بوصلة لا تشير الى القدس مشبوهة

بوصلة لا تشير الى القدس مشبوهة
مدونة الفكر القومي التقدمي

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الخميس، 30 يناير 2025

الدكتور عصمت سيف الدولة وانتفاضة 18 و19 يناير 1977 .

  

الدكتور عصمت سيف الدولة وانتفاضة 18 و19 يناير 1977 .

حكايات من زمن فات

المؤلف : كمال خليل

بيت الياسمين للنشر والتوزيع

محاكمات 18 و19 يناير (الصفحات 283 ، 284 ، 285) .

ظللنا طوال أعوام 1978 ، 1979 ، 1980 وحتى قبل اغتيال السادات بشهور نحاكم في قضية 18 ، 19 يناير 1977 ، نحضر الجلسات في الصباح وندخل قفص الاتهام . وفي نهاية الجلسة نعود الى منازلنا ، وقد تكونت هيئة دفاع قوية من كل المحامين الشرفاء ذوي الخبرة العريقة في القضايا السياسية . كان المحامون يدافعون عن جميع المتهمين بلا أي مقابل مادي ، وبالفعل تمكن الدفاع من تحويل القضية الى محاكمة سياسية للنظام الحاكم والدفاع عن الانتفاضة الشعبية للجماهير المصرية ...

قدم الأستاذ عصمت سيف الدولة ، نبيل الهلالي ، عبد الله الزغبي ، عادل أمين وغيرهم دفوعا سياسية رائعة ، وقد تميزت الدفوع السياسية والقانونية للأستاذ والمفكر عصمت سيف الدولة بالإبداع والتجديد ، ولم تكن دفوعا تقليدية . فقد قام بالتسجيل الصوتي لشهادة العقيد فتحي قتة أحد ضباط أمن الدولة ، وشاهد رئيسي بالقضية . وكان هذا القتة يصف انتفاضة 18 ، 19 يناير بانتفاضة الحرامية ، ويكيل المديح لبطل السلام محمد أنور السادات ، ويلعن العملاء الذين يقولون انها انتفاضة شعبية .. الخ .

ومن هذا الهراء السلطوي قام الدكتور عصمت سيف الدولة (بالاستعانة ببعض الخبراء في مونتاج الصوت ) بعمل شريط صوتي بنفس صوت العقيد قتة مع ترتيب كلمات الشريط في المونتاج ليصبح الشريط الجديد المفبرك بصوت قتة مدافعا عن الانتفاضة الشعبية المجيدة ، ولاعنا لمن يقولون عنها انتفاضة الحرامية ، ومهاجما "للزعيم" أنور السادات الذي كان يقول عنه أنه بطل حرب السلام .

كان هدف الدكتور عصمت من ذلك هو اعتبار أية تسجيلات صوتية قدمت بمعرفة أمن الدولة (كدلائل على المتهمين) باطلة ، ولا تعتبر دليلا على صحة الاتهام . وشرح الدكتور عصمت الطرق الفنية التي اتبعها في مونتاج الصوت لقلب حقيقة الاقوال .

نفس الشيء فعله الدكتور عصمت سيف الدولة بخصوص الصور ، فقد قدم لقاضي المحكمة (المستشار حكيم منير صليب) صورة له شخصيا كقاضي وهو يقود المظاهرات في 18 ، 19 يناير وشرح للمحكمة فنيا كيف تم فبركة الصورة فوتوغرافيا . وكان هدفه من ذلك اعتبار الصورة التي التقطت للمظاهرات يمكن فبركتها ووضع أشخاص بدل أشخاص اخرين في نفس المكان من الصورة .

وفي دفاعه السياسي ، أحضر الدكتور عصمت سيف الدولة من كتب التاريخ وصفا تفصيليا لانتفاضة شعبية مصرية جرت وقائعها في ظل حكم أحد الاسر الفرعونية ، حينما استبد الظلم والطغيان من الفرعون وحاشيته والكهنة بالمصريين واختتم المرافعة قائلا :

"سيدي القاضي ، هذه هي طبيعة شعبنا حينما يستبد به الظلم والطغيان ، انه يثور ككل الشعوب . لقد قامت هذه الانتفاضة الشعبية العظيمة في ظل حكم أسرة من أسر الفراعنة . لم يكم هناك في ذلك الوقت حزب عمال شيوعي ولم يكن هناك حزب شيوعي مصري ، ولا  مجلة انتفاض ، ولا مجلة انتصار ، ولا محرضين على الانتفاضة .

كانت الانتفاضة من صنع الشعب ذاته ، وهذا ما فعله شعب مصر وجماهير مصر في يومي 18 ، 19 يناير 1977 " .

قدم الدكتور عصمت سيف الدولة مرافعة سياسية وقانونية رائعة ، أحسست أنه كتبها بدمه وبكل كيانه ووجدانه . كاد يبكي وتفر الدموع من عينيه في ختام المرافعة . ان من يريد أن يبحث فسيجد كنوزا غالية داخل ملفات الأوراق في قضية 18 ، 19 يناير ....


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق