بوصلة لا تشير الى القدس مشبوهة

بوصلة لا تشير الى القدس مشبوهة
مدونة الفكر القومي التقدمي

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الأحد، 7 سبتمبر 2014

الوطن العربي بين الديمقراطية و سلامة الوجود القومي ..



لقد كان مجـرّد التفكيـر في اختـراق الأمن القومي العـربي ، أو التفـريط فيه - في الخمسينات والستينات - جريمة وخيانة قومية لا يجرؤ حتى العملاء على اظهارها ، لذلك نجدهم يحـرصون على اخفاء عمالتهم تحت لافتات مختلفة كالتعاون ، والشراكة والتكامل الخ ... أما اليوم فان التهديد المباشر للوجود القومي العـربي ، قد اصبح أكثر خطورة وفـتـكا حـيـنـما اصبحت مجالات حقوق الانسان ومقاومة الاستـبـداد وحـق الشعـوب في تقـرير مصيرها وبناء الديمقراطية ، مظلّة وستارا يخفي به كل معتد وجهه القـبـيح .. وهو ما يطرح أسئلة جدية فعلا حول مناطق التماس بين هذا وذاك ، خاصة في ظل الموجات الصاعدة للثورات العـربية التي وجد فـيها أعداء الثورة والحرية والعدالة والتقدّم فـرصة  للعـبث بالأمن القومي العـربي تحت لافتات وشعارات ظاهرها  حديث عن الديمقراطية والحريات ومقاومة الاستبداد  أحيانا .. أو عن الإسلام وتطبيق الشريعة وإقامة الخلافة أحيانا أخرى ، في حين أظهرت الممارسة أن باطنها جميعا لا يتعدى تحقيق المكاسب الحزبية والفئوية ولو على حساب المصالح القومية حيث بات الوطن العربي هدفا للفوضى والإرهاب والصراعات الطائفية والعرقية التي تحركها أطراف معروفة بعدائها التاريخي للأمة العربية ورغبتها في تفتيتها وتقسيمها للإبقاء على تخلفها ونهب ثرواتها ..
فالديمقراطية التي تعدّ مطلبا أساسيا  في الوطن العربي بعد العقود الطويلة التي رزحت فيها الأمة العربية تحت سيطرة الديكتاتوريات والطبقات الرأسمالية الفاسدة والمتوحشة ، هي وسيلة تتحقق في ظلها حـياة أفضل لعامة الناس اذا استطاعت أن تحرّرهم  فعلا ليس من قـيود الاستـبـداد فحسب ، بل ومن قـيـود الفقـر والبطالة والجوع التي تهـدّد وجـود الإنسان .. إذ أن  تلك الحقوق السياسية التي يتحدث عـنها المتـرفون ستكون بلا فائدة إذا كانت بدون مضامين اجتماعية تحقق الحد الأدنى للحياة الكريمة .. فما فائدة دستور يتحدث عن حرية الصحافة والتعـبـيـر بالنسبة لمن لا يملك قوت يومه ، أو لمن لا يملك ثمن الدواء ، أو لمن يعجـز عن مواصلة الدراسة ، أو لمن لا يجد مجالا أصلا للتفكـيـر فيما يقوله أو يكتبـه الآخرون عن الديمقراطية و حقوق الإنسان  ، وهو الذي يعاني من مشكلة البقاء على قـيد الحياة التي تهدده وتهدد عائـلـتـه ..؟ ثم ما فائدة القضاء على الديكتاتوريات اذا كان البديل هو الديمقراطية على الطريقة الأمريكية في العـراق وأفغانستان وليبيا ..؟                          
لا بد للديمقراطية إذن أن تكون ثمرة لنضالات الناس حتى تكون مثمرة ، وحتى تكون آداة بيد الشعب  ووسيلة لتطوّر المجتمع في ظل  وحدته وسلامة وجوده ..  


 ( نشرية القدس العدد 140 ) .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق