بوصلة لا تشير الى القدس مشبوهة

بوصلة لا تشير الى القدس مشبوهة
مدونة الفكر القومي التقدمي

بحث هذه المدونة الإلكترونية

حوار مع جريدة الوطن (1)

 

د.عصمت سيف الدولة في حوار مع جريدة الوطن (1)

بتاريخ 5 / 3 / 1985 .

الحوار مع الدكتور عصمت سيف الدولة يتسع بقدر موسوعية ثقافة هذا المفكر العربي ، ولكنه محدد دائما بخط أحمر ، يعبر عنه الدكتور عصمت سيف بقوله دائما "انني لست محايدا ، بل أنا منحاز للقومية ، وللأمة العربية" ، ومن هذه النقطة التقت الوطن بالرجل وطرحت معه مجموعة من القضايا حول الوضع العربي الراهن ، وهذا هو نص الحوار .

الوطن : ما رايكم بالاتفاق الأردني الفلسطيني الأخير الذي وقعه عرفات والملك حسين في 11 فبراير الماضي وانعكاساته على قضية تحرير فلسطين والموقف القومي ؟

د.عصمت : "أود أن أنبه أولا الى أنه ليس اتفاقا اردنيا فلسطينيا ، ان الشعب العربي الفلسطيني لم يكن طرفا فيه . و قد كان يمكن أن يقال أنه اتفاق اردني فلسطيني ، لو أنه انعقد فيما بين الدولة الأردنية ومنظمة التحرير الفلسطينية ولكن يحول دون ذلك أمران : الامر الأول ما هو ثابت ومعلن من أن حركة فتح أو قيادتها هي التي أبرمت ذات الاتفاق . وقد عارضته الفصائل الأخرى أعضاء التشكيل الجبهوي الذي انطلق عليه اسم منظمة التحرير الفلسطينية ، والأمر الاخر أن الذين أبرموا الاتفاق مع الأردن لم يتمسكوا فيه بوصف منظمة التحرير الفلسطينية هي الممثل الشرعي "الوحيد" للشعب العربي الفلسطيني ، أعني المنظمة وليس فردا أو افرادا في المنظمة .

فقد جاء واضحا في الاتفاق أن الذين سيفاوضون ويتفقون باسم الشعب العربي الفلسطيني أردنيون يمثلون دولتهم يشترك معهم فلسطينيون أيا كانت مواقعهم لا يمثلون المنظمة ، لأن من يمثل المنظمة لا يستطيع الا أن يعبر عنها كممثل شرعي ووحيد للشعب العربي الفلسطيني ، وحين يقبل الا يكون وحيدا فانه لا يكون ممثلا للمنظمة .

ليست هذه مسألة شكلية ، بل هي على اكبر قدر من الأهمية . لقد ناضلت منظمة التحرير الفلسطينية نضالا طويلا لتكون الممثل الشرعي والوحيد ، ولم يكن عبثا أن تضاف كلمة الوحيد الى كلمة الشرعي ، فقد كان دائما ثمة من يحاول أن يكون شريكا في تمثيل الشعب العربي الفلسطيني دون المنظمة .

هذا من ناحية ، ومن ناحية أخرى فان اثارا كبيرة ستترتب على هذا الاتفاق لا بد أن تضاف الى المسؤولية التاريخية لأطرافه أيا كانت النتيجة . ان جاء نصرا رائعا فمن حقهم أن يحسب لهم تاريخيا بدون شريك ، وان جاء كارثة مروعة فلا بد أن يتحملوا وحدهم مسؤوليتها دون الزج بمنظمة التحرير الفلسطينية والشعب العربي الفلسطيني في هذه المسؤولية .

الوطن : هذا صحيح وعلى ضوئه ما رايكم شخصيا في الاتفاق واثاره ؟

د.عصمت : ان الاتفاق يتضمن عنصرين متميزين أولهما مبدأ "الأرض مقابل السلام" والثاني إجراءات الوصول الى هذه المقايضة : المفاوضات ، كيفية تكوين الوفد ، المؤتمر الدولي ، الكونفدرالية ..الخ .. وقد بدأت قبل الاتفاق وبعده حملة منظمة لتركيز الانتباه على الجانب الاجرائي ، وذلك بقصد أو بدون قصد ، التعتيم على المبدأ الذي قام عليه الاتفاق . وهذا ما يجب التحذير منه .

وأولى الناس بهذا التحذير أولئك الذين عارضوا الاتفاق أو يعارضونه لانهم يعترضون على واحد أو أكثر من الأشكال الإجرائية . قبل هذا وفوقه يجب على كل من يريد أن يتخذ موقفا من الاتفاق أن يحدد موقفه من مبدأ "الأرض مقابل السلام" . وموقفي ثابت منذ البداية أي منذ أن عبرت عنه علنا في كتب ومقالات منشورة على مدى نحو ربع قرن وهو أنني ضد مبدأ "الأرض مقابل السلام" ، وعلى هذا الأساس عارضت اتفاقية كامب ديفيد . ذلك لأن الأرض ، الوطن ، ملكية مشتركة تاريخيا ومصيريا للأجيال المتعاقبة ، وبالتالي لا يملك أحد من أي جيل ، ولا من أي جيل بكامله أن يتنازل عنها أو يقايض بها لحل مشكلته الانية الخاصة .

وهذا واضح تماما بالنسبة لقضية فلسطين ، فهي أرض عربية مغتصبة ، وقد تم اغتصابها على مرحلتين . الأولى عام 1948 والثانية عام 1967 .. واغتصاب باقي فلسطين عام 1967 لا يخوّل أحدا حقا في قبول الاغتصاب الجزئي الذي تم عام 1948 . لا أحد يملك هذا ، أعني أن قبوله غير مشروع ويتحمل من يقبله مسؤوليته وحده ، وما مقولة "الأرض مقابل السلام" الا قبول صريح باسترداد الأرض التي اغتصبت عام 1967 في مقابل ترك الصهاينة يعيشون في سلام على الأرض المغتصبة عام 1948 .

هذه المقايضة ، مقايضة ارض عربية بارض عربية ، لا تحتمل التأويل أو التفسير أو المغالطة وقد كان السادات أول من قبل المبدأ على وجه مكشوف فاحش ، وما كامب ديفيد الا وثيقة كان يأمل من ورائها استرداد أرض سيناء مقابل السلام مع إسرائيل الذي يعبر عنه دوليا "بالاعتراف" ، اذ بالاعتراف يكون من قدّم السلام ملتزما امام المجتمع الدولي باحترام وجود وحدود وسيادة الدولة التي يعترف بها .

ولم يكن هذا المبدأ "الأرض مقابل السلام" بعيدا عن أحلام بعض الدول العربية التي اغتصبت بعض أرضها عام 1967 ، ولا على مجمل الدول العربية التي اختارت السلام كما يقولون ، وكان بشجعهم على هذه الاحلام أنهم يقايضون ارض فلسطين بارض من دولهم أو حتى بإعفاء أنفسهم من المشاركة في مساندة الثورة الفلسطينية ، انه موقف مدان قوميا ولم أكف من ناحيتي عن ادانته .

الجديد في الاتفاق موضوع السؤال هو أن بعض الفلسطينيين هم الذين قبلوا المقايضة ، وهي حالة مختلفة تماما عن الموقف الساداتي الإقليمي . لأن الذين يقايضون الان جزءا من الوطن بجزء من الوطن هم أصحاب الوطن كله . وبالتالي فانه استسلام كامل قبل تحرير الوطن المغتصب كاملا .

ومع تقديري لكل المناضلين من أجل تحرير فلسطين ـ واعجابي بصلابة كافة المناضلين التي تشكلت منها منظمة تحرير فلسطين فإنني  يجب أن أعترف بأنني كنت أراهن لحساب المستقبل القومي على ثقتي بمنظمة فتح بالذات ، وهي المنظمة الوحيدة التي بشرت الأمة العربية بمولدها . وذلك لأني كنت أعتقد أن منظمة فتح محصنة بحكم نشأتها دون قبول فكرة الأرض مقابل السلام التي كنت أتوقع منذ 1967 أن الدول العربية ستحاول جر الثورة الى قبولها . ذلك لأن فتح قد نشأت وبدأت نشاطها الثوري منذ بداية 1965 ، وبالتالي فان وجودها ونشأتها كان منذ البداية من أجل تحرير ما كان مغتصبا من ارض فلسطين في ذلك الوقت ، أي الأرض التي اغتصبت سنة 1948 .

وقد كان ذلك في وقته توجها ثوريا رائعا وبطوليا لأنه كان يواجه صعوبة لا يمكن الاستهانة بها هي بداية الثورة من خارج أرضها ، ومن غير أرضها أي من أرض إقليمية تحرسها دولها . تحدي هذا كان المصدر الأساسي لاحتضان الشعب العربي كله منظمة فتح ورموزها . وكان هو الذي جعل منها أملا في أن تنمو ثورة عربية . وكان وحده الذي رفع رموزها القيادية الى مرتبة من إعجاب الشعب العربي لم تسمح لاحد بأن يثير علنا ما كان ملحوظا من أخطاء بينة .

تستر الشعب العربي على أخطاء منظمة فتح ، وحماها من النقد ، لأن الجوهري فيما كانت تمثله هو أنها المنظمة الثورية التي كانت تستهدف تحرير الأرض المحتلة عام 1948 ، وبعد هزيمة 1967 ، أكاد أقول أن الآمال الشعبية العربية قد أصبحت معلقة بمنظمة فتح كرمز للثورة الفلسطينية .

الان رموز من فتح ، يقبلون المقايضة ، انهم يتحملون من الان ، وأيا كانت النتيجة ، مسؤولية كل التضحيات على مدى أعوام 1965 و1966 والنصف الأول من 1967 ، اذ يبدو واضحا أن تلك البداية المبكرة لم يكن لها مبررها ، وان تلك التضحيات السابقة على المقايضة قد ذهبت هدرا .. وهو موقف يبدّد بقسوة ووحشية امال جيل عربي حلم بفتح وشارك فتح أحلامها واستمد أحلامه من فتح التي كانت قبسا مضيئا – كما قلت عام 1968 – أضاء طريق الشباب العربي الى مستقبل كان محجوبا بظلام كثيف .

لقد كنت شخصيا أحلم أحلاما قومية لا تغيب عنها فتح الثورة المنتصرة بالرغم من التآمر الدولي الصهيوني العربي الإقليمي . وكانت تربطني بالذين أبرموا الاتفاق بالذات وعلى راسهم أبو عمار علاقة مودة عميقة واحترام متبادل قائمان على أساس وحدة الموقف : ثورة حتى النصر .

ولطالما كنت أريد أن يطمئن قلبي فكنت أسأل في لقاءات خاصة : هل من الممكن يا أبا ... أن تعترف الثورة الفلسطينية بإسرائيل اعترافا مباشرا أو غير مباشر ، معلنا أو مستورا ، وكنت اسمع الرد الحاسم القاطع المصحوب بعتاب رقيق على توجيه هذا السؤال الذي لا ينبغي أن يوجه الى الثوار .. فأطمئن .. الان لا أعتقد أن أحدا أكثر حزنا مني على الاخوة الذين يقبلون الاعتراف بإسرائيل  تحت مبدأ "الأرض مقابل السلام" .. ومع ذلك فان الثورة لن تتوقف . ستسقط كانب ديفيد ، وقد سقطت ترجمتها اللبنانية الصهيونية ، وغدا أو بعد غد سيسقط الاتفاق مع الأردن .. كل ما في الأمر أنه يزيد من عذاب شعبنا العربي ، ويعوق مسيرة الثورة ويمد من أمد التحرير ويضاعف عدد الضحايا ..

هذا هو الأثر الذي يعتد به من اثار الاتفاق .. أما ما يقال أنه قد أثر على مجمل مواقف الدول العربية فهو لم يأت بجديد ، انه قد يكون أثرا لمواقف الدول العربية وليس مؤثرا في تلك المواقف . فقد انكشف الان الغطاء ، وأصبحت المواقف الخفية تعربد علنا بفظاظة . وتبين أن اغلبهم ساداتيون ، وأنهم كانوا وهم يدينونه ويشهرون به غاضبين لأنه لم يشركهم في الامر ، أو لأنه اختار طريقا مبالغا في استفزازه حتى وصل الى القدس ، أو أنه طالبهم بالكشف عن مواقفهم بطريقته وفي وقت لم يكونوا مستعدين له .. انما في الجوهر كل من يقبل مقايضة "الأرض مقابل السلام" هو تلميذ "شاطر" أو خائب أو خائف .. من المدرسة الساداتية .

لا فائدة بعد ذلك من الحديث عن الإجراءات .. مفاوضات أو لا مفاوضات ، وفد فلسطيني أردني مشترك أو وفد عربي ، مؤتمر دولي أو غير دولي .. كل هذا يستمد قوته من الغاية التي يراد الوصول اليها وقد أعلنت الغاية فلا يجوز لمن كان ضد الغاية أن يناقش – حتى مناقشة – وسائل الوصول اليها . ذلك لأن الموقف المضاد هو : اذا كانت الغاية هي تحرير فلسطين من البحر الى النهر فلا قيد ولا حرج من أن يناور الثوار وأن يستعملوا كل الأسلحة المتاحة لهزيمة العدو ، وأن يستخدموا كل الإمكانات الدولية ، وينتهزوا كل الفرص من أجل هزيمة العدو .. لا يمكن ولا يقبل أن يفرض على الثورة أسلوب واحد كأنها ثورة في فراغ ..

هذا لا شك فيه .. ولكن أن تكون المناورة من أجل الوصول الى العدو لا للقضاء عليه بل لمنحه السلام في الأرض المتعلق بتحريرها مصير الثورة وشرف الثوار .. فهذا شيء اخر لا أريد أن اسميه تأدّبا .

الوطن : ما هو تصوركم لمواجهة العدوان الإسرائيلي في لبنان واحتمالات التطور المستقبلية ؟

د.عصمت : ان الثورة الشعبية المندلعة على أرض لبنان والتي يسمونها المقاومة الوطنية ، هي المرحلة الثانية من مراحل الثورة العربية التي بدأت فلسطينية وهذا ما يجعلني أقول من قبل أن الثورة لن تتوقف ، انما هي مستمرة تلتهب حول القضايا الملتهبة وتنتشر على الأرض العربية الى أن تتحوّل الى ثورة شاملة وملاحظة التكوين البشري للثورة الشعبية في لبنان يؤكد هذا .

فالثورة هناك مفتوحة لينخرط فيها كل مقاتل عربي بصرف النظر عن انتمائه السياسي . اعني ليس المقاتلون هناك لبنانيين فقط ، ولا يصد اللبنانيون منهم غيرهم من الأقطار الأخرى عن المشاركة في الثورة . انها نقلة نوعية في نمو الثورة ، وأعتقد أن كل المحاولات العربية والدولية التي تحاول الان ادخال الثورة في اطار الدولة ستفشل . ويفلح ساسة لبنان ويتجنبون كثيرا من المتاعب لو تعاملوا مع هذا الواقع الجديد . وهم سيتعاملون معه ويقبلونه حين يعرفون أن الأمة العربية من المحيط الى الخليج تغلي في داخلها ، وأنها تمهد لانفجار الثورة العربية الشاملة ، بانفجارات ثورية تنتقل من مكان الى مكان حائمة حول مصر لتفجير إسرائيل . فعليهم أن يكتفوا بما يتيحه لهم الوضع الثوري العربي من سلطات سياسية وإدارية ، أما محاولة إيقاف الثورة أو ترويضها أو تكبيل حركتها بقيود ما يسمونه الشرعية فلن يؤدي الا الى أن تجتاح لبنان جميعا لتؤمن حرية حركتها القتالية من مواجهة العدو .. بل ان الإصرار على تحجيمها أو تصفيتها قد يؤدي الى أن يجتاح المدى الثوري اقطارا أخرى .. أما أن الثورة الشعبية في لبنان تواجه العدوان الإسرائيلي فلا يجب أن يفهم هذا على أنه يعني العدوان الإسرائيلي على لبنان . ما لم يصل التآمر على الثورة درجة الاستعانة بقوات أجنبية ، فإنها لن تلبث كثيرا حتى تواجه العدوان الإسرائيلي على فلسطين وان غدا لناظره قريب ..

ان هذا يعني تماما أنني أدعو الشباب العربي الذي فاتته فرص الاشتراك في الثورة العربية في المرحلة الفلسطينية من نموها ، أن يلتحقوا بصفوف الثورة في موقعها على أرض لبنان ليحولوها بأسرع ما يكون الى ثورة عربية قومية .

ومصر ؟

الوطن : الساحة المصرية .. ماذا يجري فيها والى أين ؟

د.عصمت : ان المعيار الوحيد لمعرفة ما يجري في أية ساحة والى أين ، هو تجاهل المفردات والتركيز على الاتجاه العام . طبقا لهذا المعيار أستطيع أن أقول أن مصر الان في مفترق الطرق الى درجة يصدق معها ما يقوله البعض أن أحدا لا يعرف الى أين يتجه ذلك  لأن مصر قد بدأت بعد وفاة السادات على اتجاهه .

واتجاه السادات كان محدّدا بعلامات واضحة أدّت كل علامة منها الى ما يليها فتكوّنت منها سلسلة أوضحت معالم الاتجاه العام .

بدأت أول العلامات بعد حرب أكتوبر 1973 بما يسمى الانفتاح الاقتصادي ، أدّى الانفتاح الى اندماج الاقتصاد المصري في البنية الاقتصادية الرأسمالية . تدفقت الى مصر رؤوس الأموال والنشاطات الرأسمالية بكل ازمتها الناشبة منذ عام 1970 فعرفت مصر التضخم وغلاء الأسعار والمضاربة والنشاطات الطفيلية ، ولأن مصر اضعف انتاجا من أن تتغلب على هذه الأزمة فقد لجأت الى الاستدانة لتعويض نقص الإنتاج . فأدّى ذلك الى تحول مصر بشكل أساسي الى سوق استهلاكي للسلع الرأسمالية المستوردة . اصبح اشباع الاحتياجات الأساسية للشعب من أول الخبز الى الفول الى ما فوق ذلك متوقفا على ما يأتي من الخارج.

قبضت الدول المتقدمة الرأسمالية وخاصة الولايات المتحدة الامريكية على شعب مصر من أمعائه . ثم قدمت له الطلبات ، والنصائح ، والمشورات التي تدور كلها حول مقولة باردة الكلمات قاطعة الأثر : لكي يمكن الاستمرار في المعونات الاقتصادية وتدفق رؤوس الأموال .. لا بد من أن يطمئن الرأسماليون .. ولكي يطمئنوا لا بد من انهاء حالة الحرب . وانهاء حالة الحرب أدّت الى القطيعة العربية ، فتفاقمت الأزمة ومات السادات ..


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق