بوصلة لا تشير الى القدس مشبوهة

بوصلة لا تشير الى القدس مشبوهة
مدونة الفكر القومي التقدمي

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الاثنين، 7 أبريل 2025

المرجعية التاريخية في الأثر الأدبي للدكتور عصمت سيف الدولة .

 المرجعية التاريخية في الأثر الأدبي للدكتور عصمت سيف الدولة .

(1)

» يا عزيز عيني وأنا بدّي أروّح بلدي  ... « 

خواطر / خالد فهمي

نُشر في مجلة بدايات ، العددان 23 - 24 .


.... وإذا انتقلنا لتفاصيل حياة هؤلاء الفلّاحين بعد "كبسهم" في فيالق العمل المصريّة فلن نجد خيراً من علياء مسلم وأبحاثها الدقيقة في الوثائق البريطانيّة . فإضافةً لعثورها على وثائقَ هامّة تؤكّد أنّ هؤلاء الرجال خدموا في الجيش البريطانيّ لا في الجيش المصريّ ، أجرتْ علياء مسلم تأريخاً شفهيّاً مع فلّاحي فيالق العمل . وقد قامتْ بهذا العمل بشكلٍ فريد وفَذّ ، فقد تعقّبتْ أغنيةً دأب هؤلاءِ الفلّاحون على ترديدها أثناء خدمتهم الطويلة في الجيش البريطانيّ ، وتتبّعتْ هذه الأغنية ، إن جاز التعبير، في سيناء ففلسطين ففرنسا . كان الرجال ينشدون هذه الأغنية أثناء العمل على مدّ السكك الحديديّة في سيناء ، وأثناء تفريغ السفن والمراكب على سواحل فلسطين ، وأثناء حفر الخنادق على طول الجبهة الغربيّة في شماليّ فرنسا . 


استمعتْ علياء مسلم للرجال وهم يغنّون . درستْ كلماتِ الأغنية وحلّلت موسيقاها . ثمّ رسمتْ صورةً دقيقة لحياة هؤلاء الرجال اليوميّة : علاقتهم بقادتهم البريطانيّين ، إحساسهم بالغربة ، وحنينهم لوطنهم ، جُوعهم ، مرضهم ، وموتهم.

عندما أقول إنّ علياء مسلم أجرتْ تأريخاً شفاهيّاً فلا أقصد بالطبع أنّها استجوبتْ هؤلاء الرجال ، بل أقصد أنّها اعتمدتْ على مصادرَ أرشيفيّة بريطانيّةٍ أشارتْ ، بدورها ، لهذه الأغنية التي دأب الفلّاحون على ترديدها . وبشكل أكثر تحديداً ، تتبّعتْ مسلم رواياتٍ لملازمين بريطانيّين علّقوا على هذه الأغنية ، وعن طريق تحديدها لأماكن وتواريخ هذه الروايات تمكّنتْ من تتبّع الرجال وأغانيهم من القاهرة للعريش ثمّ رفح فعكّا فبيروت فاللاذقية وأخيراً على متن السفن التي أقلّتْهم لبولونيا على بُعد أميالٍ قليلة غربيّ جبهة القتال في شمال شرقيّ فرنسا . كما عثرتْ مسلم على تقارير بريطانيّة للأغنية نفسها أنشدَهَا العمّالُ المصريّون عند رجوعهم لبلادهم عام 1918 .






العمال المصريون على متن السفينة التي أقلتهم لبولونيا شمال فرنسا ، 1917

لم تكن الأغنية سوى أغنية "يا عزيز عيني" التي لحّنها سيّد درويش وأنشدتْها نعيمة المصريّة في السنوات القليلة السابقة على الحرب . وبدراسة تاريخ أسطوانات الفونوغراف في مصر تقول  مسلم إنّ "يا عزيز عيني" أغنية من الفولكلور المصريّ تعود لفترةٍ أقْدم من سنوات الحرب العالميّة الأولى بكثير، وإنّ كلماتها التي تحمل معاني الغربة والضياع والحسرة تعبّر عن تجارب التجنيد المصريّة طوال القرن التاسع عشر. وكدارسٍ لتاريخ جيش محمّد علي ولتجربة آلاف الفلّاحين الذين جُّندوا في هذا الجيش ، أستطيع القول إنّي أوافق علياء مسلم في حكمها هذا .

يا عزيز عيني وانا بدّي أروّح بلدي

آه يا عزيز عيني وانا بدّي أروّح بلدي

آه يا عزيز عيني بعدك على عيني

صابح مسافر وداخل ليه يودّعني

بكى وبلّ المحارم قلت ليه يعني

هو البكي صنْعتك ولّا دلع يعني

لا هو البكي صنْعتي ولا هو دلع يعني

لولا كلام العوازل مر يوجعني

آه يا عزيز عيني بعدك على عيني

وتقول علياء مسلم عند تحليلها للأغنية إنّها متعدّدة الطبقات ، وإنّها تتراوح بين تجربة الرجال الذين سيقوا إلى الحرب (يا عزيز عيني وانا بدّي أروح بلدي) وألم الأحبّة الذين هُجّروا (هو البكى صنْعتك ولا دلع يعني) . كما تلفت أنظارنا لمعلومة هامّة ، ففي أثناء الحرب تحوّرت كلمات الأغنية على نحوٍ دالٍّ حين أضحت "بلدي يا بلدي والسلطة خَدِت ولدي" الأغنية وبتنويعاتها المختلفة ، تعبّر عن الإحساس العميق بالغربة المستشري في الصعيد قُبيل اندلاع الحرب وأثناءها .

الثورة الفلّاحيّة تفتتح ثورة 1919 :

وفي دراسة ثاقبةٍ أخرى تحلّل  مسلم معنى هذه الكلمة المفتاحيّة ، السلطة ، وإيحاءاتها ، فتستكمل جهودها في مجال التأريخ الشفاهي وتستمع لأغاني العمّال ونكاتِهم في جبهات الحرب بالإضافة إلى الجبهة الداخليّة ، تلك الأغاني والنكات التي استرقَ السمع إليها ودوّنها الملازمون البريطانيون . كما تستحضرُ هتافات ثورة 1919 وشعاراتِها ، التي عكستْ مواقفَ ضدّ الحكومة أحياناً وضدّ الوفد أحياناً أخرى . ثمّ تُسقط مسلم كل هذه المادّة السمعيّة على المذكّرات الفريدة التي كتبها عصمتْ سيف الدولة والتي نُشرتْ في جزأين طُبع الأوّل عام 1995 وصدر الثاني عام 1996 قبل وفاة المؤلّف بأشهرٍ قليلة .


كان عصمتْ سيف الدولة محامياً مشهوراً وكاتباً عروبيّاً له مؤلّفاتٌ كثيرة ، وتتّضح من مذكّراته نظرتُه الثاقبة لعادات وتقاليد قريته في الصعيد وقدرتُه على رصْد تلك العادات بعيون أنثروبولوجيّة حادّة . لكنّ ما يهمّنا هنا هو وصفُه لتجربة أحد الفلّاحين وانخراطه في «فيالق العمل المصريّة» ، تلك التجربة التي يوردها في الجزء الثاني من المذكّرات . يمكن اعتبار هذا الجزء الذي نُشرَ بعنوان "مشايخ جبل البداري" كتعليقٍ على هذا المصطلح المحوريّ ، أي "السلطة" ، السلطة العسكريّة البريطانيّة تعاوِنُها سلطة الإدارة المحلّيّة للحكومة المصريّة. ويجدر بنا ، مرّة أخرى ، أن نعتمد على قراءة علياء مسلم لنصّ عصمت سيف الدولة الثريّ والمعقّد حتى نفهم كيف سعت السلطة للسيطرة على حياة آلاف الرجال وأجسادهم حتى تزجَّ بهم للعمل في فيالق العمل ، وكيف قاوم هؤلاء الرجالُ تلك السلطة وامتنعوا عن التطوّع في فيالق العمل تلك .

تتوقّف مسلم عند قصّةٍ دالّة يرويها سيف الدولة في نصّه الرائع لتشرح طريقة التطوّع في «فيالق العمل المصريّة» ولتتتبّع تجربة الرجالَ في هذه الفيالق على جبهات القتال . إنّها قصّة عبّاس إسماعيل ، المثقّف الأزهريّ لقرية الهماميّة ، مركز البداري ، مديريّة أسيوط .  فكما نرى ــ في مقال علياء في هذا العدد من «بدايات» ــ عندما حاول عبّاس مقاومةَ الحكومة بالحكومة عن طريق كتابة عريضة باسم الفلّاحين المعترِضين على التطوّع في «فيالق العمل» لخدمة الجيش البريطانيّ باءتْ محاولتُه بالفشل وانتهى به الحال مقبوضاً عليه ومجبراً ، هو نفسه ، على "التطوّع" للخدمة . فبعدما قدّم عبّاس عريضته بعشر دقائق ، وحسب نصّ عصمت سيف الدولة :

"عاد رشاد إلى مكتبه يحمل محضراً محرّراً بخطّ المأمور يتضمّن استدعاءَ المدعوّ عبّاس محمّد إسماعيل من ناحية الهماميّة مركز البداري وإقراره بأنّه محرّر عريضة برغبةِ مذكورين فيها من أهل الهماميّة في عدم التطوّع لخدمة السلطة ، وبسؤاله عن التفاصيل أقرّ بأنّ الذين لم تردْ أسماؤهم في العريضة يرغبون في التطوّع ، واذ تبيّن لنا أنّ اسم المذكور غيرُ واردٍ في العريضة مع أنّ شروط التطوّع تنطبق عليه ، فقد اعتبرْنا إقراره أمامنا رغبةً منه واستعداداً للتطوّع فأصدرنا الأمر بتحقيق رغبته وحجزه بمقرّ المركز لترحيله مع باقي المحتجَزين غداً.

وكما أوضحتْ علياء في مقالها المنشور في هذا العدد ، لم ينقذْ عبّاساً من "التطوّع" سوى قريبه ومريده يونس عبد الله الذي ذهب مكانه لبولونيا ضمن «فرقة العمل المصريّة» التي ساعدت الجيشَ البريطانيّ في القتال على الجبهة الغربيّة . وهناك عانى يونس الأمرّين وشاهد أهوال الحرب وعنصريّتها ، فأفرادُ «فرقة العمل المصريّة» يُمنعون من دخول المطاعم الفرنسيّة ، ويعاملهم الضبّاطُ الفرنسيّون معاملةً مهينةً تجاوزتْ في قسْوتها ووحشيّتها المعاملة التي يتلقّاها الجنود البيض الفرنسيّون أو الإنكليز من ضبّاطهم . وينتهي بيونس الحالُ مشتركاً في تمرّدٍ انتهى بمجزرةٍ أودتْ بحياة كلّ زملائه الفلّاحين ، ولم ينج من المجزرة إلّا بالتظاهر بالموت وبإرساله للمستشفى الميدانيّ ، ومنه عاد لمصر حيث روى قصّته في «المنضرة» في قريته ، الهماميّة .

ما يُبهرُ حقّاً في تحليل مسلم لنصّ سيف الدولة أنّها لا تتوقّف عند هذه القصّة الدراميّة بل تتعقّب يونسَ بعد عودته من جبهة القتال ، كما تدرس أشكالاً أخرى من مقاومة الفلّاحين للسلطة . هذه المرّة لم تكن السلطة التي قاومها الفلّاحون هي السلطة العسكريّة البريطانيّة ، ولا سلطة الحكومة المصريّة المتواطئة معها ، ولكنّها سلطة الباشوات ملّاك الأراضي المقيمين في القاهرة والذين يسعَون لطرد الفلّاحين من الأرض . تحتلّ قصصُ مقاومة الفلّاحين للباشوات الثلثَ الأخير من "مشايخ جبل البداري" حيث نقرأ عن الصراع المستميت بين فلّاحي قرية الهمامّية على (الجزيرة) ، تلك الأرض التي تكوّنتْ من طرح النهر والتي يعتبرها الفلّاحون ملكَهم ولكن يسعى الباشواتُ للاستيلاء عليها لخصوبتها وغلاء ثمنها . يعود يونس من الجبهة الغربيّة ليرى البلد (الهماميّة / مصر) في ثورةٍ عارمة . فبعد أربع سنواتٍ عانى أثناءها الفلّاحون من اغتصاب أرضهم ، وسرقة مواشيهم ، والاستيلاء على محاصيلهم ، وبعدما أُجبروا على التطوّع في حربٍ لا تعنيهم ، فاض بهم الكَيل ، فانتفضوا في هبّاتٍ فلّاحّية طوال صيف وخريف 1918 ، أي قبل التاريخ الرسميّ لاندلاع ثورة 1919 بستّة أشهرٍ كاملة ، فأضرمت النيران في مراكز الشرطة ، وكثرت السرقات من بيوت الباشوات ، وتعدّدت حوادث القتل التي استهدفتْ جيش الاحتلال . وكما توضح مسلم ، كانت تلك الثورة الفلاحيّةُ في مصر جزءاً من ثوراتٍ كبيرةٍ اندلعتْ في أماكنَ عدّة في العالم اعتراضاً على الثمَن الباهظ الذي دفعه الفلّاحون في الحرب العظمى . فلم يكن صدفًةً أن تشهد الجزائر وغرب أفريقيا ، وقبلَهما روسيا ، ثوراتٍ فلّاحيّة ضدّ السلطة . أمّا في مصر ، فكما أوضح كلٌّ من إليس غولدبرغ وراينهاردت شولتز ، كانت تلك هي أكبر ثورة فلّاحية شهدْتها البلاد في تاريخها الحديث ، ويجب اعتبارها البدايةَ الحقيقيّة لثورة 1919 . كانت السلطة التي ثار عليها الفلّاحون هي سلطة المحتلّ البريطانيّ ، وسلطة الحكومة المحلّيّة المتواطئة معه التي جرّدت الفلّاحين من ممتلكاتهم مساعدةً منها في المجهود الحربيّ ، وسلطة الباشوات ملّاك الأراضي اللذين آثروا الهدوء والدّعَة أملاً في انتزاع تنازلاتٍ من البريطانيّين بعد انتهاء الحرب ..

يتبع ..


السبت، 5 أبريل 2025

غزّة .. / سميح القاسم .

 

الغول ، والعنقاء ، والخل الوفي

حفظت ملامحهم ..

وكان الموت يحفظ كل شيء

في المرفأ المأهول بالآتين من دهر قديم

بنوازع القتلى القدامى ..

بالقوارب ..

باللغات ..

وأعوذ بالشر الرجيم

من شر ما خلقت يداه

الغول ، والعنقاء ، والدم والشاباك

والنسل ، والخل الوفي

من أول الدنيا .. هناك .. 

للآخر الدنيا .. هناك .. !

وجبينها العالي ..

كصارية تعود ولا تعود

من سقف أعمدة الدخان

لسقف أعمدة الدخان ..

وأنا أخاطبها

وفي عنقي سلاسل موتي الآني

أسألها ..

وسور السجن يلعق عاره : ما أنت ، من ؟

أمدينة ؟ أم موقع متقدّم ..

في جبهة نقشت صدور جنودها الشجعان

كل الأسلحة ..

وعلى صدور جنودها الشجعان

ذلّت .. كل .. كل الأسلحة ؟ !

من أنت ؟ من ؟

أمدينة ؟ أم مذبحة ؟

***

يتفقد الأغراب من حين لحين

تفّاح جرحك .. هل سيثمر

للغزاة الفاتحين !

يتفقد الأغراب جرحك ، وهو ينزف

وهو ينزف في ظلال الياسمين

يتفقد الأغراب جرحك :

قد تموت

في الفجر ، غزة ، قد تموت !

وتعود في الفجر الحزين

صيحات حبك والحياة

أقوى .. وأقوى .. !

يا صباح الخير ، أخت الصامدين

أقوى وأعلى !

يا صباح الخير ، أخت المعجزات !

قدماي في الاصفاد من عشرين عام

ويداي ، من عشرين عام

في النار حبي الممزق .. آخ من عشرين عام

والليل والاسلاك نافذتي اليك

ولا زال ..

يا حبي المحظور

طفلا لاهيا في ساحتك

وفتى ينازل غاصبيك ، على تراب أزقتك

وأنا القتيل على الرصيف

وأنا الأشداء الوقوف

وأنا البيوت .. البرتقال ..

أنا العذاب ..

أنا الصمود ..

أنا المئات ..

أنا الألوف .. !

اليوم صار على المحبين اختيار الموت

اليوم عرس دمي المراق

أو ابدأ الفراق

وأنا .. وأنت ..

نعيش يا حبي المقاوم

أو نموت .. !

 

سميح القاسم  


الجمعة، 4 أبريل 2025

قانون الانتخاب والحريات

 PDF

قانون الانتخاب والحريات

الدكتور عصمت سيف الدولة

مجلة المحاماة / العددان الخامس والسادس – مايو 1984

أنا بلاقي صعوبة جدا بأن أتحدث عن الانتخابات وعن قانون الانتخابات وعن الحريات أولا لأني كمحامي .. ان من ليس له صفة لا يجوز له أن يرفع دعوى أو أن يدخل .. وأنا من المستقلين الذين حرمهم التشريع القائم صفة أو أي مصلحة في الانتخابات .. وبالتالي تتزور ما تتزور .. يسقطوا .. ينجحوا .. ستين داهية .. المرشحين وغير المرشحين من جميع الأحزاب ، وما دمت أنا محروم من هذا .

وكنا نتكل في هذه الندوة على الأستاذ الكبير الخبير الدكتور عصفور ، كان سيحدثنا عن الحريات ويمتعنا بدقائق نقضيها بالقانون .. وكنت المفروض سأتحدث بعده ، فألتقط بعض الأفكار التي يقولها واخذ منها مادة .. فليس هناك من طريق .. فحينما أعبر عن نفسي بصرف النظر عن العنوان الذي اختير لي في هذه الندوة ، أولا أن أنفي نفيا باتا هذا الربط الذي لم يقم به أحد بين عملية الانتخابات والحريات العامة أو الديمقراطية ... لا علاقة بينه لا على المستوى العملي ولا على المستوى الفعلي ولا على التقاليد بين وجود مجلس منتخب وبين الحرية وبين الديمقراطية .. الدليل على هذا ، كلكم تعرفون ، فالدولة في العالم أيا كان نظامها لا يوجد فيها مجلس منتخب حق ... نمرة 2 الدولة تمارس السلطة ، في أي دولة تمارس السلطة فيه حكومة .. الحكومة ذات ثلاث شعب .. سلطة تنفيذية وسلطة قضائية وسلطة تشريعية .. ناس يعملوا قوانين وناس ينفذوها وناس يطبقوها في المحاكم ، ومن مجمل هؤلاء جميعا تتكون السلطة .. السلطة القضائية تعين بقرار جمهوري . السلطة التنفيذية رئيس الجمهورية عن طريق الاستفتاء الشعبي ، الوزراء بقرار جمهوري ، الموظفين للعملية التشريعية عن طريق الانتخاب .. مجرد أنهم ينتخبوا ، لا يعني هذا الا أن هذه وسيلة ربما تكون أفضل وسيلة ليكونوا موظفي صنع القوانين في مصنع القطاع الخاص لصنع القوانين التابع لأي حكومة .. العمد عندنا كلهم بينتخبوا ما فيش حد بيقول أبدا ان العمدة بيمثل شعب القرية . أحنا كلنا نعرف ، بعد ما ينتخبوه بيعمل ايه .. القضاة في الولايات المتحدة الأمريكية بينتخبوا ، مش معنى كده ان القضاة في الولايات المتحدة بيمثلوا الشعب الأمريكي .. الربط بين عملية أن الناس بتنتخب وأن لهم علاقة بالديمقراطية أو تمثيل الشعب أو ارادته أو الى اخره ... هذه مغالطة يشيعها أصحاب المصلحة في أن يصلوا الى هذا الادعاء .. وقيل زمان لما نشأت الحكاية دي فعلا لهم علاقة بالشعب ، لأن كان الترشيح من باب الوكالة .. أهل كل دايرة بيدو كل واحد توكيل ويقول له اتفضل هناك .. يوم ما يغلط بيسحبوا التوكيل .. فجم اخترعوا حاجة بتاعت عضو مجلس الشعب يمثل الأمة ككل .. بقى الراجل اللي بلدياتي في البداري اديتوا صوتهم .. أول ما ينجح يقول أنا مش ممثلكم ممثل اسكندرية .. هذه العلاقة الوهمية الي اخترعها الفكر الليبرالي البرجوازي المنافق باسم الحرية خلت فيه خلط يلهونا بعيدا عن الحريات .. أين الحرية .. ؟

في الشارع .. الديمقراطية في الشارع ..

مجلس الشعب سيتحول مباشرة الى جزء من الدولة ، من السلطة ، من أداة القهر التي تقهر هذا الشعب .. النظام الديمقراطي هو الذي يسمح وبقدر ما يسمح للناس العاديين خارج مجلس الشعب بممارسة الدفاع عن أنفسهم ، أو الضغط ، أو إرهاب الحكومة .. وحتى لا تستعمل .. تصدر قرارات ، أو تصدر قوانين مضادة للحريات .. ومن هنا حتلاقوا نماذج كثيرة جدا .. بيقول مثلا حرية الرأي .. مش حرية الرأي في اللجان الحكومية .. لا .. حرية الراي في الشارع . حرية الصحافة مش حرية الوقائع المصرية الي بتعملها الحكومة وتطلع فيها قوانينها .. حرية الصحافة الي تعبر عن الناس الي مش جوة الحكومة .. حرية الأحزاب .. الأحزاب دي نشأت في وقت متخلف .. يعني متأخر جدا عن نشأة النظام البرلماني .. ونشأت بالذات لمحاولة تكتل الناس خارج هذه المجالس لمواجهة استبداد النواب بعد ما يبقى لهم سلطة التشريع .. لكن في هذه الحدود المبالغة في أن قضية العالم كله هي فيه انتخابات ولا ما فيش انتخابات .. الانتخابات اتزورت ولا لا .. وقائمة نسبية ولا قائمة ... ما يبقاش هو البديل ، بحيث أنه لو ألغوا قانون الانتخاب وألغوا القانون رقم 33 وألغوا قانون العزل ، وألغوا قانون .... ما تدخلوش في الانتخابات .. وبقت عادلة وبقى عندنا مجلس شعب درجة أولى ، مش معنى كدة أن هذا الشعب بقى فيه الحرية وفيه ديمقراطية .. اذا كان هذا المجلس سيأتي بحكومة من حزب الأغلبية يتحول الى السلطة التنفيذية ، يروحوا يطبخوا القوانين في الحزب جوة .. وبعدين يروحوا جوة مجلس الوزراء يقعدوا في حتة .. والنواب يقعدوا في حتة .. ويقوم واحد من الحكومة يقترح القانون اللي هما مفبركينه جوة بين بعض .. فيقوم واحد يعلق ، وواحد يعترض ، ويقولوا ايه ..؟ دارت المناقشة جوة مجلس الشعب وصدق عليه .. واحنا نتصور ان الدنيا كلها بقت بخير لأنه والله فيه معارضة في مجلس الشعب .. هذا نفهم في حدوده .. ما ننشغلش بالعملية الانتخابية عن قضية الحرية .. قضية البني ادمين مش حرية .. هم بيتكلموا عن حرية الانتخاب ، حرية الترشيح .. ما حدش بيتكلم أبدا عن حرية الأكل ، حرية الشرب ، حرية الأمن على نفسه ، ما ينضربش على قفاه في أقسام البوليس ، حرية العمل .. يجب العامل اذا خرج ما يفصلش من العمل .. الحرية بتاعة الناس الي ما بيقرؤوا  أو يكتبوا ، ولا يقرؤوا الجرايد .. تعملوا ميت الف جريدة في 30 مليون ما بيقروهاش بسبب أنهم ما بيعرفوش يقروا .. حتعملوا مائة ألف حرية انتخاب .. فيه 400 واحد ، الفين واحد .. حيتبقى منهم ناس مش حيرشحوا أنفسهم .. علشان كده مهتمين قوي ، حكاية اللي حيترشح أو ما يترشحش .. فيه حرية التصويت ، عدد الناس اللي لهم حق التصويت عشرة مليون من 40 مليون ، والعشرة مليون حيحضر منهم 3 مليون و3 مليون حينتخبوكم انتم يا بتوع 400 ، يبقى هي صوتكم كلها عبارة عن 3 مليون .. و400 لازم حنرجع لحريتهم همه بس مش لازم أنهم يزنوا ويتكلموا عن الحرية .. عن الديمقراطية .. ومصر اللي ضاعت ، ومصر اللي حتيجي .. وعلقوا امالنا بوهم اننا ننشغل بهذه القضية .. حرية الناس الحقيقية ، حرية الأكل ، حرية الأمن ، حرية التعليم ، حرية العمل ، اللي ما عادش حد دلوقت منذ حوالي عشر سنين بيجيب لها سيرة ..

أصبح الذين ملأوا الأرض صراخا بالاشتراكية ، نسيوا حرية أن تكون اشتراكيتنا .. بدون اشتراكية ما فيش ديمقراطية .. في ظل الانفتاح الاقتصادي ما فيش ديمقراطية .. الرأسمالي مستحيل أنه يكون ديمقراطي .. لسبب بسيط أن فهمه للديمقراطية هو فهم القادر على ممارسة حريته .. بيعطيك الحق في الحرية .. أما أنك تستطيع أن تمارسها أو لا تستطيع ... انت حر .. وكل واحد وشطارته .. هذا هو الفهم المتخلف للديمقراطية الذي ساد في القرن 17 و18 .. الخ .

من زمان قوي الدنيا كلها فرقا .. هذا لا يمنع اطلاقا أن طريق تعيين أعضاء الهيئة التشريعية عن طريق الانتخاب هو أفضل وسيلة وصلت اليها النظم .. وأنه أفضل ألف مرة من أنه يجوا لي جماعة محدودي العدد أو واحد من فوق يطلع لي من مراسيم بقانون ، يقول أنا أدرى من الناس بمصلحتهم .. في هذه الحدود نتكلم عن القانون الجديد .. في هذه الحدود فقط أن هناك وسيلة جيدة جدا .. أصلح وسيلة عرفت الى الان ، هي لأعضاء المجالس التشريعية ، وأنه صدر بها قانون أخيرا ، أنا بقدم المقدمة الأولى ، عشان في نطاق دي نقدر نتكلم بصدق .. ما بنعممش المسألة ..

في أحد الأيام تلقينا دعوة من رؤساء الأحزاب المعارضة ، بالاجتماع في أحد منزل كرام الناس للنظر في مسألة الانتخابات القادمة .. ورحنا قعدنا حوالي حداشر ساعة تخللها غداء دسم كريم من رجل كريم ، وتناقشنا وكانت ممثلة جميع الفصائل .. فأحنا مستقلين احتجينا .. انتم جايبينا نتكلم في الانتخابات ليه .. احنا لا لينا في الطور ولا في الطحين ....

دي قضية الحرية والديمقراطية .. دي تهمكم ومش عارف ايه ....

طب موافقين .. يا اخوتنا احنا خايفين ندخل معركة ضد قانون الانتخابات .. ونحاول نعدله وبعدين تخلوا بينا في نص المعركة ..

قال لا يمكن ..

طب اتفضلوا ... دي ورقة ، وكان من حظي أنا اللي كتبتها بايدي .. انه تتعهد الأحزاب المعارضة بأنها لا تدخل الانتخابات القادمة الا اذا ألغي قانون كذا وقانون كذا .. وقانون كيت وقانون كيت .. اتفضلوا وقعوا ..

احتج أحد رؤساء الأحزاب قال أحنا رؤساء أحزاب ، انما اللي بيقرر الحاجات دي الجمعية العمومية للحزب .. قلنا لهم دي محلولة .. في القانون الدولي رؤساء الدول بيوقعوا على المعاهدات بشرط التصديق .. أحنا بنكتفي منكم بأن توقعوا على هذا التعهد وبعدين تعرضوها على أحزابكم .... وقعوا جميعا ، جميع الموجودين ، وتشكلت لجنة دفاع عن الديمقراطية أغلبهم مستقلين في خدمة أن تتيح فرصة لهذه الأحزاب يتبنوا قضيتها .. ولما تداول هذا الكلام ، قال السيد الرئيس كلمة حكمة ، قال معليش همه حيدخلوا الانتخابات ، وفوجئنا أنه فعلا دخلوا الانتخابات .. فمن الذي له حق أنه يشكو من قانون الانتخابات ..

هذا يمثل الصيغة النهائية لتآمر الأحزاب السياسية .. في مصر حكومة ومعارضة ضد الشعب .. أولا تتخلوا بصفة نهائية عن الحرية الوحيدة التي يمكن اعتبارها حرية مقدسة ، مفيش حرية وحيدة .. كل الحريات الأخرى متفرعة منها حرية الرأي .. الفرق بين الانسان والحيوان حاجة وحدة ، أن الانسان يستطيع أن يقول لا .. لكن عندما يقول نعم ، فكل المواشي تقول نعم .. كما تعطيها تأخذ ... الإنسانية كلها متجسمة في أنه عندما تُعطى شيء تستطيع أن تقول لا وترفضه .. 

زيفت العملية الانتخابية منذ أول دستور .. وقف الرئيس أنور السادات بعد أن قرأ كتابا للفرنسي جور ، نظرية أنه ما فيش الا يمين ويسار ووسط .. مبهور الراجل .. وقال لهم ما هو السياسة ايه ..؟ ما هو يمين ووسط ويسار .. قسموا أنفسكم على كده .. 

اجمعوا .. جمعنا ... 

اللي يعرف في العسكرية عندكم ، يعرف اللي بيدرب تدريب عسكري بيجيبوا 3 عساكر كده واقفين ، ينادوا .. اجمع .. فكل واحد يترصوا وراء واحد ..

تجمعوا في ثلاثة منابر وهم يعلمون .. يعني أنا لا اقصد كل الحقيقة .. هي ثلاث منابر .. ماشي .. ايه علاقة المنابر ..؟

قالوا دول داخل الاتحاد الاشتراكي ..

جه يوم تاني خطر على باله أنه يقف يقول لهم لقد اتخذت قرار مرتبط بمصيركم .. رأيت أن احول المنابر الى أحزاب ..

تمام ..

اجتمعوا وكل منبر حول نفسه الى حزب ...

يا اخوانا دي لعبة كبيرة .. ازاي انتم دلوقتي بتقبلوا الأحزاب بقى على جثة الدستور .. ؟

تلك المقارنة هي الان بين الاتي : هو بيدّيكم الأحزاب .. والأحزاب مطلوبة .. لكن بيدّهالكم بشكل غير شرعي .. الدستور بيحرم الأحزاب .. انتم تشترطوا أنه لا بد من تعديل الدستور لتقوم الأحزاب على أساس شرعي ..

لا دي مكاسب ..

يا ابني اللي بيدّيك مكسب دلوقتي ، انت بتمرّنه على أنه يعطيك مكسب مخالف للدستور .. بكره حينما يلغوا حاجات ما فيهاش مكاسب متقدرش تفتح عينك ..

عملوا الأحزاب ، بعد 4 سنين .. 3 سنين .. وجدوا أنه لازم يعدلوا الدستور .. جه قانون الانتخاب ، أنا مش عاوز اتهم حد .. كلكم تعرفوا .. أنهم جميعا طرحوا عملية القائمة النسبية .. ليه بقى ..؟ القائمة النسبية دي معناها أنه الأحزاب كلهم يقعدوا في حجرة ويقسموا الدوائر مع بعضهم زي ما حدث سنة 1923 .. يعني ما دام بيقسموا ده قائمة وده قائمة .. مؤامرة رخيصة لا علاقة لها لا بالحرية ولا بالديمقراطية .. ولا باحترام الناس .. يعني مجموعة أحزاب غير شرعية حاولت أن تقترح اقتراحا لتتآمر بها على هذا الشعب لاستبعاد المستقلين .. وهم يعلموا أنه كثيرا جدا من المستقلين طلعه من عينهم أنهم ما يدخلوش الأحزاب ، لسبب بسيط أنه لا يريدون أن يفرطوا لا في الشرعية الدستورية ولا ان يدربوا الحكام على أن يضعوا الصوت لهم ولأحزابهم .. طلعوا لهم بقانون الأحزاب ..

على كل واحد في الأحزاب دي أنه يعمل برنامج  ...

مبادئ ثورة 23 يوليو .. ثورة 15 مايو ... السلام الاجتماعي .. الوحدة الوطنية ...

لما كانوا بيناقشوا حزب العمال في مجلس الشعب جت اللجنة التشريعية ، وقفت كتبت صفحتين في هذه الحكاية .. طيب ايه هو السلام الاجتماعي ..؟ احنا حنحطة قانون دلوقتي ..؟ فجاء تقرير اللجنة التشريعية أن السلام الاجتماعي والوحدة الوطنية ومبادئ 15 مايو ، كلمات لسه حتحتاج لتعديل .. ونحن نرجو أن القضاء يشوف لها حل .. ويقولوا لنا ما الذي يعنيه السلام الاجتماعي ..؟

طب يا جماعة ياللي طالبين الأحزاب عليكم تروحوا للمحكمة الدستورية ، أو تطلبوا من الحكومة أن تفسر لكم ده .. أنا حدخل على حزب .. وعندك سلام اجتماعي .. ايه السلام الاجتماعي ..؟

خدوا الأحزاب .. الأحزاب بقى قيادة ، وكوادر ، ودور ، وجرايد ... وخوف من النسيان فرض حضورهم على أذهان الشعب .. نمشي خطوة بعد كده .. من سنتين أنا ما درتش زي ما انا عايز .. أرجو ما حدش يضيق بي ذرعا لأني منغاظ غيظ .. ودي فرصتي من سنتين ... كان كل العاملين في الحقل السياسي بيصيفوا في الاسكندرية ، وتزاورنا ليل نهار .. نعمل ايه ..؟ نسوي ايه ..؟ الانتخابات جية بعد سنتين ولازم نعدلها من دلوقتي .. ومش عارف ايه .. نهايته ..

تداولنا في أن الطريق الوحيد لتصور مصر الديمقراطية ، أو اتجاه الديمقراطية سلميا ، مع تجنب العنف ، هو أنه تيجي معركة انتخابية قادمة تدخلها الأحزاب ويصفي فيها الحزب الوطني .. ونحن متأكدين – هم بيقولوا – أنه في أي انتخابات حرة ، يعني بدون تدخل ، بدون ضغط الحزب الوطني ، مش حيتصرف الحزب الوطني .. زي معلق من فوق ممسوك كده .. يوم ما تسيب اللي فوق ده ، مافيش حزب ورا ..

طب اتفقنا على الاتي .. وهذا له شهود .. وانا الذي اقترحت وكلهم وافقوا .. لأنه صح لأني باعتباري أصغرهم سنا يكلفوني أبحث ده .. اعمل ده .. وأنا كصعيدي .. اروح أعمل أي حاجة ... وهم يقولوا كتبت لنا ...

يعني نهايته .... اتفقنا على ايه ..؟

احنا نركز بشكل أساسي على دخول منافسة انتخابية فقط .. وأنه لا يجوز من أجل السلام الاجتماعي برضه أي أحد يدخل معركة حزبية ضد رئاسة الجمهورية .. وبالتالي على رئيس الجمهورية أن ينهي العلاقة بينه وبين الحزب الوطني وبقائمة نسبية ، مش نسبة ب 8% ب 100% ...

الحزب الوطني يصرح .....

طب نبتدي ازاي .. حد يبتدى .. ابتدي انت ... حاضر يا بيه ...

وجينا واتفقنا ...

سلسلة مقالات في الجرائد لإقناع السيد رئيس الجمهورية ليس من المصلحة الحزبية أو المعركة الانتخابية أو مصلحته هو أو مصلحة مصر ، أن يربط مصير الممارسة الحزبية برئاسة الجمهورية وما تستحق من اعتبار وتقدير .

نمرة 2 ، أن تجري جريدة الأهالي وجريدة الشعب استفتاء زي ما بتعمل الجرائد كلها ...

ربنا يوفق ...

وبدأنا اللي بيسموه مخطط ... هو كان مخطط صحيح .. بس مش مخطط ضد أحد .. مخطط من أجل الوصول سلميا .. أن تعبر سلميا هذه المرحلة ..

أحد الأحزاب بعد أن وافق ، ووزعت النقاط اللي حيكتبها قادته .. كيت .. وكيت ... لن يشارك ..

وبمجرد أن جاءت دعوات من رئاسة الجمهورية للحضور ، واتكلمنا ، وبتاع .. اتضح ان المسألة كلها ديمقراطية .. لأن رئيس الجمهورية بيشاور الأحزاب وهو أبو الكل ....

ياللي مستقلين ، ياللي لانا هنا ولا هنا .. اعملوا قانون الانتخاب ..

اعملوا قائمة نسبية .. اعترضوا على القائمة النسبية ..

هذا القانون في صيغته حقيقة هو تقنين لأرقى أساليب تزييف الانتخابات .. حأقول لكم ازاي ..

أنا باتكلم ، لأن هذا القانون ، ما كان يمكن الوصول اليه والى الان .. ممكن ألا يطبق فيما اذا كان الذين يتشدقون بالديمقراطية .. ويحرضوا الناس و.... الخ .. يستعملوا تلك الحرية الوحيدة المتاحة لهم .. حرية الراي .. لو أن كل الأحزاب المعارضة امتنعت وقاطعت هذه الانتخابات ..

سيبوه للحزب الوطني .. حيجرى ايه ..؟

ماهي واحدة النتيجة ... واحدة تماما ..

ما هو يعني بعض الأحزاب ما دخلتش مجلس الشورى ..

جماهيرها قلت ..؟ أبدا ... الجماهير ما بتقلش ..

وتزيد لمجرد الدخول ..؟ بالعكس ...

فاتت عليهم الفرصة .. أنا قلت لأحد قادة الأحزاب أو لقياداته ، اكسب الانتخابات الجاية .. ازاي ..؟ .. قلت : قاطع الانتخابات .. لا تدخل معركة عن الحريات أو الديمقراطية الا بشرطك انت .. ما تقبلش شروط الاخرين عشان يبقى فيه مبدأ .. عشان يبقى فيه تفرقة .. ايه الفرق بينك وبين الحزب الوطني ما دام بتلعبوا ملعب واحد ..؟ صحيح انت لابس لون وهو لابس لون .. لكن تطبيق القواعد واحد .. يعني ما حدش عارف ..

اللي يصعب علينا بقى المستقلين والناخبين الأهالي بقى هذه الأحزاب جميعا القائمة في مصر لا يستحق أي حزب منها بدون استثناء شرط تمثيل الشعب المصري في أي مجلس .. مع احترامي للأشخاص .. يعني دي حاجة ودي حاجة ... مش باتكلم في الأشخاص .. لأنه فيه أشخاص شايفين أن الأحزاب ضرورة وأنا لازم أمارس وجهة نظري .. نبتدي نشوف القانون بيقول ايه ..؟

القانون بيقول أن الانتخابات بالقائمة .. خذوا بال حضراتكم ، فيه ثلاث حاجات ملهمش علاقة ببعض في تاريخ النظم .. الانتخابات بالقائمة شيء غير الانتخابات بالقائمة النسبية .. غير الانتخابات بالقائمة الحزبية النسبية .. دول 3 نظم .. يعني متفوتين في السوق ..

الانتخاب بالقائمة ... النسبية ... لما تضاف دي تبقى حاجة مختلفة .. الانتخاب بالقائمة كلنا بنعمله في مصر من زمان قوي .. الانتخاب بالقائمة .. أي أنه الأماكن الشاغرة مفروض ملأها أكثر من مكان واحد .. وبالتالي ان على كل ناخب أن ينتخب أكثر من واحد في القائمة .. في انتخابات مجلس نقابة المحامين عايزين عشرين واحد أو عشرة .. فيجي كل محامي يضع هذه الأسماء .. هذا هو أصل الانتخاب بالقائمة .. زي ما بيحصل في النقابات أيضا .. ما دام الانتخاب بالقائمة بيجوا 3 أو 4 محامين أو 3 و4 أعضاء مجلس إدارة أو .... الخ .. بيعملو قائمة .. يحطوا أسماءهم من فوق ، 4 مثلا .. ويكتبوا 6 خانات تملأها زي مانت عارف .. الانتخابات بالقائمة الذي يعدها الناخب ، والقائمة اللي بيقيدها المرشحين يتعاونوا مع بعض .. مع بعض .. الخ ... بعضهم يقدر يملأ قائمة والثاني ما يملاش قائمة .. وهذا ما كانت تعمله الأحزاب ..

قالوا الانتخاب بالقائمة يبقى كل حزب أحسن طريقة له أنه ينزل قائمة .. ويدعوا للقائمة ..... 

لكن هي الانتخاب بالقائمة مش لأن المرشحين قوائم .. هي انتخاب بالقائمة لأنه كل ناخب بيعمل قائمة دوائر ...

على جميع مستوى العالم في جميع الكتب الدستورية في جميع النظم ، وهذا طبق في فرنسا عدة مرات ، للناخب أن يشكل قائمته ممن يشاء اختيارا من القوائم .. شوفوا حضراتكم ، مش كلها تنزل قوائم ويدعوا لقوائمهم ... انما أنا كناخب ، كوني أنا حريتي مرتبطة بأني أستطيع أن أعمل قائمتي غير مقيد بقوائم المرشحين ..

أكبر واحد من الناس بتوع .. راجل فقيه اسمه "جور" .. يفرض على الناخب أن يختار بين القوائم كما هي .. فلا يمكن أن تطلق على هذه عملية انتخابية ... هو لم يعد يختار أحد .. دي زي الاستفتاءات اللي كانوا .. يجيلك كتاب مكتوب عليه بسم الله الرحمان الرحيم .. الاشتراكية .. الديمقراطية .. ويعرضوا كله على الاستفتاء .. تجي تقرأ الكتاب .. تختار الكتاب .. عايز بسم الله الرحمان الرحيم .. تبص تلاقي أفكار صوفي أبو طالب في الاخر .. ويجي يقول قلت نعم .. انت وافقت على الكتاب كله .... في الاستفتاء بتاع فبراير سنة 1977 قال التجمهر أشغال شاقة مؤبدة .. نمرة 4 اعفاء الضرائب اللي ما لهمش ثلاثة فدادين .. الناس كلها قالت آه ... الفلاحين كلهم قالوا آه .. هم قالوا الاعفاء من 3 فدادين .. قال لا عشان التجمهر يبقى تأبيدة ...

المهم أنه هذا القانون عمل قوائم نسبية .. وأكره الناخب على أن يختار قائمة كما هي لا أن يعد هو قائمته .. بمعنى أنه ألغى حقيقة الانتخاب بالقوائم لأني أنا لما ما اخترتش القائمة بتاعتك ، يبقى انت لغيت نظام الأخذ بالقوائم ، وابتدأت تخترع انتخاب جديد ، هو أنه كما لو كنت بترشح بعدد القوائم بعدد الأشخاص .. تيجي في الخطة الثانية ، يبقى شوف حضراتكم .. يقول تزييف ارادتهم لأن إرادة الناخب كانت محصورة داخل القائمة كلها منتخبش .. يبطل صوته .. جم قالوا القائمة النسبية الحزبية ..

طيب في تجربة فرنسا وغير فرنسا سنة 1929 ، عملوها ورجعوا عنها بعدين .. اذا نزل مستقل واحد في الدائرة يعتبر نفسة قائمة .. ممكن واحد مستقل يقولك أنا قائمة ... ينزل بقائمة لوحده .. لأنه ممكن تختاره هو وتكمل التسعة من القوائم الثانية .. لأن القائمة هو ما يعده لنفسه .. جم قالوا لا .. الانتخابات .. القوائم اللي من حقها أن ترشح نفسها .. يبقى لازم تعمل أحزاب .. تكون البرنامج بتاعك ..

مبادئ ثورة 23 يوليو .. والسلم الاجتماعي .. و15 مايو اعرضوا على مجلس الشعب ..

يا ناس أنا عايز أترشح ..

لا لازم تطلع كده ..

طب أنتم يعني .. لازم ترغموني على أني أدخل حزب .. وعاملين قائمة حزبية ..

بيقولوا أنه المبرر للقائمة النسبية هو الفصل بين تأثير الأشخاص على الناخبين ويبقى المباراة بين المبادئ ...

لكن يا اخوانا أنتم عشان تخلوني أدخل انتخابات ، باضطر أروح أدخل حزب ..

اذا كان لهم مبادئ .. !

على أي حال أنا ما ادخلهاش علشان مالهمش مبادئ .. أنا دخلتها عشان أدخل الانتخابات ..

بتجبرني على أن أتجني بانتماء حزبي على أن أمارس حقي في الانتخابات ..؟

هذه هي النتيجة اللي حصلت دلوقتي .. شوفوا حضراتكم ... يعني احنا كتبنا في هذا ونشرنا .. لكن أنا ما كنتش متصور أن هذا القانون سيفسد كل المبادئ ... الأخلاق .. السياسة .. هذا القانون آثاره الخلفية ، وتدميره سيظهر في العشر سنين القادمة .. لأنه فوجئنا في الأشهر الأخيرة بانه كل الأحزاب وبدون استثناء ما عندهاش مانع أن تدخل على القائمة بتاعها من غير ما تكون منتمية للحزب ده .. أنا مؤيدك من الأول ولانا مرتبط بيك ، ولانا ... دنا أدخل للناخبين أقول لهم أنا حزب كذا .. المفروض أنه اللي في القائمة هم اللي ينتموا للحزب لكن أنا متفق ...

انحدروا ، لوثوا مواقف الرجال ، عوّدوا الناس على مجرد الكذب ، وتعاونوا على الكذب ..

همه دول الناس اللي حيعملوا تشريع .. الناس الكذابين الافاقين .. الناس اللي قبلوا هذه الدعارة السياسية .. أن يدخلوا أحزاب لا ينتمون اليها .. بمجرد قضاء حاجات .. بدون ارتباط في المستقبل .. 

همه دول اللي حيعملوا التشريعات فيما بعد .. واللي حنعلق آمال حريتنا ومستقبلنا ومستقبل وطنا .. على دول الكذابين .. 

همه اللي حيوصلو الى مجلس الشعب القادم الذين دخلوا أحزابا لا يؤمنون بها .. الذين ....

والأحزاب التي ابتاعتها عضويتها لتحصل على 8% علشان الريس يدخل ...

الى أي مدى فتك بنا هذا القانون ..

أنا ماكنتش أتصور ...

وماله .. ما أحنا عايزين 8% ، عاوزين 15% .. حتى الحزب الوطني ..

لو تجاوزت المسالة الشرعية و الدستورية والحرية .. واصبح افساد أخلاقي ...

هذا الحزب ..؟

هذا القانون بدأ لمصلحة بعض الأحزاب .. ثم أضر بقضية الأحزاب .. ثم أفسد العلاقات الحزبية .. ثم هو الان يشيع الفساد الخلقي في العملية الانتخابية .. بحيث أصبح في نظري أنا .. كل انسان ان لم يكن متمسكا بدستوره ولا بمبادئه ولا برجولته .. مجرد ان يكون متمسكا بأخلاقه عليه أن يقاطع الانتخابات ..

وأشكركم ..      

لفهم سياق المداخلة يمكن الاطلاع :

- على هذا الحوار .