بوصلة لا تشير الى القدس مشبوهة

بوصلة لا تشير الى القدس مشبوهة
مدونة الفكر القومي التقدمي

بحث هذه المدونة الإلكترونية

السبت، 4 فبراير 2017

"ارض ا لوطن " بين ا لحرب.. والسلام ../ د.عصمت سيف الدولة .


"ارض ا لوطن " بين ا لحرب..  والسلام ..
د.عصمت سيف الدولة .

ليست الحرب مباراة رياضية بل هي صراع وحشي . ان الذين يسقطون ضحايا في الحروب ، ونسميهم شهداء ، ونشيد بهم وقد نقيم لهم النصب التذكارية ليسوا "اعداء " بل هم بشر متعددون . لا بد ان يكون كل منهم قد عانى - قبل أن يموت - أفظع الآلام التي يمكن أن يعانيها البشر.  ثم انهم بشر من أسر، يموتون ويخلفون لاسرهم مع العزاء النفسي الموقوت الثكل واليتم والحزن وانقلابا لا شك يصيب كل أسرة في اسلوب معيشتها وآمالها بعد ان تكون قد فقدت أحد ، أو اكثر عناصرها البشرية.  ثم ان هؤلاء البشر، الشهداء ، ضحايا الحروب، هم بشر من مجتمع يفقدهم مجتمعهم ويفقد معهم كل ما تدمره أو تخربه أو تبدده الحروب من مصادر للثروات وموارد للتنمية وفرص للتعليم والثقافة وتقدم نحو حياة أفضل . باختصار ان الحرب ليست صراعا وحشيا فقط بل هي أداة تخريب بشري واقتصادي واجتماعي وثقافي..
من هنا تصدق الدعوة إلى السلام ، على أساس ان السلام ، والسلام وحده ، هو الشرط الذي لا بد منه للتقدم البشري والاقتصادي والاجتماعي والثقافي ، حيث يتفرغ في كل مجتمع لاداء وظيفتهم الانسانية الاصيلة، الصراع ضد ظروفهم المادية لتوظيف مواردهم المتاحة من اجل مزيد من اشباع حاجاتهم المادية والثقافية المتجددة أبدا . أعني تطوير مجتمعهم الى مجتمع الرخاء والحرية.  الرخاء والحرية لكل فرد فيهم . وفي ظل الرخاء والحرية تتاح الظروف الموضوعية للابداع الانساني والتقدم الى ما لا نهاية...  غير ان استمرار كل هذا يكون متوقفأ على أن تظل الموارد المادية المتاحة في كل مجتمع متاحة له بدون انتقاص . وليس من اللازم أن يكون أي مجتمع في كل زمان عارفا بكامل الموارد المادية المتاحة له ، غير ان الانسان المبدع ، القادر، الذي لا يتوقف ولا يمكن ان يتوقف ، عن التقدم الاجتماعي كاتجاه تاريخي نام أبدا بصرف النظرعن تعرجاته المرحلية، كفيل ؛ في ظل السلام ، ان يحيط معرفة بكل ما يملك وأن يستثمره استثمارا مطرد التفوق في أدواته ووسائله الى أن يحول كل " ذرة تراب " الى لبنة في بناء الرخاء والحرية.  وهذا هو ما فرض على البشرية من قبل ، ويفرض عليها اليوم ، وسيفرض عليها غدا، القيمة المتساوية لكل ذرة تراب من، "ارض الوطن " فلا تفرط في ، ولا تتنازل عن ، شبر من أرض الوطن حتى لوكان الشبر مستنقعا من الماء العفن ، أو كان بقعة مجهولة في فيافي الصحارى التي لم تكتشف بعد ، ويسمون مثل هذا التفريط أو التنازل " خيانة ". وهي ليست " خيانة " لانها هدم أو تعويض لبناء اقتصادي أو اجتماعي أو ثقافي قائم فعلا، وليس من الضروري أن تكون كذلك . انها خيانة ان لم تكن لحياة قائمة متوقفة عليها فلحياة قادمة ستقوم عليها. وبهذا تكتسب " الوطنية " أو " الخيانة " البعد التاريخي الذي يصل ما بين أقصى الماضي وبين أقصى المستقبل . وتصبح أرض الوطن وكل ذرة من ترابه ملكية تاريخية مشتركة بين الاجيال المتعاقبة ، وتصبح الوطنية هي الحفاظ لا على ارض الوطن كما هي في زمن معين فحسب بل الحفاظ على بقاء ملكيتها التاريخية للاجيال القادمة ، وتصبح الخيانة الوطنية أو الاعتداء على الوطن ليس مجرد حالة قائمة تهدد الوضع القائم، بل حالة  قائمة تهدد الوضع القادم ، ولهذا يموت الناس ، أي يفقدون علاقتهم باوطانهم نهائيا ، من أجل الاحتفاظ باستمرارية الوطن للاجيال القادمة.
اذن ،
فان الدعوة الى السلام، والسلام الفعلي ، لا يمكن أن يأخذ أحدهما، أو كلاهما، شكلا واحدا في الممارسة ، ذا قيمة واحدة " وطنياً " بصرف النظر عن علاقة السلام بسلامة أرض الوطن. والدعوة الى السلام بصرف النظر عن علاقة السلام بسلامة ارض الوطن دعوة ان لم تكن مثالية منافقة فهى دعوة انهزامية. وممارسة السلام بصرف النظر عن علاقة السلام بسلامة ارض الوطن ان لم تكن استسلاما للهزيمة فهي خيانة وطنية.  وبعكس هذا كله، وفي ظروف تاريخية محددة بان ارض الوطن مسلوبة، تصبح الدعوة الى الحرب التي هي دعوة الى القتل ، هي الدعوة الوحيدة الصادقة للسلام . وتصبح الحرب التي هي ممارسة للقتل والتخريب هي الممارسة الوحيدة الصادقة " للسلام "  .
وعندما يبدأ العدوان لا بد أن يبدأ القتال دفعا له ودفاعا عن أرض الوطن . بكل مقياس ذاتي أو موضوعي، سياسي أو ا قتصادي أو اجتماعي ، بكل مقياس وطني ، اذا تعرضت ارض الوطن للاعتداء يسقط موضوعيا ، الحديث عن السلام في ظل العدوان ، أو الدعوة اليه سواء كانت دعوة الى الوطنيين أو المعتدين ، أو ممارسته ما دامت " أرض الوطن " لم تتحرر نهائيا ، وكل شبر فيها ، نقول يسقط " موضوعيا " لان العدوان كظرف موضوعي يجعل من الدعوة الى القتال وممارسته هي الدعوة الوحيدة والممارسة التي لا ممارسة غيرها ، الصاد قة " موضوعيا " من أجل السلام .
ليس مفهوم السلام وحده هو الذي يتغير فيصبح قتلا وقتالا عندما تتعرض " ارض الوطن " للعدوان ، بل ان " ارض الوطن " ذاتها تصبح ذات مفهوم جديد . انها في ظرف الحرب ليست ذلك المكان الجغرافي المعبأ بالموارد المادية.  الذي يباشر الناس فيه مقدراتهم الا بداعية لتحويل تلك الموارد الى منتجات مادية وثقافية ويحققون فيه الرخاء والحرية . لا.  في الحرب تصبح أرض الوطن ، مصدراً للتعبئة ، ومكانا لحشد القوى وتدريبها، وقواعد ا نطلاق ، " وميدان مناورة وتكتيك وكر وفر ودرعا لتلقي الضربات . أعني تدخل " أرض الوطن " مع أصحابها أتون المعركة عنصرا مؤثرا ومتأثرآ وتكف عن أن تكون مجرد امتداد جغرافي معلوم الحدود.  ذلك لأنه عندما يبدأ القتال من أجل تحرير أرض الوطن ، تصبح غايته ، لا مجرد استرداد مساحة من الارض ، بل تدمير وتصفية مصادر وقوى العدوان نهائيأ والى الأبد ليعود السلام ، وفي ظل السلام فرص الرخاء والحرية.
فمثلا قد يقتضي " النصر " في معركة تحرير أرض الوطن التخلي عن جزء من أرض الوطن بل وحرقه وتدميره.  وقد مارس المدافعون عن الوطن الروسي هذا الاسلوب الناجح في عام 1812 عندما انسحبوا أمام جيوش نابليون الى ان دخل موسكو فأحرقوا مدينتهم الغالية. وعندما انسحبوا أمام القوات النازية الى أن اقتربت من موسكو . كما مارسه الرئيس الراحل جمال عبد الناصر عندما أمر بالانسحاب عام 1956 حتى يحول دون تطويق قواته من الخلف بالقوات الانجليزية والفرنسية التي أنزلت في بورسعيد...
ومثلا قد يقتضي " النصر " في معركة تحرير أرض الوطن نقل القتال الى ما يتجاوز حدوده ومطاردة المعتدين-  أو للوصول الى مراكز تعبئتهم وتدمير وتضييق قواهم وتأمين عدم امكان عودتهم إلى الاعتداء أو الاستمرار في المقاومة.  وهذا ما فعلته قوات الحلفاء في الحرب العالمية الثانية عندما لم تكتف بتطهير الاراضي التي كان النازيون قد احتلوها ثم التوقف عند حدودهم الوطنية بحجة أن " ارض الوطن " قد استردت بل أقتحموا معقل العدوان " المانيا " وحطموا دولة النازي مرة واحدة وإلى الابد ثم جردوا المانيا من أمكانية العودة الى الاعتداء بأن قسموها الى دولتين....
ننتهي من هذا كله الى نتيجة هامة هي :
في حروب التحرير الوطني لا يعتبر كل تخل عن جزء من أرض الوطن هزيمة أو " خيانة " وكل استرداد لجزء من أرض الوطن انتصارأ أو " بطولة  "، انما يتحدد الموقف من ارض الوطن تبعا وطبقا لمتطلبات تدمير وتصفية قوى العدوان الذي لا بد أن يتم مهما طال الصراع ، ولا يتم النصر الا به ، حينئذ ، حين تصبح القوى المعتدية في حالة عجز كامل شامل دائم عن استئناف عدوانها، تكون أرض الوطن قد تحررت فعلا ويكون النصر قد تم فعلاً..  هذا يعني تماما أن أية دعوة للسلام أو ممارسته قبل أن يتم تحرير أرض الوطن بهذا المعنى ، هو أما قبول للهزيمة أو تخل عن جزء من السيادة الوطنية على أرض الوطن أو منح قوى العدوان فرصة زمانية لتعبىء قواها من جديد وتعود إلى الاعتداء .
كل هذا ينطبق على الصراع العربي ضد الاحتلال الصهيوني ويضبط المواقف الصحيحة عن مسألة الحرب والسلام .
ان الصهيونية قد اعتدت على الارض العربية وأحتلت فلسطين وتجاوزتها إلى مزيد من الارض العربية.  والصهيونية منظمة عالمية يقع مركز قيادتها والمجالات الرئيسية لنشاطها . خارج الارض العربية.
ويتسع نشاطها ليتغلغل في كل انشطته على وجه الارض سياسية أو اقتصادية أو اجتماعية او ثقافية.  وهي التي جندت اليهود طواعية وارغاما، وعلمتهم ، ودربتهم ، ومولتهم ، وسلحتهم ونقلتهم الى ا لا رض العربية ليحتلوها . وهي التي اقامت على الارض العربية رأس جسر أسمتها دولة اسرائيل.  وهي التي ما تزال تجند وتعلم وتدرب وتمول وتسلح وتنقل اليهود طواعية او ارغاما لدعم التكوين البشري الغريب الذي يجسد احتلالها للارض العربية . وهى التي تستعمل كل ما تملك من مقدرة سياسية وا قتصادية وثقافية " لابتزاز " دول العالم وارغامهم على تجنيد وتعليم وتدريب ، وتمويل وتسليح ونقل اليهود من تلك الدول الى اسرائيل . وهى التي تستعمل كل ما تملك من مقدرة سياسية واقتصادية وثقافية لتفرض على كثير من الدول في العالم مواقف الدعم لاسرائيل أو حجب الدعم عن حركة التحرر العربي .
ان المنظمة الصهيونية " المعشعشة " في الدول الاوربية والامريكية ودول أخرى هي مكان حشد وتعبئة قوى العدوان على الارض العربية، وهم ا قدم من اسرائيل . واكبر من اسرائيل وأقوى من اسرائيل . لان اسرائيل ليست الا أداتها .
ان اسرائيل الدولة ليست الا أداة الصدام المتقدمة بين الصهيونية والشعب ا لعربي . ولانها أداة الصدام والتجسيد الحي للاحتلال الصهيوني للارض العربية فان المقاومة العربية قد اتجهت إليها منذ البداية وما تزال تركز نضالها التحرري ضد هذا الكيان الذي يجسد الاعتداء ، غير ان ضيق الافق الذي لم ير حرب التحرير العربية الا في نطاق ذلك الجزء المحتل فعلا قد حال- دهرا-  دون ان ترى القوى العربية جبهة الصراع على اتساعها ، ودون ان تمارس دفاعا ضد مراكز تجميع وحشد وتعبئة القوى المعادية ، أي ضد الصهيونية حيث يكون للصهيونية نشاط . هذا في حين انه حتى لو استطاعت القوة الغربية ان تنتزع من الارض دولة اسرائيل فان هذا لن يكون نهاية الصراع.  فكما قال احد قادة اسرائيل بعد حرب 1967 رداً على سؤال ، ماالذي كان سيحدث لو ان العرب استطاعوا دخول اسرائيل واقامة دولة عربية ؟.. قال : كانت حكومة اسرائيل ستنتقل الى الخارج لتواصل القتال الى ان تعود...  دولة اسرائيل .
المهم . ان رؤيتنا الضيقة لطبيعة الصراع ومداه وقواه حبستنا عند عد اشبار أو اميال الارض المحتلة، ما اخذوه وما استرجعناه ، فأخضعنا الحرب واستراتيجيتها وتكتيكها للعامل الجغرافي وحده واصبح صراعنا من اجل ان " نسترجع ارض الوطن " لا من اجل " تحرير ارض الوطن " الاول استرجاع مادي مؤقت تحت ظل التهديد بالغزو مجددا ، والثاني تصفية لاسباب العدوان، وتحرير ارض الوطن من مخاطر الاعتداء عليها مرة أخرى ... ان الرؤية العربية غير الواقعية، أي التي لا تحيط بواقع الصراع وحقيقة قواه ، هي التي مكنت قوى العدوان من ان تلتقط انفاسا في هدنة 1948 لتعود فتستولي على مزيد من الارض، هى التي مكنتها من ان تعد عدتها ثم تعود للاستيلاء على الارض منزوعة السلاح وتقيم لها ميناء على خليج العقبة ، هي التي مكنتها بأن تأخذ الوقت الكافي للاعتداء على سيناء سنة 1956، هي التي مكنتها لتبدأ سنة 1957 للتعبئة والتدريب والاستعداد لتنفيذ خطة العدوان الذي وقع سنة 1967، هي التي مكنتها من ان تعيد تنظيمها داخليا وتعوض ما خسرته في حرب 1973 استعدا دا لاعتداء جديد ، بل للبقاء على الارض التي احتلتها سنة 1967 .. ذلك لاننا في كل مرة كنا ننظر تحت أقدامنا لنعد ونقيس الا شبار والامتار التي تقهقرنا عنها او تقدمنا اليها..  متصورين خطأ أن " ارض الوطن " -  في خلال الحرب-  هي قيد على حركة قتالنا وليست جزءا من أدوات ذلك القتال...
وتكاد هذه الرؤية الضيقة أن تقود خطانا إلى المأزق في استكشاف فرص السلام . لا شك في انه ما دامت حالة الحرب قائمة فان النشاط القتالي أو التوقف عنه مؤقتا، التقدم أو التقهقر، صوت المدافع أو صوت الدبلوماسية لا يتناقض-  اذا توافرت اسبابه الموضوعية-  مع استمرار الصراع .. واسبابه الموضوعية قد تكون أي شيء الا " اليأس " من النصر، أي " اليأس " من تحرير أرض الوطن ، لان اليأس عنصر ذاتي وليس عنصرا موضوعيا.  ومن اليأس انهاء حالة الحرب وممارسة السلام قبل ان تتحرر أرض الوطن ، اي قبل ان تدمر وتصفى قوى العدوان  ..
ومع ذلك ، فانها هي الدول الكبرى تعرض علينا السلام بدلا من الحرب.  وتقدم تلك الدولة من مقدرتها على الحيلولة دون العدوان ضمانا تقول انه يغني عن القتال . ويدور الحديث ويذهب السيد كيسنجر ويجىء " كالماكوك  "، وتبارك كثيرا من الدول مساعيه من أجل السلام ، ومطلوب من العرب انهاء حالة الحرب...
ولكنهم ، يستغلون رؤيتنا الضيقة للصراع مداه وقواه ، ويقيسون فرص السلام بالاشبار والامتار أو الاميال من ارض الوطن . وأسترداد كل شبر من ارض الوطن امر لا بد منه ، والتخلي عن اي شبر من أرض الوطن خيانة ، ومع ذلك يبقى الفيصل بين الحرب والسلام هو تحرير أرض الوطن بتصفية قوى العدوان عليه وليس مجرد الزحف الى الحدود الوطنية.  فما الذي تقدمه الدول الكبرى أو الصغرى ليغرينا بالسلام بديلاً عن الحرب ..؟
في ارض فلسطين  يقدمون لنا بعض الارض ثمنا لبعض الارض .
وهكذا تتحول معارك التحرر الوطني الى مساومة على " ارض الوطن " .  ان ما يقدمونه في الضفة الغربية او غزة ارض عربية ان يتخلى عنها العدو وتعود إلى اصحابها ، نحن.  ولكن هذا لا يعني ان ما بقي من فلسطين محتلا ليس ارضا عربية من حقنا نحن . انهم يقدمون لنا " رشوة " من أموالنا ذاتها ، نقبض شيئا لنفقد شيئا آخر.  والشيء هنا هو ذلك الشيء الذي لا يملك أحد المساومة عليه أو التنازل عنه أو التفريط فيه.  انه أرض الوطن  .
وفي غير ارض فلسطين يقدمون لنا ارضنا بدون سيادة . أرضآ تكون " مقيدة " باسمنا في سجل الدولة ، نرفع عليها رايتنا ولكن لا نقيم فيها ولا نستثمرها ولا نوظفها من اجل تقدمنا لانها ارض "منزوعة السلاح "، اي مجردة فمن يحميها.  كأن ارض الوطن مجرد موضوع لملكية فارغة وليست مصدرآ للحياة.  ومن هم اولئك الذين سيذهبون للحياة في أرض مجردة عمن يحميهم من الاعتداء الممكن المتربع قريبا منهم .
ثم تقدم لنا تلك الدول ارادتها ضمانا لتحرير ارض الوطن . وقد تكون ارادتها صادقة لاتفاق مصالحها " الحالية " مع انهاء القتال في منطقة النفط العربي ، ولكن اي ضمان تقدمه تلك الدول ضد مخاطر المستقبل . مستقبل تكون مصالحها متفقة فيه مع ردع العرب عن التقدم الى الوحدة مثلا ، أو الاشتراكية مثلا.  انه مستقبل يبدو من الان غير مضمون فان الولايات المتحدة الامريكية تهددنا علنا بالغزو عندما تقرر هي ان اقتصادها وصل الى تلك المرحلة الغامضة مرحلة تسميها  "الاختناق " .
اكثر من هذا وافدح..
ان تلك الدول التي تساومنا على السلام مع اسرا ئيل . واسرا ئيل ليست ألا رأس جسر الصهيونية، هذا في الوقت الذي تسمح بأن توجد على أرضنا وتنشط المنظمة الصهيونية التي هي مركز تجنيد وتعبئة القوى المعتدية.  الولايات المتحدة الامريكية ودول اوربا تسمح للقوى المعادية للأمة العربية بأن تقيم على أرضها مؤسسات وتدير نشاطات غايتها تجنيد وتعبئة وتدريب ونقل المعتدين إلى الارض العربية والاتحاد السوفياتي يستجيب-  في هذه الخصوصية وحدها-  للابتزاز والضغط الصهيوني ويسمح لرعاياه " بحق " التخلي عن انتمائهم اليه ، وهو مفهوم ليبرالي لا يتفق مع ابسط قواعد الماركسية وهو يعلم انهم يتخلون عن مواطنتهم السوفيتية لتجندهم الصهيونية وتعبئهم وتدربهم وتنقلهم الى الارض العربية ، دعما للعدوان على " ارض الوطن " ...

ثم يد عوننا جميعا الى السلام . امريكا تقدم السلام خطوة خطوة.  والاتحاد السوفياتي يريدنا ان نحضر صفقة السلام دفعة واحدة في جنيف.  وهو من هنا ومن هنا سلام زائف لا علاقة له بسلامة " أرض الوطن " وطننا ، حتى لو كان فيه قدر موهوم من سلامة ارض اوطانهم . ان الشيء الوحيد الذي يمكن ان يقنع الشعب العربي بان تلك الدول تريد السلام لنا، ولا تشتري سلامة ارضها بأرضنا هو-  على الاقل-  ان تمنع وتصفي قوى العدوان علينا التي تقيم على أرضها وتعبىء رعاياها وتبتز اموالها .. ان اية دولة تبيح للصهيونية ان تنشط في ارضها متنازلة عن سيادتها ذاتها ، أو تخضع للضغط الصهيوني متنازلة عن حق رعويتها ، انما هي فعلا، وموضوعيا ، تساهم في تعبئة قوى العدوان على الامة العربية وفي ظل هذا المسلك لا تكون كلمة السلام منها صادقة ، بل تكون استدراجا لنا باسم السلام لننهي حالة الحرب ، لنكف عن معركة تحرير ارضنا ، لندفع من  "ارض الوطن " الغالي ثمنا لسلامة الدول وفرصة لتعد الصهيونية العدة من جديد لاقامة دولتها على الارض العربية من النيل الى الفرات..
وهذا لن يكون






ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق