بوصلة لا تشير الى القدس مشبوهة

بوصلة لا تشير الى القدس مشبوهة
مدونة الفكر القومي التقدمي

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الأحد، 14 سبتمبر 2014

من وراء الكارثة ..؟



قد لا يختلف اثنان أن كل مصائبنا ومعاناتنا كانت ولا تزال بسبب الأنظمة الرجعـية المستبدة ، التي نهبت ثروات الأمة ، ومكنت منها أعداءها ، ثم فرّطت في حقوقها التاريخية ، واستبدّت في النهاية بشعوبها .. ولعل ما زاد الأمر تعقـيدا ، هو تدخل أطراف دولية  متعددة الأهداف والمصالح عن طريق تلك الأنظمة ، للتأثير في صنع المستقبل العربي وفق ما يخدم مصالح الأنظمة والقوى الاستعمارية معا  ، ليكون المواطن العربي هو الضحية ..
ولما أصبحت تلك اللعـبة مكشوفة على نطاق واسع بين الجماهير العربية التي عانت الويلات من كلا الطرفين ، قامت بتحطيم قيودها منطلقة من تونس ، ثم من مصر ، وكادت أن تعمّ موجات غضبها جميع الأقطار العربية واحدا واحدا خلال تلك السنة ، غير أن القوى المستهدفة في الداخل والخارج لم تكن غاقفلة عما يحدث ، فبادرت بدورها  بالتصدي لتلك الموجة الكاسحة من الثورات ، جاعلة منها فوضى وعبثا واقتتالا داخليا كما هو حاصل الآن في العديد من الأقطار ..
وقد أثارت تلك اللعـبة شهـية العديد من الأطراف و القوى الساعية لتحقيق مصالحها ، حيث وجد البعض في تلك الفوضى وسيلة للوصول الى السلطة وكانت حركات الاسلام السياسي المدعومة من أطراف عربية ودولية هي المعـنية بالدرجة الأولى بتلك اللعـبة ، فدخلتها من بابها الواسع ، مستحـلــّـة كل المحرمات وعلى رأسها وسائل العنف بجميع أنواعها ، ثم اللجوء الى أي طرف يدعم أهدافها حتى ولو كانت اسرائيل .. ! وهكذا تحوّلت تلك الحركات الى شيطان يجلب الكارثة للأوطان في كل المواقع التي دخلتـها .. ولم تسلم من ذلك حتى الأقطار التي دخلتها سلميا من خلال الانتخابات مثل تونس ومصر بسبب سعـيها للاستحواذ على السلطة ، واقصاء كل الاطراف المخالفة لها ، ثم الارتماء في أحضان القوى الرجعـية الداعمة لمشروعها ، واسترضاء القوى الاستعمارية الساعية الى استجلابها  كبديل للفصائل المتشدّدة  ..
لقد اصبح واضحا الآن بعد أربع سنوات من قيام الثورة في تونس بأن تلك القوى  بحميع أطيافها هي التي أدخلت الأمة في دوّامة لم يكن نهج الثورة الحقيقية يقبلها لولا اتجاهها لتحقيق مصالحها الحزبية بعيدا عن أي تقدير للمصالح الوطنية والقومية في مثل هذه المرحلة الدقية متسبّبة في الكارثة عندما عملت على تحويل الصراع من مضمونه الاجتماعي ، الى مضامين متعلقة بالدين والهوية لتعود بالمجتمع الى مراحل سابقة عن التكوين القومي بعد أن استقـر على ما هو عليه  منذ قـرون ..





 ( نشرية القدس العدد  141 ) .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق