صبرا
جميلا يا تونس الخضراء !!
لا احد يشك
في وجود تركة ثقيلة تركها النظام السابق على جميع الاصعدة ، تفاقمت مع قدوم حكومة
الباجي قائد السبسي الذي تفنـّـن في التلاعب بمصير البلاد قبل تسليم الحكم للحكومة
المنبثقة عن انتخابات المجلس التاسيسي .. وليس ادلّ على ذلك الا محاولاته المتكررة
لاغراق البلاد بالديون حتى ترتهـن نهائيا للخارج . الى جانـب قـيامه بترقـية المسؤولـين التجـمعيين في جـميع الادارات .. زيادة على التهاون في
مسالة الـتلاعب بالارشـيـف الذي يدين كل المـتورّطـين في الفـساد الاداري والــمالي
.. كـــما اتــّــبع سـياسة لي الـــذراع فيما يخــص ملــف الامن طـوال الفترة
التي قادها ، حيث جعـل مقولة " السكوت مقابل الامن " هي السائدة ....
كل هــذا واقع مـرّ وصعـب عاشته البلاد خلال الفترة الانـتـقـالية ، لكـنه وضع لا يعـقـل ان يستمرّ . فالحكومة المنبثقة عن انتخابات المجلس التاسيسي لها قدر من " الشرعـية " الانتخابية ، وعليها ان تـتــخذ كل الاجراءات اللازمة لمعالجة اي خـلل في وقـته ، وبالاسلوب المناسب دون تأخــير او تردّد . غير أن المتابع لسياسة واسلوب الحكومة خلال الاشهر التسعة المنقضية ، يلاحظ لخبطة وتردد كبيرين في التعاطي مع الاحداث .. فهي من حيث التخطيط لم تصرّح باي خطة لمعالجة العديد من القضايا العالقة : الامنية والاجتماعية والتنموية وغيرها .. وهي لم تصرّح على الاقل بسياسة واضحة في مجال التنمية المستقبلية لكي يصبـر الناس عليها وهم مطمئـنون على مستقبلهم ، بل على العكس فقد جاءت كــل الاشارات للسياسة الاقـتصادية المقـبلة اكثـر احباطا ، حين اعلنت الحكومة عن خيارها الليبرالي الواضح المبني على " المبادرات الفردية " والخصخصة ، والتعويل على الخارج ، وهي السياسة التي لا تخـتـلف في جوهـرها عن الخيارات السابقة بما ألحـقــته من افـقـار وتهميش لجميع فئات الشعب ... وحتى عندما كشفت عن خطــتها التي طـالما تحدثت عنها في مشروع الميزانية التـكمـيـلية اكـتشف الناس بكل مراة وخـيـبة امل انها ليست اكثر من مشاريع التجمّع للسنوات المنقضية مع بعض التعديلات المتعلقة بنصيـب الجيهات الداخلية ... وهو ما جعــل مختــلف فئات الشعب الذين بقــوا فـــترة طــويلة ينتظـرون تلك المشاريع ، يعـبـّـرون عن سخطهم بالتضاهـر والاحتجاج في كل مكان بسبب انعدام الرؤية الواضحة ، وانسداد الافق ، والقلق على المستقبل ...
امّا من حـيث الممارسة الميدانية فهـناك غـياب كلي للفاعـلية التي يُـفـترض ان تــكون حاضـرة لـتـدلّ على سـبـق الاحـداث والتأثــير فـيها وتوجـيهـها الى الافــضل بـدل الاكـتـفاء بمسايـرتها ، والتـعـامـل معها بالحــلول الترقيعية الغير مجدية والغير مدروسة ...
كل هــذا واقع مـرّ وصعـب عاشته البلاد خلال الفترة الانـتـقـالية ، لكـنه وضع لا يعـقـل ان يستمرّ . فالحكومة المنبثقة عن انتخابات المجلس التاسيسي لها قدر من " الشرعـية " الانتخابية ، وعليها ان تـتــخذ كل الاجراءات اللازمة لمعالجة اي خـلل في وقـته ، وبالاسلوب المناسب دون تأخــير او تردّد . غير أن المتابع لسياسة واسلوب الحكومة خلال الاشهر التسعة المنقضية ، يلاحظ لخبطة وتردد كبيرين في التعاطي مع الاحداث .. فهي من حيث التخطيط لم تصرّح باي خطة لمعالجة العديد من القضايا العالقة : الامنية والاجتماعية والتنموية وغيرها .. وهي لم تصرّح على الاقل بسياسة واضحة في مجال التنمية المستقبلية لكي يصبـر الناس عليها وهم مطمئـنون على مستقبلهم ، بل على العكس فقد جاءت كــل الاشارات للسياسة الاقـتصادية المقـبلة اكثـر احباطا ، حين اعلنت الحكومة عن خيارها الليبرالي الواضح المبني على " المبادرات الفردية " والخصخصة ، والتعويل على الخارج ، وهي السياسة التي لا تخـتـلف في جوهـرها عن الخيارات السابقة بما ألحـقــته من افـقـار وتهميش لجميع فئات الشعب ... وحتى عندما كشفت عن خطــتها التي طـالما تحدثت عنها في مشروع الميزانية التـكمـيـلية اكـتشف الناس بكل مراة وخـيـبة امل انها ليست اكثر من مشاريع التجمّع للسنوات المنقضية مع بعض التعديلات المتعلقة بنصيـب الجيهات الداخلية ... وهو ما جعــل مختــلف فئات الشعب الذين بقــوا فـــترة طــويلة ينتظـرون تلك المشاريع ، يعـبـّـرون عن سخطهم بالتضاهـر والاحتجاج في كل مكان بسبب انعدام الرؤية الواضحة ، وانسداد الافق ، والقلق على المستقبل ...
امّا من حـيث الممارسة الميدانية فهـناك غـياب كلي للفاعـلية التي يُـفـترض ان تــكون حاضـرة لـتـدلّ على سـبـق الاحـداث والتأثــير فـيها وتوجـيهـها الى الافــضل بـدل الاكـتـفاء بمسايـرتها ، والتـعـامـل معها بالحــلول الترقيعية الغير مجدية والغير مدروسة ...
كما ظهرت
الطرق البافــلــوفية في التعامل مع الكـثـيـر من الاحــداث باتـــباع الفعــل ورد
الفعـــل دون دراسة للعواقب ، ودون ترجـيح للمصلحة الوطنية ، وخاصة في القضايا
الخلافية على غرار عملية طرد السفيــر
السوري في بداية تولـــي الحكومة لمهامها
، حيث دخلت بقــوّة في لعــبة التجاذبات بين الدول الكــبرى باحـتـضانها
لما سمّـي بـ " مؤتمـر اصدقـاء سوريا " .. مرورا بسكوتها التام عن ملف
الفساد في الداخل والخارج ، ومنها سكوت
رئيس الحكومة عن المطالبة باعادة الرئيس المخلوع خـــلال زيارته للسعـودية ، وسكوت
رئيس الدولة عن المطالـبة بعصابة الــفـساد المـــوجـــودة في قــطـر تحــت الحماية
الامــيـرية خلال زيارته للـدوحة ... وصـولا الى المـلـفـات الساخـنة والـتجاذبات
بين الرئاسات الـثلاث سواء في ملف البغـدادي المحمودي ، او محافـظ البنــك المركـزي
الاول والـثاني وما صاحبهما من مهازل داخل المجــلس التاسيسي وفي الاعلام الخ ....
لقد كانت المـرحـلة السابقة مرحلة تحديات فعلا كان يـــُــفتـرض على الحكومة ان تواجهها بالحــزم والاجــراءات الثورية المطلوبة في جميع المجالات غير انها قد تخلــّــت بكل وضوح عن اهداف الثورة خاصة عندما اصبحت تخـتار علانـية رموز العهــد السابق لقـيادة البلاد ، ثم انحازت انحــيازا كاملا لرؤوس الاموال المتورطين في الفساد ... كما راحـت في الجانب الثاني تكيل الاتهامات لهذا الطرف او ذاك وتلقي بفشلها على الآخرين ، وهو ما زاد في حالة الـتـوتّــر بين جـميع الاطـراف بسبب انعــدام الـثــقة ، حتى خـرجـت الامور على السيطرة واصبحت تــنذر بالفوضى بسبب الانـفلات والتـسيّب ... وحتى لو سلمنا بوجهة نظــر الحكومة بان هناك اطراف تسعى لزعزعة الاوضاع قصد تعجـيز الحكومة واسقاطها .. فهل كان ممكنا لها ان تتــوقع غــير ذلـك من اعــداء الثورة ؟ ثم من هم أعداء الثورة الذين تـتــّــهمهم الحكومة بشتى الاتهامات ؟
لقد كانت المـرحـلة السابقة مرحلة تحديات فعلا كان يـــُــفتـرض على الحكومة ان تواجهها بالحــزم والاجــراءات الثورية المطلوبة في جميع المجالات غير انها قد تخلــّــت بكل وضوح عن اهداف الثورة خاصة عندما اصبحت تخـتار علانـية رموز العهــد السابق لقـيادة البلاد ، ثم انحازت انحــيازا كاملا لرؤوس الاموال المتورطين في الفساد ... كما راحـت في الجانب الثاني تكيل الاتهامات لهذا الطرف او ذاك وتلقي بفشلها على الآخرين ، وهو ما زاد في حالة الـتـوتّــر بين جـميع الاطـراف بسبب انعــدام الـثــقة ، حتى خـرجـت الامور على السيطرة واصبحت تــنذر بالفوضى بسبب الانـفلات والتـسيّب ... وحتى لو سلمنا بوجهة نظــر الحكومة بان هناك اطراف تسعى لزعزعة الاوضاع قصد تعجـيز الحكومة واسقاطها .. فهل كان ممكنا لها ان تتــوقع غــير ذلـك من اعــداء الثورة ؟ ثم من هم أعداء الثورة الذين تـتــّــهمهم الحكومة بشتى الاتهامات ؟
فان كان
اعداء الثورة هم التجمعيون لماذا لم تعجل الحكومة ـ وهي صاحبة الاغــلبـية في
المجلس التاسيسي ـ على عزلهم بعدما عزلهم الشعب ؟ الم يكن ممكنا اصدار القـوانـين الـرّادعة لاقصائهم وقد كان
ذلك شعارا من شعارات الثورة ؟ وهل كان
السـّـكوت عـنهم خوفا وجبنا ، ام كان رغبة
في مساومتهم ؟
مهما كان
القصد من وراء التجاهل والسكوت عن اعـداء الثورة الذين رايناهم ينكـفـؤون ويدخلــون
جحـورهـم في الاشهـر الاولـى للـثــورة ، فان ذلك التراخي كان سببا مباشرا في
عودتهم وتنظيم صفوفهم ، معتمدين على ما بحوزتهم من اسلحة مادية وسيطرة على مفاصل
الدولة ، وقدرة على التجكم في الاقتصاد عن طريق المضاربة والاحــتكار والتهريب من
خلال شبكة الفساد التي بحوزتهم .. وهكذا اصبح الفساد منتشرا في كل مكان .. وأصبح رموزه يـؤسّـسون الاحزاب والجمعيات ، ليقع بعد ذلك استدعائهم
من قبل المسؤولــين المحلــيين بصفــتهم تلك
للمشاركة في كل الانشـطة المحلية ، وعلى راسها لجان التنمية المحلية ،
واللجان الاستشارية ..
ان أخطر ما يُخشى
في المستقـبـل هو احساس المواطن بالغـياب الكـلي للدولة في الشارع والمؤسسات والاسـواق
وفي كثير من جوانب الحياة وخاصة ما يتعلق منها بالاسعار .. حيـث اصبح مــروّجــو الخــضـر والغــلال ومواد البــناء
وباعــة التــبغ والـلـحــوم والبنــزين
... وكل المواد التي يتحــكم فيها مضاربـون وسمسارة ومهرّبون ومحتكـرون ... بمثابة عصابات جديدة تعبث بمصير الناس ، بينما الحكومة
باهـتة ، تلوك الكـلمات ، وتبيع الأوهام والوعود والمسكـّنات لابناء الشعب الذين
اكتـووا بنيران الغــلاء ، واصبحوا مهدّديــن في قوتهم وقوت ابنائهم .. فـلم يعد
احدا يقـدر لـــيس عــلى الـلـّحم الذي نسي الجــميع رائـــحـته ولونه وطــعـمه ، بل حــتى عــــلى
"الـــسلاطة " الخـضــراء ..!! فصبـرا جميلا يا تونس الخـضراء ..!! ( نشرية القدس عدد 31 ) .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق