بوصلة لا تشير الى القدس مشبوهة

بوصلة لا تشير الى القدس مشبوهة
مدونة الفكر القومي التقدمي

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الخميس، 25 يونيو 2020

عبد الناصر والحملة الظالمة .. / « 3 » عبدالله امام .

عبد الناصر والحملة الظالمة .. « 3 »

عبدالله امام .

حزب الباشا... وثورة يوليو

في القائمة الأولى للأرض التي استولت عليها الثورة في سبتمبر 1952 من الإقطاعيين ووزعتها على الفلاحين تأتي أسرة سراج الدين بعد أسرة الملك السابق.

وكانت الثورة قد أصدرت قانونا للإصلاح الزراعي يترك للمالك وأسرته 300 فدانا ، وتستولى الدولة على ما زاد عن ذلك لتوزعها على المعدمين.

وكان هذا القانون سببًا في صدام بين الثورة والوفد، وعلى وجه التحديد بين الثورة وفؤاد سراج الدين.
ولو وافق سراج الدين على إنصاف الفلاحين، وعلى الإجراءات الاجتماعية للثورة، لتغير أيضا مستقبل الحياة السياسية في مصر. فالضباط الشبان كان من آمالهم إقامة العدل الاجتماعي بعد أن استفزتهم مظاهر الفوارق الرهيبة بين الجياع وبين الذين يستوردون بالطائرة الطعام ساخنًا من مطعم ماكسيم بباريس.
ولكن فؤاد سراج الدين بالذات عرقل اللقاء بين الثورة والوفد. لأسباب سوف نرى أنها منطقية من وجهة نظر مصالحه العائلية.. وكان عبد الناصر قد التقى بسراج الدين أكثر من مرة في محاولة لإقناعه بقانون الإصلاح الزراعي.

فلم يكن ثمة عداء بين الثورة وبين حزب الوفد، رغم ما كان الضباط عليه من ملاحظات تمس النزاهة وصلابة الموقف مع القصر.

وتغاضت الثورة من ذاك، وحاولت الالتقاء مع الوفد وكان الأمل أن يكون دعمًا لإجراءاتها في تحقيق العدل الاجتماعي.

وفي اجتماع للجنة التحضيرية يروى جمال عبد الناصر قصة أربعة لقاءات تمت بينه وبين فؤاد سراج الدين، وموقف حزب الوفد من قانون الإصلاح الزراعي، ولم يظهر طوال هذه السنوات من يصحح واقعة، وقد كان المؤتمر الذي ذكرت فيه هذه الوقائع يضم مختلف القيادات، ووقف الكثيرون يعارضون عبد الناصر ومعارضتهم تذاع على الهواء، ويستطيع الباشا أن يجد إلى جواره الآن خالد محمد خالد الذي وقف في المؤتمر يروي كيف طردته أسرة البدراوى عاشور من الأرض هو وعائلته وهي أسرة الباشا..
قال جمال عبد الناصر في ذلك الاجتماع:

« تجربة 23 يوليو، أنا لما بقول على هذه التجربة اللي مرت في العشر سنين اللى فاتت باقولها علشان بنشوف الدروس اللى احنا قدمناها، ولكن كنا نعبر عن أمل الشعب في القضاء على الملكية الفاسدة والقضاء على حكم أعوان الاستعمار، ولكن لم يكن في خاطرنا أبدا أن نحكم كنا نعتقد أننا قد نستطيع أن ننفذ المبدأ السادس أو الهدف السادس من أهداف الثورة وهو حياة ديمقراطية نطمئن لها ويطمئن لها الشعب.

« كان بيبان لنا من أول يوم أنه عمل سهل خصوصًا بعدما خرج الملك وبعد ما تخلصنا منه وطلبنا من حزب الوفد أن يطهر نفسه من المستغلين، ثم طلينا منه أن يستعد ليتولى الحكم باعتباره كان قبل كده يمثل الأغلبية، ولكن كان لنا طلب واحد وهو أننا حين ننفذ الهدف السادس أو حين نضع الهدف السادس من أهداف الثورة أومن مبادئ الثورة موضع التنفيذ وهو إقامة حياة ديمقراطية سليمة، لم يكن لنا بأي حال من الأحوال أن نهمل الأهداف الخمسة الأخرى والتي تقضي بالقضاء على الاستعمار وأعوان الاستعمار، والقضاء على الإقطاع، والقضاء على الاحتكار وسيطرة رأس المال، وإقامة عدالة اجتماعية، وإقامة جيش وطنی، فطالبنا أن تتعهد الأحزاب وأن يتعهد الوفد بالذات بوضع هذه الأهداف موضع التنفيذ.

وكان البلورة الاولى لإقامة حياة اجتماعية سليمة أو إقامة عدالة اجتماعية البلورة تحديد الملكية أو تنفيذ قانون تحديد الملكية حصلت اتصالات مع الوفد - اجتمعت مع فؤاد سراج الدين أربع مرات من أجل بحث هذا الموضوع.. اجتمع مجلس إدارة الوفد مرة واثنين وثلاثة وأربعة ليبحث طلبنا. طلبنا كان تحديد الملكية، تحديد الملكية بـ 200 فدان و100 فدان للأبناء، يعني تحديد الملكية كل 300 فدان.
كانت أية النتيجة طوال هذا الاجتماعات، كانت هناك محاولات من جانبنا لإقناعهم وكانت هناك محاولات من جانبهم لإقناعنا.

احنا كنا بنطالب بتحديد الملكية وتوزيع الأرض على الفلاحين على أساس أن هذه هي الوسيلة الوحيدة التي تحرر الفلاح الذي نشأ في الأرض، ملازم الأرض والذي اعتبر سلعة في الأرض، عبد للأرض. ملك لمالك الأرض. ملك للإقطاعى. هم كانوا بينظروا للأرض نظرة أخرى. كانوا بيقولوا إذا كنتم عايزين تحددوا الملكية طيب ما تفكروا في أسلوب آخر، فكروا في الضرائب التصاعدية، قد تساعدكم في رفع دخل الخزانة وتساعد في رفع ميزانية البلاد، كان مفهوم بيختلف عن مفهوم، كنا بنقول إن احنا مش عايزين فلوس للخزانة ولكنا نريد أن نحرر الإنسان، هم ماكانوش بيفهموا معني تحرير الإنسان بالكلام اللي احنا بنقوله وبيعتبروه كلام شعارات، كلام ما بيجيش عنه ناتج ولا عائد. ولكن الناتج والعائد يمكن بيجي من الضراب التصاعدية، وعلى هذا الأساس لم نستطع أن ننفق.
ما اتفقنا أبدا. هم كانوا بيفكروا بعقلية واحنا كنا بنفكر بعقلية. احنا كنا بنقول نريد الفلاح أن يمتلك حتى يكون حر ويستطيع أن يقول أيوه أو لا..طالما هو متملك الأرض يشعر بحريته، والحرية مش معناها بأي حال من الأحوال برلمان وقبة برلمان وشعارات ديمقراطية ولكن الحرية في حرية الفرد. إذا استطاع الفرد إنه يقول أيوه واذا استطاع أي فرد أنه يقول لا يبقي حر، لكن الفرد إللى ملازم للأرض وملازم للإقطاعى واللى بيشتغل في الأرض مع الإقطاعي زيه زي البهایم إللى موجودة عنده لا يمكن بحال من الأحوال إنه يشعر بالحرية ولا يمكن إلا إن يكون تابع للإقطاعي وليس لإرادته أي قيمة.

على هذا الأساس رفضوا هم تحديد الملكية الذي طلبناه، رفضوا إنهم يحكموا رفضوا أن يعودوا إلى الحكم على أساس تحديد الملكية. طبعًا احنا كنا نصمم على تحديد الملكية. وكان الأمر بالنسبة لي في هذه الأيام غريب كل الغرابة. ولكن بعد كند طبعا تبينت أن العملية لا تحتاج الى غرابة وما فيهاش ألغاز وما فيهاش عقد بأي حال من الأحوال، إزاى الواحد يقعد يتفاوض مع الإقطاعي وصاحب الأرض علشان تحديد الملكية، ويطلب منه صك على أخذ أرضه وتوزيع أملاكه وكان حزب الوفد في هذا الوقت عاوز يمثل طبقة من ملاك الأرض، من طبقة الإقطاعيين وده طبيعى انهم لن يقبلوا الوضع الطبيعي انهم يرفضوا هذا الكلام، واحنا كنا بسطاء جدًا حينما طلبنا من الإقطاع أنه يقبل بنفسه أن يوقع صك القضاء على الإقطاع، وتحرير الأرض وتحرير الفلاح لأن معنى هذا حتى من الناحية السياسية القضاء على الحزب نفسه، لأن الحزب كان يعتمد على الإقطاعيين في كل بلد، وفي كل مديرية. في هذا الوقت كان بيعتمدوا على الفلاحين اللى بيشتغلوا عندهم انهم يدوهم أصواتهم».
وكان الباشا اذن هو الذي عرقل لقاء الوفد مع الثورة منذ البداية، وكان الباشا رافضًا لقانون الإصلاح الزراعي. ولم يكذب حتى الآن هذه الوقائع، وانما كرس كل جهده هو وحزبه للنيل من عبد الناصر، باعتباره التجسيد الحي للثورة التي قضت على حكم الباشوات.. والباشا وحزبه مثل الاخوان لا يرون في سنوات الثورة أية حسنة على الإطلاق.. فهم يريدون أن يحذفوا من تاريخ مصر كل سنوات الثورة، في الوقت الذي يهاجمون الثورة لأنها في رأيهم حذفت تاريخ ما قبلها.

محاكمة سراج الدين:

كان فؤاد سراج الدين أمينا مع نفسه، ومع طبقته، عندما رفض قانون الاصلاح الزراعي وأقالت الثورة وزارة على ماهر التي تعاطفت مع كبار الملاك. وقررت أن تسير في الطريق الذي رسمته لنفسها بتحقيق العدل الاجتماعي، وتوزيع أراضى الإقطاعيين على المعدمين من الفلاحين.
وكان هذا سببًا كافيًا ليحقد الباشا على الثورة، بعد أن وزعت أرضه على الفلاحين، قضت على دوره السياسي وحلت الحزب الذي استطاع بطرق مختلفة أن يكون سكرتيره العام.. ثم تعقبت نفوذه هو وأسرته في الريف فعصفت به مما دفعهم إلى هجر قراهم نهائيًا، ولم يذهبوا إليها أبدًا طوال سنوات الثورة.
وكان ما حدث للباشا أكبر من ذلك عندما قدم لمحكمة الثورة برئاسة عبد اللطيف البغدادى صباح 4 ديسمبر 1953 .. وأقيمت ضده ثلاثة ادعاءات، وكانت المحكمة علنية ، تنقلها الصحف، وقد استدعت المحكمة للشهادة د. محمد حسنين هيكل وحسين سرى ونجيب الهلالي، وعلى ماهر ومكرم عبيد وصالح حرب وزكى عبد المتعال، وعبد الفتاح الطويل، وعلى علوبه، ومحمد علي رشدى وعددًا آخر من رجال السياسة أو كبار الموظفين.. وكانت الادعاءات العلنية التي قرأها الناس، مع شهادة هؤلاء تكفي في نظر الباشا لكي يتخذ موقعا مضادًا ضد الثورة التي تجسدت في جمال عبد الناصر ولم تتجسد حتى في الذين حاكموه من أعضاء مجلس الثورة.. كانت الاتهامات التي وجهتها الثورة إلي فؤاد سراج الدين والتي ثبتت لدى المحكمة وحكم عليه بالسجن 15 عامًا أثرها.

كان الادعاء الأول: أنه أتى أفعالًا تعتبر خيانة لأمانة الحكم مكنت للفساد في البلاد.. وذلك أنه في خلال المدة من يناير سنة 1950 إلي يناير سنة 1952 بوصفه سكرتيرًا عامًا للحزب السياسي صاحب الأغلبية البرلمانية ووزيرًا في حكومته، وبحكم صلته الوثيقة برئيس ذلك الحزب، تواطأ مع آخرين وبسوء قصد على توجيه سياسة ذلك الحزب وحكومته توجيها غير كريم.. فجنح بها في أوسع نطاق إلى أهداف فاسدة أساسها الخنوع والاستسلام للملك السابق فتآمروا معه على تنفيذ أغراض ملتوية وتحقيق مصالح ذاتية لا تمت للصالح العام بسبب وطرح المثل الوطنية العليا.. وبذلك فإن الأمانة التي حملها الشعب لذلك الحزب بتزكيته في الانتخابات العامة والتي مكنته من التربع على كراسي الحكم.. وأهدر النظم الدستورية الصحيحة الأمر الذي مكن لطغيان الملك السابق وحاشيته وذويه في كل المرافق وهيأ تربة صالحة للاستعمار.. وأثر في كيان الدولة اقتصاديًا وسياسيًا وأدبيًا.
الادعاء الثاني: أتي افعالا هي استغلال النفوذ وإفساد أداة الحكم دون مراعاة لصالح الوطن وذلك أنه في خلال المدة من يناير سنة 1950 إلى يناير سنة 1952 بوصفه وزيرا للداخلية ووزيرا للمالية ووثيق الصلة برئيس الحكومة.

أولًا: اشترك مع السيدة زينب عبد الواحد الوكيل زوجة رئيس مجلس الوزراء إذ ذاك وشقيقتها عزيزة عبد الواحد الوكيل في استغلال النفوذ بإجراء تصرفات وأفعال من شأنها التأثير بالزيادة في أثمان القطن الأشموني بقصد الحصول من الشركات والبيوتات التجارية والأفراد على فائدة من وراء هذه الزيادة فساندوا محمد احمد فرغلى وعلى أمين يحيى وفرانسوا نصرى تاجر وغيرهم من تجار الأقطان في العمل على احتكار القطن الاشموني ورفع أسعاره رفعًا مصطنعًا ينتهي بالبائعين عند حلول أجل تنفيذ العقود الى العجز عن تسليم الأقطان ويخول المحتكرين قبض فروق الأسعار الضخمة.

ثانيا: تزعم في جلسة مجلس الوزراء المنعقدة بتاريخ 31 مايو سنة 1950 الدفاع عن الطلبات التي تقدم بها المحتكرون تنفيذا لغرضهم.. وهي إلغاء الحد الأعلى لسعر القطن الأشمونی وتبديل لائحة البورصة مع تسليم الأقطان المعاد كبسها كبسًا ثانيًا وتغيير هيئة الخبراء الاستئنافيين ويجعلهم جميعا حكوميين ونتج عن موقف المتهم ومن تأثیر شركائه ومن تدخل الملك السابق إلى جانبهم أن وافق مجلس الوزراء في 10 يونية  1950 على إجابة كافة طلبات المحتكرين بقرار ذى أثر رجعى.

ثالثا: قبل من إلياس أندراوس تدخلًا في عمل يضر بالمصلحة العامة ذلك أن هذا الأخير بوصفه مستشارًا اقتصاديا للملك السابق، وثيق الصلة به حمل المتهم على إصدار قرار في 21 مارس سنة 1951 بتحديد حد أدنى لسعر القطن ثم على إصدار قرار آخر في 9 أبريل سنة 1951 بتدخل الحكومة مشترية له تحقيقًا لمصلحته ولمصلحة التجار المضاربين الذين كانت الأقطان قد وصلت إلى أيديهم وقد أذعن المتهم لهذا التدخل المعيب الذي ترتب عليه أن تحملت الخزانة العامة خسائر تقدر بمبلغ 15 مليون جنيه عن تدخل الحكومة في سنة 1950 - 1952، كما قدرت الخسائر عن التدخل في سنة 1951 - 1952 بمبلغ 7 ملايين و100 ألف جنيه. وكان من نتيجة هذه السياسية الفاسدة والعمليات أن ساءت سمعة البلاد التجارية في الأسواق العالمية وانعدمت الثقة في مركزها المالي فضلًا عن الانهيار الاقتصادي الذي أودى بكثير من بيوت التجارة المصرية.

الادعاء الثالث: أتى أفعالًا من شأنها إفساد أداة الحكم وأجرى تصرفات هي استغلال للنفوذ.. وذلك أنه.
أولًا: في شهر يوليه سنة 1949 بوصفه وزيرًا للمواصلات استغل نفوذه ليحصل صهره «عبد المنعم هنو» على فائدة من احدی السلطات العامة بالعمل على زيادة ثمن عقار مملوك له بجهة العجمی فأمر بإنشاء طريق يوصل بين طريق الإسكندرية - مرسى مطروح وبين ساحل البحر الأبيض المتوسط عند الكيلو رقم 17 ليخترق أرض ذلك الصهر وفعلًا اتخذت الإجراءات وسار التنفيذ بخطى سريعة غير عادية وتم إنشاء الطريق على الرغم من أن مصلحة السياحة طالبت بإنشائه عند الكيلو رقم 14 ليكون قريبًا من المدينة وليتيسر الانتفاع بهذه المنطقة في الاصطياف وبذلك أُنفقت من أموال الدولة مبالغ كبيرة بلا مبرر اللهم إلا المصلحة الخاصة وحدها على حساب المصلحة العامة.

ثانيًا: في غضون سنة 1950 وهو وزير للداخلية، حصل على مبلغ خمسة آلاف جنيه من النائب السابق محمود عثمان حمزاوى «كرشوة في مقابل أداء عمل صميم خصائص وظيفته وهو نقل مقر مركز الروضة بمديرية أسيوط من بلدة «الروضة» إلى بلده «المحرض».

ثالثا: وفي غضون سنة 1950 وهو وزير غير متخصص «وزير داخلية» اتفق مع آخرين على عرقلة إجراءات تحقيقات الأسلحة والذخيرة الفاسدة بإخفاء الأدلة المادية وتوجيه التحقيق وجهة تنكرها العدالة تنفيذًا لمشيئة الملك السابق تقربًا منه وتوصلًا لمرضاته.. فتدخل سافرًا وعمل على تهريب أحد المتهمين من رجال الحاشية - أدمون جهلان - إلى الخارج وحماه بما له من سلطة من الوقوع في قبضة المختصين.. فلم يمكنهم من استجوابه أو وضع يدهم على أدلة الجريمة.. وترتب على هذا الإجراء البغيض أن أفلت ادمون جهلان من العقاب.

رابعًا: في شهر فبراير سنة 1951 بوصفه وزيرا للمالية خالف القوانين وتهاون في مصلحة البلاد.. فوافق على صرف مبلغ 100 ألف جنيه قيمة مخصصات الملك السابق عن سنة مقبلة على خلاف ما تقضي به الأصول المالية وقواعد الميزانية كما وافق على تحويل هذا المبلغ للخارج بالدولارات الامريكية رغم ما تستلزمه المصلحة العامة من الاحتفاظ بالعملة الصعبة لحماية اقتصاد البلاد.

خامسًا: في شهر يناير سنة 1952 بوصفه وزيرًا المالية وافق على تحويل مبلغ 125 ألف جنيه إلى الخارج دون مبررات أو دواعي من المصلحة العامة بل كان الاعتبار فيه الصالح الخاص.. فحابي السيدة «هند عريضة» مالكة لعمارة رقم 106 بكورنيش الإسكندرية التي تعاقدت على بيعها لوزارة الأوقاف فأجابها إلى ما اشترطته من تحويل الثمن إلى الخارج في الوقت الذي كان متعاقدًا مع زوجها «جورج عريضة» على شراء العمارة رقم 23 بشارع عبد الخالق ثروت بالقاهرة الأمر الذي يضفي على تصرفاته صفة الاستغلال ويدمغها بسوء القصد.

إقطاع الباشا وعائلته:

في القائمة الأولى للأرض المستولى عليها والموزعة على الفلاحين تقرأ أسماء عائلة سراج الدين، وأسماء عائلة صهره البدراوى عاشور، وقد استولت الثورة على مساحات يكفي الاستيلاء عليها وحده لكل هذا الحقد. تقول الأرقام أن الفلاحين حصلوا على المساحات التالية من أراضي الباشا وأصهاره محمد فؤاد سراج الدين استولى منه زيادة على 1616 فدانًا و22 سهما بالضبط، أما بقية أفراد أسرته فسوف نكتفي بالفدانين وتحذف الأسهم والقراريط من الأرض المستولى عليهم منهم وهي: يس سراج الدين 288 فدانًا، نظله سراج الدين 2 فدانًا، محمد سامى سراج الدين 4 فدان، عبد الحميد سراج الدين 93 فدان، أنيس سراج الدين 46 فدانًا، جميل سراج الدين 392 فدانًا - زكى سراج الدين 4 فدان، زكية سراج الدين 2 فدان، يحيى محمد البدراوى 446 فدانًا. نظلة محمد بدروای 78 فدانًا، نبيهة بدراوى 679، نبوية محمد بدرواى 121 فدانا، محی الدين محمد بدراوى 847 فدانًا، محمود كمال الدين بدراوى 284 فدانًا. محمود سامى بدراوى 537 فدانًا، محمد منصور بدراوى 333 فدانًا، محمد محمد بدراوى 152 فدانًا، محمد عز الدين بدراوی 196 فدانًا، محمد زين العابدين بدراوى 287 فدانًا، محمد حسام الدين بدراوي 929  . فتحية السيد البدراوی 78 فدانًا، عبد العزيز محمد بدراوي 1460 فدانا . أحمد فتحي السيد البدراوى 213 فدانًا، ورثة عبد المجيد البدراوي  729  فدانا . السيد محمد البدراوى «ورثة» - 703 فدانًا،  توفيق محمد بدراوي  918 فدانا . حافظ على البدراوى 114 فدانًا وحسن السيد البدراوى 360 فدانًا، ودولت السيد البدراوى 77 فدانًا، زكية محمد بدراوى 5992 فدانًا.

كانت هذه هي مساحات الأرض التي استولت عليها الثورة من عائلة سراج الدين وأصهاره بعد أن تركت لكل منهم ثلاثمائة فدان كاملة.. لذلك فإن فؤاد سراج الدين كان أمينا مع نفسه عندما رفض قانون الإصلاح الزراعي، وهو أيضا أمين مع نفسه الآن عندما يكرس ما بقي من حياته للهجوم على ثورة يوليو، وعلى عابدين للإفطار مع كتيبة الحرس الجمهوري التي كان يتولى قائدها جمال عبد الناصر الذي جرده من كل هذه الآلاف من الأفدنة في القانون الأول، ثم جرده من نصفها أيضا في قانون الإصلاح الزراعي الثاني، ثم جاءت لجنة تصفية الإقطاع ووضعت كل الأراضى تحت الحراسة.
وعندما يقول فؤاد سراج الدين أن مصر لم يكن بها إقطاع، فقد يصدقه البعض إذا كان يقصد صورة الإقطاع التي شهدته أوربا في القرون الوسطى.. ولكن هؤلاء الذين يصدقونه لا يعرفون أن الاقطاع الأوربي حيث كان يملك الاقطاعي الأرض بمن عليها من سكان.. هذه الصورة كانت موجودة في عائلة البداروى أصهار فؤاد سراج الدين الأمر الذي أدى إلى ثورات وانتفاضات للفلاحين في القرى التي كانوا يملكونها.

ولقد عاد الباشا لممارسة دوره السياسى من أنقاض الماضي وكان هناك من دعم عودته وأوصى بها، وفي يوم زيارة السادات للولايات المتحدة أعلن في مصر عودة حزب الوفد وقام الحزب وأسفر عن هدفه الأساسي وهو.. الانتقام من ثورة يوليو، ومن قائدها جمال عبد الناصر، فلم ير في الثورة أنها حررت الفلاح.. لأن ذلك ضده.. وهو يعترض على النسبة المخصصة في المجالس المنتخبة للعمال والفلاحين وهو يعترض على التصنيع وعلى القطاع العام.. وبديهي أنه ضد الاشتراكية.. وأيضا لا يرى في عبد الناصر الرجل الذي حرر البلاد من الإنجليز، وهو الأمر الذي كان حزب الوفد يناضل من أجله قبل الثورة لسنوات طويلة.

قضية قيادات حزب الوفد مع عبد الناصر.. هي مجرد الثأر.. لما حدث لهم ولعائلاتهم من تأميم أو قضاء على النفوذ أو تحديد ملكيته وتوزيع ارضهم على المعدمين، ثم محاكمة بعضهم، وعزلهم عن الحياة السياسية طوال هذه السنوات التي صمتوا خلالها، هم وأتباعهم.. وعادوا مملوئين حقدا وشرًا، وسموما ليصفوا حساباتهم، من تصور أن الجيل الجديد يمكن أن يضلل كل الوقت.


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق