لقد كانت
السلطة حدا فاصلا بين الكلام والفعـل . والاخوان الذين ظلوا أكثر من نصف قرن يعِـدُون
الناس بالجنة التي سيـبسطونها أمامهم ، اصبحوا أكثر من غيرهم اقـتـناعا بعجـزهم عن تحقيق ما وعدوا به .. كما عرف العام والخاص في ظرف
وجيز ( سنة في مصر وسنتين في تونس ) ان الورع والتقوى وطول اللحية والحديث عن الحل الاسلامي دون توفير الحد الادنى لضمان الحياة الكريمة
التي تليق بالبشرفي ظل المساواة والتوزيع العادل للثروات ، يكون عبثا و تلاعبا
بمشاعر الناس ، والهاءا لهم عن مشاكلهم الحقيقية التي عبّروا عنها بالمضامين
الاجتماعية الصرفة للشعارات التي رفعوها خلال ثورتي تونس ومصر ..
وفوق هذا فان
من يدّعي تمثيله للاسلام باعتباره الأكثر قدرة على فهمه وتطبيقه ، لا بد أن يكون
قادرا على احداث الاضافة والتغـيـيـر المطلوب الى الأفضل وليس العكس .. !!
فالاسلام -
كما هو معـروف - هو دين الرّحمة والمحبّة والأمن والاستقرار والعدل والمساواة
والتكافل بين الناس والتعاون والايثار والحرية والكرامة وصيانة النفس والمال ورفض
العنف وتحريم الاستغلال وتجريم الاعتداء على الاعراض ...
فاي تطبيق
للاسلام هذا الذي يؤدّي الى زيادة الفقر بين الناس والنهب والسرقات والاحتيال
والمضاربة والاحتكار والتهريب وغلاء الاسعار وتدهور القدرة الشرائية وانتشار
الاوبئة والامراض وعجـز الناس عن التداوي والحصول على ضروريات الحياة ، مع زيادة
البطالة والتسوّل ، والتمييز بين أبناء الوطن الواحد والاستـئـثـار بالمنافع
وتبجيل الأتباع والموالين ، فضلا عن التبعـية والاستكانة والموالاة .... ؟
وأين نحن من تلك
المقاصد السامية في الشريعة السمحاء ؟
وهل النهج الذي اتبعه الاخوان حينما وصلوا الى السلطة هو التطبيق الفعلي للاسلام ؟
وهل أن الدين الحنيف غامض الى الحد الذي يمكن أن يكون فيه الاختلاف واسعا وعميقا فيسبب الاقتتال بين تلك الفصائل التي تتدعي تمثيلها للاسلام ، أو الى الاغتيالات و قتل الابراياء من المسلمين في كل مكان ؟
الم يتـّـضح للمسلمين منذ قرون ما يتصل بأمور دينهم و دنياهم ؟
وهل النهج الذي اتبعه الاخوان حينما وصلوا الى السلطة هو التطبيق الفعلي للاسلام ؟
وهل أن الدين الحنيف غامض الى الحد الذي يمكن أن يكون فيه الاختلاف واسعا وعميقا فيسبب الاقتتال بين تلك الفصائل التي تتدعي تمثيلها للاسلام ، أو الى الاغتيالات و قتل الابراياء من المسلمين في كل مكان ؟
الم يتـّـضح للمسلمين منذ قرون ما يتصل بأمور دينهم و دنياهم ؟
بلى.
ففي أمور الدين قد قال سبحانه : " فإن أسلموا فقد اهتدوا وإن تولـّوا فإنما عليك البلاغ والله بصيـرٌ
بالعـباد " ( آل عمران : 20) .. هذا أمر موجّه
للرسول صلى الله عليه وسلم ، ومعـناه أوّلا أن التبليغ خاص به وحده ، المكلف
بالرسالة المـنتهـية بوفاته .. ومعناه ثانيا أن بقية المسلمين سواسية في علاقـتهم
بخالقهم وفي علاقـتهم ببعضهم ، فلا يملك أحدهم حجة على غيره في أمور الدين لأن ما
يحق لأحدهم يحق لسواه في حدود امكانياته .. ومعناه ثالثا أن كل ما يقال في أمرالدين
والدنيا بعد انتهاء الوحي والتبليغ - اذا استثنينا ما هو ثابت بالتواتر في فرائض الاسلام
- هو اجتهاد بشري غير مقدس يحق للمسلمين أن يعملوا به كما يحق لهم تركه..
أما في أمور الدنيا فقد قال تعالى :
" ان الله يأمركم أن تؤدّوا الامانات الى أهلها واذا حكمتم بين الناس ان
تحكموا بالعدل " . ( النساء 58 ) . هذا أمر من الله واضح الدلالة لا لبس فيه
، غير أن مفهوم العدل وسبل تحقيقه هو ما
يجب البحث فيه .. وبالتالي فهو أمر موكول لاجتهاد المجتهدين في كل زمان ومكان
لتحقيق تلك الفريضة التي لا يستقيم فيها الحكم الشرعي الا به ، ومعناه أن ما هو
مطلوب لتحقيق العدل هو عمل بشري نابع من الاجتهادات البشرية مهما حاول
المجتهد تأصيلها بالأدلة والبرهان ،
باعتبار أن عملية الاستدلال ذاتها هي نتاج لنشاط ذهني يمارسه الانسان خلال تأويله
للنصوص ، وسعـيه لتفسيرها من خلال جمع السند اللازم لها من الأحاديث والسيرة
النبوية وأقوال الصحابة وآراء المجتهدين السابقين الخ ..
وهذا وحده يكفي للقول بأن الفشل الذي يمكن أن يلحق بالبعض وهم ينسبون
أفكارهم وأعمالهم للاسلام ، يقدم دليلا قاطعا على بطلان دعواهم ، كما يؤكد أن
محاولة احتكارالحديث باسم المقدّس الذي هو ملك للجميع ، هو بمثابة من يسعى
للاستحواذ على ما هو مشاع بين الناس حتى يكون له وحده وهو على هذا الوجه بالذات
يعدّ أبشع صورة من صور الاستغـلال ..
( نشرية القدس العدد 109 ) .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق