الطريق الى الدستور ..
بعد سنتين كاملتين تراوحت بين التجاذبات والصراعات والحسابات الضيقة ،
والدهاء والدسائس والنفاق في بعض الاحيان
، والمجاملات ، والحوار والتوافق كما يبدو أحيانا أخرى .. ظهرت العديد من الحقائق
التي لم يقبلها الكثيرون في البداية وعلى رأسهم الأطراف الحاكمة صاحبة الاغلبية
النيابية داخل المجلس التأسيسي ، والممثـلة في الحكومة المنبثـقة عـنه ، وهي أن
المراحل الانتقالية التي يعاني فيها الوطن من الانفلات الأمني ، وغـياب الدور
الفاعل للقانون وضعف المؤسسات ، لا يستطيع ان يقودها طرف بمفرده ، مهما كانت شعـبـيته
وشرعـيته ، ولا يقدر كائن من كان على تحقيق الاهداف التي يكفي أن نعـرف ان الثورة
بكل ما فيها من عنف و دماء ، قامت من أجل تحقيقها حتى ندرك ضخامة المسؤولية التي
تفوق امكانيات أي جهة لوحدها .. ثم يكفي أن نعـرف أن القوى المضادة التي فقدت
نفوذها ومصالحها بسبب الثورة التي أزاحتها عن مواقع القرار والفعل والمنفعة ، سوف
لن تبق مكتوفة الأيدى وهي ترى نفسها تخسر كل تلك الامتيازات دفعة واحدة .. لذلك ما
كان يلزم كل هذا الوقت ، وكل هذه التضحيات ، وكل هذه المعانات والخسائر في الارواح
، والدماء التي سالت حتى أصبحت تونس على فوهة بركان ، لكي نقبل بتلك الحقيقة
الواضحة منذ البداية : التوافق للخروج من المرحلة الانتقالية الحسّاسة الى بر
الأمان ..
والواقع فان ذلك كان مردّه الى الاعتقاد السائد لدى الاطراف الحاكمة بأن ما تحقق لهم بسبب الفوز في الانتخابات قد أصبح يمثل صكا على بياض يمنحهم الحق المطلق في الذهاب بالوطن الى حيث يشاؤون ، تحت غطاء من الشرعـية الزائفة التي لا تستقـيم قاعدتها - كما بيّـنت التجـربة - الا بقدر ما تستجـيب لطموحات الناس الذين كانت الثورة تعـبـيـرا صادقا عن حاجتهم للتغـيـيـر الذي يمكّـنهم من تحسين أوضاعهم .. لذلك كانت الشرعـية منحة جماهيرية باعتبارها حاجة ملحة لتحقـيق تلك المطالب التي قامت الثورة من أجلها وليس العكس .. وتلك حصيلة أولى للتجـربة كانت كافية لاقناع الطرف الفاعل في الحكومة والمجلس التاسيسي بالقبول في النهاية بمبدأ التوافق ولو على مضض لحفظ ماء الوجه .. وقد يكون ذلك أفضل طريق للوصول الى انهاء الدستور ، وتحقيق الاستقرار ، من الحديث عن الشرعـيـة الفارغة ، لو ثبت فعلا أنه تم بارادة وطنية صرفـة ، ودون املاءات خارجـيـة .. !!
والواقع فان ذلك كان مردّه الى الاعتقاد السائد لدى الاطراف الحاكمة بأن ما تحقق لهم بسبب الفوز في الانتخابات قد أصبح يمثل صكا على بياض يمنحهم الحق المطلق في الذهاب بالوطن الى حيث يشاؤون ، تحت غطاء من الشرعـية الزائفة التي لا تستقـيم قاعدتها - كما بيّـنت التجـربة - الا بقدر ما تستجـيب لطموحات الناس الذين كانت الثورة تعـبـيـرا صادقا عن حاجتهم للتغـيـيـر الذي يمكّـنهم من تحسين أوضاعهم .. لذلك كانت الشرعـية منحة جماهيرية باعتبارها حاجة ملحة لتحقـيق تلك المطالب التي قامت الثورة من أجلها وليس العكس .. وتلك حصيلة أولى للتجـربة كانت كافية لاقناع الطرف الفاعل في الحكومة والمجلس التاسيسي بالقبول في النهاية بمبدأ التوافق ولو على مضض لحفظ ماء الوجه .. وقد يكون ذلك أفضل طريق للوصول الى انهاء الدستور ، وتحقيق الاستقرار ، من الحديث عن الشرعـيـة الفارغة ، لو ثبت فعلا أنه تم بارادة وطنية صرفـة ، ودون املاءات خارجـيـة .. !!
( نشرية القدس العدد 108 ) .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق