بوصلة لا تشير الى القدس مشبوهة

بوصلة لا تشير الى القدس مشبوهة
مدونة الفكر القومي التقدمي

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الأحد، 3 أغسطس 2014

هو الحاضر .. ونحن الغائبون ..



هو الحاضر .. ونحن الغائبون ..

لقد عاش جمال عبد الناصر طوال حياته صادقا وفيا لأمته ، ومناضلا صامدا مدافعا قولا وفعلا عن قضايا أمنها  ووجودها ومستقبلها .. كما عاشت كل قضاياها في أعماقه ووجدانه وهو الذي بدأ حياته مجاهدا في فلسطين متقدما وحدات الجيش المصري المتواضعة وهو يعلم علم اليقين كما يعلم رفاقه جميعا أنهم ذاهبون للشهادة ، لكنهم لم يتأخروا ولم يتردّوا عن الواجب .. وهو الذي قهر مرضه و معاناته طوال حياته لأجل الاستمرار في تحمل مسؤولياته الوطنية والقومية ، ولم يبخل لحظة عن البذل والعطاء حتى مات مُجهدا في سبيل الدفاع عن المقاومة الشريفة يوم 28  أيلول 1970..
وقد كان أعظم جانبا في شخصية عبد الناصر ، حسه القومي وتواضعه وشهامته وصدقه مع الآخرين وهو الذي كان يتكلم أحيانا عما بذله الآباء والأجداد من تضحيات ، ناسبا اليهم جزءا هاما من الانتصارات ، وأحيانا أخرى يتحدث عما يبذله الآخرون من جهد وتضحيات في سبيل تحقيق ذلك المشروع المشترك الذي يقتضي حشد كل الطاقات القومية .. وفي هذا السياق نجده يتحدث من موقع المسؤولية الى المقاومة  وهو يشد أزرها ويعـتـرف بدورها البطولي فيقول : " ولسوف يسجل التاريخ لشعـب فلسطين الذى جاهد طويلاً وقاتل بغـيـر هوادة فى معارك غير متكافئة أنه فى الوقت الذى ظن العدو أنه نجح فى تصفية وجوده باحتلال  أرضه فإن هذا الشعب بحيوية أصيلة ، وبإرادة حياة لا تقهر انقض واقفاً يملأ ساحة النضال كلها ببطولة باهـرة ... إن تعاظم دور المقاومة الفلسطينية كان وسوف يكون نقطة تحول هائلة فى النضال العـربى . إن المقاومة الفلسطينية قامت بعمل عظيم متعدد الجوانب رفعت مشعل المقاومة بعد الظلام الكثيف الذى ساد أرضنا بعد النكسة ، وأبقت جذوة الأمل مضيئة فى قلوب الملايين من المحيط إلى الخليج ، ثم أوضحت للعالم كله أن احتلال الأرض شىء يختلف اختلافاً كبيراً عن تحطيم الإرادة واحتلال الروح .."                                            
ولعل الانسان حينما يقرأ هذه الكلمات أو يسمعها  قد يعجب  حتى يعجز عن فهم ما يجري في الواقع هذه الايام من أدوار غريبة  لعـزل الماضي عن الحاضر ..  وقد يزداد عجبا حينما يكتشف ـ ولو بعد حين ـ  أن تلك المواقف  بكل ما فيها من مضامين هي ما نحتاجه فعلا ـ  ولا نجده ـ علاجا شافيا لواقعـنا .. ولكنها وهي تنبعث الينا من الماضي البعـيد ، ليست تكرارا أو تشابها في مشيئة الاقدار .. ولا هي تعـبيـر عن عودة التاريخ  الى الوراء ، أو عن توقف عجلة الزمان عن الدوران بقدر ما تكون أقرب للتعـبيـر الصادق عن سباتنا العميق الذي قد نكتشف حينما نستفيق منه  أن عبد الناصر الذي افتقدناه منذ أكثر من أربع عقود ، هو الحاضر بيننا .. ونحن الغائبون .. !! 
 ( نشرية القدس العدد 135 ) .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق