اين الوجه الحقيقي في خطاب المعارضة .. ؟
الكل يتظاهر بالموضوعية وبتحبين الخطاب على المشاكل والهموم التي يعيشها المواطن في تونس ، والواقع ان مثل هذا القول حينما ياتي من الاحزاب – اغلب الاحزاب - فهو يرمي لاستعطاف الناس وارضائهم اكثر من قول الحقيقة ، لنيل اصواتهم في الانتخابات ولو بالكذب والنفاق ، والدليل انك تجد في المنابر الاعلامية الاحزاب الحاكمة والمعارضة تقول نفس الكلام .. الكل يتحدث عن الفساد والتهريب والتشغيل والتهرب الجبائي .. ولا احد " يقول خبزي بارد " كما يقول المثل .. المشكل ان الاطراف التي تؤمن بحلول اخرى لا تجهر بها صراحة ولا توجه وعي الناس الى جوانب اخرى من المشكلة او من الحل حتى وان كانت صادقة في توصيفها للواقع وفي نواياها كما هو شان بعض الاحزاب .. فاذا كان الحديث الان عن الفشل الاقليمي او عن الاشتراكية غير مناسب فمتى يكون .... ؟؟ لا بد ان يعرف الناس وجوه الفشل ووجوه الحلول المخفية ان لم يكن من اجل الفرز فعلى الاقل من اجل الحقيقة الغائبة عن الناس .. فهذه الدول المحاصرة والمستباحة استنفذت كل طاقاتها وانتهت فترة صلوحيتها ولن تقدر على الخروج من ازماتها على الاطلاق .. لا بد ان يقال للناس ان الجشع الراسمالي العالمي وتبعية راس المال المحلي لن يزيدهم الا فقرا وتهميشا لانهما حليفان .. لا بد ان يقال للناس ان الجيوش الجرارة من البطالة لن تقدر دولة مريضة قاصرة عرجاء عن استيعابهم ، وان البطالة لن تحل دون قاعدة صناعية واسعة .. وان الاستقلال الوطني والتخلص من التبعية والاملاءات الخارجية لن تتحقق دون قاعدة انتاجية صلبة في جميع المجالات ، وان غياب دور الدولة الفاعل ، والتوجه الى الخوصصة ، والخضوع لاملاءات البنك الدولي لن يؤدي الا الى المزيد من العجز والفشل ، وان الديمقراطية الفارغة من المضامين الاجتماعية وهم وتضليل .... فاين الدولة الاقليمية الهجينة من هذه الحلول .... ؟؟
ان التفكير في الانتخابات وحدها وعدم قول الحقيقة كاملة حتى يظهر كل طرف بوجهه الحقيقي امام الناس جعلت المواطن العادي لا يفرق – في مستوى الخطاب الاعلامي - بين اليسار واليمين والوسط وغيرهم ، سوى بما يطفو على السطح بين المعارضة والحكم من سجال واتهامات كثيرا ما يجد لها ممثلو السلطة ردودا جاهزة من نوع : ان " من يده في النار ليس كمن يده في الماء " وان " المتفرج فارس " وان هذا الموجود في السلطة عاجز لان التركة ثقيلة ، والاخر " يحط العصا في العجلة " ... وهذا المربع الضيق الذي يدور فيه الجميع ساهم في المزيد من الضبابية حول فرز الحلول ، واصبح خطاب المعارضة تكرارا لما يقوله الحكام الشاطرون في التلاعب بالحقائق وايجاد الذرائع واتقان المسرحيات .. مما يزيد في درجة الملل والسلبية والنفور من السياسيين الذين يظهرون بوجه وواحد وهدف واحد امام الناس ..
ما يهمنا في هذا كله ان يظهر القوميون باطروحاتهم القومية مهما كان تفاعل الناس معها ، دون ان يغيبوا لحظة عن الاشتباك مع الواقع اليومي ، ودون تخلي عن اي كبيرة او صغيرة تتصل بهموم الناس ومشاغلهم ..
فالعيش الكريم والحرية والديمقراطية والعدالة الاجتماعية لا تتحقق في الواقع الاقليمي بمجرد الاعلان عن محاربة الفساد ، لان مثل هذه الحلول والامال لها ابعاد قومية غائبة عن وعي الناس ، مثلما للفقر والتهميش والمذلة والتخلف من ابعاد قومية مخفية ايضا تستوجب اظهارها للعامة ..
ولعلنا لا نكون مبالغين حين نقول ان الخطاب القومي لا يكاد يسمع الا في الجلسات المغلقة وفي النقاشات داخل المؤسسات الحزبية ، في حين ان الجدوى من هذا الخطاب تكون في توجيهها لمن يجهلها من العامة اكثر من تداولها بين من يعلمها من الخاصة ..
( القدس ) .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق