بوصلة لا تشير الى القدس مشبوهة

بوصلة لا تشير الى القدس مشبوهة
مدونة الفكر القومي التقدمي

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الاثنين، 8 فبراير 2021

 خارج الظلم والنفاق .

منصف البوزازي .   

في تونس 2021 طائفتان ، من الظالمين المنافقين اختلفتا فاتفقتا ، طائفة تناهض التحرر الوطني بالديمقراطية ، و الأخرى تناهض الانعتاق الاجتماعي بالديمقراطية ، فهما مختلفتان ، و تجهل كلتاهما التحرر الوطني و الديمقراطية و الانعتاق الاجتماعي ، فهما متفقتان ...

ثلاثية التحرر الوطني و الديمقراطية و العدالة الاجتماعية هي جوهر الفعل السياسي و الجماهيري و الحقوقي و الحزبي الذي تعيشه تونس المعاصرة ..

طائفتنا تثيران في تونس عاصفة كبيرة من الجدل و النقاش في عقول شبابها حتى تكاد تلهيه عن التصدي الواعي للمشكلات الحقيقية لشعبه و سبل حلها ..

هذا حديث للطائفتين تباعا ، حديث ليس عن كل من الديمقراطية و التحرر الوطني و العدالة الاجتماعية بل حديثا عن العلاقة بينها ، و تداخلها في سياق بناء تونس الجديدة . حديث نريد من خلاله توجيه شبابنا الى الخروج من دائرة الضباب الكثيف الذي تثيره المعارك الوهمية للطائفتين الى مربع الفعل الناجز الذي يحدث التغيير ..

1 ـ عن الظالمين :

طائفة واسعة في تونس كانت عبر عقود متمكنة من مقدرات البلاد و مهيمنة على كل مفاصل الحياة ، و كانت مصالحها و مواقعها في الحكم متشابكة و مرتبطة بعديد الدوائر الدولية ، مالية و أمنية و تجارية ، هذه الطائفة تمكنت خلال عشرية ما بعد 17 ديسمبر2011 من نسج جملة من العلاقات الداخلية و الخارجية مكنتها من التواري و الانسحاب التكتيكي الى الوراء .

هذه الطائفة التي أضعفتها ثورة الشباب و قواه الحية و شتتت قواها و بعثرت مخططاتها تعود اليوم الى الساحة من بوابة الديمقراطية ، تعود الى ممارسة نفس الدور و بنفس الآليات اعتمادا على منجز الحرية الذي ناهضته لعقود ...

أن الذين ناهضوا الديمقراطية لعقود لا يمكن أن يتحولوا الى ديمقراطيين ، و الذين عاشوا طوال حياتهم وكلاء للدوائر الدولية لا يمكن أن يصدقهم شعب تونس أذا تحدثوا عن السيادة الوطنية ..

أنهم يريدون" دمقرطة " عمالتهم و تغليف ولاءاتهم الخارجية برداء الحريات .. انهم يريدون مقايضة الشعب التونسي بين حريته و تحرره ، يريدون ركوب المنجز الديمقراطي لتثبيت و تبرير بقاء تونس في نفس المربع الموالي للغرب و المحافظة على ذات المصالح التي تضمنها العلاقات التاريخية بينهم ..(يقول أحد أعضاء هذه الطائفة ، الصادق شعبان :الديمقراطية سوف تعيد الدستوريون الى الحكم من جديد ..).

تثير هذه الطائفة اليوم في تونس زوبعة كثيفة حول الديمقراطية ، و يعلو صوتها عبر وسائلها المتعددة دفاعا عن الحريات ، و تعتمد في ذلك على تلويناتها المختلفة تضليلا و رياءا وهي بذلك لا ترغب الا في ترذيل الديمقراطية و تشويهها و نسف ما حققه الشعب التونسي بدماء شهدائه عبر عقود في سبيل حريته ..

أنهم يناهضون التحرر الوطني و السيادة الوطنية و يعارضون استقلالية قرار شعب تونس في التحكم في ثرواته و مقدراته و بناء مستقبله الحر ، و يتسترون في سبيل ذلك بالديمقراطية خداعا ، أن الديمقراطية في غياب السيادة الوطنية لا تعدو أن تكون مجرد غطاء للهيمنة الخارجية و تبريرا للسيطرة و العدوان الناعم ..

هؤلاء ظلموا أنفسهم و ظلموا البلاد لعقود ، و لن يستمر ظلمهم، لان الديمقراطية قد حصنت شعب تونس منهم و من مشغليهم ...

2 ـ عن المنافقين :

فئة ثانية لا تقل غوغائيتها و ضجيجها عن الأولى ، و رغم حداثة عهدها بالحكم و قلة معرفة التونسيين ببرامجها و حقيقة نواياها ، و رغم محاولة تموقعها في صفوف " الثوار " ، الا ان اندفاعها السريع نحو التمكن و التمكين و تشبثها الزائد عن اللزوم بصندوق الاقتراع و بنتائج الانتخابات قد كشف بالسرعة ذاتها لدى عموم الشعب أن الديمقراطية لديها لا تعدو أن تكون سوى سفينة تركبها ، بعد طرد راكبيها القدامى ، كي تقودها في نفس الاتجاه و اعتمادا على نفس المحددات البحرية و الجوية ...

عنصر قوة هذه الفئة هي قدرتها على أنتداب القوى التي تناقضها جوهريا ، أي القوى التي لا تعيد طرح القضايا الجوهرية ، المواضيع التي تهم التونسيين ، مواضيع الشأن الاقتصادي و الاجتماعي و تغيير منظومة المجاميع المتحكمة في حياة الناس ..و قد تفطنت الفئة الظالمة لهذا المنحى و تأكدت أن أقصى ما يطمح له المنافقون ليس سوى المشاركة في الحكم و أخذ نصيب من أدارة الشأن العام وفق نفس القوانين القديمة ..

الديمقراطية في قاموس هذه الفئة لا تعدو ان تكون سوى لعبة انتخابية و صناديق و معونات خيرية و بروبقندا إعلامية و لا علاقة لها بحياة الناس ، و لا صلة لها بكل ما هو اقتصادي و اجتماعي ...

خلاصة ما انتهت اليه سياسات هذه الفئة على امتداد 10 سنوات هو ترذيلا للديمقراطية و تقديمها للناس فارغة من أي مضموم اجتماعي و خالية من أي وقع تنموي يعيد للجهات و للفئات دورها في الكرامة و العزة و الرخاء ..

بهكذا تمشي وبهكذا سياسات ، تفطن التونسيون الى نفاق هذه الفئة ، و تبينت مناهضتها للعدالة الاجتماعية بل معاداتها لها تحت غطاء الديمقراطية ...

أنهم يناهضون العدل الاجتماعي و يعارضون بكل السبل التوزيع العادل للثروة بين عموم التونسيين و يعمدون الى مواصلة تركيز مفاعيل الرأسمالية الطفيلية الفاسدة تحت جبة الحريات الانتخابية و أغلبية الصندوق المبنية على المعونات الخيرية و فقر الناس ..

3 ـ بعيدا عن الظلم والنفاق  :

بعيدا عن الجهل بالديمقراطية وبعيدا عن الجهل بالعدالة الاجتماعية وبعيدا عن الجهل بالسيادة الوطنية ، بعيدا عن الظلم والنفاق وما يحدثانه من لغو وسفسطة وجدل عقيم ، بعيدا عن الغبار الذي يثار حجبا للحقيقة وتغييرا للمسار ، نريد ان ننبه شباب تونس ومستقبلها وقوة بنائها ومحرك نماؤها وعزتها ، نقول بكل الثقة فيهم وفي أنفسنا أننا وإياكم حماة للديمقراطية والمدافعون عنها والساهرون على تثبيتها وتدعيمها وتحصينها ، نحن جميعا من تضررنا من غيابها ولن نسمح بتلويثها وترذيلها وتشويهها ..

نحن أكثر المتمسكين بالديمقراطية بما هي أسلوبنا في التطور ، بما هي أداتنا في النهوض وبما هي درعنا في التحرر والسيادة ، ان الديمقراطية هي كرامتنا وهي عنوان عزتنا ومبعث فخرنا ، وهي سبيلنا في تحويل تطلعاتنا الى واقع نعيشه ..

سيادتنا وكرامتنا ورفاه شعبنا هي مضامين ديمقراطيتنا ، هي جوهرها وركائزها وأعمدتها ولن نقبل بغيرها ديمقراطية ولن يهدأ لنا بال ولن نستريح الا وقد تحولت الديمقراطية الى مشروع للنمو والعدالة والعدل والاستقلال  ..



 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق