بوصلة لا تشير الى القدس مشبوهة

بوصلة لا تشير الى القدس مشبوهة
مدونة الفكر القومي التقدمي

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الأحد، 17 أغسطس 2014

الانتخابات والناس (1) ..



الانتخابات والناس (1)  ..

تأتي الانتخابات وتمرّ .. ثم تعود من جديد .. والناس هم الناس .. والأحزاب هي الأحزاب .. نفس الكلام ، ونفس الأساليب ونفس الغموض في عيون الناخبين .. ولعل أكبر دليل على ذلك هو ظاهرة العـزوف عن التسجيل للانتخابات التي جلبت أنظار الملاحظين خلال فترات التسجيل ، رغم التمديد في الآجال ، والدعاية في الاعلام ، ورغم كل ما بذلته اللجان الخاصة بالتسجيل عندما اعتمدت اسلوب الاتصال بالناس في بيوتهم وفي مواقع عملهم ، وفي الشوارع والمقاهي ، سعيا لرفع النسبة المحتشمة المسجلة حتى آخر مرحلة من الحملة ..
ورغم الضبابية المسجلة في المشهد الانتخابي لدى عامة الناس ، فيما يتعلق بالقوائم الانتخابية سواء المستقلة أو الحزبية .. فان الطريف هذه السنة هو ارتفاع عدد المترشحين للرئاسة الذين بلغ عددهم في آخر يوم لتقديم الترشحات السبعين مترشحا .. وهو ما فاق طرافة الانتخابات السابقة في كثرة الاحزاب المشاركة التي بلغ عددها 111 حزبا ، وكثـرة القائمات الانتخابية التي وصل عددها الى 1600 قائمة .. والواقع فان هذا العدد الهائل المسجل بعد الثورة ، سواء في عدد الاحزاب ، أو في عدد القوائم المترشحة لانتخابات المجلس التأسيسي ، كان علامة بارزة ودليلا قاطعا على الرغبة الجامحة في المشاركة السياسية بعد عقود طويلة من التصحر السياسي والاقصاء من ناحية .. وعلى حدة المشكلات الاجتماعية وشدة الانقسام في فهم الواقع بين المواطنين من ناحية ثانية ، باعتبار أن كل حزب يمثل رؤية خاصة مختلفة عن بقية الرؤى المطروحة رغم ان الواقع واحد ، وأن كل قائمة انتخابية لها تصوّرات وحلول هي بالأساس موجهة لنفس المشاكل الاجتماعية وهو ما يعني أن الحلول الممكنة واحدة    ..
وقد لا يختلف الأمر كثيرا هذه السنة خاصة بالنسبة للناخبين الذين وجدوا أنفسهم في حيـرة أكبر، أمام تفاقم المشاكل الاجتماعية في ظل الفشل الذريع الذي عرفته الأحزاب الحاكمة التي عجزت عن تقديم الحلول المطلوبة ، وأمام هيمنة الأحزاب التجمعـية اثر التسويات الانتخابية التي وقعت على امتداد مراحل الحوار الوطني وبعده ، ذهابا وإيابا إلى السفارات الأجنبية التي أصبحت قبلة ومزارا لنيل الثقة والرضى والتزكـية ، مقابل التخلي عن أهداف الثورة  ..
وقد يكون ارتفاع عدد المترشحين للرئاسة في هذه المرحلة ، بسبب تنافس الأحزاب والشخصيات التي تطمح للوصول الى القصر الرئاسي بكل ما فيه من اغراءات وحوافـز .. الا أن ارتفاع العدد بهذا الشكل المخالف لكل ما هو سائد في الدول الديمقراطية ، يحمل في حد ذاته نفس المؤشرات الدالة على تخلف الواقع بكل ما فيه من أحزاب وناخبين .. وهو ما يدعو فعلا الى المزيد من الممارسة الديمقراطية بدل العـزوف عنها ..   

( نشرية القدس العدد 137 ) .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق