شروط النصر والهزيمة :
رغم ان أطفالا في عمر الزهور بعضهم من عائلة واحدة ، وآخرون قد سقطوا مع اهلهم شهداء ، جرّاء التفجيرات
الوحشية التي تسبـّبـت فيها قذائف المدفعـية وطائرات الآف 16 الامريكـية خلال العــدوان
الاخيــر على غــزة .. ورغم ان عدد الشهداء تجاوز مائة وسبعون شهيدا فيما كان عدد
الجرحى أكثر من ألف ومائتين .. و رغم
الدمار والاعاقات والخسائر المادية
.. ورغم قلــّــة خسائر العدو البشرية والمادية ..الخ ، فان تقييم نتائج المعركة
يبين بما لا يدع مجالا للشك تفوّق المقاومة وانتصارها ..لان العـبرة ليست بالخسائر
عندما تكون المعارك مصيرية من أجل الوجود والبقاء .. بل بمن يخضع للشروط ويتراجع عن اهدافه الاستراتيجية كما فعلت منظمة
التحرير بعد خروجها من لبنان سنة 1982 ، عندما اعترفت بدون موجب بالعدو الصهيوني
واقامت معه مفاوضات مباشرة وقدّمت له تنازلات لم يكن حتى الصهاينة يحلمون بها في
القبول بدولة شكلية بدون مقوّمات ولا سيادة ولا حدود ولا جيش ولا اسلحة ، بل
حكامها ياخذون اذن الدخول والخروج من اسيادهم الصهاينة ، محاصرين بالمستوطنات والجدران
والاسلاك الشائكة ..
انه نصر مرحلي تحقق للمقاومة الآن عندما استطاعت ان
تحقق لاول مرة توازن الرعب ، وتجبر العدو على طلب وقف اطلاق النار والاستسلام
لشروطها في فتح المعابر و حرية التنقل والكف عن العدوان .. اما النصر
النهائي والاستراتيجي فسيبقى بعيد المنال
حتى تتوفر شروطه الموضوعية وهي الخروج من دائرة الحصر الاقليمي لفصائل المقاومة الى الفضاء القومي الرحب
لارجاع القضية الى موقعها الطبيعي كقضية قومية لا يتحقق فيها النصر النهائي الا
بأساليب وامكانيات قومية ، فتحشد لها كل الامكانيات العربية ، المادية والبشرية التي يتلاعب بها ويبدّدها الاقليميون ...
( القدس العدد 47 ) .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق