بوصلة لا تشير الى القدس مشبوهة

بوصلة لا تشير الى القدس مشبوهة
مدونة الفكر القومي التقدمي

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الثلاثاء، 7 يونيو 2016

الفكر القومي بين الطموحات والواقع ..

الفكر القومي بين الطموحات والواقع ..


يعتبر مجال الاعلام ركيزة اساسية بالنسبة لاي مشروع ، سواء في مجال الاقتصاد ، والتجارة والأعمال ، أو في مجال السياسة والفكر والدعاية الحزبية  ..  
وفي هذا الصدد فان الاعلام على الشبكة العنكبوتية بات سلاحا ذو اولوية يستخدمه السياسيون في التعريف بافكارهم ، والترويج لمشاريعهم .. وفي نفس الوقت لافشال المشاريع المنافسة لهم على الساحة ..
ولذلك ، فان من ابرز الاحتياجات الغائبة منذ عقود بالنسبة للفكر القومي التقدمي ، هما :
* الموسوعة الفكرية .
* والترجمة .
فالأولى تمكن أي باحث عن المعلومة في مجال الفكر القومي ، من الوصول الى غايته وبين يديه ـ على الأقل ـ مقاربة أو تعريف  يصدق فيه الحكم على الأفكار ـ وهي نابعة من أصحابها ـ لكي تكون حجة عليهم ، فهما وشرحا وتأويلا .. في حين أن ما يحدث في الواقع هو العكس تماما ، حيث يقدم الفكر القومي بشكل عشوائي ، غير دقيق في أحسن الأحوال ،  مشوه في أغلبها ..
فالإنسان حينما يدخل إلى البحث على الشبكة العنكبوتية على كلمة محددة مثل " القومية " ، سيكون الأمر أمامه مفتوحا في غالب الأحيان على : المعلومة الخاطئة ، والتشويه ، والخلط  .. فالمعلومات كثيرة ، ولكن غثها دائما يغلب عن سمينها ، باعتبار عدم حيادية الجهة التي تقدم المعلومة وانعدام تخصصها .. وحتى إذا أراد الباحث تنويع الاختيارات فانه لا يجد من ضمنها تعريفا مسايرا لتطور الفكر القومي ، واجتهاداته ومراجعاته من ناحية ، ولا مستجيبا لبنائه المفهومي الداخلي ، الثري والدقيق من ناحية اخرى ..
أما ما تقدمه نتائج البحث المتوفرة من مصادر غير ذات صلة بالفكر القومي ، والغير محايدة أو المعادية له في أغلب الأحيان ، من حيث المفاهيم والمضامين فهي عادة تلك التعريفات الهدامة والمشوهة لهذا الفكر ، حيث لا تقف على تفاصيله الدقيقة ، سواء من حيث سياقه التاريخي ، الذي يجب فيه الفصل بين مختلف مراحل التطور الانساني ، القبلي منه والشعوبي والقومي .. أو من حيث تجاربه التاريخية التي تختلف من مجتمع الى آخر ، ومن مرحلة تاريخية الى أخرى .. أو من حيث المضامين والمفاهيم والافكار والخلفيات التي بني عليها الفكر القومي كفكر انساني متطوّر باستمرار ، ويتأثر برواده من المفكرين والسياسيين في المجتمعات القومية على المستوى العالمي ..
ولعل من الظلم الكبير الذي يتلقاه الفكر القومي التقدمي في الوطن العربي هو تقديمه للعامة من خارج مصادره الاصلية ، في ظل الفراغ الذي يوجد على شبكات البحث العنكبوتية ، فياتي تقديمه مشوها مظللا منفرا للعامة ، حينما يقدم احيانا كفكر متعصب في التعريفات الماركسية ، أو كفكر لا ديني وعلماني مناهض للاسلام ، ومناقض لدعوته في التعريفات الدينية المتطرفة .. أو كفكر انقلابي ، لا ديمقراطي ، استنادا الى بعض التجارب التاريخية التي يزج بها دائما خارج سياقها التاريخي ، في معارضة الفكر القومي وتشويهه ، دون الاخذ بالمراجعات والاضافات العميقة والتطوّر الحاصل على المستوى المنهجي للفكر الذي يستحيل على دارسيه فهمه فهما عميقا دون التعرف على الاسس الفلسفية التي بنيت عليها منطلقاته وغاياته واساليبه النضالية  .. وهكذا يتسرب كثيرا من الخلط والتشويه سواء في علاقة الظاهرة القومية بالظاهرة القبلية والشعوبية ، وبتطور المجتمعات الانسانية عموما .. أو في علاقة هذه الظواهر الانسانية  بالأديان ، أو بأنماط الحكم وغيرها من المضامين الاجتماعية التي تطرح داخل المجتمعات .. كما ان اغلب التعريفات المتاحة على الشبكة العنكبوتية ، تقدم الفكر القومي في اطاره العام الذي يقف عادة عند التجارب القومية الاوروبية ، والتجارب العربية التاريخية المرتبطة بالسلطة السياسية ، والتي تذكّر المتلقي دائما بالسلبيات ، والاخطاء والهزائم .. ولعل من أشد الحيل والمغالطات المتبعة لتشويه الفكر القومي  ان تقدم تلك التجارب على اساس ارتباطها بالفكر ، وليس في اطار المسؤولية الواقعة على السياسيين ، والواقع انه لو كان ذلك الربط صحيحا لصدق أيضا على التجارب الاسلامية في مختلف فترات دولة الخلافة ، ولأصبح الإسلام مدانا لمجرد فشل المسلمين ، قياسا على تلك الاحكام التي يصدرونها على الفكر القومي ... !!  
أما الثانية ، التي يجب ان يتنبه اليها المهتمون بمستقبل الفكر القومي ، وهي الترجمة ، التي لا يستطيع بدونها الفكر أن يحلق  في الأفق العالمي بتلك الاسس الفلسفية التي لم تتح لها الفرصة الى حد الآن مثلما اتيحت لغيرها من الأفكار حينما كان يتلقفها الفلاسفة والمفكرون في أوانها ، وهي منشورة باللغة الانقليزية أو الفرنسية ...
وهكذا في ظل الواقع الراهن لا يبقى امام الفكر القومي من فرصة للانتشار على المستوى العالمي ، الا بطريقتين :

اما باحداث هزة قوية في الوطن العربي تغير الواقع  وتقلب موازينه وموازناته جميعا ، فيلتفت الغرب بجدية لدراسة اسسه الفكرية .. أو بحركة واسعة في مجال الترجمة تؤدي بالفكر الى اقتحامه للمدارس الاكادمية والجامعات في العالم ليرتد الينا وقتها مفروضا على الاقليميين الذين يحاصرونه الآن ، ويمتنعون عن تدريس منهجه ، والتعريف بأسسه الفلسفية التي تقارع أعتى النظريات وأكثرها انتشارا في العالم ، والحال اننا نرى افكارا بسيطة ، تافهة ، متداولة على نطاق واسع  في برامج التعليم  .. 

(  القدس ) .



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق