عبد الناصر والحملة الظالمة .
عبدالله امام .
6/7
الصداقة المصرية السوفيتية
.. ولابد أيضا من وضع العلاقات المصرية
السوفيتية خلال الستينات في موقعها الصحيح، دفاعًا عن شرف مصر، واستقلالها.. وحرية
إرادتها التي أصابها كثير من التشويه المتعمد..
ولم يكن عبد
الناصر مرتبطًا بالاتحاد السوفيتي بأية معاهدة عام 1971، فقد وقعت المعاهدة
الوحيدة بين مصر والاتحاد السوفيتي، أي بعد رحيله بعام كامل.. وفي تلك الفترة -
وبعد رحيل عبد الناصر - عين في مصر أول وزراء شيوعيون.
وكان المسئولون
عن الإعلام والصحافة جميعًا بعيدين عن أي ارتباط مذهبى بالاتحاد السوفيتي، بل لعل
بعضهم كان بأفكاره من المعادين للاتحاد السوفيتي[3].. فلم يسيطر الشيوعيون على الإعلام كما ردد البعض كثيرًا.
وكان عبد
الناصر قد أصدر ميثاق العمل الوطني في 21 مايو 1962 وتحدث فيه عن الاشتراكية
العلمية، وقال أن هناك خلافات بين التطبيق العربي للاشتراكية، والماركسية، فنحن
نؤمن بالدين، ولا نرى تناقضًا بين تطبيق الاشتراكية.. والايمان بالدين الذي لا
نعتبره معوقا، بل دافعا لتقدم الشعوب، واشتراكيتنا تقوم على أساس توسيع قاعدة
الملكية، فلا تلغي الملكية الخاصة، ولا تؤمم كل وسائل الإنتاج، وتحدد دورا للقطاع
الخاص، كما أنها ترفض ديكتاتورية الطبقة، والحزب الواحد، وتقيم بدلا منه تحالفا
بين فئات الشعب العاملة الخمسة، بعد أن تم حل الصراع بين الطبقات حلا سلميًا، لا
دمويًا،، كما أننا نؤمن بالقومية العربية وننادى ببعثها فنحن جزء أساسي ومؤثر من
العالم العربي كانت هذه هي الرؤية للتطبيق الاشتراكي في مصر، وهي تختلف عن الرؤية
المذهبية في الاتحاد السوفيتي.
وسياسية
الاتحاد السوفيتي الخارجية هي تأييد الدول النامية في نضالها ضد الاستعمار، وحق
الشعوب في حل مشاكلها، واحترام سياسة عدم الانحياز، ومعاونة حركات التحرر، وكانت
مصر تنتهج نفس هذه السياسات.
وكانت بداية
التعاون مع الاتحاد السوفيتي في مجال التسليح ، ففي السنوات الأولى للثورة ، كان
قادتها يأملون أن تعاونهم الولايات المتحدة الأمريكية لتسليح مصر، وبناء جيش وطني
قوي... وسافرت الوفود إلى أمريكا، ولكنها لم تعد حتى بالوعود... وأخذت الولايات
المتحدة تماطل في إمداد مصر بالسلاح، ثم عرضت أن ترتبط معها بحلف عسكري، هدفه
محاربة الشيوعية، وكان رد عبد الناصر كيف أرتبط بحلف يقاوم عدوا لا أراه فهو علي
بعد ستة آلاف كيلو متر، بينما عدوى الأساسي أراه على بعد أميال مني! كيف أحارب
الشيوعية، ولا أحارب مغتصب أرض فلسطين!
ورفض عبد
الناصر الارتباط مع الغرب في أحلاف عسكرية، بل أنه قاد حملة شرسة ضد جر البلاد
العربية لهذه الأحلاف المشبوهة .
وبعد أن قامت
إسرائيل - مدعومة من الولايات المتحدة الأمريكية - بعدوان وحشي على غزة، أصبح من
المحتم أن تحصل مصر على السلاح.. وبسرعة. واتجهت نحو الشرق، وطلب عبد الناصر من
شواين لاي في باندونج أن يتوسط لدى الاتحاد السوفيتي لمد مصر بالسلاح.
وفي عام 1955
سافر حافظ إسماعيل على رأس وفد عسكرى إلى براغ لعقد أول صفقة سلاح مع الدول
الاشتراكية.. - الاتحاد السوفيتي وتشيكوسلوفاكيا وبولندا - ووافق الاتحاد السوفيتي
على كل مطالب مصر من السلاح ، وكانت هذه الصفقة تحمل عدة دلالات، فقد كسرت احتكار
الغرب لتوريد السلاح لمصر، وكانت بداية لتطوير شامل القوات المسلحة بفروعها
المختلفة وإعادة تنظيمها وأيضا بداية لرحلة طويلة من التعاون في المجال العسكري
انتهت باتجاه السادات مرة ثانية نحو الولايات المتحدة الأمريكية لتسليح الجيش
المصرى.
ويقول حافظ
إسماعيل رئيس البعثة التي عقدت أولى صفقات السلاح مع السوفييت أن أسعار السلاح
كانت تقل كثيرًا عن الأسعار التي كانت مصر تشترى بها من دول غربية، بل أنه لا يمكن
مقارنتها بالأسعار الغربية.
لم يكن السلاح
بالنسبة للاتحاد السوفيتي صفقة تجارية، ولكنه كان تأييدا لسياسة مصر برفضها
الانضمام للأحلاف العسكرية الغربية، وسعيها لتصفية القواعد الاستعمارية، كما أن
معاونته لثورة مصر الوليدة، يعطيه مكانة في الوطن العربي، وفي العالم الثالث.
وقد تكثف
التعاون في المجال العسكري بعد هزيمة 1967، وهو الأمر الذي اعترف به السادات في كل
خطاباته مشيدًا بدور الصديق السوفيتي ودعمه قائلا للصحفيين أن على من يريد أن يشكك
في علاقة مصر بالاتحاد السوفيتي الصديق بلا غرض، أن يقصف قلمه!
التعاون العسكري
وكان الاتحاد
السوفيتي قد تنازل عن ثمن جميع الأسلحة التي استخدمت في حرب اليمن، كما شطب من
قائمة الديون كلها الأسلحة التي حصلت عليها مصر منه بعد نكسة 1967 مباشرة..
وبعد الهزيمة
بدأ الجسر الجوي لتعويض مصر عما فقدته من معدات عسكرية خلال الحرب!
وقال السادات
فيما بعد أنه كانت تهبط بمصر طائرة كل دقيقتين تحمل السلاح.
وقد بلغ عدد
الرحلات الجوية التي حملت السلاح في تلك الأيام 550 رحلة جوية إلى جانب 15 باخرة
نقل معدات، رأي الاتحاد السوفيتي أن تكون هذه الأسلحة كلها بلا مقابل تعويضًا عما
فقدته مصر من السلاح، فتنازل عن ثمنها. لتكون هدية من الاتحاد السوفيتي للشعب
المصري، وجاء الرئيس بودجورني، ومعه المارشال زخارف رئيس هيئة الأركان على رأس وفد
عسكري، وأمضي العسكريون في مصر أربعة أشهر، درسوا خلالها أسباب النكسة ووضعوا
رأيهم في تقرير قدموه لعبد الناصر بناء على طلبه، كما شاركوا في وضع اللبنات
الأولي لإعادة بناء القوات المسلحة.
وعقدت مصر
أثناء زيارة بودجورنی أول صفقة سلاح بعد الهزيمة قيمتها مائة مليون جنيه - خلافًا
للسلاح الذي منحه الاتحاد السوفيتي هدية - وأرسل 1200 مستشارًا عسكريًا في جميع
التخصصات و120 طيارًا لتدريب الطيارين وقد سافر عبد الناصر بعدها إلى الاتحاد
السوفيتي ثلاث مرات، التقى خلالها بالقادة هناك، وقد أسفرت كل زيارة عن مزيد من
التعاون العسكري.
وفي زيارته
الأولى صحب معه ياسر عرفات، وقدمه للقادة السوفيت، وحصلت مصر على أسلحة بمائتي
مليون جنيه، وعلى عدد آخر من المستشارين.
وسافر السادات
إلى موسكو وطلب خبراء في الطيران، وصواريخ سام 3 بأطقمها لتدريب الجنود، ووافق
الاتحاد السوفيتي على إرسالها خلال ستة شهور، ورأي عبد الناصر أن المدة طويلة
وسافر إلى موسكو وحصل على أكبر صفقة سلاح من الاتحاد السوفيتي. فيها 85 طائرة ميج
معدلة و10 ميج تدريب، و32 كتيبة صواريخ سام 3 بأجهزتها ومعداتها وأطقمها، وعدد من
أجهزة الرادار وقطع الغيار، وموتورات الطائرات، وطائرات التدريب.
ولقد جاءت هذه
الخطوة ردًا على الغارات الإسرائيلية في العمق المصري. وكان التواجد السوفيتي في
مصر، تحذيرًا لإسرائيل والولايات المتحدة بعدم معاودة هذه الغارات، وقد تأكد هذا
التحذير عندها التقطت طائرات إسرائيل حديثًا بالروسية بين سرب طائرات يحمي سماء
مصر يقوده سوفيت وأوقفت إسرائيل غاراتها على العمق، وبدأت إسرائيل وأمريكا حملة
ضارية ضد التواجد السوفيتي في مصر، يستخدم نفس الكلمات التي يرددها البعض الآن.
وفي زيارة عبد
الناصر الأخيرة لموسكو طلب أجهزة الحرب الالكترونية المتطورة، وطائرات قاذفات
ثقيلة، واستكمال شبكة الدفاع الجوي بالصواريخ، بالإضافة إلى مهمات ومعدات عسكرية
أخرى، واستجابت القيادة السوفيتية لطلبات عبد الناصر التي وصل ثمنها 400 مليون
دولار، وتقرر تخفيض 50% من قيمتها.. وفي هذا اللقاء اتفق على حضور 5500 جنديًا من
وحدات الصواريخ والدفاع الجوي، والحرب الالكترونية على أن تكون مهمتهم مؤقته حتى
تتمكن القوات المصرية من تدريب بدل منهم من المصريين، وقد ارتدوا الزى الميداني،
ورفض أن يتجولوا في البلاد أو حتى يزوروا المنشآت السياحية، وفي هذا اللقاء أعلن
جمال عبد الناصر أنه سوف يقبل مبادرة روجرز لتعطيه الوقت الهادئ لاستكمال بناء
شبكة الصواريخ على الضفة الغربية من القناة، رغم اعتراض القيادة السوفيتية على أن
يقبل عبد الناصر حلا يحمل العلم الأمريكي، ولكن عبد الناصر قال أنه واثق أنها
مناورة تقوم بها أمريكا، وأنه يقبلها لأنها تحمل العلم الأمريكي لمجرد توريطها،
فإنه ليس لدي أمريكا أي حل إلا أن نستسلم لإسرائيل.. والمسألة مجرد مناورة أمريكية
لتلتقط إسرائيل أنفاسها من حرب الاستنزاف ثلاثة أشهر سوف نستغلها - نحن - في بناء
حائط الصواريخ.
قد بلغ عدد
المستشارين السوفيت 1200 وزعوا على جميع الوحدات بزيهم المدني عدا من يعملون في
وحدات ميدانية... ولم تتحمل مصر أية تكاليف مادية لهم سوي المأكل والمسكن أما
مرتباتهم فيدفعها السوفيت.
وكان الاتحاد
السوفيتي يتحمل نفقات تدريب وإيواء الضباط والجنود المصريين الذين ذهبوا للتدريب
في موسكو بمعدل 1800 عسكري كل ثلاثة أشهر.
ولم يطلب
الاتحاد السوفيتي من مصر - في مقابل كل ذلك - سوى تزويد أسطوله في البحر المتوسط
بالمؤن والمياه العذبة.
فلم يكن
السوفيت يمثلون جيش احتلال في مصر، فقد جاءوا بناء على طلب القيادة الوطنية
لتمكينها من حماية عمقها في فترة عصيبة، وعندما طلب إليهم أن يغادروا مصر، غادروها
قبل الموعد المحدد.
يتساءل سيد
مرعي «بماذا
انتصرنا في حرب عام 1973... إننا انتصرنا بالسلاح السوفيتي، وإذا كان قد حدث انتقاد
للأسلحة السوفيتية في أواخر السبعينيات وقيل أنها ليست في كفاءة السلاح الأمريكي،
فقد تم الرد عليه بشكل حاسم في 6 أكتوبر لقد حاربنا الأسلحة الأمريكية بأسلحة
سوفيتية، وقابل السلاح السوفيتي السلاح الأمريكي وانتصر عليه».
ويواصل سيد
مرعي قائلا: «يجب أن لا
ننسى أبدًا أن أولادنا قتلوا في 6 اكتوبر بسلاح أمريكي، كما لا ننسى ما فعلته
أمريكا بعد 6 أكتوبر من نقل كميات ضخمة من الأسلحة الحديثة الى إسرائيل كما أشار
الى ذلك الرئيس السادات».
التعاون
الاقتصادي..
وقدم الاتحاد
السوفيتي معاونات اقتصادية أيضًا، بشروط ميسرة جدًا، وعندما امتنع البنك الدولي
الذي تمثل الولايات المتحدة 32% من أصوات مجلس إدارته عن تمويل بناء مشروع السد
العالى، قام الاتحاد السوفيتي ببنائه في الموعد المحدد.
وفي كل ما قدمه
الاتحاد السوفيتي لمصر، كان يعمل على حقوقه من الصادرات المصرية، من البصل، والأحذية،
والقطن، والموبيليات والروائح العطرية، وهكذا سددت مصر قيمة بناء السد العالي
كاملة.. أي أنه لم يحصل من مصر على عملات صعبة أبدًا.
وقد أقام في
مصر عشرات المصانع، واستصلح مساحات مساحتها عشرة آلاف فدان، أعلن عنها خرشوف أثناء
زيارته لمصر.
أقام الاتحاد
السوفيتي في مصر 108 مشروعًا صناعيًا من الأرض، وأهدى مصر مزرعة آلية استصلحها على
نفقته منها مجمع الحديد والصلب، ومصنع الكوك، ومصفاة الزيوت بالسويس، ومصنع
المطروقات، ومصانع السجاد، ومجمع الألمنيوم بنجع حمادي، ومصنع الكيماويات في ابي
زعبل، والترسانة البحرية بالإسكندرية، وغيرها.
وبنى السد
العالي، ومد شبكة الكهرباء إلى أربعة آلاف قرية لتغير نمط الحياة فيها تمامًا، كما
ساعد في بناء 96 مشروعًا منها 33 مشروعًا صناعيًا ومحطات كهرباء.. وشارك في تحسين
زراعة 300 ألف فدان، ومد شبكة الأنابيب في النوبارية.
وساهم الاتحاد
السوفيتي في تدريب الكوادر الفنية للصناعة حيث أقام 43 مركز تدريب تكنيكي في كل
الفروع ملحقة بالمصانع، إلى جانب تدريب عدد من الكوادر داخل الاتحاد السوفيتي،
وبالأرقام فقد درب 167 ألف من العمال الفنيين في الفروع المختلفة، وأنشأ معهد
الحديد العالى الذي خرج 300 مهندس يعملون بمصنع الحديد والصلب حلوان.
وفي المجال
الثقافي أقام ودرب وعاون في بناء أكاديمية الفنون، ومعهد الباليه ومعهد
الكونسرفتوار والسيرك القومي وغيرها من الأعمال الثقافية الجادة.
وكانت قد وضعت
خطة للاستثمار الصناعي قيمتها 250 مليون جنيه خلال خمس سنوات بعد إنشاء وزارة
الصناعة.
ولم يكن هناك
من يمول الصناعة بخمسين مليونًا من الجنيهات سنويا سوى الدولة، وكانت شروط الغرب
أن تدفع مصر ربع الثمن مقدما والفائدة على الباقى 6% على الأقل.
وسافرت أول
بعثة لبحث إمكانية التعاون مع الاتحاد السوفيتي عام 1958 برئاسة الدكتور عزيز صدقي
وزير الصناعة، وحصلت على قرض 62 مليون جنيه استرليني للخطة، وكانت الشروط
السوفيتية: الدفع بعد عام من إقامة المصنع، أي من إنتاج المصنع نفسه وعلى أقساط
لمدة 12 عامًا وبفائدة لم تزد على 2.5%.
ويقول الدكتور
عزيز صدقي «أنهم
يساعدوننا بوصفنا دولة وطنية تقدمية تحاول تنمية نفسها، ولم يحدث أن استغلوا حجم
المعونات لفرض أسلوب معين كما لم يتدخل في خطتنا، وعندما حدث سوء تفاهم سياسي معهم
عام 1959 واصلوا التعاون معنا في مجال الصناعة دون أي تأثر بالأزمة».
وبهذه الطريقة
وبمعاونة السوفييت أمكن تنفيذ الخطة في ثلاث سنوات بدلا من خمسة!
ويقول الدكتور
عبد العزيز حجازى «أن العلاقة
بين مصر والاتحاد السوفيتي نشأت باتفاق حول مبدأين أساسيين الأول هو محاربة
الاستعمار والصهيونية تحت عنوان الاستقلال الوطني، والثاني هو التنمية الاقتصادية
والاجتماعية كهدف لصالح الجماهير»[4].
ولا يعتقد
الدكتور حجازي أن هناك مواطنًا مصريًا يرفض ويشكك في مثل هذه الفلسفة فمن الواضح
أن الاتحاد السوفيتي يؤيد قضايا التحرر الوطني والاستقلال السياسي في الدول
العربية والعالم الثالث عمومًا، وهي بالنسبة لنا من نقاط التعاون السياسية
الأساسية وموقف الاتحاد السوفيتي معنا في المنظمات الدولية، وأمام العالم كله في
كل مناسبة يؤكد تمسكه بتأييد مصر والدول العربية في تحرير الأرض من أجل ضمان حقوق
شعب فلسطين.
المقارنة المجحفة
الذين يقارنون
صداقة مصر بالاتحاد السوفيتي في الستينات، بتبعية مصر للولايات المتحدة الأمريكية
في السبعينيات، عليهم أن يشيروا إلى المشروعات الإنتاجية التي أقامتها الولايات
المتحدة في مصر.
إنها لم تقم
مصنعًا واحدًا، ولم تستصلح شبرًا واحدًا من الأرض.
والذين يتحدثون
على الاستعمار السوفيتي لمصر عليهم أن يحددوا القواعد العسكرية التي أقامها في
مصر، وأن يبرروا خروج خبرائه فورًا قبل الموعد المحدد عندما طلب إليهم ذلك.
وان يسألوا
أنفسهم عما إذا كان ممكنا أن تمد الولايات المتحدة مصر بالسلاح الذي يمكنها من
مواجهة العدو الأساسي إسرائيل.
ثم ما هو حجم
ديون مصر للاتحاد السوفيتي وفوائدها خلال خمسة عشر عامًا من التعاون، أقيمت فيها
الصناعة، واستصلحت الأرض، وسلحت مصر بسلاح تفوق على السلاح الأمريكي حقق النصر في
أكتوبر 1973، وعوض مصر عما فقدته من سلاح، ثم ما هو حجم ديون مصر وفوائدها
للولايات المتحدة الأمريكية خلال عشر سنوات لم يقم فيها مصنع واحد، ولم تستصلح
أرضًا، ولم تكن مصر في حاجة إلى سلاح لتخوض به حرب تحرير.
إن هذا ليس
دفاعًا عن عبد الناصر ولكنه كما قلت دفاع عن شرف مصر واستقلالها وحرية إرادتها
وقرارها المستقل...
زواج المشير من السيدة برلنتي عبد الحميد
.. وكان آخر ما في جعبتهم - حتى الآن - أن
ألبسوا الممثلة برلنتي عبد الحميد ثياب السياسيين، واستدعوها لتأدية دور في الحملة
على جمال عبد الناصر.
واختيرت برلنتي
عبد الحميد، لأنها كانت متزوجة من المشر عبد الحكيم عامر زواجًا عرفيًا سريًا.. لم
يكن معروفًا.. فلم يعلن هذا الزواج، ولم تظهر معه في المجتمعات..
وأفردت لها
الصحف صفحات تحدثت فيها عن عبد الناصر وعامر.. فعبد الناصر قتل عبد الحكيم عامر،
وعرض عليها مليونى دولار لكي تقوم بعملية تشهير بعبد الحكيم عامر ولكن شهامتها
ووفاءها رفضا تمثيل هذا الدور.. فهي وفية لزوجها والد وحيدها عمرو، كما أنها صادقة
لا تكذب أبدًا.
كانت السيدة
برلنتي عبد الحميد تتصور أن أحدا لن يهتم بالرد عليها فتمادت في نشر أكاذيب حول
وقائع مسجلة في تحقيقات كثيرة.
وكانت برلنتي
عبد الحميد قد تعرفت على المشير عبد الحكيم عامر بواسطة صلاح نصر بعد انفصال
الوحدة بين مصر وسوريا مباشرة.
وفيما بعد سوف
يتزوجها المشير عامر بعقد عرفي، الأمر الذي لم يعطها حقًا قانونيًا في أن ترث
المشير عامر. وإن كان قد تقرر أن يصرف لإبنها عمرو معاشًا، وكانت أسرة المشير عامر
كريمة معها فأعطت ابن المشير نصيبه من ميراث أبيه بعد تدخل كريم من مصطفى عامر
شقيق المشير.
وقصة السيدة
برلنتي طويلة.. طويلة.. ويكفي أن ننقل بعض فصولها من ملف قضية عبد المنعم أبو زيد
سكرتير خاص المشير لدى محكمة الحراسة.. وكان عبد المنعم قد اتهم في قضية
الانحرافات في مكتب المشير، وفرضت عليه الحراسة، كما كان قد تقدم ببلاغ عن التعذيب
الذي أصابه أثناء التحقيق معه، وهو يرجع كل ما حدث من إلقاء القبض وتعذيب ثم سجن،
بل وأيضا ما سمى بقضية انحراف مكتب المشير إلى السيدة برلنتي، ورغبتها في الانتقام
منه شخصيًا. لأنه كان يعارض زواجها من المشير.. ولننقل أجزاء من القضية كما وردت
في أقوال عبد المنعم أبو زيد المودعة في محكمة الحراسة.. تقول المذكرة المقدمة منه
تحت عنوان «كيف قابلت
السيدة نفيسة عبد الحميد» النص:
مهمة من اليمن:
«عام 1963 كلفني العقيد على شفيق
بالبحث عن فيلا مناسبة لسكني خبير ألمانى ومعه زوجته في منطقة الهرم أو المعادى
تكون غير مكشوفة وسهلة المواصلات والحراسة واعتبر ذلك أمرًا سريًا هامًا نظرًا
لحدوث اعتداءات على بعض الخبراء، كنت أبحث وأسلمه عناوين ما أجده.
«وفي إحدى سفرياتنا لليمن أمرنى
المشير بالنزول للقاهرة لمدة 24 ساعة أرتب فيها عقد الفيلا وانتقاء أثاثاتها على
أن تكون جاهزة للإقامة في خلال أسبوع من نزولنا من اليمن وعدت لليمن بعد 24 ساعة
موقعًا عقد الفيلا باسم ممدوح إبراهيم البربري وهو السكرتير المدني للمشير وقريب
العقيد على شفيق، وأخذت مساحات الغرف وانتقيت مع الصيرفي الموبيليات اللازمة..
«بعد أسبوع من عودة المرحوم
المشير من اليمن كانت الفيلا جاهزة لإقامة الخبير الألماني - ركب معي المشير ليلًا
وأُعجب بالفيلا وتعرف على الجناينى إسحق وعائلته - واستلم المفاتيح وانتهت علاقتي
بهذه المأمورية اللهم إلا إرسال الايجار كل أول شهر..
«في يوم ما.. كنت أحاول إصلاح
الثلاجة بنفسى ومعى إسحق إذا بزوجته تهرول قائلة: (الست الخوجاية جت، فخرجت فورًا
من باب المطبخ إلى السيارة.. وما إن أدرت السيارة.. وجدت بلوزة وبنطلون تنادى: يا
أستاذ عبد المنعم فعدت وتقدمت منها وسلمت علي وهي على عتبة المطبخ ولدهشتى وجدتها
تشكرني على ذوقي في اختيار المفروشات والموبيليات.. واتلخمت عندما وجدتها تسألني
عن صحة زوجتى ومرضها، وعن أولادي كل باسمه بما هو مشهور عنه.. كل ده وأنا مرتبك مش
قادر أعرف مين دى.. لأني مش متصور أبدا بأي شكل أن تكون دي..
«كانت معلوماتهم عني أنني أتحلى
بأخلاق فلاح.. وشهامة ولاد البلد، ولذلك كما علمت فيما بعد.. اتفقت برلنتي مع
المرحوم المشير أن أوضع أمام الأمر الواقع.. فكانت تمثيلية اللقاء..
«خرجت لأواجه العقيد على شفيق
والأسئلة تلح على.. هل دی صحيح برلنتى؟ وإزای.. واشمعنى؟.. وطلبني المرحوم المشير
وسألني.. ومن حركات ايديه وهزات رأسي عرف ما يجول بخاطري فقال لي مطمئنا: دى بنت
طيبة وبكره تعرفها كويس ومالهاش أى مطامع فينا..
سيارات لبرلنتي:
«ومشيت الأمور وأنا مقتنع تمامًا
بخطأ ما وصلنا إليه وقد كشفت عن مخاوفي على المشير منها أمام العقيد علي شفيق
ومتولى السيد مرافق المشير، وتأكدت من تصرفاتها أن هدفها الاستيلاء على المشير
والزواج منه.. وفي سبيل الوصول إلى الحقيقة وتعريتها تظاهرت بإخلاص لها وكنت أبلغ
المشير عن كل تصرفاتها، كانت تطمع في العربة المرسيدس 180 التي يركبها فأمر
بإعطائها عربتى الخاصة فيات 1300 وظلت معها إلى أن أتلفت البريبريز وألحت عليه
فأمر على شفيق فصرف لها عربة فيات 2300 باسم والدتها «سيدة محمود فراج» على اعتبار
أنها أرملة الشهيد الرائد محمد أنور عونی..
«كانت تتظاهر أمامه بالقناعة..
حتى أنني عندما أكدت له في آخر عام 1965 عن هدفها بتطلعاتها وإصرارها على الزواج
منه قال: دى بتنتقد الإسراف حتى في الأكل.. ومستعدة تعيش على البتاو والجبنة
القريش وتعيش على حصيرة وطبلية ولمبة جاز.
«كانت تردد، ذلك دائمًا حتى صدقها
تمامًا.. وكانت أمها تخطط للزواج.. حاولت الاتصال بالسيدة الجليلة حرم المشير
لتبلغها عن العلاقة بها وتضعه أمام الأمر الواقع.. لجأت لكل الطرق حتى الشعوذة
والأحجبة وبلغته ذلك بمسك الأحجبة في ثنايا المراتب والمخدة، ويمزقها ويدعي أن
المخابرات تبلغه.. في حين لم يرها.. جربت معه كيف تغضب وتختفي ونبحث عنها في كل
مكان.. وتصطلح على يد شقيقه.. باختصار تمسكت حتى تمكنت.
«أخر عام 1965 قبل أعياد النصر
أبلغت المشير عما دار بيني وبين والدتها وبحضورها عن الزواج وكيف طلبت مني أن
أساعدها في إثارة شكوك السيدة حرمه وعزمها على تكليف شقيقتها زهرة للاتصال
تليفونيًا بها وإخطارها بأن المشير متزوج من برلنتى عبد الحميد.
محاولة الزواج:
«إزاء اصراري أمامه وكنا عائدين
إلى الحلمية في يناير 1965 - قبل سحور رمضان - وسيادته يعارضني وينكر نية الزواج.
قلت له دى يا فندم مش استنتاجات مني أو تحليل موقف.. ده واقع وبيكلمونى فيه مباشرة
ظانين إني لن أبلغه لثقتهم بى.. قال: جواز لا.. اروح فين من الناس لو تعلم..
«واجهني بأنه يشك تماما في
معلوماتى..وحتى يصدقني
على أن أقوم بتسجيل هذا الكلام. فاستكثرت على نفسي أن أقدر على تغفيلها والتسجيل
عليها.. وقلت له.. مين بعرف يسجل على دى..
«الساعة 9 صباحًا أيقظونى من
النوم لوجود مندوب للسيد صلاح نصر في انتظاري منذ الثامنة في الحلمية لأمر عاجل
وهام.. وجدت رائد من المخابرات سلمني جهاز تسجيل متوسط الحجم وعرفني كيفية تشغيله
وأن السيد صلاح نصر أرسله به علشان المأمورية المطلوبة منك.
«دارت بی الأرض.. وكيف أن المشير
بعد هذه العشرة الطويلة يشك في صدقي.. واستهولت احتمال أن أعجز عن التسجيل عليها
فأفقد ثقته..
«ذهبت غلى مكتبي بالجيزة ولم يكن
هناك سوى تليفونى وثلاث أفراد حراسة.. وجلست أفكر.. وهداني الله لحكمة كانت خافية
أن أحاول التسجيل عليها من التليفون.. وجرءت ونجحت فقد جاءني صوتها عبر الأسلاك في
لهفة إنت فين..؟ ده أنا قولت الدكتور أى المشير ضحك عليك ووقعت بكلام أدامه.. لأنه
منذ الفجر بيكلمنى كلام غريب زي ما يكون حاسس بحاجة
فطمأنتها على. وفتحت معها
المواضيع التي كانت تقولها لي...باختصار نجحت تمامًا في كشف مستورها وما تخفيه
عنه.. ومحاولاتها اتصال شقيقتها بحرم المشير.. أفصحت بوضوح عن نياتها وأمالها
وكيفية الوصول إلى ذاك وأول غرض هو الزواج.
«وجدت في وجودى خطرًا شديدًا
عليهًا.. لعلمي بأسرارها وحقيقة نواياها.. وتأكدها من أنني خدعتها وأعارض في
زواجها بل والأكثر من ذلك سجلت عليها وكشفتها للمشير.. اتضح فيما بعد أن التسجيل
الذي سجلته عليها قدمه لها المرحوم المشير وأنه ضبط هذا الشريط بواسطة المخابرات
العامة عام 1967 في منزل برلنتي عبد الحميد في العجوزة.
«وكان التدبير والانقلاب الخطير..
وكان الانتقام الرهيب..
الانتقام الرهيب:
«في نهاية 65 أقامت حفلة في فيللا
الهرم لمناسبة عيد ميلاد المرحوم المشير.. ولم أحضرها ولم أكلف بها.. واتصلت بى
زوجتي السابقة في مكتبي بالجيزة ليلا لتقول لي أن برلنتى اتصلت وطلبت منها ضرورة
الحضور للمشاركة في عيد المشير.. واعتذرت.. وفوجئت بعد ذلك بالمرحوم المشير يطلبها
ويلح في ضرورة حضورها.. فأخذت تاكسي وحضرت الحفل. وأعادوها بعد انتهائه الى منزلها.
«في الصباح فوجئت بالمرحوم المشير
يأمرني بالتوجه إلى الهرم للبحث عن صورة فقدت من حفلة أمس.. وبالبحث لم نجد شيئًا.
كنا بحث على شفيق معي.. ولاحظت أن برلنتي توجهني وتحاول إقناعي بأن أطفال إسحق
الجناينى وجدوها ووضعوها في نار كانوا يتدفوا عليها ضمن ورق مجلات... الخ.
«وكان ممكن أن أوافق وينتهى
الموضوع.. ولكن عندما سألت عن نوع الصورة الفاقدة وما تحويه من أفراد علمت بأنها
صورة تحوى المرحوم المشير وبجواره تحت إبطه برلنتى يحيط بها شقيقه السيد حسن عامر
والسيد مصطفي عامر وأن الصور التي التقطت للحفل تعدت مائة صورة على الماكينة
البولورايد ولم تنقص سوى هذه الصورة.. عند ذلك تأكدت وجاهرت برأيي أن أصحاب
المصلحة في سرقة هذه الصورة هي برلنتي ووالدتها.. لأن هذه الصورة العائلية تعتبر
بمثابة عقد زواج شرعي قد تحرر بالصورة بدل القلم وأن شاهدى العقد شقيقيه..
«قات للمرحوم المشير رایی وقلت
للعقيد على شفيق وأيدنى في ذلك.
«اتهمتنى بالتقاعس في التحقيق
والبحث، وأن إسحق سافر بلده بحجة زيارة والدته المريضة وأنه أخفاها هناك.. إلخ..
حتى أن المشير صدقها وبدأ
التحقيق بنفسه مع إسحق وأولاده.. ومع الأسف امتدت يده بالضرب وإيذاء إسحق البواب..
ترضية لها.. وسألني المشير بحضورها عما قلته له بيني وبينه عن أصحاب المصلحة في
الاستيلاء على الصورة.. وجاهرت برأی في وضوح باستبعاد استيلاء أسحق أو أولاده على
الصورة.
«لذلك عملت على بث بذور الشك من
جهتي.. مدعية بأن سهير استولت عليها يوم الحفل وأعطتها لي وسلمتها بدوري إلي زكريا
الطاهر ليبيعها لحسابي في ايطاليا.
قصة زكريا الطاهر:
«وقصة السيد زكريا الطاهر الذي
أشاد بوطنيته ورجولته وجهاده المرحوم المشير جاءت ومعه اللاجئ السياسي العراقي
العقيد عرفان.. واشتكى لي من تصرف مدير مكتب السيد فتحي الديب وزير الشئون
العربية، وأنه آثر العودة دون مقابلة الوزير رغم أنه كان عاوز يبلغ عن موضوع هام
جدًا جدًا (شرحته للمشير) فقال لي هاته يقابلني بكره.. فلما أخبرته أنه مسافر على
طائرة الصباح إلى روما أمرني ضرورة الاتصال بالسيد زكريا في جناحه بأوتيل شبرد
وأبلغه تقدير المشير وأن السيد حسن صبری الخولى يقابله في أي وقت بعد عودته..
وفعلا أبلغته ذلك.. وأعطيته تليفونى للاتصال بي فور عودته..
«وهكذا وصمت بأني بعت المشير وخنت
الأمانة.. وعزز ذلك شمس بدران بتقارير وبذلك فرط في المرحوم المشير.. عندما التقت
رغبة شمس بدران وبرلنتي عبد الحميد للإطاحة بي والإجهاز على، وزحزحتي من طريقها..
أما شمس فهدفه الإطاحة بالعقيد على شفيق والإطاحة بي هي أول الطريق.
«وكانت القضية والأكذوبة الكبرى..
«بحثوا عن الصورة الفاقدة.. أو
زعموا ذلك للمشير فلما لم يجدوها.. تقرر وضعي وراء الشمس ولو لفترة حتى لا أستفيد
في ظنهم بالصورة وتفقد أهميتها حسب الظروف.
«ترقبوا عودة زكريا الطاهر من
روما وكنت بالسجن وأعدو جهاز تسجيل على التليفون وطلبوه في فندق شبرد وأفهموني أنه
عندما يرد على التليفون.. أسلم عليه.. وأقول له أنني في مأمورية وبعد الحمد لله
على السلامة أقول له جبت لي إيه.. وعملت في اللى معاك ايه. ولكن زكريا لم يشأ يرد
علينا مباشرة.. وقال: اللى عاوزنى يسيب نمرة التليفون ليطلبه هو بمعرفته.. طبعًا
لم تعطيه النمرة.. وقاموا بتحرياتهم حوله»..
شهوه آخرون:
وطبعا لم يثبت
أن عبد المنعم أبو زيد حصل على الصورة وفي صفحة 675 من التحقيق يكمل محمد متولي
السيد سكرتير الشهر الخامس القمة قائلا: أنه.. كان هناك صراعًا منذ بداية الثورة بين على شفيق
وشمس بدران «ظلت هذه الصراعات حتى حدث عام 1966 أن كان هناك عيد ميلاد المشير
وبرلنتى عبد الحميد.. وعيد الميلاد كان في البيت اللي في الهرم. وحضره السيد عباس
رضوان والسيد صلاح نصر، واللواء عصام خليل وكان هناك تصوير لهذه المناسبة، وكان
مجموع الصور عدد معين.. واتضح في نهاية الحفل نقص صورة من هذه الصور. وكانت موجودة
في هذا الحفل السيدة سهير فخري وقد وجه لها الاتهام أنها أخذت الصورة على أساس
أنها زوجة عدد المنعم أبو زيد لاستغلالها في الوقت المناسب، وبرلنتي عبد الحميد هي
التي كانت قد أفصحت عن رغبتها في الانتقام من عبد المنعم أبو زيد وزوجته سهير، لأن
عبد المنعم كان يتحرى عن حياة برلنتي وماضيها وكانت تخشى من سهير أن تقوم بإبلاغ
عبد المنعم عن ماضيها وحياتها الماضية»..
وفي صفحة 677
من التحقيق يقول: كانت سهير فخرى زوجة كامل حسن المحامي وكانا صديقين
لبرلنتي عبد الحميد، قبل معرفتها بالمشير، ومحمد كامل حسن المحامي كان دائم الكلام
عن برلنتى مع سهير فخري، كانت تحدد لها اسئلة أمام المشير بأنه مجنون وبيشرب كتير،
وبيهلوس علشان ما يصدقش أى حاجة تقال عن برلنتي والمشير اللي في الوقت ده كان صديق
فقط لبرلنتى.
استدعى عبد المنعم أبو زيد وطلب
منه إدخال محمد كامل حسن المحامي المستشفى ودخلوه مستشفى بهمن بحلوان لعلاجه من
الشرب، ومكث في هذه المستشفى فترة خرج بعدها، فأتهموه بأنه بيشتم الرئيس جمال عبد
الناصر».
ويقول في ص 678 «واعتقلوه
وفي خلال هذه الفترة كان قد تم طلاق سهير من محمد كامل حسن، وتزوجت بعد ذلك من عبد
المنعم أبو زيد، ويوم حفل عيد الميلاد عرف أنها اتهمت سهير بأخذ الصورة الناقصة
لأنها كانت تخشى من سهير على المشير، ولأنها كانت تخشى من وجودها مع عبد المنعم
أبو زيد على أساس كانت بتبيح له عن أسرار برلنتي السابقة باعتبارها كانت صديقة
سابقة لها وتعرف أسرارها وهذه الصورة كانت بتمثل المشير وبرلنتي وحدهما. والمشير
غضب من عبد المنعم أبو زيد وأصر على الصورة لازم تظهر. ولكن الصورة لم تظهر».
وفي صفحة 683
من التحقيق يقول متولى محمد السيد «وبعد ذاك
بفترة علمت بأن الصورة التي كانت مفقودة في حفل عيد الميلاد قد وجدت عند والدة
برلنتي عبد الحميد وقد علمت بذلك من المشير شخصيًا وقال لي في أحد الأيام الأولاد
دول طلعوا مظلومين..
وأفرج المشير
عامر عن عبد المنعم ورفاقه أثناء حرب 1967، وبعد الهزيمة وعندما غضب المشير لأن
عبد الناصر كان يريد إبعاده عن القوات المسلحة، غادر القاهرة إلى قريته أسطال
بالمنيا.. وصحب معه عبد المنعم أبو زيد:
ويقول عباس
رضوان في التعليق أنه علم أن جمال عبد الناصر طلب من المشير عامر عودة المُفرج
عنهم إلى السجن، وفعلا عاد عبد المنعم إلى السجن، وفعلًا عاد عبد المنعم إلى السجن.
إصلاح تكذب نفيسة:
بعد النكسة
واعتكاف المشير عامر، وزع على نطاق واسع في بعض وحدات الجيش، وفي مجلس الأمة،
منشور، يحمل الاستقالة التي كان المشير عامر قد أرسلها إلى جمال عبد الناصر عام
1962.
وأثبتت
التحريات أن هذا المنشور مطبوع بواسطة السيدة إصلاح شقيقة نفيسة عبد الحميد، على
ماكينة رونيو في قريتها بالمنوفية.
وألقي القبض
على نفيسة، وعلى شقيقتها إصلاح..
ورفضت نفيسة
عبد الحميد الحديث إلا أمام مبعوث يوفده الرئيس جمال عبد الناصر لأنها ستكشف عن
أسرار هامة.. وكانت هذه الأسرار كما اتضح ورقة واحدة هي عقد زواجها العرفي من
المشير عامر.
وأوفد لها عبد
الناصر سامي شرف، ليسمع ما تريد قوله..
ويقول سامي شرف
أنه أمضى معها أكثر من ساعة، وأن الحديث بينهما كان يتم تسجيله بالمخابرات العامة،
ومن الغرفة المجاورة كان يستمع إليه شعراوي جمعة وزير الداخلية، ومحمد حلمي السعيد
الذي أشرف على تحقيقات انحراف جهاز المخابرات ومحمد نسيم وكيل المخابرات العامة
الذين جلسوا في غرفة مجاورة.
ويقول سامي شرف
أنه في نهاية اللقاء أبلغها أن المشير عامر قد انتحر فانهارت.
ونتساءل سؤالا
منطقيا لماذا كان يعرض عليها عبد الناصر مليونين كما تقول للتشهير بالمشير. وماذا
كان يمكن أن تقوله عن المشير.. وإذا كان المقصود تشهيرًا بالمشير فلماذا لم يعلن
نبأ القبض عليها أو قصة زواجها بالمشير.. ثم أن التشهير بالمشير - فضلا عن العلاقة
- التي كانت تربطه بعبد الناصر - هو أمر يؤذي عبد الناصر، ويمس رفاقه، وقادة
الثورة، ثم هل كانت برلنتى ترفض مطلبًا بالتشهير، وهي التي كانت تسترحم وتقول أنا
في عرضكم اتركوني.. ثم هل كانت ترفض مليونين من الدولارات وفي ظروفها هل كانت
تستطيع أن تقول لا.
وكانت السيدة
برلنتى قد أنجبت من المشير ابنها عمرو على يد الدكتورة إيزيس خليل شقيقة عصام خليل
مدير المخابرات الحربية.
وعندما عاد
سامی شرف إلى عبد الناصر وأخبره بموقف برلنتي ورأيها اتصل بأمين هويدي مدير
المخابرات العامة، وطلب إليه الإفراج عنها فورًا لأنها «برضه» زوجة المشير:
ولو كان قد
ساومها لتشهر بالمشير، وعرض عليها هذا المبلغ الطائل ورفضته، لكان من باب أولى أن
تظل محبوسة انتقاما من مسلكها وكان هناك مبرر قانوني فهي وراء طبع منشور الاستقالة.
وكان ذلك وحده
كفيلًا بأن يكون سلاحًا في حملة التشهير المزعومة بالمشير.
شهادة شقيقة برلنتي:
السيدة إصلاح
عبد الحميد حواس الشهيرة بزهرة، شقيقة السيدة نفيسة عبد الحميد حواس الشهيرة
ببرلنتي، قامت بطبع استقالة المشير على ماكينة رونيو في قريتها، وقد ألقي القبض
عليها، وأجرى تحقيق معها. قدم ملخص واف للرئيس جمال عبد الناصر بتاريخ 17 مارس
1968، وقد جاء فيه بالنص:
1- تقوم برلنتي عبد الحميد بعرقلة
زواجها «زواج إصلاح» وذلك بمحاولتها اتهامها هي وزوجها بتبديد أثاث خاص ببرلنتى
بقصد فصم زواجهما ليتثنى لبرلنتي مراقبة تصرفات أختها بإقامتها معها والقيام
بخدمتها.
2- ذكرت أن أختها برلنتي عبد الحميد
سافرت إلى الخارج بتأشيرة خاصة أحضرها عصام خليل بعد موافقة المشير «يحتمل أن تكون
التأشيرة من المخابرات العامة» وسافرت باسم نفيسة عبد الحميد ومكث ثلاثة أيام، وقد
سافر معها مصطفى عامر كمرافق لها وأحضرت معها خمس حقائب تحوي ملابس بحوالي ألف
جنيه.
3- تعرفت برلنتي على المشير بواسطة
صلاح نصر، بعد حوادث سوريا إذ كان المشير في حالة نفسية سيئة وأراد صلاح نصر أن
يرفه عنه.
4- ابتدأت برلنتى برسم مخطط في أن
تعيش مع المشير على أن يكون زوجها في الحلال، علمًا بأنها...... يعمل بالوسط
السينمائي وقبله شخص إيطالى...... وكان ذلك في الفترة ما بين 1963 إلى 1964م.
5- كان من أمنيات برلنتي طوال
حياتها أن تتزوج من شخصية مشهورة ولذلك عقدت الحزم بأن تتزوج المشير بأية وسيلة.
6- أوقعت برلنتى المشير في حياة
جنسية عميقة مع أنه كان في بدء معرفته بها جادًا في حياته (وخام في شئون النساء).
7- كان صلاح نصر يغير من علاقة
برلنتى بالمشير فسابق علاقته بها قبل معرفتها بالمثير وقد تراهن مع المشير على
مبلغ 1000 جنيه يثبت له أن برلنتى سيئة الخلق.
8- قام صلاح نصر بتدبير حادثة
«الشخص الفرنساوى» ولكن المشير يعلم بما يحدث وقد أوصى زهره بأن تدافع عن أختها
برلنتى أو استعمل معها الشخص الفرنسي العنف وتوقفه عند حده.
9- بعد هذه الحادثة تعلق المشير
ببرلنتي وقامت هي من جهتها بالسيطرة عليه أنها صممت على أن يسكن المشير ببيت
الجيزة وحيث تسكن عائلته في الدور العلوي ويكون المشير بالدور السفلي وكان هذا
مخططًا لعدم تأنيب ضمير المشير عند عودته للمنزل متأخرًا.
10- دفعت برلنتي المشير إلى إنجاب
طفل حتي ترتبط به أكثر فوافقها على أن يكون الطفل باسم المشر شخصيًا وهو محمد عبد
الحكيم عامر وثبت فعلا بالسجل المدني بهذا الاسم ولكن بعد تقييده نزعت الصفحة
المقيدة بها الاسم وكذلك اختفت شهادة الميلاد.
11- كانت برلنتي تريد المشير خالصًا
لنفسها وتغير من كل شخص بعطف عليه المشير حتى والدتها وأخواتها.
12- ذكرت بأن برلنتي تحس وكانت
مشهورة في الوسط الفني بالنحس.
13- قامت برلنتى عبد الحميد بتقديم
كل من محمد كامل حسن المحامى وزوجته سهير فخري إلى المشير كأصدقاء وقام محمد كامل
حسن المحامي باستغلال هذه المعرفة بأن يوسط المشير في تصريف قصصه وكتبه إلى الشئون
العامة ولكن كان يجد صعوبة في استجابة المشير لذلك.
14- وذكرت أن المشير أرسله إلى
المستشفى مرتين للعلاج من آثار إدمانه للخمر وذاك بإيعاز من عبد المنعم أبو زيد
هاني بخلو الجو للآخر للزواج من سهير فخرى.
15- قالت أن المشير وبرلنتى يقومان
بعمل تسجيلات صوتية وأفلام سينما وصور لنفسهما «جنسية» ثم يقومان بعد ذللت بحرقها.
16- كما ذكرت أن المشير وبرلنتى
يعرضا أفلام جنسية 8 مللي وأن هذه الأفلام كانت بين بنات وبنات وغالبًا وتظن أن
هذه الصور أخذت لمصريات طالبات بكلية الآداب وأفلام أخرى.
17- كان عصام خليل يقوم علي خدمة
المشير ويُسخر كل إمكانياته لذلك حتى أنه يأتى للزيارة مع المشير ويقوم بإحضار
العشاء أو الغذاء الخاص به. وتعتقد إصلاح أنه يقوم بذلك حتى يُدارى أخطائه التي
يقوم بها - وكان يدور حديث بينه وبين المشير على أن تكون حساباته مضبوطة ولا يقع
في الخطأ ودائمًا كان ينصحه المشير بذلك.
18- كان عصام خليل يُحضِر هدايا
ومجوهرات عند رجوعه من الخارج ويُلبي طلبات برلنتي.
19- كان كلا من عبد المنعم أبو زيد
وعصام خليل من المقربين جدًا إلى برلنتى.
20- ذكرت ان اراء المشير السياسية
كان يؤمن بفكرة الاتحاد الاشتراكي ولكنه كان غير راض عن الموجودين به وأنه كان
يميل إلى الاتحاد السوفيتي بشدة قبل العدوان الأخير - وخصوصًا أنه كان على صلة
وثيقة بخرشوف وأن الأخير كان لا يرفض له طلبًا.
21- كانت علاقة المشير بصلاح نصر
تتوتر أحيانًا بسبب انحرافه وكان ينصحه المشير بأن كل انسان له أن ينحرف لكن لا
يؤثر على عمله وأنه سيراقبه باستمرار وخصص لذلك أحد الأفراد للسؤال عن صلاح نصر كل
يوم في منزله.
22- كانت علاقة المشير ببرلنتي عبد
الحميد في الأيام الأخيرة وثيقة وكان يطلعها على جميع تحركاته كذا كانت تصل له
البوستة عندما يكون موجودًا معها كما أنه يناقش معها بعض الأمور السياسية.
23- قامت برلنتي عبد الحميد بتهريب
المسروقات التي سرقها عبد المنعم أبو زيد من ضباط حرس المشير السابقين وهربها
منوفى السائق إلى منزل المشير بالهرم وهي عبارة عن عدد 3 تليفزيون، 10 سجادة ثمينة
«شنواه».
24- هربت أشياء ثمينة طرف آخرين
ويزيد ثمنها عن 100000 جنيه «مائة ألف جنيه».
25- استلم عبد المنعم أبو زيد من
برلنتي سبائك ذهبية وأسلاك ذهبية وكاسات مطعمه بالذهب وكريستال ومجوهرات بكشف
دونته برلنتي عبد الحميد بخط يدها.
26- الفيلا بمصر الجديدة وقطعتين من
الأرض بالهرم وسيارات نصر 2300 مشتراه من أموال المشير باسم والدة برلنتي سيدة
إسماعيل فراج. وأن المشير لم تكن لديه القدرة المالية لشراء فيلا فاستدان بمبلغ من
السيد الرئيس لإتمام ثمن الفيلا.
27- تقوم برلنتي الآن بعمل سواتير عن
طريق جار لها بالمنزل يعمل في المزادات لإثبات ملكيتها لبعض الأشياء.
28- قامت برلنتي باتصالات بمختلف
الأوساط بمناصرة المشير بعد الاستقالة وكانت تشيع أن السيد الرئيس قبض على المشير
بعد دعوته على العشاء بمنزله وكانت تقول لقد عادت مذبحة المماليك.
29- الأفراد التي قامت برلنتي
بالتهريب لديهم هم ظافر الصابوني وزوجته، سميرة أحمد وزوجها، أقاربها بالزقازيق.
30- روتأن في الأيام الأخيرة بعد
استقالة المشير وتحديد إقامته كان حلقةالصلة بينها وبين المشير هو أمين حسن عامر
نجل حسن عامر شقيق المشير.
31- ذكرت أن من أسباب انتحار المشير
حساسيته وخوفه من الفضيحة خصوصًا بعد معرفته بأن المخابرات قد قامت باستدعاء
برلنتي وأختها وكان يتصل بأختها امتثال لمدة ثلاثة أيام على التوالي لمعرفة
أخبارخم ولكنه انتحر فی اليوم الرابع.
أقوال برلنتي:
وبعد ذلك كله،
فإن نفيسة عبد الحميد بنفسها تحدثت في التحقيق المكتوب عن علاقتها الشخصية بالمشير
فقالت أنها بدأت في أواخر عام 1960 عن طريق صلاح نصر الذي رتب اللقاء الأول
والثاني ثم اشترك على شفيق في إعداد اللقاءات التالية، وأن العلاقة بينهما استمرت
حتى نهاية عام 1964 عندما طالبته بعقد قران شرعى فخيرها بين الانفصال أو أن تتزوج
بغيره وترك لها الحرية..
ولسنا نريد أن
نسرد تفاصيل أهم ما ورد في التحقيق حفاظًا حتى أشياء كثيرة. المهم. انها قالت أنها
تزوجت المشير بعقد عرفى وقَّع عليه حسن عامر، ومصطفي عامر.. في أول عام 1965 ووضعت
ابنها عمرو في 4 أبريل 1967.. وكانت مرهقة في علاقتها بالمشير حفاظًا على سريتها
حتى أنها نشرت في بعض الأوساط زواجها من مصطفى عامر شقيق المشير وكان عباس رضوان
وعصام خليل يعلمان بالزواج، أما شمس بدران فقد عارض إنجابها.
وقالت إن
المشير كان يتحدث معها في كل أسراره السياسية.. وأنها طبعت استقالته في دكرنس
لتوزيعها في مجلس الأمة، وأن المشير غضب عندما أعلن الرئيس تنحيه ولم يعلن اسم
المشير في نفس الخطاب، وأن اخر لقاء بينها وبين المشير تم يوم الاثنين 21 أغسطس
1967 عندما زارها في منزل الدقى بعد أن تركت منزل الهرم، واتصل من عندها تليفونيا
بأفراد كان يتحدث معهم بنرفزة ويرد عليهم «لاما يا جيش» ولما سألته مع من يتحدث
أجابها «شوية عيال مجانين»، فاستنتجت أنهم ضباط، وقد التقى عباس رضوان وبعض الضباط
بالمشير، عندها وقالت أن المشير صارحها بأنه يريد السفر.. وأن ماكينة الكتابة كانت
في الحلمية ثم نُقلت إلى الجيزة، وأمر المشير متولى أبو المعاطي بنقلها الى منزلها
في الهرم فأرسلتها بدورها إلى دكرنس بواسطة خطيب شقيقتها..
ولا نريد
الآن.. أن نزيد على ذلك من أقوال برلنتي نفسها..
التشهير بعبد الناصر:
حملت إحدى
سيارات المخابرات السيدة برلنتي إلى بيتها معززة مكرمة. ولم يسيء إليها أحد..
ولجأت إلى القضاء لكي تحصل على نصيب ابنها في المعاش.. وفي الميراث...
ووضع عبد
الناصر حلا لمشكلة المعاش. رغم أنه لم يعرف بالزواج إلا أخيرا وإذا ادعت غير ذلك
فنحن نتحدى أن تظهر صورة لها مع المشير.. وفيها جمال عبد الناصر.. ولديها بالتأكيد
صور لها مع عامر ومع بعض أصدقائه.
لقد فات السيدة
برلنتي والذين يدفعونها لذلك أمرين:
الأول: أن
عائلة عامر، وأولاده من زوجته الأولى هم أولى الناس بالحديث عن علاقة عبد الناصر
وعامر.. ولكنهم احتراما لأشياء كثيرة يقدرونها آثروا الصمت، ولو تكلموا لما أساؤا
إلى عبد الناصر لأن أي إساءة إلى عبد الناصر تسيء بالتالي إلى والدهم.
الثاني: أن
الإخلاص لعامر لا يعني محاولة التشهير بالباطل بعبد الناصر.. فإن ذلك سوف ينعكس
على الثورة كلها، وكان عامر هو الرجل الثاني فيها على امتداد سنوات منذ التحضير
لها إلى ما بعد الهزيمة العسكرية عام 1967.
على أن انتحار
عامر كان القضية الأخيرة التي تناولتها السيدة برلنتي.
..وأخيرًا.. انتحار المشير عامر
وتحاول برلنتي
عبد الحميد ومن هم وراءها إعادة فتح قضية انتحار المشير عبد الحكيم.. فتدعى أنه
قتل، ولم ينتحر.
ولقد رأينا
شهادتين من قبل تكذبان السيدة نفيسة عبد الحميد.
شهادة سامي شرف
الذي أبلغها نبأ انتحار المشير وهي في مبني التحقيق بالمخابرات العامة، وكان
الحديث مسجلا تسجيلا صوتيًا.. أي أنها لم تعرف وقائع قتل. أو انتحار المشير لأنه
كان مقبوضًا عليها.. وحتى إذا كانت حرة طليقة، فقد كان المشير يقيم في بيته مع
أسرته، وأولاده.. بعيدًا عنها، وبذلك تكون شهادتها في هذه القضية.. شهادة الذي لم
ير.. وربما لم يسمع أيضًا.
الشهادة
الثانية هي شهادة شقيقتها إصلاح التي اعتقدت أن من أسباب انتحار المشير، علمه بأن
برلنتي عبد الحميد قد استدعيت للتحقيق، الأمر الذي يكشف زواجه العرفي بها. وهو ما
كان المشير يخشي أن يعرفه الناس.. لذلك آثر الانتحار.
ولقد انتحر
المشير بعد أن صُفِي جيب المقاومة في بيته، وألقى القبض على كل أنصاره الذين كانوا
يتحصنون في منزله بالجيزة، كما جردوا من كل أسلحتهم..
فلم يكن هناك
خطورة من المشير بعد ذلك. تدفع للتخلص منه.. خاصة بعد أن حددت إقامته.. فلماذا
يقتل إذن.
على أن فكرة
الانتحار كانت واردة لدى المشير.. أيا كانت الدوافع إليها..
فبعد جلسة
المناقشة مع جمال عبد الناصر في بيته، صعد عبد الناصر إلى حجرة نومه، وترك عامر،
والسادات، وزكريا محيي الدين، وحسين الشافعي.. ويقول السادات أن عامر ذهب إلي دورة
المياه، ثم عاد ليعلن أنه تناول سِمًا، بقصد الانتحار.
ويؤكد هذه
القصة كل من زكريا محيي الدين، وحسين الشافعي، ويقول السادات أنه أرسل لإحضار طبيب
لإسعافه.
ويقول أمين
هويدي أنه استدعى الدكتور الصاوي حبيب طبيب الرياسة وأن حسين الشافعي قد أمسكه حتى
يستطيع الدكتور الصاوي أن يعالجه بحقنة رغمًا عنه.
ففكرة الانتحار
إذن كانت تراود المشير، وسبق أن أقدم عليها أمام زملائه أعضاء مجلس الثورة،
وبشهادتهم جميعًا. وأيضا بشهادة الدكتور الصاوى حبيب.
ولم تكن هذه هي
المرة الأولى التي يحاول فيها المشير الانتحار.. فقد كشف شمس بدران في التحقيق معه
في قضية التآمر علی جمال عبد الناصر، وبعد انتحار المشير فعلا، أن المشير سبق أن
فكر في الانتحار فقد قائلا «إن المشير بعد أن أصدر قرار الانسحاب استنتجت أنه يريد
أن ينتحر بعد أن رأى الموقف العسكري بهذه الصورة مثل قادة التاريخ هانيبال وغيره».
مرة ثانية كانت
فكرة الانتحار واردة عند المشير بشهادة شمس بدران، الذي حوكم وسجن بالتآمر ضد جمال
عبد الناصر وكان شمس هو أقرب الناس إلى المشير، ومدير مكتبه، وهو الذي عينه وزيرًا
للحربية.. ولا يمكن أن يشهد لصالح جمال عبد الناصر في تحقيق، وبعد أن القى القبض
عليه عبد الناصر.. وواصل شمس بدران أقواله في التحقيق بأنه عندما طلب إلى عبد
الناصر أن يحضر إلى القيادة، رفض لأن عبد الحكيم هو المسئول «والعملية عمليته»
ولكنه يعود فيقول أن عبد الناصر «حضر عندما أبلغته خوفي من انتحار المشير».
فعبد الناصر
بشهادة أقرب الناس إلى المشير جاء إلى القيادة منزعجًا لأن المشير يفكر في
الانتحار، ولو كان يريد التخلص منه، لما جاء، ولسكت على أقل تقدير، عندما أبلغه
رجل المشير بذلك.. ولكن عبد الناصر ذهب إلى القيادة، حرصًا على صداقة عمر تربطه
بعبد الحكيم عامر.
مرتان إذن حاول
فيهما المشير الانتحار بعد النكسة من قبل.
المرة الثالثة
مسجلة وقائعها في سجلات مستشفى المعادى للقوات المسلحة.
كان المشير قد
عاد إلى منزله بعد لقائه مع عبد الناصر، وهو اللقاء الذي حاول في نهايته
الانتحار.. ولم يجد في منزله رجاله.. ولا ترسانة الأسلحة التي تركها فيه.
وعرف أنه قد
صفيت كل جيوب المقاومة، وأصبح وحيدا، فبدأ يجري اتصالات بعدد من رجاله في الخارج
في محاولة لجمعهم مرة ثانية.
وتقرر أن تحدد
إقامته، وخصصت استراحة على ترعة المريوطية لكي يقيم فيها.
وذهب إليه
الفريق محمد فوزى، والفريق عبد المنعم رياض، واللواء سعد عبد الكريم، والعميد سعيد
الماحي.
وطلب إليه
الفريق رياض أن يصحبهم إلى الخارج، وقد اعترض المشير، ولكنه آثر أن يسير معهم.
وفجأة صرخت
ابنته نجيبة بأن والدها قد تناول شيئا في فمه وأنه يقصد الانتحار..
واستدعيت سيارة
اسعاف، رفض ان يستقلها المشير. وركب السيارة مع الفريق رياض، واثنان من ضباط
الحرس، واضطر بعد إلحاج أن يخرج ورقة من فمه، احتفظ بها أحد الضباط وهو النقيب
محمد نبيل إبراهيم عقل، وأسرعت السيارة إلى مستشفى القوات المسلحة بالمعادي، وسجل
المستشفى كل الوقائع.
وسلم الضابط
الورقة الى المستشفى لتحليلها، وقال الضابط في التحقيق أن المشير قال في السيارة أنه
تناول مادة يعرفها رجال المخابرات، وأنه لا يمكن اعتقاله فقد حاولوا اعتقاله مرة
سابقة ولكنه حاول الانتحار وأسعف، وسوف يكرر الأمر ثانيه..
اما الضابط
الاخر الذي كان يصحب المشير في السيارة فقد قال أن المشير عندما وصل مستشفى
المعادى رفض في البداية عمليات إسعافه، ولكنه أسعف رغمًا عنه وعندما قال له مدير
المستشفى أنه لم يعد هناك خطر على حياته قال إن هذا أسوا خبر سمعه.
ولعل خير من
يروي القصة، هو قائد المستشفى اللواء طبيب محمد عبد الحميد مرتجى حيث قال «أن
الرائد طبيب حسن عبد الحي أحمد فتحي طبيب النوبة بالمستشفى اتصل به تليفونيًا
الساعة 3.30 من مساء الأربعاء 13 من سبتمبر سنة 1967 وأخبره بأن الفريق أول فوزي
موجود وبصحبة المشير فتوجه إلى هناك حيث أخبره الفريق أول فوزى بأن المشير تناول
مادة سامة وأنها ليست أول مرة. ثم توجه إلى حيث يوجد المشير فوجد معه الفريق رياض
والعميد طبيب القللى والرائد طبيب حسن عبد الحي والرائد طبيب أحمد عبد الله،
واستفسر من المشير الذي أخبره بأنه تناول بعض حبوب الأسبرين. غير أن الفريق رياض
ذكر له أنه أخرج من فم المشير مادة كان يمضغها في ورقة سلوفان فرد بوجوب تحليلها -
وأنه حاول اقناع المشير لعمل غسيل لمعدته رفض وراح يحاول إضاعة الوقت وبعد محاولات
مع المشير لإقناعه بضرورة إفراغ في جوفه لأخذ عينة التحليل. تقيأ وأخذ عينة من
القىء لتحليلها في المستشفى وفي المعامل المركزية وإذ طمأن الشاهد المشير إلى أنه
لن يموت وأنه قد يشعر فقط ببعض التعب وصف المشير هذا النبأ بأنه أسوأ ما سمع. ثم
راح الأطباء يقيسون نبضه وضغط دمه واطمأنوا إلى حالته، حتى إذا كانت الساعة
الخامسة مساء أصر الفريق أول فوزي على مغادرة المستشفى وفي الساعة 7 اتصل به
المقدم طبيب عبد المنعم عثمان وأخبره أن التحليل أظهر آثار لمادة الأفيون. فبادر
بالاتصال بالعميد الليثي وأنبأه بذلك ثم اتصل بالفريق أول فوزي الذي طلب ارسال
النتيجة إليه - وفي الساعة 9 من مساء اليوم التالى طلب إليه إرسال صورة أخرى من
تقرير التحليل - وأضاف أن المشير أغادر المستشفى في حالة صحية جيدة - وأنه لم يحرر
تقريرًا رسميًا بالمستشفى عن حالة المشير لأن وجوده كان له وضعه الخاص».
وقد قدمت إدارة
المستشفى تقريرًا طبيًا خاصًا بحالة السيد المشير وقع عليه من الأطباء كل من:
الرائد أحمد عبد الله، والرائد حسن عبد الحي، والمقدم محمد عبد المنعم عثمان
القللى، والعميد محمود عبد الرازق جاء فيه «ان السيد المشير حضر إلى المستشفى
حوالي الساعة 4 من مساء يوم 13/9/1967 لإسعافه من احتمال تناول مادة سامة وقد تبين
من الكشف الطبي عليه أن حالته العامة جيدة ونبضه من 100 إلى 110 في الدقيقة. ممتلئ
ومنتظم وضغط الدم 120/90 والرئتان سليمتان. والقلب سليم ودرجة الوعی والتنبه
كاملة، والقوة العضلية والإحساس سليمان والحدقتين طبيعيتان والانعكاسات العصبية
سليمة والجهاز الهضمي سليم ولا توجد أعراض إسهال أو مغص أو قىء - وقد تقرر علاجه
باعتبار الحالة اشتباه تسمم بمادة مجهولة بإحداث قىء بصفة مستعجلة وإجراء غسيل
للمعدة وتحليل الإفرازات - غير أن المشير رفض إجراء غسيل المعدة، وتناول نصف كوب
من محلول مقىء ثم تقيأ بإرادته، وفي الساعة الخامسة أعيد الكشف عليه حيث وجد في
نفس الحالة العادية فغادر الجناح سيرًا على قدميه ولم تحرر له أوراق علاج
بالمستشفى نظرا لطبيعة الظروف وقصر مدة وجوده بها».
مرة ثالثة نقول
أن فكرة الانتحار لم تكن فقط وارده في ذهن المشير بل أنه أقدم عليها فعلًا، وكان
رافضًا محاولات إسعافه في تلك المحاولات وكان يعالج رُغمًا عن إرادته في كل مرة.
بعد علاجه من
هذه المحاولة نقل إلى الاستراحة التي أعدت.
وهناك وجد
الفرصة سانحة لتنفيذ فكرته، فأخرج ما كان يحتفظ به على شريط لاصق فوق بطنه وتناوله
في غفلة من الحراس.
وكان عبد
الناصر في الإسكندرية عندما عاد إلى القاهرة علي عجل لأن المشير عامر قد انتحر.
وعقد اجتماعا
لمجلس الوزراء استمر أربع ساعات، وكان عبد الناصر حزينًا وهو يقول أنه فقد أكثر من
أخ، وأن واحدًا من إخوته لم يكن قريبًا منه مثل المشير وشرح كل الظروف منذ ما بعد
النكسة حتى انتحار المشير.. وقال وزير الاعلام محمد فائق بعد الجلسة أن المجلس
استمع في جو من الأسف العميق إلى تقرير وزير العدل على حادث انتحار المشير
وملابساته وسير التحقيق فيه.
وقد أكد عصام
الدين حسونة وزير العدل بعد التحقيقات أن المشير قد انتحر فعلًا، وكان الوزير قد
قسم التحقيق إلى قسمين الأول يشرف عليه النائب العام شخصيًا والثاني يقوم به أكبر
خبراء الطب الشرعى في مصر وهم أربعة: الدكاترة: عبد الغني البشري، ويحيى شريف،
وعلى عبد النبي وكمال السيد مصطفى.
وكان تقرير
الأطباء الكبار الأربعة في 52 صفحة قسمت إلى 12 فصلًا وجاء فيه دراسة لمادة
الأكونيتين التي تناولها المشير، والتي تحدث الوفاة خلال من ساعة في أربع ساعات من
تناولها.. وقد بحثت اللجنة إمكانية تواجد هذه المادة في الصيدليات بمصر، فطافت بكل
أقسام الصيدلية الحكومية ثم بالصيدليات الأهلية، فلم تجد إلا جرامًا واحدًا لدى
صيدلية الجيزة اشتراه صاحبها من سنوات عديدة.
وقد اعترف
مسئول القسم الكيمائي بجهاز المخابرات العامة بأن الجهاز استورد هذه المادة من
ألمانيا الغربية عام 1963، وبقيت بالقسم الكيمائي حتى طلب السيد وجيه عباس مدير
مكتب صلاح نصر إعداد ست عبوات من هذه المادة وإرسالها لمكتب المدير، وقد أعدت داخل
عبوات التعبئة العادية للأسبرين، واعترف صلاح نصر أنه طنب هذه المادة في تاريخ لا
يذكره، وأنه تركها في مكتبه بعد مرضه قبل خروجه من المخابرات مباشرة ولا يعرف عنها
شيئًا.
وقد انتهى
الأطباء الشرعيون إلى عدد من النتائج أوردوها في تقريرهم من أهمها:
- ثبت الفحص الطبي أن الجثة خالية تماما
من أي آثار إصابة ذات دلالة على وقوع فعل جنائي أو حصول عنف أو مقاومة.
- عدم وجود أمراض تؤدي إلى حدوث الوفاة
على النحو الذي وقعت به.
- أن المظاهر التي أثبتها الفحص الطبي
الشرعي تدل على أن الوفاة نشأت من حالة سمية أدت إلى هبوط سريع في القلب والدورة
الدموية والتنفس.
- أن وجود سم الأكونتينين في الشريط
المعدني الذي عثر عليه لاصقًا بالجثة مع ما هو معروف من طبيعة تأثير هذا السم على
الجسم. يدل على حصول الوفاة كان نتيجة التسمم بالأكونیتین.
- ان عدم العثور على الكونيتين عن طريق
التحليل الكيميائي أمر متوقع ويسلم به علميًا باعتبار أن قدرًا بسيطا منه يصل إلى
ملليجرام واحد تكفي لإحداث الوفاة دون أن يظهر له أثر في التحليل.
- أنه تأسيسًا على ما تقدم واقعة مضغ
السيد المشير ورق السلوفان المحتوى على الأفيون. والذي وجد عالقًا بها أجزاء صغيرة
جدًا لورق معدني من نفس النوع الذي أخفيت فيه مادة الأكونيتين التي وجدت على
الجثمان، واستمرار ظهور أعراض سُمية من وقت إسعافه للمشير حتى حصول الوفاة دالة
على استمرار تأثير هذه المادة. كل ذلك يدل على حصول الوفاة انتحارًا بتناول هذا
السم.
كان النائب
العام هو المستشار محمد عبد السلام، الذي شارك في الحملة على جمال عبد الناصر
فأصدر كتابا عنوانه «سنوات عصيبة» عن سنوات جمال عبد الناصر، حشدها بذكرياته كنائب
عام.. وكل الذكريات تهدف إلى التشهير والإسهام في الحملة على ثورة يوليو.
ومع ذلك فإنه
في كتابه هذا يقرر أن المشير قد انتحر، وأنه باشر التحقيق بنفسه.. وتأكد لديه
انتحار المشير. وان الذين قالوا أنه لم ينتحر فقط اثنتين من بناته، وأرجع ذلك
لعاطفة البنوة.
وقال النائب العام
في تقريره «أن أقوالهما صدرت عن عاطفة الأبوة من جهة. وبفعل الصدمة من جهة أخرى
فحرصتا أن تصفاه بالإيمان والشجاعة وأن تنفيا عنه التهرب من المسئولية، كما أنه من
الطبيعي أن تلح عليه فكرة الانتحار من مدة سابقة ويتوقع في كل حين التعرض المزيد
من إجراءات تقييد حريته - كشأن المشير - أن يهيئ نفسه لتنفيذ فكرته عندما يتحقق
موجبها، وذلك بإخفاء مادة سامة تكون في متناول يده في غفلة من أقرب المقربين إليه.
وليس أقطع في مطابقة ذلك للواقع مما صارح به المشير صهره رائد طيار حسين عبد
الناصر من محاولته السابقة للانتحار في يوم 25 من أغسطس عندما استدعى خارج منزله.
وعلم باتجاه النية الى اعتقاله».
«وأخيرا فإنه مما يدحض ما أثارته كريمتا
المشير من شبهات، وينطق بصحة ما دلت عليه ظروف الحال، تسلسل الوقائع وتصرفات
المشير وأقواله.. وماديات الحادث والفحص الطبي الشرعي. وتقارير التحليل من وقوع
الحادث انتحارا.. ما أقرته السيدة نجية ذاتها من أنها كانت أول من اتجه اعتقاده
إلى ان المادة التي رأتها في فم والدها قبل مبارحته المنزل كانت مادة سامة مما
اقتضاها آن تهيب بالآخرين لسرعة اسعافه».
وكانت ابنة
المشير قد أثارت في معرض شكوكها أنه لا يمكن أن ينتحر لأنه طلب كتبًا وآلة حلاقة
كهربائية أرسلتها إليه صبيحة بوم انتحاره.
وقالت النيابة
أنه «فضلًا عن عدم قيام ما يشير إلى أن إرسالها كان بناء على طلبه، وخاصة أنه كان
يومئذ في حالة تخدير وهبوط، فقد شهد الفريق أول فوزى أن إرسال آلة الحلاقة
الكهربائية إنما كان بأمر منه مخافة استعمال المشير للشفرة العادية.. وذلك فإنه
ليس في شيء من هذا ما يغير ما هو ثابت من تناول المشير المادة العامة بقصد
الانتحار».
ولم تترك
النيابة العامة، طبيبًا، ولا حارسًا، ولا معايشًا للقضية إلا وسألته.. وتحرت منه
الحقيقة.
ووضع رجال الطب
الشرعي الكبار في مصر رأيهم، ووقعوا عليه بضمير مطمئن.
وقال النائب
العام الشديد العداء لجمال عبد الناصر أن المشير قد انتحر.. وكذلك عشرات الشهود،
في تحقيق ضخم، يمكن الاطلاع عليه حتى اليوم، لمن يريد أن يكتب التاريخ أو يعرف
الحقيقة.
وكانت السيدة
نفيسة عبد الحميد بعيدة عن المشير في ذلك الوقت، بل كان مقبوضا عليها.
ولم تكن أسرته
تعرف نبأ زواجه السرى أو العرفي منها، ذلك الزواج الذي لم يشتهر إلا بعد انتحار
المشير..
ومع ذلك، فان
أولاد المشير لا يثيرون القضية، ولا يتحدثون فيها.. وتثيرها السيدة نفيسة..
وتتهم جمال عبد
الناصر.. بأنه قتل عامر الذي تزوجها أخيرًا بعقد عرفي، وأنجب منها ابنها الوحيد
عمرو... ولا تعليق..
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق