مراجعات
... كيف نخطط لكي
نحكم
؟
د.رضا لاغة .
هل أُخضُعْت الإنسانية كرْهًا للشروط القَصَوِيّة للظهور فاكتشفت تقاسيم المأساة لضحايا لا تحصى ولا تعد ،جرّاء وباء اقتحم الحدود بدون جواز؟
هل تلاشى الامان الشخصي والدولي للشعوب وهي التي كانت بالأمس القريب تتباهي بانها تعيش تحت مظلّة ليبرااية مزدهرة؟
إنسانية ترقص متفاخرة بانتصار الديمقراطية الليبرالية التي تشد وثاق العالم. فتحلّ المأساة : أكثر من مائة ألف قضى والحصيلة في تزايد ،وما يناهز مليون ونصف مصاب بالعدوى.
من يصدّق أن الفكر التلمودي الليبرالي يخترقه العجز لينقلب السحر على الساحر .من ليبرااية تبشّر بنهاية التاريخ ،اذ هي تبسط نفسها كديانة جديدة للعالم ،الى نهاية الوهم التلمودي لليبرالية في معاقلها في الكاتدراليات التي غصّت بالموتى .في الشواهد المضادة للوهن الأمريكي ،الدولة الانجيل للطرح الليبرالي ،وهي لا تجد ما يكفي من مصحات لإيواء المصابين ،لا تجد ما يكفي من كمامات ،من آلات تنفس اصطناعي ،من سائل مطهّر ،من موارد لمجاراة الجائحة ...
يا الله !
من يصدّق !
هنا نقول ان العلاقات الدولية مُشوّشة .
هنا نقول بأن تجاهل الوجود القومي كذبة مؤجلة ستنفضح بتصدع الاتحاد الأوروبي أو بدونه.
هنا نقول بأن التسويق والبروباقندا لوطنية لوبيات المال هو تسويق يقفز عن الشروط الواقعية للانتماء.
هنا نقول بأن مسار سياسة صنع القرار في الإعلام ينبغي أن يسجيب لممارسة العقل العمومي.
هل كان يمكن لابتكارات المخيّلة الترميزية ،أن تُشخّص هذا الاحتجاز الكوني الذي تردت فيه الإنسانية وهي تقبع وراء الجدران بلا ذخيرة سوى السائل المطهّر؟
الإنسانية التي توهّمت الانتلجنسيا منها أنه قد أُغلِقت تماما كل الطروحات الميتافيزية والتوجّه نحو الأهم ،نحو حواضر الأنا التي توهمت انها استولت على العالم ؟
هل نحن حقّا إزاء الطيّة التي أشار إليها هيدغر ،الفكر الذي لم يُقَلْ بعد ؟
إن لحظة الطيّة هنا تعنى استكشاف الجسر الذي يُتيح لنا إعادة تشكيل العالم ،إعادة رسمه بمعاينة تنظر بخلفية جديدة للأنا والغير ،للمكان وللزمان .
هذه الأسئلة ترسم لنا خطة طريق سيرنا لنتعرّف على عالم ما بعد الحجر الصحي،عالم ما بعد فيروس كورونا .
كيف سيكون اللقاء الخصيب بين الأمم ،بين الشعوب بين أبناء الشعب العربي الواحد ،بين دول الشعب العربي الواحد؟
هل هو لقاء مُثُل الحق والعدالة والايتيقا أم هو لقاء الجبهات وإعادة الانتظام الجيو-استراتيجي ؟
ما هي أرضية العالم الجيوبوليتيكي الجديد؟
وخصوصا بالنسبة لنا كعرب!
هل سنبقى نشجب ونندب حظنا ونصوغ النصوص ونحبّر البيانات؟
إن المصير المجهول الذي واجهناه مع الكوفيد أثبت لنا أننا قادرون ...
قولوا بالله عليكم ساسة العالم العربي ،ولا تهمني ديمقراطيتكم ولا نظمكم الملكية أو المليشيوية ...هل فكّرتم في الكلفة الباهضة للدول العظمى في حربها ضد الكوفيد؟
ألا يؤشر ذلك الى أننا سنواجه سياسة العقل الكلبي المبني على تدجين:
- الذات العربية
- الذات الأفريقية
أليس من حاجة الانتلجنسيا العربية أن تتهيّأ لقراءة سيكو- سياسية (دراسة نفسية الدول وانجراحاتها أو انتصاراتها )للتوقّي من سيناريوهات محتملة (العودة للسياق كمن سُحب من تيار جارف ويستميت للعودة حيث كان آمنا: أمريكا ودول النيتو)على حساب الذات العربية والافريقية؟
لقد اصبح من المقزز ترديد عبارة : شرطي العالم.
لقد اصبح من السُّخف القبول بنظام اقتصادي لا يول اهتماما للقطاع العمومي .
لقد اصبح من الحمق ألا يقع ادماج وزارتي الصحة والفلاحة الى وزارات سيادة .
لم يعد من المسموح أن تبنى نظم حكم، وان كانت ديمقراطية،ليس لها استشراف للخارطة الصحية والفلاحية.
كل هذا من جهة والجيوبوليتيكا العربية من جهة ثانية.
لقد اصبح من الغباء تنميط العلاقات الدولية العربية في ذات الصيغ التقليدية (جامعة عربية وما شابه).
الجيوبوليتيكا العربية اليوم يجب ان تبدأ في العمل على:
- تكوين مقاربة شمولية متجانسة حول السوق الأفريقية وترتيب اسراب جوية ذات بعد لوجستي نحو افريقيا ( شراكات بين شركات الطيران مثل تونس والمغرب والجزائر وضبط روزنامات تكميلية).
- الذهاب نحو توحيد العملة العربية وفي حدها الادنى ضمن دول المغرب العربي.
- شراكة لأحداث مركز بحوث استراتيجي بين الدول العربية وفي حده الادنى بين تونس والمغرب والجزائر يستشرف الوضع العالمي ويخطط لوئام ليبي ليبي.
- احداث مؤسسة فلاحية ربحية بين تونس والمغرب والجزائر وموريتانيا في موريتايا بوسعها ان تؤمن الغذاء لكل الشعب المغاربي.
- بعث سوق مغاربي كبير مشترك بين الدول المغاربية.
نقول هذا لأننا نعتقد أن الوزراء ليسوا عقول آلية مبرمجة حسابيا لمجاراة الآلي. وضخ منسوب الإمتنان الشعبي عبر الظهور المجاني والمبتذل في وسائل الإعلان .نقول هذا لأننا نعتقد أن الدبلوماسية التونسية ليست مجرد طرائق لجلب الود والرضى من دول لها سياسات متناقضة وانما بخياراتها البرامجية التي ترتكز على الخبراء الذين نرى انهم وللاسف مبعدون ،تجلب الإحترام والمهابة حتى من الإخوة الأعداء.