لم تكن الاعتداءات
الصهيونية على القرى و المدن والبلدات والمخيمات الفلسطينية واللبنانية منذ عقود
طويلة الا تنفيذا لسياسة ممنهجة لتحقيق أهداف قريبة و أخرى استراتيجية طويلة المدى
تـتعلقـق بوجود الكيان الغاصب ومستقبله .. وبتواجد المقاومة وبقائها ومستقبلها
ايضا .. وفي هذا السياق فان رصد التطورات على مستوى القدرة الذاتية للمقاومة
وتقدمها في امتلاكها للقدرات الدفاعية التي تمكنها من رد العدوان ، الى جانب
تطويرها لقدراتها الهجومية لكي تصبح آداة
مناسبة ليس للرد فحسب ، بل للردع وفرض أهداف أكثر اهمية تتعلق بتوازن الرعب مع
العدو حين يصبح مثل المقاومة تماما يتلقى الضربات الموجعة ويتكبد الخسائر التي لا
يطيقها وهو الذي ما فتئ يعد مستوطنيه بالأمن والاستقرار على ارض فلسطين .. وهذا ما
حصل فعلا خلال العدوان الأخير سنة 2012 حين اكتشفت اسرائيل أن أهدافها المدنية في
اي مكان ليست في مأمن وهو ما عجّل بانتهاء تلك الحرب ..
ولعل المقلق في
حرب 2012 بالنسبة للعدو الصهيوني هو اكتشافه لتطور القدرات القتالية للمقاومة
بجميع فصائلها ، التي جعلت كل الاهداف في العمق الاسرائيلي في مرمى صواريخها وتحت ضرباتها المؤلمة التي لا تهـدد المدنيين
فحـسب ، بل وتنعكس سلبيا على الاقتصاد
والسياحة والهجـرة الى الخارج بدل الهجرة الى الداخل وهو ما يؤثـر تأثـيـرا بالغا على
النمو الديمغـرافي الذي يخشاه العدو أمام التزايد الهائل في عدد سكان فلسطين سواء
في الداخل أو في الشتات ...
ان
قلق العدو المتزايد تجاه المقاومة وابتكارها المتواصل لوسائل جديدة متنامية في طرق
تهريب السلاح و تطويـره عن طريق خبرائها العسكريين هو ما يجعل العدو يخطط باستمرار
للعدوان .. ولعله ليس صدفة أن تكون الساحات التي تنشط فيهما المقاومة سواء في
لبنان أو في فلسطين ، هي التي تتعـرض للعدوان منذ سنة 1982 كل ثلاث أو أربع سنوات بما فيها فترتي الانتفاضة
الاولى والثانية .
وفي هذا السياق فان المتتبع لنهج العدوان على غزة منذ 2008 الى الآن
وبالرغم مما يحدثه من مجازر في صفوف
المدنيين الذين يبلغ عددهم خلال كل عدوان
الى آلاف الضحايا بين شهـداء وجـرحى ومعاقين ومشردين ، الى جانب ما يحدث من دمار
وخراب في المنازل والمنشآت العامة وشبكات المياه والكهرباء .. سوف يجد ان العدو
يتحمل في المقابل ضربات موجعة من المقاومة لتحقـيق جملة من الاهداف الهامة على
رأسها : ضرب القدرات القتالية للمقاومة واضعافها ، هدم الأنفاق ومهاجمة المواقع
التي تخزن فيها الأسلحة ، تحطيم البنية التحتية لاستنزاف المجهود البشري في اعادة
البناء والحاق الضرر المادي والمعـنوي الذي يعـتقـد العدو أنه سيؤثر على الخيار
الذي اختاره الشعب الفلسطيني وبقي عليه الى الآن : وهو خيار المقاومة ..
( نشرية القدس العدد 132 ) .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق