بوصلة لا تشير الى القدس مشبوهة

بوصلة لا تشير الى القدس مشبوهة
مدونة الفكر القومي التقدمي

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الثلاثاء، 28 أغسطس 2018

غاب ماكاين .. فمن الخاسرون ؟


 غاب ماكاين .. فمن الخاسرون ؟ 

لو اردنا ان نبدأ بالجواب مباشرة سنقول دون تردد ان الخاسرين في الوطن العربي هم اصدقاؤه .. واولهم الاخوان المسلمون ..حيث لا يستطيع أحد انكار او اخفاء الروابط القوية والعلاقات المتميزة بين جون ماكاين والاخوان . فكل من تابع تحركاته ولقاءاته خلال السنوات الاخيرة في جميع الساحات العربية  بعد سنة 2010 يلاحظ دون عناء كبير علاقاته المتينة بقادتهم ورموزهم ، التي تعبر عن المدى الذي وصله جون ماكاين في اقناع الادارة الامريكية بدور الاخوان كبديل للانظمة المتهالكة والمتعنتة على الامريكان في ان واحد .. فمن هو جون ماكاين ؟ وماهي مواقفه من العرب والمسلمين ؟ 
 جون ماكين هو ضابط الطيران الامريكي المشارك في قـتـل الاطفال وقصف المدن الفيـتـنامية خلال الحرب الامريكية على فيتنام والذي وقع اسقاط طائرته في احدى طلعاته سنة 1967 حيث بقي في الاسر حـتى سنة 1973 . وهو الصديق الشخصي لسفاح الشيلي " بينوشي " المستبد المتهم بجرائم القتل والتعذيب للابراياء .. وفي بداية الثمانينات بعد تقاعده ، بدأ نشاطه السياسي ففاز في انتخابات مجلس النواب سنة 1982 ثم فاز بعد ذلك بمقعد في مجلس الشيوخ سنة 1986 حيث بدأ  المشاركة في صنع القرار الامريكي و التاثير في السياسة الامريكية التي ظهرعليها التشدد تجاه قضايا العرب والمسلمين بفضل الصقـور المسيطرين على الادارة الامريكية خلال العـقـود الاخيـرة ، وخاصة في التسعـينات اذ ظهر ماكاين من أكبر الداعمين للحصار على العـراق ، ومن اكبر الداعمين للحرب على افغانستان سنة 2001 ، ثم للعدوان على العراق سنة 2003 ..  كما عـرف عن ماكاين ولاؤه الشديد ودعمه اللامشروط للكيان الصهيوني . فهو الذي أعلن سنة 2008 من تل ابيب :  " إن هذا هو الوقت المناسب لإعلان مدينة القدس عاصمة أبدية لـ " دولة إسرائيل " ويجب على المجتمع الدولى الاعـتـراف بهذا الحق " ، كما ظهر في محيط القدس وهو يمارس تلك الطقوس اليهودية بالتباكي على حائط البراق .. وهو المعروف ايضا بتلك المقولة الشهيرة : " لو استطعت قصف الكعبة لفعلتها وانتهينا " .. 
وجون ماكاين هو الذي عمل صحـبة الصهـيوني برنارد هـنري ليفي على دعم العدوان الاطلسي على ليبيا الذي وصل بموجبه الاخوان وحلفاؤهم الى الحكم هناك ، وهو الذي قدم لهم الدعم الكامل في سوريا  ممثلا للدور الامريكي الذي عـبر عـنه قائلا : "  ان هذا الدور الأكبر المنتظـر ضرورى جداً وهو بمثابة خدمة لإسرائيل الديمقراطية "  !.. ( اليوم السابع عن صحيفة يدعوت احرنوت يوم الاحد 7 يوليو 2013 ) .  
وقد ظهر التناغم بين الامريكان والاخوان في تونس ايضا  بعد الثورة ، سواء من خلال زيارة ماكين الى تونس ، او من خلال الزيارات المتكـررة لقيادات الاخوان الى واشنطن ، التي يأتي على رأسها زيارات راشد الغـنـوشي التي صرح في احداها حين سئل عن الدستور قائلا بانه " لن يذكر في الدستور الا ما يهم تونس " ، وهي اشارة واضحة لعدم ادراج فصل تجريم التطبيع المقترح في ذلك الوقت ، لطمأنة المسؤولين الامريكان والصهاينة الذين زارهم في معاهدهم المتخصصة ، ومراكـز بحـثهم الاستراتيجية المعـروفة بانحيازها لاسرائيل وتاثيرها الشديد على صنع القرار في امريكا وتوجـيه الراي العام العالمي والاعلام ، مثل معهد واشنطن لسياسة الشرق الادنى (The Washington Institute for Near East Policy) الذي زاره راشد الغنوشي في 30 نوفمبر 2011 اثر انتخابات المجلس التاسيسي ، وهو " معهد بحـث أمريكي تأسس سنة 1985 من قبل لجنة العلاقات الأمريكية الإسرائيلية المعـروفة اختصارا بأيباك .. وينقل موقع تقرير واشنطـن إن الهدف من تأسيسه كان دعم المواقف الإسرائيلية من خلال قطاع الأبحاث ومراكز البحوث وأن أيباك كانت المؤسسة الأم للمعهد حيث أن مديره المؤسس هو مارتن إنديك رئيس قسم الأبحاث السابق باللجنة " ( ويكيبيديا ) .
 كما زار راشد الغنوشي  في 30 ماي 2013 مجلس العلاقات الخارجـية بواشنطن المتخصص في تحليل العلاقات والسياسات الدولية ، والذي يشبهه في اهدافه مجلس العلاقات الخارجية البريطاني او المعهد الملكي للشؤون الدولية المسمى ايضا مركز  " تشاتام هاوس "  للدراسات الذي زاره كذلك راشد الغنوشي في 26 نوفمبر 2012  لتسلم جائزالمركز السنوية الممنوحة له صحبة الرئيس المنصف المرزوقي  .  ويقوم هذا المعهد بنفس الدور الذي يقوم به مركز واشنطن تقريبا حيث يقدم نفسه على انه " منظمة غير حكومية ،  محايدة مهمّـتها الأساسية هي تحليل الأحداث الدولية الجارية ومراقبتها وتقديم حقائق عـنها لكل المهتمين مما قد يساهم إيجابا في تعميق فهم العالم لما يجري من أحداث وتطورات " .. ويُـعـتبـر المركـز طبقا لنفس المصدر من " أهم المراكز البحثية المهتمة بالقضايا السياسية في العالم " ( ويكيبيديا ) .
 ثم زار ايضا  أحد ابرز المراكز الداعمة لاسرائيل في 31 ماي 2013 وهو " مركز سابان لدراسات الشرق الأوسط (Saban Center for Middle East Policy) ، وهو مركز تفكير  في  الولايات المتحدة ،  يديره مارتن إندك  " . الذي انتقل اليه بعد أن اشتغل سفيرا للولايات المتحدة في تل أبيب .." ويأتي مركـز سابان في مقدمة أقسام الأبحاث بمعهد بـروكينغـز .. تأسس المركز في 13 ماي 2002  وسُمّي باسم المتبـرّع الأساسي لإنشائه رجل الأعمال اليهودي  الأميركي  حاييم سابان وقد دفع 13 مليون دولار أميركي لانشاء المركـز... " ( ويكيبيديا ) . 
 وقد كان راشد الغنوشي محل ثقة واهتمام من قبل مجلة " تايم " التي صنّـفته ضمن 100 شخصية عالمية ، و هي المجلة التي يظهر بوضوح انحيازها للاخوان في الكثير من المناسبات ، على غـرار مساندتها الواضحة لهم خلال محـنتهم الاخيـرة في مصر ودفاعها عـنهم باستمرار كما ورد في المقال المنشور بتاريخ 19 جويلية 2013 بعـنوان : اين مرسي ؟ جاء فيه حول الاعتقال : " كلما طالت مدة احتجازه ، ترسّخ الاعـتقـاد بأنه معـتقـل سياسي ، أو «سجين ضمير»، وهو مفهوم يجب على الحكومة الانتقالية تجـنّـبه  » ..   
أما عن العلاقات قبل الثورة فانها تشمل العديد من التسريبات حول الوساطات التي أجراها رضوان المصمودي رئيس مركز الاسلام والديمقراطية في واشنطن بين الاسلاميين والسفارة الامريكية في تونس سنة 2006 والتي شارك فيها العديدة من الشخصيات على راسها صلاح الدين الجورشي و سعيدة العكرمي زوجة سمير ديلو و حمادي الجبالي .. بالاضافة الى اللقاءات والرسائل المبعوثة لبن علي للاعلان عن التوبة " وطي صفحة الماضي " حسب تعبير حمادي الجبالي في تلك التقارير . (  the hilal post مقال بتاريخ 7جويلية 2013 بعنوان les relation sionistes du parti tunisien Ennahdha   ) .. وهي تقريبا نفس التسريبات التي أفصح عـنها منذ سنوات والمعـروفة بوثائق ويكليكس حول العلاقات بينهم وبين السفارة الامريكية في تونس في تلك الفترة .. هذا فضلا عن علاقاتهم المشبوهة قبل الثورة ، بمنظمة هيومن رايتس التي تـنشط في العالم تحت مسميات حقوق الانسان وهي تدعم في الواقع شخصيات تختارها و تصنع منها زعامات في بلدانها تروّج للسيسات التي لا تـتـنـاقض مع السياسة الامريكية  ، والتي كان وزير حقوق الانسان سميـر ديلو على علاقة متينة بتلك المنظمة ..                                                                         
ولعل المتتبع لكل هذه العلاقات والاهتمامات المتبادلة ، يتساؤل  من ناحية حول سر اهتمام راشد الغـنـوشي بتلك الدوائر البحثية ذات المرجعـية الصهـيونية المتخصصة في صنع القرار وتوجيه الرأي العام  ورجال السياسة والإعلام  لخدمة القضايا الحيوية للولايات المتحدة و حليفتها اسرائيل ..  ولماذا يلهث وراءها  ويسعى للتقرّب منها ؟ ومن ناحية ثانية حول اهتمام تلك الدوائر به شخصيا ، الى درجة أن أغرق مارتن أنديك في تقديمه للحاضرين خلال زيارته  لمعهد واشنطن  لمدة 4 دقائق بين الشكر والثناء عـليه واصفا إياه بـ " الإسلامي العـزيـز " .. !!                                                           
طبعا لا شك في ان المصالح والحسابات الخاصة والمنافع المتبادلة  تحكم كل العلاقات السياسية بين الاطراف المتقاربة ..
فالسيد راشد الغنوشي  يريد تبليغ رسائل وتطمينات  لنيل الرضا والقبول داخل الأوساط الامريكية التي لا تزال  تنظر بعين الريبة والشك  لجماعات الاسلام السياسي الصاعدة بعد ثورتي مصر وتونس .. وفي نفس الوقت نجد الجانب الأمريكي الذي خاض صراعات طويلة مع أجنحة مختلفة من تلك الجماعات في افغانستان والعراق ، يحاول ترويض الاخوان  لتكون حركتهم على شاكلة الانظمة العربية التقليدية في مواقفها وعلاقاتها بالامريكان  ، وجون ماكاين هو احد مهندسي هذا الترويض ...
من هنا تتضح ملامح  العلاقة من خلال هذه التوجهات والنوايا المستقبلية في بناء علاقات تخدم أهداف الطرفين على قاعدة " الولاء مقابل التمكين " .. وهو ما ستكشف عنه الايام في المستقبل .. أما بالنسبة للحكم على ما يجري الان ،  فيكفي أن نعـرف اهداف أمريكا في المنطقة ، ومواقفها المعادية للمصالح العربية والإسلامية ، ويكفي أن نتذكر فعلها الإجرامي في تدمير العراق واحتلاله ، ويكفي كذلك أن نذكر علاقاتها  بإسرائيل ، وما تقدّمه  من دعم لا محدود لهذا الكـيان الغاصب منـذ قــيـامه ، لكي يكـون قـادرا دائما على  قـتـل العرب و تشريدهم ، حـتـى نـعــرف طـبـيعة حـلفـائها  واصداقائها من ناحـية ..  ونفهم كـذلـك اسرار تـلـك العلاقات بينهما من ناحـية ثانية  .. فـالمثل يقول  : " قل لي من أصدقاؤك أقول لك من أنت " ..
والمؤكّد أن أمريكا لا ترضى الا عن الحلفاء الأوفياء الذين لا يرفضون سياساتها .. والذين يعملون طواعـية على تحقـيق أغراضها وهم  يفكـّرون فقط في تحـقـيق مصالحهم  التي تجعلهم دائما مستـعـدين لـتقديم التنازلات ..  وهو ما يذكّـرنا بما قاله الزعـيم الراحل جمال عبد الناصر في هذا الخصوص " اذا رأيتم امريكا راضية عـني فاعـلموا اني اسير في الطـريق الخطأ ".. وهي حكمة حقـيقـية تجعلنا نتساءل بجدية : اذا كان الذي ترضى عـنه امريكا يسـيـر في الطريق الخطأ ، فماذا نقول عن أصدقاء ماكاين ، وبرنارد ليفي ، ومارتن انديك ، وغيرهم من الصهاينة البارزين ..؟ !!

 ( القدس ) .
    
    

 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق