بوصلة لا تشير الى القدس مشبوهة

بوصلة لا تشير الى القدس مشبوهة
مدونة الفكر القومي التقدمي

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الاثنين، 21 أكتوبر 2013

الديمقراطية.. بين الشكل والمضمون ..

الديمقراطية.. بين الشكل والمضمون ..

لقد عاشت تونس يوم 23 أكتوبر 2011 ، حدثا تاريخيا بأتم معـني الكلمة وبكل المعايير الانسانية ، تمثل في انجاز انتخابات المجلس التاسيسي .. وبقطع النظرعن ملابسات المشهد الانتخابي ، وما شابه من شوائب قد لا تخلو منها اي انتخابات في المجتمعات المتخلفة ديمقراطيا ، فان نزوع المجتمع بنخبه الحزبية وعامته الشعبية نحو الاسلوب الديمقراطي كان بمثابة الاختيار الامثل والخيار الصحيح للخروج بالمرحلة الانتقالية بعد الثورة الشعبية الى برّ الأمان وصولا لارساء قواعد صلبة للديمقراطية الحقيقية والدائمة التي يفترض أن يقع تاسيسها بانتخاب سلطة شرعية تعبّر عن ارادة الشعب ، فتكون نتائج تلك العملية ، أفضل تتويج للتضحيات التي قدمها الشعب خلال ثورة 17 ديسمبر 2010 ..
هكذا كان الظن لدى الجميع ، قياسا على ما يحدث في المجتمعات المتقدمة حيث تؤدي الانتخابات الى ارساء قواعد للديمقراطية التي تبدأ ببناء المؤسسات واحترام القانون وقيام سيادة الدولة التي تعمل على خدمة الشعب و تحقيق طموحاته ..
غير أن مرور أكثر من سنتين كاملتين على الانتخابات وماصاحبها من فشل ذريع وغدر بطموحات الشعب ، جعل الانطباعات تتغـير مائة وثمانون درجة كاملة .. وأحسّ عامة الناس بان ذلك الحدث قد انقلب عليهم بالنقمة بدل النعمة ، وهم يرون يوميا  كيف يتم استغلال الارادة الشعبية في بناء الحصون المتينة لدولة الاستبداد ، بتحويل مؤسسات الدولة تدريجيا الى مؤسسات حزبية خاضعة  للحزب الحاكم  ..
والواقع فان الديمقراطية الحقيقية لا تقاس بالارادة الشعبية التي اختارت ممثليها في السلطة من خلال انتخابات خاطفة تحدث لاول مرة في حياتهم كما حدثت في تونس .. بل تقاس بالارادة السياسية التي تظهر في الممارسة بعد الانتخابات ، فـتـنعـكس ايجابيا على الواقع الاجتماعي والسياسي والامني والاخلاقي والثقافي وفي كل ما يمس جوانب الحياة من قريب أو من بعيد حتى يشعـر المواطن بأن حياته تغيرت الى الافضل ، و ان دولته الديمقراطية تقودها مؤسسات مستقلة قائمة سلطتها على علوية القانون .. أما عندما تنحصرمنفعة السلطة في الموالين ، ثم تصبح آداة قاهرة في مواجهة الشعـب ، فهي بالضرورة سلطة مستبدة ، تستغل الشكل الديمقراطي دون مضامين ديمقراطية ..

( القدس عدد 94 ) . 


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق