بوصلة لا تشير الى القدس مشبوهة

بوصلة لا تشير الى القدس مشبوهة
مدونة الفكر القومي التقدمي

بحث هذه المدونة الإلكترونية

المرافعة في قضية الحزب الشيوعي .

 

مرافعة الدكتور عصمت سيف الدولة في قضية الحزب الشيوعي .

القبس عدد 4623 بتاريخ 27 – 3 – 1985 .

ثمة مصادفة .. أن تجيء محاكمة مجموعة من شباب مصر بسبب معارضتهم لسياسة الرئيس الراحل أنور السادات الخاصة بالتفاوض والصلح والاعتراف بإسرائيل وتوقيع معاهدة للسلام معها .. في ذكرى مرور 6 سنوات بالضبط على توقيع تلك المعاهدة في 26 مارس 1979 .

وأمام محكمة أمن الدولة العليا في القاهرة وقف أمس واحد من أبرز المحامين المصريين هو الدكتور عصمت سيف الدولة ليعلن في مرافعته دفاعا عن المتهمين ان هذه المعاهدة أولا وقبل كل شيء خروج صريح على الدستور الذي يحرم أصلا الاتفاق والصلح مع إسرائيل بنصوص صريحة وقاطعة .

استطاع الدكتور سيف الدولة أن يحول الجلسة الى محاكمة لمعاهدة السلام "في عيدها السادس" ومحاكمة لإسرائيل ولأمريكا .. ولأنور السادات نفسه ..

وفي مرافعته دفاعا عن المتهمين قال : ان الأوراق المضبوطة لديهم تتضمن ملحمة رائعة من النضال البطولي بالرأي الصائب والكلمة الصادقة ضد مقدمات ونتائج معاهدة السلام وفيها وصفت الاتفاقيات مع إسرائيل بانها خيانة وبأنها تفريط في السيادة الوطنية .

فقد واصلت محكمة أمن الدولة العليا قي القاهرة أمس نظر القضية السياسية المسماة باسم قضية الحزب الشيوعي المصري غير المشروع والمتهم فيها أحمد نبيل الهلالي المحامي البارز وعضو نقابة المحامين وحسين عبد الرازق رئيس تحرير صحيفة الأهالي الناطقة باسم حزب التجمع وزوجته الكاتبة الصحفية فريدة النقاش واخرون . استمعت المحكمة أمس الى الجزء الأول من مرافعة الدكتور عصمت سيف الدولة المحامي دفاعا عن المتهمين والذي خصصه لتفنيد بند واحد من البنود التي قيل أن الأوراق المضبوطة لدى المتهمين قد تضمنتها وهي معارضة الاتفاق مع إسرائيل ومهاجمة المعاهدة المصرية – الإسرائيلية .

وقال الدكتور عصمت سيف الدولة : ان الحديث عما جاء في الأوراق المقدمة من مباحث أمن الدولة من نقد للاتفاق مع إسرائيل . وهو نقد كثير وحاد نافذ في الصميم ، ضروري ومهم ، لنعرف ما اذا كان مشروعا أو غير مشروع ، فيكون حديثنا عنه هو الحديث عن جوهر هذه القضية ، ذلك لأن الباعث الأساسي لصنع هذه القضية هو عدم رضا حكام ذلك الوقت عن معارضة الاتفاق مع إسرائيل وحساسيتهم المفرطة من أي نقد لمبدأ الاتفاق أو لمضمونه .

ومن هنا نستطيع أن نقول أن هذه الدعوى الجنائية هي عند الذين صنعوها دعوى تأديبية أرادوا بها أن يُروّعوا كل كلمة معارضة للاتفاق مع إسرائيل . والدليل على هذا ثابت في الأوراق . وقد اشرنا من قبل الى أن بلاغات مباحث أمن الدولة وأذونات المراقبة قد تمت على ثلاث مراحل : كانت المرحلة الأولى ما بين 11 يوليو 1978 وحتى 12 أكتوبر 1978 وهي الفترة التي دارت خلالها واستغرقتها المفاوضات التي انتهت بالتوقيع على اتفاقيات كمب دايفد في 17 سبتمبر 1978 ، وقد انتهت المفاوضات الى ما أرضى الحاكمين فتوقفت البلاغات ولم تُجدّد أذونات المراقبة وبقيت المنظمة التي تسميها مباحث أمن الدولة الحزب الشيوعي المصري قائمة كما يقول شهود المباحث دون أن يروا فيها ما يستحق التبليغ أو المراقبة .

أما المرحلة الثانية فكانت ما بين 29 مايو 1979 أي بعد سبعة أشهر من الهدوء و27 يونيو 1979 وهي الفترة التي تلت التوقيع على اتفاق 26 مارس سنة 1979 واتخذ فيها الجدل حول ذلك الاتفاق أشكالا حادة أسهمت فيها المعارضة البرلمانية والحزبية وكان فيها رد فعل الحكومة عنيفا الى درجة حل مجلس الشعب واجراء انتخابات جديدة في 7 يونيو 1979 .

وقال الدكتور سيف الدولة في مرافعته أنه في هذه الفترة الثانية التي عاد فيها الجدل حول مبدأ الاتفاق مع إسرائيل وتعارضت المواقف عادت مباحث أمن الدولة أن ثمة جريمة "جاهزة" في ملفاتها منذ 1975 يمكن استخدامها في البطش ببعض الذين يعارضون الاتفاق مع إسرائيل .

أما الفترة الثالثة فكانت من 1 أغسطس 1979 حتى رفع هذه الدعوى وتلك مرحلة تستند مباشرة الى الاتفاق المبرم مع إسرائيل . فقد رأى الذين وقعوا اتفاق 26 مارس سنة 1979 مع إسرائيل ان يلزموا أنفسهم ، لا أدري كيف ، بأن يقدموا الى المحاكمة أي مصري يناهض أو يشترك في مناهضة المصالح الإسرائيلية ثم أضافوا تعبيرا أصبح مصطلحا عند أصحابه .. على الشيوعيين هو : "النشاط الهدام"  .. بدون أن يحدّدوا في اتفاقهم ماهية الجرائم التي تعهّدوا بتقديم معارضي الاتفاق للمحاكمة عليها ..

معارضة الاتفاق .. والقضية

واستطرد الدكتور عصمت سيف الدولة في مرافعته قائلا : انه لولا معارضة الاتفاق مع إسرائيل لما كانت هذه القضية . وأضاف ام الملايين من أبناء الشعب الطيب الصبور الذي جنوا عليه بما حمّلوه من أثقال وقيود تحت عنوان "معاهدة السلام" لم تتح له فرصة من قبل ليستمع القضاء العادل الى دفاع الشعب المؤمن فشاء الله أن يختاركم لتنظروا قضيته . وشاء الله أن نكون لكم معاونين . ولا يزال التاريخ منتظرا قضاءكم العادل في أخطر قضايا مصر من خلال قضائكم فيما اذا كان ما تضمّنته الأوراق المقدمة من طعن "معاهدة السلام" ومُبرميها والموافقين عليها حقا أم بغيا . لا طبقا لأية نظرية أو أي مذهب سياسي ، بل طبقا لتلك النصوص التي لا يُتلى غيرها في محراب عدالتكم : الدستور والقانون .

لقد حُظيت معاهدة السلام التي ابرمها رئيس الجمهورية السابق (يقصد الرئيس أنور السادات) مع المؤسسة الصهيونية المسماة إسرائيل يوم 26 مارس 1979 وما سبقها وأدّت اليها اتفاقيات كمب دايفيد أكبر قدر من عناية محرّري الأوراق المقدمة من مباحث أمن الدولة في الدعوى الماثلة أمامكم . وهكذا جاءت أغلب الأوراق المقدمة متضمّنة ملحمة رائعة من النضال البطولي بالرأي الصائب والكلمة الصادقة ضد مقدمات ونتائج معاهدة السلام وفيها وصف الاتفاقيات مع إسرائيل بأنها خيانة . وبأنها تفريط في السيادة الوطنية ، وبأنها استسلام للعدو ، وبأنها تحالف مع الصهيونية ضد الشعب العربي الفلسطيني ، وبأنها تبعية للولايات المتحدة الأمريكية ، وبأنها فساد لثقافة الشعب واضرار بمصالحه . وفي الأوراق دعوة حارة منذ سنة 1978 الى مقاومة كل هذا تحت الشعار الذي عنوانه "لتسقط المؤامرة الأمريكية الإسرائيلية ولترفع رايات الوطنية المصرية" لمقاومته بالأسلوب الذي اختاره محررو تلك الأوراق وصاغوه على الوجه الاتي :

ان على طلائع هذا الشعب السياسية أن تنهض الى واجبها في مقاومة هذا التضليل وفي اضاءة الطريق للشعب مهما كانت شراسة النظام . اننا نخاطب الوفديين والاشتراكيين وأعضاء حزب الجبهة الوطنية والتجمع التقدمي ورجال الحزب الوطني القديم . نخاطب كل قيادة طبقية في موقعها النقابي أو الاجتماعي . نخاطب كل مخلص للوطن . اننا نطالب كل هؤلاء جميعا بالنهوض الى واجبهم والى تعبئة شعبنا السلمية كلها ، عمّاله وفلاحيه ومثقفيه الوطنيين وجنوده وضباطه البواسل ورأسماليه الذين لا يقبلون السحق تحت الاقدام الامريكية الصهيونية ، فلننهض جميعا لنسقط المؤامرة وننقذ كرامتنا الوطنية ونسترد لشعبنا شرفه الوطني والقومي ..

وتساءل الدكتور عصمت سيف الدولة في مرافعته قائلا : فهل في ذلك خطأ أو أنه نموذج للفعل المشروع !

واستطرد : نحتكم الى الدستور .. المقياس الوحيد للمشروعية ومصدر كل فعل أو أمر أو نهي أو قانون . نتذكر بعض الوقائع المسلمة ونذكر بعض أحكام الدستور وبعض نصوص القانون التي أبرمت في ظلها الاتفاقيات مع إسرائيل وحُرّرت في ظلها الأوراق المقدّمة (التي ضُبطت مع المتهمين) والتي حدّد أمر الإحالة فترتها الزمانية بأنها ما بين 1977 ويوم 16 مارس 1980 .

حرب 5 يونيو بإذن أمريكا

مما يدخل في نطاق العلم العام وما هو مسلم به في الوقت ذاته أنه في يوم 5 يونيو سنة 1967 شنت إسرائيل ضد مصر وسوريا والأردن حربا هجومية خاطفة ثبت أنها كانت بإذن ودعم ومشاركة الولايات المتحدة الامريكية بقيادة ليندون جونسون . وأن غايتها كانت إيقاف ثم تصفية دور مصر القيادي للأمة العربية وعزلها داخل حدود اقليمها وإيقاف وتصفية التحول نحو الاشتراكية في مصر وفتح سوقها للبضائع الأمريكية .. في النهاية تصفية العلاقات العربية السوفيتية وفرض سيطرتها على مصادر البترول في الوطن العربي .

أما بالنسبة لإسرائيل فقد كانت غايتها أن تفرض على الدول العربية وعلى رأسها مصر انهاء حالة الحرب والاعتراف بها وضمان مرور سفنها والاساطيل الامريكية في قناة السويس وكف مساعدتها للمنظمة الثورية الفلسطينية الناشئة في ذلك الوقت "فتح" ولم تكن أحلام إسرائيل لتمتد – في ذلك الوقت – الى حد تبادل السفراء والتعاون الاقتصادي والتجاري والثقافي و"الصداقة" .

وتساءل الدكتور عصمت سيف الدولة : من قال هذا ؟ وأجاب عن سؤاله قائلا : قاله رئيس الجمهورية السابق (ويقصد أنور السادات) .

قال في خطابه في أسيوط يوم 11 يناير سنة 1981 " ان أمريكا نفت ونسبت وتجاهلت ابلاغها الرسمي لنا قبل حرب 1967 بضمانها السلام وانها ضد من يبدأ العدوان ، لكن أحنا مش ناسين .. وله حساب .. ضروري له حساب .. وعلى أمريكا أن تعلم أن الذي أعطى إشارة البدء بالحرب هو الرئيس الأمريكي جونسون ولن ننساه . ان أمريكا تقف خلف إسرائيل بان لا تجلو عن أي شبر والأمريكان هم الأعداء الاصليون وليس الإسرائيليين لأن إسرائيل خط الدفاع الأول لصالح أمريكا بالمنطقة" .

وقال أمام مجلس الشعب في 11 نوفمبر 1981 : "اننا نعتبر الولايات المتحدة المسؤول الأول عن إسرائيل . ان سيل الأموال الذي يتدفق في الاقتصاد الإسرائيلي والسلاح الذي تمسك به إسرائيل يجيء كله من الولايات المتحدة الامريكية . ان طائرات الفانتوم التي أغارت على مدننا ومصانعنا وعلى مدارسنا ليست مجرد صناعة أمريكية وحسب ولكنها عطاء أمريكا لإسرائيل " . وقال في الخطاب ذاته : "ان أوضح الأهداف الامريكية في المنطقة هي : 1 – اخراج الاتحاد السوفييتي منها . 2 – عزل مصر عن الامة العربية ونحن لا نستطيع القبول تاريخيا ومصيريا بمثل ذلك لأن مصر جزء من الأمة العربية قدرا ومستقبلا . 3 – ضرب التجربة الاشتراكية في مصر ونحن نؤمن بطريقنا في التطور ونصمّم عليه الى اخر مدى " .

وتعرّض الدفاع لحق مصر دولة وشعبا في تحرير أراضيها . وعرض فقرات مطوّلة لجميع خطابات الرئيس السادات وأحاديثه الصحفية التي كان يعلن فيها رفضه التام للتفاوض مع إسرائيل أو الصلح معها أو الاعتراف بها . وقال ، ان كل هذا الذي قاله رئيس الجمهورية السابق ، عن رفض المفاوضة مع العدو المحتل في ظل الاحتلال كان مشروعا طبقا لدستور مصر . وبه كان رئيس الجمهورية السابق معبرا تعبيرا صادقا عن ولائه لليمين الدستورية التي أقسمها وكانت تسانده في موقفه نصوص القانون الدولي أيضا .

رئيس الجمهورية غير رأيه

واستطرد الدكتور عصمت سيف الدولة في مرافعته قائلا :

ان التجربة المرة .. شديدة المرارة قد ساندت ذلك الموقف المعقول المشروع دستوريا ودوليا . وبعد حرب أكتوبر 1973 غير رئيس الجمهورية السابق رأيه في شرعية المفاوضة مع العدو في ظل الاحتلال وظن - رحمه الله - أن المسالة كلها مسالة نفسية قد تعالجها المجاملة فاتصل بالعدو ورتّبا معا زيارة مذهلة في جسارتها الى القدس المحتلة يوم 19 نوفمبر 1977 كانت فاتحة المفاوضات التي جرت بعد ذلك . ثم بين سيادته بعد شهرين فقط من الزيارة أن المفاوضات مع العدو في ظل الاحتلال ليست غير مشروعة فحسب بل "مهزلة" كما عبر هو عنها في احدى خطبه .

فيما بعد غير السادات موقفه مرة أخرى وفاوض واتفق واصطلح ولكن دستور اول سبتمبر 1971 لم يكن قد تغير ، والاحتلال الإسرائيلي كشرط مسبق للمفاوضات لم يكن قد تغير . وحقيقة أن إسرائيل قد فرضت الشروط التي لم تستطع فرضها بعد هزيمة 1967 لم تتغير . كذلك لم تتغير مواقف المواطنين الذين لم يروا أنفسهم ملزمين دستوريا أو قانونيا أو وطنيا أو سياسيا أو أخلاقيا بتغيير مواقفهم أو آرائهم كلما غير رئيس الجمهورية مواقفه واراءه ، فظلوا يعبّرون عن ذات المواقف والآراء التي كان يعبّر عنها رئيس الجمهورية قبل أن يغير موقفه ورأيه .

وقال الدكتور سيف الدولة : ان من بين هؤلاء المواطنين محرر المنشور الذي قال فيه : ان معاهدة السلام هي معاهدة سلام مقابل مجرد وعد وهي صك استسلامي اذ أن على مصر أن توقع معاهدة السلام مقابل ماذا .. وعد .. مجرد وعد تضمنه الولايات المتحدة الأمريكية فهل عرف التاريخ شيئا من هذا الا في حالة دولة منتصرة تفرض شروطها على دولة مهزومة ! أليس هذا استسلاما سافرا لإسرائيل !

قول مشروع أم غير مشروع

وتساءل الدفاع : هل هذا القول مشروع أو غير مشروع ؟ ان كان الدستور وما يفرضه على كل المواطنين من واجب الدفاع عن استقلال الوطن وسلامة أراضيه هو مقياس الشرعية ومصدرها فهو قول مشروع . أما اذا كانت اراء رئيس الجمهورية هي مقياس الشرعية ومصدرها فقد كان هذا القول مشروعا حتى يوم 21 يناير 1978 تاريخ خطاب رئيس الجمهورية السابق الى مجلس الشعب ثم أصبح بعد ذلك غير مشروع . فانظروا أنتم - أعضاء المحكمة – كيف تحكمون .

واستطرد في دفاعه : ما بين مشروعية نقد قبول المفاوضة في ظل الاحتلال ومناقشة مدى مشروعية نقد الاتفاق الذي أسفرت عنه المفاوضة قفزة لا نريد أن نقفزها ، فمهما يكن التزامنا بالدفاع عن المتهمين فان التزامنا بالصدق ذو أولوية مطلقة . ولن يكون صادقا القول بأنه ما دام رئيس الجمهورية السابق قد استسلم لشروط إسرائيل بالتفاوض في ظل الاحتلال ، فان ما أسفرت عنه المفاوضة يتضمن بالضرورة تفريطا أو مساسا بسيادة مصر . ان هذال الاستنتاج اللفظي لا يصلح للتدليل أمامكم على مشروعية معاهدة السلام . هذا بالإضافة الى أنه سيكون ظلما للتاريخ ولذكرى رئيس جمهورية مصر العربية السابق أن يقال أن المفاوضة غير المشروعة قد أدت الى تفريط وتنازل غير مشروعين .

لا . العبرة هي مشروعية نفد المعاهدة أو عدم مشروعيته بما قبله في المفاوضة وارتضاه وليس بإقدامه على المفاوضة في ظل الاحتلال . العبرة بما جاء في معاهدة السلام وليس بكون هذه المعاهدة جاءت نتيجة مفاوضة غير مشروعة . العبرة بالمضمون مع التمسك بأن الشكل كان باطلا . فلنعد الى معاهدة السلام لنرى بماذا جاءت الى مصر .

وعاد الدكتور سيف الدولة يعدّد مواقف وأراء وتصريحات الرئيس السادات قبل توقيع الاتفاقية مباشرة ومنها قوله : "الطبيعي انه من غير الممكن أن يُطلب من أحد تقديم التنازلات منفردا ولكن الحقيقة تظل أننا قد أعلنا عن استعداد مخلص للوفاء بكل التزاماتنا في ظل التعريفات الخاصة بضرورات السلام وذلك بالاتفاق مع قرار مجلس الأمن رقم 242 والتسوية الشاملة لهذا القرار كما هو الحال في أي صراع اخر يتضمن توازنا دقيقا في مجموعتين من الالتزامات التي تقبل الوفاء بها ومن بينها انهاء حالة الحرب والسماح بالمرور البريء خلال مضايق تيران" . ثم قال مخاطبا مستمعيه في نادي الصحافة القومي في واشنطن : "وانني أثق في أنكم توافقونني على ذلك أيها الأصدقاء ، انه يظل على الطرف الاخر أن يُقدِم على عمل مماثل وذلك بإظهار رغبته وتحمّل التزاماته داخل اطار التسوية الشاملة وبطريقة أكثر تحديدا فهو مطالب بقبول الاتي : 1 – الانسحاب من كل الأراضي العربية المحتلة من 5 يونيو . 2 – وتمكين الشعب الفلسطيني من ممارسة حقه الطبيعي في تقرير مصيره . 3 – توفير الضمانات اللازمة لأمن الدول العربية" .  

يقول الدكتور عصمت سيف الدولة في مرافعته : فيما بعد غيّر رئيس الجمهورية السابق وجهة نظره . فبدون انتظار وبدون مقابل وبدون ضمان وبصرف النظر عما اذا كان الاتفاق سينفذ أو لا ينفذ تضمّنت الوثائق الموقعة يم 26 مارس 1979 المسمّاة معاهدة السلام التزاما صريحا ينفذ ويصبح أمرا واقعا فور تبادل التوقيعات على المعاهدة مضامينه هي : انهاء حالة الحرب مع إسرائيل . والامتناع عن التهديد باستعمال القوة أو استخدامها ضد إسرائيل على نحو مباشر أو غير مباشر . وكفالة عدم صدور أي فعل من أفعال الحرب أو الأفعال العدوانية أو أفعال العنف أو التهديد بها من داخل مصر حتى لو لم تكن صادرة من قوات خاضعة لسيطرة مصر أو مرابطة على أراضيها اذا كانت تلك الأفعال موجهة ضد سكان إسرائيل أو مواطنيها أو ممتلكاتها والامتناع عن التنظيم أو التحريض أو المساعدة أو الاشتراك أو أي فعل من أفعال الحرب أو أفعال العدوان أو النشاط الهدام أو أفعال العنف الموجه ضد إسرائيل ومحاكمة أي مصري يقيم في أي مكان في العالم أو أي أجنبي في مصر ينظم أو يحرض أو يساعد أو يشترك في أي فعل عنف ضد إسرائيل والامتناع عن أية دعاية ضد إسرائيل ،  وفتح قناة السويس لمرور السفن والشحنات الاسرائيلية وفتح مضايق تيران للملاحة البحرية والجوية لإسرائيل .

وقال ان هذه المعاهدة أولا وقبل كل شيء خروج صارخ على الدستور . الدستور الذي يحرم أصلا الاتفاق والصلح مع إسرائيل بنصوص صريحة وقاطعة .

ولم ينته بعد د.عصمت سيف الدولة المحامي من مرافعته وتأجلت القضية لاستكمال المرافعة .



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق