الانتخابات والناس (3) ..
لا شك أن الانتخابات القادمة بكل ما فيها من عيوب سواء
كانت متصلة بالقوانين الانتخابية أو بالسلبيات والتجاوزات المتعلقة بالممارسة في
مجتمع متخلف ديمقراطيا ، تمثل فرصة حقيقية بالنسبة لعامة الناس لتغـيير ظروفهم
وتحسين أوضاعهم المتردية خاصة بعد الفشل الذي وقعت فيه أحزاب الترويكا منذ
انتخابات 23 اكتوبر 2011 بعد أن كرست الانقسام الحاد داخل المجتمع على اساس الانتماء
الحزبي على حساب الانتماء للوطن ، وهو ما افرز تلك الصراعات العـنيفة التي انتهت
في آخر المطاف الى فرض التسوية بين الأحزاب المتكالبة على السلطة من جهة ومنظومة
الفساد التي يقودها رموز النظام البائد ورؤوس الاموال التابعة له من جهة أخرى .. غير
أن تحقق مثل هذه الفرصة سيظل رهن اهتداء الناخبين الى اختيار الأصلح اذا كان هناك
انتخابات ديمقراطية فعلا ..
الا أن المتأمل في
القوائم الانتخابية يدرك بسهولة مستقبل الخارطة السياسية في الفترة القادمة ، والتي ستكون لصالح القوى
المتنفذة سواء من المنتمين مباشرة لرأس المال الفاسد أو من الأطراف المدعومة
بالمال السياسي المتدفق على أحزاب بعينها على رأسها الأحزاب التجمعـية وحركة
النهضة .. ولعل مثل هذه الحقائق غير خافية على الكثيرين ، حيث يبدو أن نسبة هامة من
المعطلين والمهمشين لا تمثل الانتخابات بالنسبة لهم شيئا ولا تحرك لهم ساكنا ، وهم
الذين أصابهم اليأس والاحباط حينما تجاهلتهم الأحزاب الفائزة في الانتخابات السابقة
، فلم تفكر في مشاكلهم ، ولم تكن مؤهلة أصلا لفهمها ، فضلا عن حلها حلا صحيحا ينهي
معاناتهم المستمرّة في ظل البطالة والصراع من أجل البقاء ..
لذلك فان الكثيرين من أبناء الشعب وشباب الثورة الذين علقوا آمالا كبيرة
على الانتخابات السابقة ، فخذلتهم الاحزاب والنخب السياسية المتاجرة بقضاياهم ، يعتقدون
انهم أكثر ذكاء وفطنة من هؤلاء حينما لا يثقون في اقوالهم ووعودهم وبرامجهم
الوهمية ، فلا يذهب بعضهم الى التسجيل ، ثم يقاطعون الانتخابات مقاطعة حاسمة ..
بينما يرى بعضهم الآخر أن الحل يكمن في تكوين قوائم مستقلة خاصة بهم مراهنين على
اصوات الفئات الشبابية الغير متحمسة للقوائم الحزبية .. الا أن اسلوب المقاطعة ،
واللجوء الى القوائم المستقلة ، لا يخدم على ما يبدو الا الاحزاب الكبيرة التي لا تتأثر كثيرا
بمقاطعة مثل هذه الفئات للانتخابات ، لأنها تملك قاعددتها الانتخابية الكافية التي
ستمكنها من نيل ترشحها ، في حين تبقى
الاحزاب الصغيرة والقوائم المستقلة تتصارع على ما تبقـّى من الاصوات .. وهي معضلة
حقيقية ستظل تلك الفئات المهمشة والاحزاب الرافضة للمال السياسي تعاني منها الى
أجل غير محدود ..
( نشرية
القدس العدد 139 ) .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق