بوصلة لا تشير الى القدس مشبوهة

بوصلة لا تشير الى القدس مشبوهة
مدونة الفكر القومي التقدمي

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الأحد، 19 أغسطس 2018

مجلة الحريات .. حق يراد به باطل ..


 مجلة الحريات .. حق يراد به باطلا ..

 
بالرغم مما يبدو في المجلة من فائض ايجابي للحريات الفردية لكنها لا تخلو من عديد الاسقاطات لكثير من الحلول التي تنتفي مشاكلها في الواقع ، كما انها تتجاهل عمدا طرح حلول كثيرة لمشاكل ذات صلة مباشرة بالحريات مطروحة بالفعل وبقوة في المجتمع . وهذه بعض الملاحظات العامة حولها :
- الحكم على مجلة الحريات بالسلب او بالايجاب ( قبولا او رفضا ) ، لا يجدي التركيز فيه على نواحي منها دون نواحي اخرى ( انتقاء ) ، او على الاشخاص بقصد النيل من اعضائها ( انتقاص ) للطعن  في جديتها او جدية اصحابها ، فالعملية اكبر من الشخصنة .. لانها تاتي في اطار نسق ايديولوجي كامل وضعت من خلاله المجلة من اجل فرض مشروع مجتمعي يطرح تصورا كاملا للدولة والمجتمع من وجهة نظر ليبرالية موغلة في القيم الفردية تتستر برؤية دينية مشفوعة بمؤيدات من القرآن والسنة ، فتستغل الاجتهاد الديني دون ان تعتمده ولو جزئيا في البناء على اسسه واصوله وثوابته في اي مجال من مجالات التشريع المقترحة ..
- كل الامثلة من الآيات والاحاديث الواردة في الاسشهاد منتقاة للتاكيد على ظاهرة التطور وهي مسالة محسومة تقريبا يسلم بها الجميع ، ولكن ياتي ذكرها والتاكيد عليها من اجل تمرير فكرة التجاوز الزمني كمبرر لتجاوز النص الديني قصد استبعاده من حياة الناس ( مثل الاستشهاد بظاهرة اختفاء الرق والعبيد وتجاوزه في التشريع ) .
- مرجعية قوانين المساواة تعتمد بالكامل على القوانين المتعلقة بحقوق الافراد الواردة في القوانين الدولية ذات المنابع الليبرالية الاوروبية التي ازدادت تكريسا لطغيان النموذج الغربي في اطار المفهوم الجديد للعولمة دون اي اعتبار لخصوصية المجتمع وشخصيته الحضارية .
- حسب مشروع القوانين الوارد في المجلة فان التوجه العام الذي يقود وجهة اصحابها والجهات المحيطة بهم يتجه نحو ارساء اسس جديدة للتشريع في تونس قاعدتها الوحيدة المفهوم المجرد للحريات الفردية والمساواة التامة بين الجنسين مما يقتضي لاحقا تغيير كل القوانين الجاري بها العمل ، كما يجعل من مجلة الاحوال الشخصية التي دار حولها جدلا واسعا داخل تونس وخارجها ، مجلة " رجعية " طبقا لمفهوم " الحداثة " الذي يدعيه الفرنكفونيون  . 
- في  المجلة تضخم واضح للحريات الفردية وتجاهل كامل لعلاقة الفرد بالمجتمع ( الفرد فوق المجموعة ، حرية الفرد فوق القضايا العادلة ) .
- في مجلة الحريات تجاهل كامل للمساواة وعدم التمييز في النواحي الاقتصادية والاجتماعية وقد ورد مرارا في المجلة سلسلة من الامثلة المعتمدة في تطبيق المساواة ومنها عدم التمييز من حيث الجنس اواللون اوالعرق .... او الثروة .. ( مساواة بين الغني والفقير ، وبين العليل والسليم ، وبين القوي والضعيف ، وبين العاطل عن العمل والمشتغل ، وبين المحروم من التعليم والمتعلم  ، وبين المستغل وضحية الاستغلال ... وهي من اهم انواع  التمييز التي تتجاهلها المجلة ) ...
- تقدم المجلة في تبريرها لاقرار مبدا المساواة وعدم التمييز بين الافراد عموما وبين الرجل والمراة بشكل خاص بعض الفصول الواردة في الدستور ، ومنها التي تؤكد على مبدا المواطنة والمساواة في الحقوق والواجبات ومدنية الدولة ثم تقدم تأويلا لها على انه يفيد بان مصدر التشريع الوحيد هو ارادة الشعب ( في اشارة لنوابه ) ، وان المساواة يجب ان تشمل كل مجال الحقوق والحريات بما فيها الميراث ، ولكنه يتناسى الفصل الذي ينص على الهوية الدينية للمجتمع . ( تاويل فصول من الدستور يتعارض فيها الاجتهاد مع تاويل فصل اخر منه ) .
- الاعتماد على المفاهيم الليبرالية للمساواة وعدم التمييز بين الجنسين كمرجعية وحيدة في تحديد العلاقات العامة في المجتمع وعلاقة الرجل بالمراة ووضعهما في الاسرة وعلاقتهما بالابناء والفروع وفي قضايا عديدة تطرحها المجلة ( رئاسة العائلة ، المهر ، الولاية على الاطفال ، الميراث ، اللقب العائلي ..... مقترح تغيير قوانين العدة ... مقترح الغاء قانون غلق المقاهي في شهر رمضان ، مراجعة القوانين الخاصة ببيع المشروبات الكحولية ..  ) ، كل هذا يؤدي بالضرورة الى استبعاد المرجعية الدينية بالكامل ( تشريع يخلو تماما من روح الاسلام ) وينسف اي علاقة للمجتمع بهذا الدين ، مما يجعل المرجعية المعتمدة في تناقض صارخ مع الفصل الذي ينص في الدستور على ان تونس دولة دينها الاسلام . وقد ورد معنى الاستبعاد بشكل ضمني وشبه صريح  في المجلة  ..
- تحتوي المجلة على تضارب في اقتراح القوانين الردعية ( عقاب بالسجن او بخطية مالية ) من حيث اهمية القضايا وتاثير ضررها الذي يقع على الفرد او على المجتمع وقضاياه الكبرى ، حيث تكون عقوبة فتح رسالة ثلاثة اشهر سجنا وخطية ب 1000 د ، وتعاطي البغاء والعلاقات الشاذة  500 د فقط .. الاحتجاج على اعمال ذات علاقة بالتطبيع يؤدي الى عقوبات سجنية تتراوح بين سنتين وخمس سنوات وعقوبة مالية تتراوح بين 10 الاف و20 الف دينار مع الحرمان من الحقوق المدنية  ، في حين تخفف عقوبة السب والشتم والاعتداء على الاخلاق الحميدة ( التعري وكشف العورة عمدا والفواحش بانواعها ) من السجن ستة اشهر والف دينار الى 500 د فقط .. الغاء عقوبة الاعدام في المطلق دون اعتبار القتل عمدا وحالات الارهاب .. الخ .
- اخلاء الحريات الفردية في مجال الفن والادب والانشطة الفكرية عموما من اي ضوابط  اجتماعية تهم كل ما هو مشترك بين شرائح واسعة من المجتمع ، او من اي ضوابط اخرى  في علاقة بالقضايا القومية ، من شانه ان يكون غطاء لانشطة معادية لقضايا المجتمع واستهدافا لهويته ، وفي الحد الادنى استفزاز لمشاعر الناس ومعتقداتهم ، او تمرير سياسات معادية لقضاياهم العادلة ، فضلا عما يلقونه من عقوبات اذا حاولوا الرد على الاستفزاز ( القضية التي رفعتها حركة الشعب ( ورد ذكرها بالاسم في المجلة ) وادت الى ايقاف الشريط السينمائي عن العرض ) ..

طبعا ان يقع كل هذا وتونس لم تقدر بعد على حل مشكلات البقاء على قيد الحياة بالنسبة لشرائح واسعة من المجتمع معناه الذهاب بها الى صراعات لا علاقة لها بواقع الناس وهمومهم اليومية  .. وقد كان من الاجدى تقديم مقترحات تتتعلق بالمساواة وعدم التمييز بين المراة في المدينة والمراة في الريف ، او بالمساواة وعدم التمييز في الجانب الاقتصادي والاجتماعي والتنموي قبل أي حديث اخر متصل بهذا الموضوع ..
 ثم ان تركيز  المعارضين للمجلة على شخص رئيس اللجنة لا يعني شيئا بالنسبة لمضمونها خاصة ان اللجنة تضم شخصيات ذات مرجعيات دينية " اسلامية " وحقوقية التقت حول مفاهيم الحريات الليبرالية مع الجهة المدبرة ، وهو ما يفسر التقاء الاحزاب اليمينية بكل اطيافها على خيارات عديدة مشتركة في تصور مفهوم الدولة ومؤسساتها ،  تجسدت عمليا تحت مسمى التوافق سواء في المرحلة الاولى بعد 2011 او في المرحلة الثانية بعد 2014 .. وان كان جزء كبير من المنتمين لهذه القوى قد استفاق على وقع مشروع القوانين المستفزة لمشاعرهم الدينية فانه قد فاتهم بان قوانين كثيرة كان يجري الترتيب لها قصد تمريرها على مراحل وتحويلها الى امر واقع من خلال  المصادقة على الاتفاقيات الدولية في ظل حكم هذه الاحزاب منذ سنة 2011 (  وقع سحب مبدأ التحفظ على قوانين المساواة في الولاية والوصاية على االاطفال طبقا لمبدا المساواة خلال سنة 2011 ) ، وفي سنة 2014 ( تم اعلام الامم المتحدة بسحب التحفظ في افريل 2014 ، كما وقع في نفس التاريخ سحب الاحتراز والتحفظ على مبدا المساواة التامة وعدم التمييز بين الرجل والمراة  ، وهو المبدأ الذي يحاول انصار المجلة تعميمه على كل مجالات الحياة بما فيها الارث .. ) ، وفي سنة 2015 ( تم خلالها اقرار حق المراة في استخراج جوازات سفر للاطفال وخروجهم معها دون ترخيص من الاب طبقا لقانون المساواة وعدم التمييز بين الاب والام .. ) وآخرها انظمام تونس الى بروتوكول الميثاق الافريقي لحقوف الانسان سنة 2018 الذي الحق به برتوكول حقوق المراة في افريقيا ويتضمن اشارات صريحة للمساواة ومنها الميراث  .. وكلها التزامات تستدرج تونس ودول كثيرة للقبول بما جاء في مشروع القوانين الواردة في مجلة الحريات والمساواة ، وحصر مفاهيمها لدى شعوبها في مضامينها الفردية المجردة التي يسهل استيرادها وتركيبها باسم الاشتراك في الانسانية ..
في المقابل بالنسبة للقوى الرافضة لتعميق الانقسامات المجتمعية ، وخلق صراعات ثانوية تتمحور حول مضامين الهوية واستغلالها  في تحريك الشارع وتحشيد الناس مع كل دورة انتخابية جديدة ، فان انسحابها او ترددها في خوض مثل هذه المعارك  ، اضافة الى كونه يمكن ان يفسر بالهروب من معارك مستحقة ، فهو تعبير واضح عن حالة الضعف وعدم القدرة على التخطيط المسبق للتحكم في سير الاحداث ولو بسحب البساط من تحت اقدام القوى اليمينية التي تبدو في نظر الناس بانها الاقدر والاقوى دائما على شد انظارهم اليها وحدها ... والمطلوب في مثل هذه المعارك وقبل اي رد احتجاجي ميداني ، ان  ترد بتقديم المشاريع البديلة واظهارها للناس في وقتها .. الم يكن باستطاعة القوى التقدمية تكوين لجنة مماثلة تشتغل على نفس المحاور لتطرح  بدائلها للناس في علاقة بواقعهم  وظروفهم المعيشية ، من اجل التقدم  بالصراع نحو صراع المشاريع والبدائل الحقيقية التي تستجيب للواقع وتقدم افكارا جديدة لمفهوم الحريات الاجتماعية  ،  بدل فرض مفاهيم الحرية اللبرالية التي يقودها وكلاء الراسمال العالمي في تونس .. وهو ما يتطلب تحيين مستمر لقراءة الواقع والتخطيط المحكم لافشال مخططات القوى اليمينية المستعدة دوما لاخذ الناس حيث تريد ..
في النهاية لا بد ان نسجل كم المغالطات الواردة في مشروع مجلة الحريات والمساواة حيث نجدها تدقق في اي فكرة ذات صلة باي قانون قديم او اي منشور يتضمن انتقاصا او تضييقا على الحريات الفردية " من وجهة نظر حداثية ليبرالية " او تفرقة وعدم مساواة بين الجنسين ، ليجعل منها قاعدة مطلقة ووحيدة لمفهوم الحداثة والديمقراطية تفرز بالضرورة مناصرين للمجلة وهم الحداثيون الديمقراطيون ، مقابل المعارضين لها وهم الرجعيون واعداء الحداثة ، متناسين - من ناحية - التوافقات الحاصلة في الواقع بينهم وبين شريحة واسعة من معارضي المجلة ، ومن ناحية اخرى الجوانب المهمة التي يتجاهلها اليمين الليبرالي بكل اطيافه الحداثية والاسلامية والحقوقية بالنسبة للفرد والاسرة والمجتمع ، وهي المساواة في الجوانب الاقتصادية والاجتماعيىة والتنموية والتي تشمل كل الثنائيات في المجتمع : بين الرجال من ناحية اولى وبين النساء من ناحية ثانية ثم بين الرجال والنساء من ناحية ثالثة .. 
من بين المغالطاة الاخرى والدهاء الموجود في المجلة  اسلوب الترغيب الذي يحمل الناس على القبول بمحتواها دون ان يضمن لهم شيئا ملموسا .. فأصحابها يسعون الى ضبط كل شاردة وواردة من حياة الناس في الاسرة والمجتمع بقوانين صريحة الكثير منها يعرّض مخالفيها للعقاب بالسجن والخطايا المالية ، او يجبر الناس على الامتثال للقوانين الواردة فيها حينما يلتجئون للقضاء ، ثم يوهمونهم بانها غير ملزمة لمن لا يرغب في تطبيقها .. !! ، ولكن السؤال الذي يطرح نفسه لماذا لا يطبق العكس ؟ اي ان تبقي المسائل الخلافية على حالها وتترك الحرية لمن لا تعجبه القوانين الحالية  في ممارسة قناعاته بالاتفاق مع اسرته .. ؟ 
من الدهاء ايضا في هذه المجلة العجيبة الاستشهاد بايات قرانية او بسيرة الصحابة ( تجاوز حكم العبيد ، تعطيل نص المؤلفة قلوبهم ، تعطيل حد السرقة ...) تاكيدا على سنة التطور فقط من اجل استبعادها والخروج نهائيا من مجال التشريع الاسلامي ، ثم الدخول في مجال الخبط العشوائي والتلفيق دون اعتبار لطبيعة المجتمع ومعتقداته وهمومه اليومية .. والا فماذا يعني الغاء مشروع قوانين غلق المقاهي في رمضان ، ومراجعة قوانين بيع المشروبات الكحولية ، والغاء العدة ،  وتجريم الاعتراض على انتهاك القضايا العادلة ، وتهوين جرائم الاعتداء على الاخلاق الحميدة وارتكاب الفواحش علنا مقابل تجريم من يفتح رسالة قد تكون مفتوحة اصلا منذ ارسالها .... ؟ وما علاقة كل هذا بالمساواة والتطور .. ؟؟ وكيف يمكن استبعاد كل الايات القرانية القطعية الآمرة الناهية الضابطة للحدود المتوعدة لكل من يتعداها او يرفض القبول بها كمرجعية للحكم بين الناس كما جاء في العديد من الآيات حسب المجالات :
1) في مجال التشريع والتزام الحدود :
- ان انزلنا اليك الكتاب بالحق لتحكم بين الناس بما اراك الله ولا تكن للخائنين خصيما . ( النساء 105 ) .
- الم تر الى الذين اوتوا نصيبا من الكتاب يدعون الى كتاب الله ليحكم بينهم ثم يتولى فريق منهم وهم معرضون . ( ال عمران 23) .
- وانزل معهم الكتاب بالحق ليحكم بين الناس فيما اختلفوا فيه . ( البقرة 213 ) .
- ومن لم يحكم بما انزل الله فاولئك هم الكافرون . ( المائدة 44) .
- ومن لم يحكم بما انزل الله فاولئك هم الظالمون . ( المائدة 45) .
- ومن لم يحكم بما انزل الله فاولائك هم الفاسقون . ( المائدة 47 ) .
- فاحكم بينهم بما انزل الله ولا تتبع اهواءهم عما جاءك من الحق لكل جعلنا شرعة ومنهاجا . ( المائدة 48 ) .
- وان احكم بينهم بما انزل الله ولا تتبع اهواءهم واحذرهم ان يفتنوك عن بعض ما انزل الله . ( المائدة 49 ) .
- افحكم الجاهلية تبغون ومن احسن من الله حكما لقوم يوقنون . ( المائدة 50 ) . 
- وما اختلفتم فيه من شيء فحكمه الى الله . ( الشورى 10 ) .
- ثم جعلناك على شريعة من الامر فاتبعها ولا تتبع اهواء الذين لا يعلمون . ( الجاثية 18 ) .
- تلك حدود الله فلا تقربوها . ( البقرة 187 ) .
- تلك حدود الله فلا تعتدوها . ( البقرة 229 ) .
- ومن يتعد حدود الله فاولائك هم الظالمون . ( البقرة229 ) .
- ذلك لتؤمنوا بالله ورسوله وتلك حدود الله . ( المجادلة 4) .
- وتلك حدود الله يبينها لقوم يعلمون .  ( البقرة 230 ) .
- تلك حدود الله ومن يتعد حدود الله فقد ظلم نفسه . ( الطلاق 1 ) .
- ومن يعص الله ورسوله ويتعد حدوده يدخله نارا خالدا فيها . ( النساء 14 ) .
- ان الذين يحادون الله ورسوله اولئك في الاذلين . ( المجادلة 20 ) .
- ولا تتخذوا ايات الله هزوا . ( البقرة 231 ) .
2) في مجال الطلاق والعدة والحاضانة والنفقة : 
- الطلاق مرتان فامساك بمعروف او تسريح باحسان . ( البقرة 229 ) .
- فان طلقها فلا تحل له من بعد حتى تنكح زوجا غيره . ( البقرة 230 ) .
- فان طلقها فلا جناح عليهما ان يتراجعا ان ظنا ان يقيما حدود الله وتلك حدود الله يبينها لقوم يعلمون . ( البقرة 230 ) .
- واذا طلقتم النساء فبلغن اجلهن فامسكوهن بمعروف او سرحوهن بمعروف ولا تمسكوهن ضرارا لتعتدوا ، ومن يفعل ذلك فقد ظلم نفسه . ( البقرة 231 ) .
- والمطلقات يتربصن بأنفسهن ثلاثة قروء ولا يحل لهن أن يكتمن ما خلق الله في أرحامهن ان كن يؤمنّ بالله واليوم الآخر . ( البقرة 228 ) .
- يا ايها الذين آمنوا اذا نكحتم المؤمنات ثم طلقتموهن من قبل ان تمسوهن فما لكم عليهن من عدة تعتدونها فمتعوهن وسرحوهن سراحا جميلا . ( الاحزاب 49 ) .
- يا ايها النبي اذا طلقتم النساء فطلقوهن لعدتهن واحصوا العدة واتقوا الله ربكم . ( الطلاق 1 ) .
- وان كن اولات حمل فانفقوا عليهن حتى يضعن حملهن فان ارضعن لكم فاتوهن اجورهن  واتمروا بينكم بمعروف وان تعاسرتم فسترضع له اخرى .ِ ( الطلاق 5 ) .
- والذين يتوفون منكم ويذرون ازواجا يتربصن بانفسهن اربعة اشهر وعشرا . ( البقرة 234 ) .
- والوالدات يرضعن اولادهن حولين كاملين لمن اراد ان يتم الرضاعة وعلى المولود له رزقهن وكسوتهن بالمعروف لا تكلف نفس الا وسعها . ( البقرة 233 ) .
3 ) مجالات اخرى :
في القرآن الكريم مجالات عديدة من الحياة الاجتماعية تضبطها احكام صريحة وواضحة من خلال الآيات التي يظهر فيها جليا نفاذ حكمها واستمراريته وملازمته للتطور لتنظيم الحياة داخل المجتمع المسلم في كل زمان ومكان تشمل حدود المعاملات والعلاقات بجميع انواعها بالامر او بالنهي او بالتحريم ومنها مجالات الارث ، البيع والشراء ، صلة الرحم ، الزواج ، المهر ، شهادة الزور ، السلوك والاخلاق العامة ، حرية العقيدة ، الطعام ، الشراب ، السرقة ، الاستغلال ، اليتامى ، وغيرها ...
وبالتالي فان القاء نظرة بسيطة على الآيات القرانية في شتى المجالات من جهة ، ومشروع المجلة من جهة ثانية ، يبين مدى هوّة الانفصال بينهما .. فماذا يعني تجاهل كل هذا الكم من الآيات الصريحة من عند الله الداعية للوقوف عند حدوده واتباع اوامره واجتناب نواهيه .. ؟ 
انه يعني ببساطة الخروج من مجال التشريع الاسلامي في علاقته بالهوية العربية الاسلامية للمجتمع والدخول في مجالات عديدة مفتوحة على التبعية والخضوع للهيمنة  التي تفرضها العولمة ، ومن ابرز سماتها في هذه المجلة :
- المخالفة الصريحة لدستور دولة مدنية دينها الاسلام .
- اسقاط التشريع الغربي بتوجهه العلماني على مجتهع يعتبر الاسلام مكون اساسي لشخصيته الحضارية بخلاف تلك المجتمعات .
- تحويل النص القرآني الى مجرد نص تاريخي جامد يمكن تجاوزه واسقاطه بالتقادم ومرور الزمن .
- افتعال مشكل بين هوية المجتمع وقيمه الحضارية وبين مفهوم " الحقوق والحريات والمساواة " التي تعتبر قيم ثابتة في الاسلام .
- ايهام الناس بان المرجعية الاسلامية في التشريع تقف عقبة امام " الحداثة " بمفهومها الليبرالي الغربي ، وان الحرية والمساواة مطلقة دون قيود باعتبار علوية الفرد على المجتمع .
- ايهام الناس بان الحرية والمساواة تقوم فقط على سن القوانين دون بناء المؤساسات التشريعية والقضائية السليمة وتطهيرها من الفساد والمفسدين .
- ترويج مفهوم مظلل للحرية والمساواة بين الناس يستبعد الجوانب الاقتصادية والاجتماعية بكل مضامينها الانسانية حيث لا حرية ولا مساواة دون شغل وتعليم وصحة .. ورعاية كاملة في ظل الاسرة والمجتمع ...
- عكس قاعدة التشريع من الاغلبية الى الاقلية وفتح مجالات واسعة لانتهاك الحدود والقيود الاجتماعية التي تنظم الحياة في المجتمع وتفجر الصراعات وتقود الى التطرف .
- تحويل وجهة الصراع الاجتماعي من مجالات التنمية ومحاربة الفساد وبناء مؤسسات مستقلة تضمن الحريات والمساواة بجميع ابعادها الفردية والاجتماعية الى مجالات الصراع حول الهوية وتفرعاتها ... الخ .
خلاصة القول ، كل هذا ليس له الا معنا واحدا : مشروع الحريات والمساوة في مجتمعنا حق .. يراد به باطلا ..
الحق بيّن في حاجة المجتمع الى الحريات والمساواة على جميع المستويات التي تكرر ذكرها وبيانها .. لكن الباطل بيّن وواضح ايضا في محاولة فرض توجهات ايديولوجية صرفة على المجتمع وزرع قيم مستوردة من المجتمعات الغربية ذات الايديولوجيا الليبرالية الفردية باسسها الاقتصادية الراسمالية المتوحشة لتعميق الاغتراب وتنمية الشعور الاقليمي بين افراده استكمالا للخطوة التي بدات منذ فجر الاستقلال ، لكنها لم تنجح تماما في عزله عن محيطه الطبيعي بقيمه الحضارية  الجماعية في ظل السياسات السابقة ، مما استوجب استبدالها بوسائل جديدة تعمل على اجتثاثه نهائيا من جذوره خدمة لمشروع الهيمنة الاستعمارية الذي تفرضه سياسة الولاء والخضوع للاملاءات الخارجية ، تحت مسمى " الحرية والديمقراطية والمساواة " .. 
 ( القدس ) .
 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق