كان الحوار
ساخنا وهو يدور حول موضوع الوحدة اللغوية المنشودة ( الحديث الآخر ) ، وحول أدواتها اللازمة والممكـنة .. حتى قال
أحدهم لمحاوريه : " أنتم فهتم العبارة خطأ ، فكان التأويل خاطئا حينما حوّلتم
معنى عدم مصادرة الحديث الى التأخير .. وهكذا أتى الفعل متمّما للفهم .. فعـندما قيل لكم هذا الحديث الآخر يهمّكم ..
ابحثوا في أمره .. وقدّموه على كل أمر آخر .. وضعـتموه في الآخر .. !!
فانظروا كيف صار وضعكم الآن ..؟ وكم أصبح عددكم وعناوينكم .. ؟ واسألوا أين دوركم
.. وموقعكم داخل المشهد اللغوي ..؟
وهكذا ، ومن دون الرجوع الى الرّد والسجال ، صار واضحا كيف أن المتحاورين باتوا يعـبّـرون عن
الانفصال أكثر من الوحدة باستعمال ضمير الخطاب ( أنتم ) ، رغم استعمالهم لضمير
المتكلم ( نحن ) في بعض الأحيان .. وقد كان مجرّد استعمال هذا الضمير " أنتم "
يمثل دليلا على زيف " نحن " .. ثم كان ذلك تعبيرا صادقا على أن نحن هذه ليست نحن تلك .. فلو كانت نحن هي " نحن " التي
تقصدها كل الضمائر انا و أنت وهو و هي ..... وهم وهن لما قال بعضهم لبعض "
انتم " ... وهكذا تبين فعلا أن بعض ضمائر الجمع التي تقوم مقام " نحن "
لا علاقة لها بهذا الضمير الجامع .. وعلى هذا الأساس فان " هم " و
" أنتم " وحتى " نحن " ذاتها ، مهما بلغت في نضجها و تتطوّرها
، فانها ستبقى معـزولة في هذه الزاوية أو
تلك من زوايا لغـتنا العربية المجيدة ، تتحرك منفصلة ، متأثرة بالاسم أكثر من
المضمون او مندفعة تردّ الفعل في زخم الصراع اللغوي بين أدواته ورموزه في
الداخل ، وبين الاطراف اللغوية المتدخلة في صياغة المشهد اللغوي من الخارج .. ولعل
ما يؤكد هذه الفكرة هو ما يبدو عليه الخطاب السائد عند بعض المتصدّين للدفاع عن
قضايا اللغة العـربية ، حينما يظهر الإفراط
في التركيز على زاوية دون اخرى في لغتنا العربية ، في حين تقتضي مصلحتها أن
تتم معالجة مشاكلها اللغوية دون الاستسلام
نهائيا الى واقع التجزئة الحاصل في بنيتها ، حتى وان كان الأمر يقتضي الحركة في
أجزائها .. مع الالتفات دائما الى جوهر مأساة اللغة العربية العظيمة وهي عدم
امتلاكها لوسيلة قائدة لمسيرتها .. وهو ما حصل عليه شبه اتفاق مبدئي بضرورة النظر
الى المستقبل على قاعدة التأسيس للوحدة الضمائرية التي يمكن ان تفرزها لغتنا عبر
معاناتها من اجل وحدتها ، كأي لغة في العالم ، بعد ان توحّدت في الماضي البعيد من
خلال التفاعل والانصهار ، و من خلال الصراع بين جميع عناصر اللغة منذ تشكلها ، حتى
كان التوحّد إضافة رائعة تتولد من رحم المعاناة ، كأي لغة في العالم أيضا .. لكن ،
وبعد نكبتنا بالتفتيت القصري من طرف القوى اللغوية المهيمنة من ناحية ، وبسبب ضعف الأدوات
اللغوية المقاومة في لغتنا من ناحية ثانية ، او بسبب عدم اكتراث رموزنا اللغوية
بمواجهة الهيمنة ، او لعدم قدرتهم على إدارة الصراع ، او لجميع هذه الأسباب من
نواحي أخرى ، فان الأزمة الحالية كما حدّدها رواد نهضتنا اللغوية تكمن في ما ينتهي
اليه اي حديث بالاحالة الى الحديث الآخر، الخاص بتلك الـ " نحن " الغائبة
، بدل هذه النحن العاجزة عن صنع مستقبل التصريف العربي الحديث ... فهي الآداة
المفقودة المرشحة لبناء وحدة اللغة الضحية ولا تزال ..
ولقد تبين فعلا من خلال التجارب اللغوية المريرة ، ان هذه النحن المدسوسة بين
الضمائر ليست تلك النحن القائدة للضمائر المفرزة من بين كل الضمائر التي تزخر بها
لغـتنا العـربية ، منفصلة كانت او متصلة ، ظاهـرة او مستـتـرة ، القادرة
وحدها على توحيد الصفوف المـشتـتة في الوقت الحاضر و توسيع قاعدتها مستقبلا
من أجل تغـييـر واقع اللغة المتداعي ..
لو كانت تلك النحن موجودة فعلا لأصبحت تستحق منا دون شك مقولة نحن وأخواتها ،
بدل ترديدنا وتركيزنا على إن و أخواتها حينا ، و على كان وأخواتها أكثر الأحيان .. ولو كنا نفهم حقا في قواعد
اللغة لما بدّلنا نحننا بكان وهي ذلك الفعل الماضي الناقص ، حيث لا يتشبث بالماضي
الا ماضوي، وبالناقص الا ناقص .. الا نعـرف
ان الماضي بمجرد وقوعه يفلت من إمكانية الإلغاء و التغيير ؟ فما قيمة كان اذن
مقابل نحن ؟
بل وما قيمة إن نفسها التي اصبحت غير مجدية في التأكيد ، بتساهلها في قبول
التوكيدات الكاذبة دون حياء أو قطرة دم ؟
ان نحن الجامعة فعلا ، الموحّدة للضمائر هي القادرة على كسر الجمود في قواعد
اللغة منذ عصور التقييد النمطي للاجتهاد ، الذي اتبع أسلوب الجمع والتدوين وصولا
الى رسم الحدود اللغوية للمبدع الذي اصبح يمارس القياس والاقصاء ، مما أفضى إلى
عصور الانحطاط اللغوي في لغتنا العملاقة ، بعد ان كانت اللغة متحررة من كل القيود
في ظل الفطاحلة الحقيقيين حيث اللسان المتحرّر يبدع و يضيف .. وقد تبع من تبع
بمزيد من القيود .. لكن لا يهم فقد أصبح هذا تقليدا في جميع لغات العالم وليس هو
المشكلة الحالية على اي حال . بل وجب فرض الأسلوب العلمي المطوّر لقواعد
التصريف في المستقبل ، ونشر العدل بين الأفعال الناقصة والمزيدة ، المعتلة
والصحيحة على حد السواء . وبعد ان اهتدينا في عصر التصريف المصاب بالتجزئة اللغوية
، والسطو والغزو الخارجي من طرف اللغات الظالمة المهيمنة ، و التبديد الظاهر والخفي
لكل الثروات والادوات اللغوية في لغتنا العربية العظيمة ، وبعد التجارب القاسية في
ظل كان واخواتها ، حتى عرفنا سر مصيبتنا من دون اللغات في العالم ، سر يكمن
في غياب ام الضمائر " نحن " . وعندما التفتنا الى نحننا الحالية وجدناها
نحن مشلولة لا حول لها ولا قوة في ظل عصر النحـنات الفاعلة بضمائرها ، وفي ظل
التكتلات اللغوية في العالم على غرار اللغات الاروبية ، مهما سلمنا باختلاف الخصوصيات ..
ان التفكير في نحن قائدة
حتى وإن كانت غائبة ، أفضل ألف مرة من هذه النحن المندسة بين الصفوف ، المسبّبة
للفرقة بين الضمائر الصادقة المؤمنة بقضايا لغـتها العربية ، والمعطلة لتطور
الوعي بمصلحة اللغة وتشويهه لدى القاعدة العريضة الصامتة من الضمائر ، حتى صارت من
ضحايا هذا الصمت بانصرافها عن الهم اللغوي . انها لا شك نحن زائفة ، مسؤولة في ظل
واقع التجزئة عن تفاقم ازمة اللغة العربية ، وهي لا تمل الادعاء بامتلاكها للشرعية
التاريخية ، هذه المقولة الأكثر خداعا و تضليلا ، بينما هي تساهم بوعي او بدون وعي
في استمرار الهزيمة للتصريف العربي الحديث ، حتى جعلت بقية الضمائر الحية عاجزة عن
صد ابسط هجوم من طرف ابسط الحروف الجازمة او الناصبة لأفعالها كما تحب وتشتهي . وهي أيضا أكثر عجزا على
الاتفاق على ابسط القواعد الصرفية اللازمة للتقدم باللغة التي أصبحت متذيلة لكل
اللغات ، رغم الكم الهائل من الثروات الاسمية والفعلية والحرفية داخلها . فلم نرها
تتفق في أي قاعدة كما تتفق أي نحن مع ضمائرها للإقلاع والنهوض ، سواء في الجزم او في النصب ، في الماضي او في الحاضر ، و خاصة
في الامر حيث يظهر بوضوح تضليل هذه النحن لبقية الضمائر .
ربما نكون في حاجة لزمن آخر للنهوض باللغة العربية بدل هذه الازمنة الرديئة ..
ولعل من دواعي
الاستغـراب فعلا كيف استطاعت هذه النحن الصغيرة المضللة ان تقنع الضمائر الحية في
لغـتنا العربية المجيدة بانها تعمل من أجل وحدتها وهي تقصي بعضها في هذا الزمن الأمر
، الأكثر رداءة ، مدعية إنها اقرب للوحدة الضمائرية المنشودة بقلة العدد في ظل
التجزئة اللغوية المقيتة ، وكأن الوحدة في التصريف العربي الحديث تبنى بالاقصاء .. !!
فأي وحدة هذه ، وأي مصير .. ؟
وحتى لو سلمنا بهذا الادعاء المضلل ، لماذا تختفي هذه النحن مع المختفـين ، فتوكل أمر الأمر كله لضمائر الخطاب ؟
لقد بيّنت التجارب إذن أن الواقع المعقد لحال اللغة لا يجدي معه
الاستعلاء أو الهروب أو التلـفـيـق . فـتـلك محاولات فاشلة . إذ حتم على أي
كلمة أو عبارة مهما كانت صغيرة أو كبيرة ، نكرة أو معـرفة ، ان لا تعيش الا في ظل
المصير الواحد للغـتها . أعجبها ذلك أم لم يعجبها ، وأن كل الضمائر بجميع أنواعها معـنية بالنهوض بلغـتها
تلك . وقد تكون هذه الفكرة الجوهرية غائبة على القاعدة العريضة من ضمائر اللغة
بسبب الجهل او السلبية او التضليل او اليأس أو لأي سبب آخر، فتكون مهمّة العناصر
الحية في لغـتنا العربية متمثـلة وقـتها في إيجاد الحلول الكفـيلة لإحياء الأمل
، و تجديده في نفوس اليائسين ، بالالتحام المباشر مع المفردات والكلمات ، بأسمائها وأفعالها وحروفها في جميع انواع التراكيب والجمل ، اسمية كانت او فعلية . لان حيوية اللغة – أي لغة – تكون في مدى
تداولها ، وليس في ركودها بين صفحات المعاجم ..
كما لا يجب ان يفوتنا ونحن نبحث في
مستقبل لغـتنا أن الضمائر مهما كانت قليلة ، فان أي اسم في اللغة العربية
يمكن أن يتحول إلى ضمير . بل إن الأفعال أيضا تحتوي على أسماء اشتقاقية متخفّـية ،
يمكن أن ينسب إليها ضمير في التـراكيب . و أن الضمائر الواعية بدورها
التاريخي ستتحول وقتها إلى طلائع متقدمة ، بتصدّيها ،
ودفاعها عن مصلحة لغـتها العـربية ، متسلحة بأفكارها الثورية ، بما فيها من تجارب
نابعة من ظروفها خاصة ، وبما تحمله من ارث حضاري عامة ، لتغيير واقع اللغة .. محتكمة إلى منهجها الضمائري في إعادة صياغة كل القواعد اللغوية السائدة على قاعدة الضمير أولا .. كإقرار بقدرة الضمير في أي مكان على تطوير الواقع – أي واقع – في أي لغة على الإطلاق ..
ان هذا المفهوم الذي ظل ناقصا على مدى التاريخ اللغوي الطويل ، سبقته محاولات وأفكار ونظريات لغوية عملاقة زخرت
بها كثير من اللغات منذ القديم .. غير أن هذا
الفهم الحاسم بعدم فصل الأسماء والأفعال عن الضمائر ، وأن في كل اسم أو فعل ضمير
قائد ، مغـيّـر ، فمطوّر للواقع اللغوي ، يمثل نقلة نوعية في فهم مسار التطور
اللغوي ومستقبله الذي لا يفعل فيه إلا الضمير مهما كان منفصلا آو متصلا ، ظاهرا أو
مستـتـرا متخفـيا ، خائفا مهـزوما . وان التخفي دليل على الخوف أو الضياع أو
الجهل أو اليأس ، قد يؤثر سلبا على تخلف اللغة لكنه لا يلغي دور الضمائر اللغوية في التغيير والتطوير المطلوب في كل اللغات ، وفي
كل العصور مهما كانت درجات عجزها ..
ومن هنا تبين فعلا أن مستقبل اللغة
ليس مبنيا على تأويل مفرداتها وربطها بعالم المثل المتعالي عن واقعها ،
الذي سيؤدي الى تطويرها ، كما قيل في تاريخ اللغات الإغريقية القديمة ..
ولا هو مبني على دور الاسماء وحدها
كما قيل في أحد المفاهيم اللغوية الألمانية ، حيث تكون الأسماء هي القائدة والمتحكمة في عملية تطور اللغة بما تحتويه من أضداد داخلها وتناقض
بين معناها الظاهر وتأويلها . علما وأن تأويل الأسماء عند هذه المدرسة ليس تأويلا
ملموسا قابلا للاختبار ولو في تراكيب بسيطة بل هو ، وبمجـرّد الاستنباط من الاسم ، يتحول إلى شئ منفصل عن طبيعة الاسم ذاته .
وقد قـيل أيضا أن الأسماء بهذا الدور والمعنى هي المتحكّمة في الأفعال . وهي التي
تكيّف الفعل حسب الحصيلة التأويلية السامية المنبثقة من الاسم نفسه للتوحّد مع
الاسم المطلق . كما أنها أحيانا تدل على معنى اللفظ ، لذلك قيل اللفظ المطلق
كتعبير عن معنى السموّ والشمول الذي يتعدّى المعنى الضيق للاسم ..
غير ان هذه النظرية اللغوية رغم أهميتها ، قد سكتت ـ كما يبدو ـ على أهم ما
فاتها مما يمكن ان يكون جوابا للسؤال الجوهـري في علم مناهج اللغة واختبار مدى
صحتها . ألا وهو :
إذا سلمنا بمبدأ التناقض في الأسماء بين المعـنـى الظاهـر والتأويل ، فمن ذا
الذي يحدّد كل تأويل؟
وقد كان هذا يعدّ قصورا فعليا في هذه النظرية اللغوية إلى أن ظهرت مدرسة أخرى
في اللغة الألمانية نفسها تقول بعكس ما ذهبت اليه المدرسة الأولى ، مدعية ان هذه
النظرية كانت مقلوبة على رأسها فأعيد تعديل وقفـتها تلك . وهم يقصدون بأن التناقض
لا يوجد في الأسماء بل يوجد في الأفعال المادية . و أن التناقض موجود بين الفعل من
ناحية و بين الأثر الذي يحدثه في الواقع فيكون الاسم تابعا له . وبذلك
تكون الأفعال الحاملة للأضداد في اللغة هي المؤثرة والقائدة للتطور اللغوي بينما
تكون الأسماء تابعة دائما للأثر المادي للأفعال ..
وهكذا ظهر في البداية ان هذه النظرية
اللغوية أكثر تماسكا اذ إنها أحالت التطور على شئ ملموس في واقع اللغة وهو الأثر
الذي تحدثه الأفعال على عكس ما ذهبت اليه النظرية الأولى التي أحالت مهمة التطوّر
اللغوي على قوة خارج الأسماء ذاتها .. كما استطاعت النظرية الثانية ، التي سمّيت
بالمادية نظرا لتعويلها على الجانب المادي في الفعل ، أن تحافظ على تماسكها
الداخلي وتزيد من إشعاع طرحها بمحاولة تفسيرها للتاريخ اللغوي بشكل عام .
اذ ان اللغة منذ نشأتها – وفق هذا الطرح - كانت تتطور على ذات القاعدة والطبيعة المادية للأفعال . و قد سمّي صراع
الأضداد في النظريتين بالجدل ، جدل الأسماء هنا وجدل الأفعال هناك .. فكان التناقض
الذي تحمله الأفعال ـ في النظرية الثانية - يؤدي حتما الى تطوّر الأسماء بانعكاس الأثر
المادي عليها في البناء اللغوي مما يؤدي الى ظهور اشتقاقات وألفاض جديدة وعبارات لا تلبث ان
تساهم في اغناء التراكيب اللغوية ، فتتطور اللغات بالانعكاس لهذه الحصيلة
المادية على الأسماء نفسها ، التي تعتبر في هذه الحالة بناء فوقيا تابعا لها .. و هم ينكرون الحدود بين اللغات عموما ،
و الخصائص داخلها الخ ... و قد أدى هذا إلى أن قسّموا مراحل تطوّر اللغات
جميعا إلى أطوار أو حقب متشابهة ومتطابقة ، من حيث مضمون الصراع وأدواته . بدأت بحقبة خالية من التناقض للأثر المادي للأفعال ، وتنتهي كذلك بانتفاء هذا
التناقض في المرحلة الأخيرة .. دون أن نعلم كيف ستنطفئ شعلة التناقضات داخل الأثر
المادي لأي فعل ، بعد أن كانت محركة لتطور اللغة على مر التاريخ ؟
فهل هي عبارة عن طاقة متقدة ستنفذ يوما ما لينتفي الصراع ؟
ولماذا تنضب هذه الطاقة و لا تنضب طاقة الأفعال المادية نفسها الحاملة للتناقضات
والأضداد كما قيل ، بل ستظل حاملة لها على مر الزمان ؟
أليست هي المحركة في البداية ؟ فلماذا
إذن يتوقف الصراع هنا ولا يتوقف هناك وقد
كان محركا له منذ بداية تشكل اللغة ولو بالرموز ؟
إنها أسئلة قليلة من كثير غيرها لا يوجد لها جواب الى الآن ، لعل أكثرها حسما
وأهمية هو السؤال القاتل ، القائل : إذا كان الأثر المادي للأفعال هو المحرّك
للتطور فلماذا جاء تطور اللغات على غير الأسلوب المتحكم في عملية التطور في العديد
منها ؟
ثم نضيف الا توجد في اللغة تراكيب بدون أفعال ؟
ولعل من أهم انعكاسات هذا التعويل المفرط على اثر الأفعال المادية ، هو تجاوزهم
حدود اللغات برفعهم لشعار عصر المادية
" يا فواعل العالم اتحدوا " كنوع من التركيز على من يفعل الفعل
.
دون التفطن أولا : إلى ما يخفيه هذا الشعار من مقدرة للفاعل على الفعل والتغيير
والقيادة في واقع اللغة .
ودون التفطن ثانيا : إلى أن وراء كل
فاعل ضمير حي هو من يفعل الفعل.
ودون التساؤل ثالثا : لماذا لم يأت
التغـييـر على ضوء الحتمية كما هو حاصل الآن في اللغات الأكثر تقدما في العالم ؟
و دون التنبّـه رابعا : لما تعـنيه
دعوة التخصيص من دعوة للانتظار .
و دون ... و دون ..الخ ..
أن هذا التخبط - عندهم - في نظرية الأفعال المادية سببه - عندنا - الخلط
بين ظاهرتين مختلفتين في البناء اللغوي هما التغـيّـر والتحوّل الذي يتم وفقا
للقوانين النوعية والكلية الموجودة في قواعد اللغة ، والذي لا تفلت منه اي عبارة
او كلمة من مفردات اللغة لكن دون تناقض او صراع داخلها ، و بين التطور كظاهرة خاصة
بالضمائر يتحكم فيه التناقض والصراع ..
فبينما تكون كل مفردات اللغة خالية من
التناقض ، بل تتغير وتتحول طبقا لقوانينها اللغوية النوعية في اطار القوانين
اللغوية الكلية - وهو ما يفسر عندنا امكانية وجود تراكيب بدون أفعال - تنفرد الضمائر بالجدل كقانون نوعي خاص بها دون ان تفلت هي أيضا من القوانين
الكلية للغة ، والمتمثلة في جميع القواعد والضوابط التي لا تفلت منها اي عبارة او
لفظ من ألفاظها ، وان أي محاولة للإفلات ، تؤدي حتما الى فقدان المعنى .
ثم ان هذا التناقض الخاص بالضمائر ليس الا تعبيرا عن الصراع القائم باستمرار
داخل كل ضمير بين واقعه الذي يعبر عنه بالماضي من جهة ، وبين حاجته للتحرر من
القيود التي تفرضها عليه التراكيب اللغوية والذي يعبر عنه بالمستقبل
من جهة ثانية . و هذا النوع من الجدل يسمّى عندنا بجدل الضمير . و بما ان
الضمير لا يوجد بمفرده فان تعدد الضمائر في اللغة يمكن ان يؤدي إلى جدل الضمائر .
كما انه و في نطاق محاولة كل ضمير أو مجموعة من الضمائر التحرّر من قيود التراكيب
اللغوية ، قد تتعارض المصالح فيقوم الصراع السلمي الذي يمكن أن يحُـل بالجدل الضمائري
و تكون وقتها الحلول الجدلية في خدمة اللغة نفسها . أما إذا تعطل هذا الجدل لأي
سبب ، فان الصراع بين الضمائر لا مفرّ منه
أيضا لكنه في هذه الحالة قد يأخذ أشكالا غير سلمية الخ ..
هذه وقفة لا بد منها و نحن نتحدث عن كيفية بناء الآداة اللا زمة لتغـييـر واقع اللغة العربية : "
نحن " ..
إذ أن السلاح المنهجي يمثل حجر الزاوية في أي محاولة تستهدف تغـييـر واقع
اللغة ، و على الضمائر اللغوية الواعية بهذه القوانين ، ان أرادت تحصين نفسها من
المحاولات المثالية في تغيير الواقع اللغوي، ان تختار منذ البداية سلاحها
الذي تراه مناسبا ، أمّا ان تخوض معارك التغيير بدون سلاح منهجي ، فهذه كما
نعتقد مغامرة غير مضمونة النتائج . ثم إنها بعد ان تختار منهجها ، عليها ان
تستعمله في ما لا نهاية له من التطبيقات والمهمّات في الواقع اللغوي نفسه لتصوغ به
نظرية التغـييـر الممكنة .. نقول للطلائع الضمائرية عليها ان تختار ، لاننا لا
نريد ان نختار لها ، او بالنيابة عنها .. لكننا نؤكد ودون قيود مسبقة أنه بامكان
الضمائر الحية في لغـتـنا العـربية ان تجتمع في البداية على قاعدة الضمير اولا ، التي هي ابسط قاعدة مستقـرّة في تراثـنا اللغوي
والرّمزي للغـتـنا . و هي مرحلة لازمة سيؤدي التفاعل من خلالها للفرز الحقيقي للمقولات المتعلقة بتغـييـر الواقع اللغوي على
قاعدة سليمة ..
ولعل الضمائر المفرزة المتنبهة للإخطار قد بدأت فعلا في الإعداد للبناء
، بكل ما تتطلبه المسيرة من صبر ومعاناة في ظل الولاء - كل الولاء - للغة العربية
وحدها . لكن دون أن تنتظر أو توكل أمرها لأي نحن في التاريخ .. ولعلها قد بدأت أيضا
في فرز قواعدها الضمائرية ، فرزا يقودها الى التوحد حول نحن حقيقـية تضيف إليها
ولا تلغـيها ، تجمّعها ولا تشتـتها ، فتكون هذه النحن المنشودة صانعة
التصريف العربي الحديث ، وقائدة الصفوف داخل اللغة العربية بشكل عام ، دون
الاعتراف بالحواجز اللغوية المصطنعة المعوّقة لأي دور حقيقي في التصريف . كما يجب
على هذه الضمائر اللغوية الوحدوية ان تأسّس لمؤسّسات ضمائرية مطهّرة من التقوقع والعزلة
في بعض الزوايا والمعاجم ، وغير مكتفية بالنظر الى تجارب الرّموز اللغوية
العظيمة في تاريخها ، والوقوف على أطلالها فتسقط بوعي او بدون وعي في صف كان وأخواتها .. لان تلك
الرموز التي ظهرت في هذه الزاوية او تلك ، لم تكن في الحقيقة تقصّر ولاءها عليها
دون لغـتها العربية كافة . ثم ان الالتحام الصحيح مع قضايا اللغة وهمومها ، هو الضمان الوحيد لإخراج
الواقع من الرّكود وقطع الامتداد التلقائي للماضي في المستقبل ، لان الرّكود في
اللغة مثل الرّكود في المياه يجعـلها آسنة ومتعفـنة بتراكـيبها الشاذة الغـيـر
مسايرة للتطور كما يتطلبه العصر .. أو بما يختلط بها من ألفاظ غريبة تدفعها
نحو غربتها . او بما يقودها للانحراف سيرا نحو المزيد من التجزئة اللغوية
بتفعـيل اللهجات بدل اللغة الام الخ ... وإن الضمائر القادرة على تحريك الرّاكد
دون انجاز الفعـل ، تعتبـر مساهمة في وجود التعفن ، لكنها غير مسؤولة عنه اذا
استمرّ في ظل المبادرة والفعل .. ولعل هذا الفعل وان لم يقدر على تحقيق الهدف
المنشود فانه يمكن أن يقود مرحليا إلى
تجنيب اللغة العربية المجيدة تلك التراكيب الرّكيكة الممجوجة ، او التخفيف من أعبائها
وصولا إلى عزلها لاحقا وتطهير هذه اللغة العظيمة من كل دخيل فيها وعليها .. كما ان
الالتحام ايضا ليس غاية في ذاته بل هو الشرط الوحيد كذلك لكسب ثقة كل أنواع
الضمائر في لغـتـنا لتتحول بها ومعها الى قاعدة عريضة لازمة للتغيير، صدقا في
العمل ، وليس نفاقا لكسب الثقة . لان الفعل الطلائعي قائم على الولاء الصادق
الذي يقود الى التضحية دون تذمّر او تظاهر أوغرور ..
لكن وهذا هو المهم والأهم في نفس
الوقت ، حيث يجب ان يكون أي فعل محكوم بالتخطيط المحكم الذي يمنع التخبط العشوائي
في واقع اللغة الملئ بالأفعال وما تتطلبه
من ردود عليها . أي دون الإفراط أو الإغراق في هذا الأسلوب الى القدر الذي يصرف
الضمائر الحية عن مهمّتها التاريخية بالتوقف او بتأجيل مهمّة البناء لأداة التغـيير
الحقـيقـية المفقودة : نحن ، وهو المحك الصحيح الذي لا يخطا في اختبار
جدية الأسلوب المرحلي لأي مجموعة ضمائرية في لغـتنا ، في أي معجم من معاجم اللغة ،
صغـيـرا كان او كبيرا .. كما يجب التنبه لأي ضمير متصل مهما كان حرفا او مجموعة
حروف ، لان الكثير من الضمائر- من بين الضمائر المتصلة خاصة - ذات النزعة
الانتهازية التخريبية ، سوف تتظاهر بولائها للغة العربية باتصالها بالأفعال
والحروف والأسماء ، وهي لا تعـرف الولاء الا لمن تتصل به لا غير .. و لعل
التعدّد الضمائري في مرحلة من المراحل سيؤدي الى الاختلاف في فهم مشاكل اللغة واستعمال
ادواتها وفق ما تقتضيها تراكيبها السليمة و بنيتها الهيكلية .. وهي في الواقع ظاهرة صحية للنهوض بالمؤسّسات الضمائرية ذاتها اذا
اعتمدت اسلوب الحوار قبل الاختيار اتفاقا مع قانون الجدل الضمائري الخ ...
ان نحن هذه هي الامل الوحيد المتبقي الذي لم تخالطه الشبهات الى حد الآن ،
لذلك يُفترض ان تولد ولادة طبيعـية بقرار من الاخوة الحقيقيين من الضمائر المخلصة
في لغـتنا العـربية المجيدة ، المعـنيين وحدهم بذلك الانجاز العظيم الذي سيغـيّـر
وجهة الاهتمام ـ غير المعهودة ـ داخل قواعد اللغة عامة الى ذلك المسمّى المنشود :
" نحن واخواتها " ..
لكن هل يصح القول باستعجال البناء تحت
حجة ان الضمير اللغوي الواعي بهموم لغـته ، لا يقدر على الانتظار أكثر من
عمره ، وأن مشاكل لغـته التي تسير الى الاسوأ لا تتحمل الانتظار أيضا؟
وهل هناك من يجرؤ فعلا ؟
قد يكون .. فما القول ؟ وما العمل ؟
اولا القول :
ان المخاطرة من طرف النخب الضمائرية في الاقدام على بناء هذه النحن
المنشودة و بغير الاسلوب المعروف ، ستؤدي حتما الى الفشل ..
ذلك ان الطلائع الضمائرية التي تدعي القدرة على البناء بالاعتماد على قواها
الذاتية المحدودة ، لن تقدر على مواجهة التحديات اللغوية وهي تكتفي منذ البداية
بالتعويل على ما تمتلكه من حسن النية والحماس
والقلق على المستقبل اللغوي الردئ فعلا ..
وهو أسلوب لا يفلت موضوعيا من التقديرات الشخصية الضمائرية القاصرة منذ
البداية على فهم ديناميكية اللغة وتتطوّرها حينما تفضل القفز على قواعدها الأصيلة . وليس بغريب بعد ذلك أن تسقط تلك النخب اللغوية
في الممارسة التسلطية الفوقية ، بل أنها ستعتبـر مثل هذا النهج مبررا في ظل قلة
العدد ... ووقتها سيكون من الطبيعي توزيع
المهام في أي مجال من مجالات اللغة على ضوء هذه التقديرات وليس على ضوء الكفاءة
كما يقتضيه القول والعمل بالضمير المناسب في المكان المناسب ، او كل حسب وظيفته النحوية والصرفية في الجملة كما تقتضيه قواعدها في شتى أنواع التراكيب . إضافة إلى ما يمكن أن يشوب
العمل من المجاملات والولاءات الشخصية من الضمائر الدنيا الى الضمائر العليا في
البناء الهرمي لهذه المؤسسة اللغوية .. وهو أمر طبيعي في غياب القاعدة
الضمائرية العريضة التي تسعى لاختيار الأصلح والأجدر بالقيادة والمسؤولية للنهوض بمسيرة اللغة والخروج بها من واقع التخلف
الذي تردّت فيه من دون اللغات في العالم ، ولذلك فان هذا الأسلوب التوافقي المتبع في حالة النقص العددي ، وبالرغم مما يبدو فيه من عدل ، مقارنة بحالات التصريف في الأمر المتميّـزة بالإقصاء
والتركيز على ضمائر الخطاب دون بقية الضمائر ، إلا أنه يشترك معها في النتيجة التي تنتهي بالعجز لقلة العدد . مما
يحوّل التصريف كله إلى مجال يحتكر فيه عدد من الضمائر النخبوية القيام بالأفعال
دون بقية الضمائر وفي غيابها أيضا ، وفي أحسن الظروف سيُطلب منها الالتحاق
بالقافلة اللغوية التي بدأت تسير ...
ثم ماذا بعد ؟
ستتولى هذه الرموز النخبوية النحـنـية الانكباب على سنّ القواعد
اللغوية الضابطة للحركة ، ثم وضع البرامج اللغوية لجلب من بقي خارج الاطار
من الضمائر التي تـزخر بها لغـتـنا العـربية ، وقد تكون تلك القواعد - التي تمت
صياغتها في غيابها - شرطا لقبولها .. وهو ما سيؤدي الى الانحراف بتلك المؤسسة التي
ستتحوّل إلى مؤسّسة تابعة لأصحابها الذين
بادروا بإنشائها ..
ثانيا العمل :
مقابل هذه الأخطار التي يمكن ان تهدّد بالفشل كل المبادرات المسقطة على واقع
اللغة ، لا يبقى الا أسلوب العمل بالممكن داخل
أو خارج الأطر المرحلية ، عملا بقول جلّ من صاغ أفضل الكلام في لغـتنا العـربية على الإطلاق ، حكمة و صياغة :
" لا يكلف الله نفسا الا وسعها " .. مع السعي بالأسلوب المناسب ، ومن أي
موقع ، لبناء " نحن " حقـيقـية حين تتوفر ظروفها ، بخصائصها وأسلوبها المعروف
: من القاعدة الى القمة .
ولذلك فان الاختلاف حول طبيعة المراحل الانتقالية التي تـُـتـّـهم فيها ـ عادة ـ تلك الأطر بالانحراف يمكن تجاوزه من
ناحية بأن تكون تلك الأطر المرحلية حاملة لنفس الخاصائص والمميزات التي تساعد على
تطوير الممارسة الجدلية ذات الصلة بمضامين اللغة ومستقبلها حيث تـُـفـرز الولاءات والأفكار
اللغـوية والكفاءات وغيرها من خلال العمل الضمائري المتنامي في الواقع ، عملا بأسلوب
ملأ الفراغات المعروف في التراكيب دون الإخلال بالمعنى ، وصولا الى ملئها
نهائيا بنحن وأخواتها .
ومن ناحية ثانيا بازالة اللبس الذي يحيط بطبيعـتها التي تـنعكس سلبا في الحكم
على منتسبيها من خيرة الضمائر المخلصة ، وذلك من خلال التنصيص في قوانينها على ولائها للغة العـربية الفصحى من دون لهجاتها المتعدّدة حتى وهي تنشأ
في زواياها التي أفرزت تلك اللهجات .. ومن دون أن تنسب لنفسها صفة جامعة ، هي صفة
خاصة من صفات نحن الغائبة .. فلا تكلف نفسها اكثر من طاقتها ، لكنها لا تفقد مطلقا
صفة الولاء للغـتها تحت أي ظرف من ظروفها ..
أما خلال هذه المراحل فتستطيع القواعد
الضمائرية المشتبكة مع الواقع اللغوي ، مراجعة كل السلبيات التي ستحسب على الأطر
السابقة ، لتكون مفيدة في بناء إطارها المنشود نحن ، وحيث تكون السلبيات - التي لا
يخلو منها أي عمل لغوي في التصريف قديما وحديثا - مهمة وذات فائدة للتجارب اللغوية المستقبلية ، المليئة بالمنعـرجات والمنزلقات
والمهاترات اللغوية ، في كل المجالات الإبداعية سواء في الشعـر او في النثـر ، في
القصة او في الأقصوصة ... كما ان الفـرز في بداية الطريق وطوال المسيرة داخل
متاهات اللغة سيكون ذو مضامين موضوعية ، مما سيتيح كل الإمكانيات للضمائر باختلاف قدراتها
لاختيار رموزها اللغوية التي ستتولى - وقتها - مهمة القيادة المنشودة في جميع
المستويات وفي شتى انواع التراكيب اللغوية بجميع أنواعها وأزمنتها .. ثم عندما
تختارها بالأسلوب المناسب وهي تساهم في بناء مؤسسات لغوية حقيقية جديدة ،
تتجاوز بها تلك الهيكلة المرحلية على طول وعرض اللغة العربية ، دون حواجز أو عقبات
، داخل كل جملة ، اسمية او فعلية ، معلومة او مبنية للمجهول ، ستختار وقتها
الآليات التي ستجعل هذه الرموز دائما تحت السيطرة فلا تنحرف عن المسار الذي ستحدّده وقتها الضمائر
نفسها .. وحتى لو انحرف بعضها ، ستكون قادرة دائما على عزلها من خلال القواعد
اللغوية الصارمة التي ساهمت كل الضمائر في صياغتها وهي تواكب متطلبات بناء تلك المؤسسات النحنية للغـتنا العـربية
المجيدة ، السائرة نحو أهدافها بكل ثبات ، يساعدها الفرز الحقيقي البعيد عن التشنج
والانفعال والإقصاء ، وهي تتطوّر على قاعدة الوحدة في ظل الاختلاف ، يحكمها
في مسيرتها الجدل المفتوح الخلاق .. وسبحان الخالق الذي جعل الضمائر عامة ، وفي
جميع اللغات محكومة بالجدل ، كما جعل الألسن آية من آياته تضاهي عنده آية
خلق السماوات والأرض لما يفضي إليه تنوع الألسن من تعدد للغات التي تملأ الأرض ..
قال تعالى : ﴿ وَمِنْ آيَاتِهِ خَلْقُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ
وَاخْتِلافُ أَلْسِنَتِكُمْ وَأَلْوَانِكُمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ
لِّلْعَالِمِينَ ﴾ ) الروم / 22 ) .
و على رأي الشاعـر مظفـر النواب : هذه اللغة لا بد ان تأخذ درسا في التصـريف ..
( القدس ) .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق