بوصلة لا تشير الى القدس مشبوهة

بوصلة لا تشير الى القدس مشبوهة
مدونة الفكر القومي التقدمي

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الثلاثاء، 26 ديسمبر 2017

لا كرامة في دول فاشلة ..


لا كرامة في دول فاشلة ..

احزاب كثيرة من المعارضة  في تونس تعد الناس بحياة كريمة في كل مناسبة يظهر فيها ممثلوها في وسائل الاعلام وفي المنابر الاعلامية ،  ومثلما يقول المثل العامي " حتى واحد ما  يقول خبزي بارد " .. 
طيب ، كيف تتحفق الحياة الكريمة في دولة صغيرة مثل تونس ..؟؟ 
لو طرحنا هذا السؤال على اي قيادي في هذه الاحزاب ، سيجيب : بمحاربة الفساد والعدالة الجبائية والتوزيع العادل للثروات وتوفير الشغل لمستحقيه ووو .. الى اخر هذه القائمة من الحلول الجاهزة لدى الجميع ... 
طبعا بعض الحلول المقترحة مثل محاربة التهرب الجبائي والتهريب والاحتكار .. ستساهم في تحسين الوضع الاقتصادي وتخفف العبء عن فئات الموظفين الذين يتحملون وحدهم منذ عقود  مسؤولية الضخ من رواتهم لملء الخزينة ، وعن الفئات الضعيغة المهمشة التي لم تعد قادرة على مواجهة غلاء المعيشة وتدهور المقدرة الشرائية .. ولكن هل تستطيع مثل هذه الحلول القضاء على البطالة التي يعاني منها اكثر من مليون عاطل عن العمل ..؟؟ وهل تقدر هذه الحلول على محاربة البؤس والفقر المتفشي في اكثر من ربع السكان في تونس .. ؟؟ 
هل يستطيع اي حزب او مجموعة احزاب من المعارضة فيما لو وصلوا الى السلطة  ان يخلصوا البلاد من المديونية البالغة اليوم اكثر من نصف الناتج القومي كما يسمونه ..؟ 
وهل يستطيعون ولو مجتمعين ان يوفروا مستلزمات الحياة الكريمة في المجالات الحيوية والحياتية التي تتوقف عليها كرامة المواطن في ظل الخراب الذي تعيشه المؤسات التعليمية والصحية دون الاعتماد على التداين الخارجي .. ؟؟ 
وهل تقدر القوى السياسية التي تعد الشعب بالحياة الكريمة ان تفي  بوعودها دون موارد ودون نهضة صناعية في جميع المجالات لاستيعاب هذه الجيوش من المتخرجين والعاطلين عن العمل منذ سنوات ..؟؟
وهل تستطيع كل الاحزاب مجتمعة ان تحقق الحياة الكريمة للمواطن دون تحرير البلاد من قبضة التبعية والهيمنة التي يفرضها البنك الدولي والدول المانحة وقد تحولت هذه المعونات – في عهد ترانب – الى ابتزاز معلن واهانة صريحة لجميع الدول الفقيرة في العالم ..؟ 
لماذا لا تقول هذه الاحزاب  للشعب ما يقوله الاوروبيون لشعوبهم وهم الاقوى والاكثر امكانيات بان العصر عصر تكتلات كبرى  قاعدتها  الصناعة الحديثة والتقدم العلمي والتكنولوجي الذي لا تقدر عليه  اي دولة صغرى تشهد باستمرار حالة نمو متزايد في السكان وانحسار في الامكانيات .. ؟
ان الحديث عن التنمبة الذي تردده احزاب المعارضة في الدول الاقليمية حديث بلا معنى حينما يتناول المشاكل العارضة الناتجة عن فساد الانظمة ولا يتطرق الى المشاكل الدائمة المتصلة بطبيعة الدولة الاقليمية ذاتها كمؤسسة عاجزة عن ايجاد الحلول مهما كانت الارادة السياسية للنخب الحاكمة في هذا العالم الذي تسيطر عليه الذئاب البشرية المتوحشة بسلطة راس المال المهيمن في الدول المتقدمة ، والذي يسعى جاهدا للحيلول دون اي مشروع نهضوي في الوطن العربي للابقاء على تخلف العرب وهم الاقدر بامكانياتهم المادية والبشرية على تحقيق نهضة علمية واقتصادية لو توفرت لهم شروطها المتمثلة في الوحدة القومية .. !!    
نعم للتنمية والحلول المستعجلة .. نعم للسعي الدائم للدفاع عن كرامة المواطن .. نعم لمحاربة الفساد وفضح الفاسدين .. نعم لكل الحلول اللازمة للتخفيف من معاناة الناس .. ولكن الخطاب الذي لا يلامس جوهر المشكلة في الدول الاقليمية سيبقى بعيدا كل البعد عن تحقيق الاهداف المطلوبة ..  فلا كرامة دون سيادة .. ولا سيادة مع التبعية .. ولا تحرر من الهيمنة دون تقدم صناعي وتكنولوجي وهو المستحيل في اي دولة اقليمية في الوطن العربي ، ليس لان الدول عاجزة عن تحقيق نهضة علمية وصناعية ، فقد تحقق ذلك في مصر والعراق حينما توفرت لها الارادة السياسية .. بل لان الدول الاقليمية – في الوطن العربي بالذات - حينما تختار هذا المسار تصطدم بمواجهة مسارها - في ظل الاستهداف الموجه لها – فتعجز عن حماية كيانها وتتعرض للحصار او للعدوان .. هكذا يراد لها لتبقى الحلقة الاضعف بجانب اسرائيل من ناحية ، وتحت هيمنة الدول الكبرى من ناحية ثانية .. 
فالدول الاقليمية قدرها ان تكون دولا فاشلة ..  ولا كرامة ولا هم يحزنون ..

( القدس ) .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق