدْ ظَلَمَهُ، فجُبَاةِ
الأموالِ بغيرِ حَقِّها ظَلَمَةٌ، والمعـتدونَ عليها ظَلَمَةٌ، والمُـنتهِـبُونَ
لها ظَلَمَةٌ، والمانِعُونَ لحقوقِ النَّاسِ ظَلَمَةٌ، وَوَبالُ ذلكَ كُلِّهِ
عائِدٌ على الدَّوْلَةِ بِخَرابِ العُمْرَانِ، الذي هُوَ مادَّتُها؛ لإِذْهَابِهِ
الآمالَ من أهلِهِ، واعْلَمْ أنَّ هذهِ الحِكمةَ المَقصودةَ للشَّارعِ في تحريمِ
الظُّلْمِ، هُوَ ما يَنْشَأُ عنه من فَسَادِ العُمْرَانِ وخَرَابِهِ، وذلكَ
مُؤْذِنٌ بانقطاعِ النَّوعِ البّشَرِيِّ، وهيَ الحِكمةُ العامَّةُ المراعِيَةُ
للشَّرْعِ في جَميعِ مَقاصِدِهِ الضَّرُورِيَّةِ الخَمْسَةِ مِنْ حِفْظِ الدِّينِ
والنَّفْسِ والعَقْلِ والنَّسْلِ والمَال ِ.
فلمّا كانَ الظُّلْمُ - كما رأيتَ – مُؤْذِنًا
بانْقِطاعِ النَّوعِ لِمَا أَدَّى إليهِ مِن تَخريبِ العُمْرَانِ، كانَتَ حِكْمَةُ
الخَطَرِ فيه موجودةً . فكانَ تحريمُهُ مُهِمًّا ، وأدلَّتُهُ من القرآنِ والسُّنَّةِ
كثيرةٌ،أكثرُ مِن أَنْ يَأْخُذَها قانونُ الضَّبْطِ والحَصْرِ .. "
لقد اعتبر بن خلدون ان التعدّي على أي ناحية من نواحي الحياة عندالانسان ظلما يقع عليه ، وهو سيؤدّي حتما عند انتشاره بين الناس الى فقدان الأمن والامل والثقة في المستقبل ، وهو الوضع الذي يشيع الفوضى والمفاسد والنفاق بين الناس ، فيؤدي الى خراب العمران ...
وهكذا نجد أن الظلم عند بن خلدون مهلك للمجتمعات الانسانية ومخرّب للحياة بصفة عامة فلا اعمار ولا حياة سوية مع الظلم ، بل انه جالب للمفاسد ومسبب للدّمار لذلك استنتج ان الحكمة من تحريم الظلم شرعا هي بالاساس من اجل الحفاظ على كل مقوّمات الحياة من خلال حفظ الدين والنفس والعقل والنسل والمال ..
لقد اعتبر بن خلدون ان التعدّي على أي ناحية من نواحي الحياة عندالانسان ظلما يقع عليه ، وهو سيؤدّي حتما عند انتشاره بين الناس الى فقدان الأمن والامل والثقة في المستقبل ، وهو الوضع الذي يشيع الفوضى والمفاسد والنفاق بين الناس ، فيؤدي الى خراب العمران ...
وهكذا نجد أن الظلم عند بن خلدون مهلك للمجتمعات الانسانية ومخرّب للحياة بصفة عامة فلا اعمار ولا حياة سوية مع الظلم ، بل انه جالب للمفاسد ومسبب للدّمار لذلك استنتج ان الحكمة من تحريم الظلم شرعا هي بالاساس من اجل الحفاظ على كل مقوّمات الحياة من خلال حفظ الدين والنفس والعقل والنسل والمال ..
وان كان بن خلدون يسوق في المقدمة العديد
من الامثلة لتاكيد مبدأ العلاقة بين العدل والظلم والعمران من خلال مقولاته
المشهورة في ذلك الشان ، فان واقعنا العربي لا يخفى ما يقع فيه من المفاسد التي
أدت الى خراب المجتمعات بسبب غياب العدل وتفشّي الظلم ، فانهارت القيم وسادت
العلاقات الفاسدة التي بسببها وقع الخراب في المجتمعات .. فانتفض المظلومون ضد
الظلم ..
يقول بن خلدون : " كثرة العمران محفوظ برعاية العدل " . و الظلم " : حسب ابن خلدون هو العدول عن العدل الذي به كثرة المال ونماؤه " ..
فلا نموّ للمال - أي للاقتصاد - الا بالعدل .. ولا عمران الا بنمو مالي .. فلا تطوّر اذن كما نقول في عصرنا الا بمحاربة الظلم ونشر العدل في كل مكان .. وهو ما يؤكده ، ويحرّض عليه الشرع اولا و اخيرا : يقول تعالى : وَإِذَا حَكَمْتُم بَيْنَ النَّاسِ أَن تَحْكُمُواْ بِالْعَدْلِ (النساء 58 ) .
يقول بن خلدون : " كثرة العمران محفوظ برعاية العدل " . و الظلم " : حسب ابن خلدون هو العدول عن العدل الذي به كثرة المال ونماؤه " ..
فلا نموّ للمال - أي للاقتصاد - الا بالعدل .. ولا عمران الا بنمو مالي .. فلا تطوّر اذن كما نقول في عصرنا الا بمحاربة الظلم ونشر العدل في كل مكان .. وهو ما يؤكده ، ويحرّض عليه الشرع اولا و اخيرا : يقول تعالى : وَإِذَا حَكَمْتُم بَيْنَ النَّاسِ أَن تَحْكُمُواْ بِالْعَدْلِ (النساء 58 ) .
( نشرية القدس العدد 16 ) .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق