هيبة الدولة .. ( 2 ) . !!
هيبة الدولة مسألة
مفروع منها ، وأمر مطلوب لفرض الأمن والاستقرار ، وانجاح التنمية ، وجلب الاستثمار
.. وهذا المناخ يقتضي بلا شك حزم السلطة وفرض القانون وقيام المسؤولين في الدولة والادارة
بمهامهم وواجباتهم على الوجه الأكمل .. وهذا يعني ايضا امتثال المواطن لما يمليه
عليه الواجب والمصلحة العليا للوطن ..
غير أن الأمر ليس
بهذا التبسيط والتعميم ، بل هو أشمل من ذلك و أكثر تعقـيـدا ..
فالسلطة التي تريد
ان تفرض هيبة الدولة ، انما تفعل ذلك من اجل الصالح العام ، ومن أجل عزة الوطن
والمواطن ، ومن اجل نشر العدل والمساواة ،
ومن اجل نصرة الحق والمظلومين .. حتى يشعر كل انسان أنه جدير بالحياة في هذا الوطن .. وأنه شريك فيه مع كل المواطنين
.. فأين نحن من هذه المفاهيم والمعايير اللازمة لتفعـيل هيبة الدولة اذن ..؟
الواضح ان ما تفعله
سلطة الدولة منذ عقود هو تحسيس المواطن بالحيف والغـبن والتهميش داخل المجتمع ، حتى
أنه لا يكاد يرى في هيبة الدولة سوى شماعة لفرض الاستبداد على عامة الناس ، الذين تحتم عليهم ظروفهم أحيانا اللجوء الى الاحتجاج السلمي للمطالبة بحقوقهم في التنمية ، والعدالة الاجتماعية ، وحل
المشكلات المؤجلة منذ سنوات طويلة ..
ولذلك فان السلطة
التي تريد التأكيد على هيبة الدولة ، لا بد ان تكون على علم بان تونس التي ثار أهلها
على الاستبداد والديكتاتورية بثورة شعـبية عارمة ، معـناه ان المجتمع قد شهد
تفاوتا اجتماعيا حادا جعل فئة قليلة تستحوذ على كل مقدرات الوطن ، بعدما حوّلت
المجتمع الى غابة ، والحكّـام الى عصابة .. فجعلوا النصب والاحتيال ذكاءا ..
والتلاعب بالقوانين وبعقول البسطاء فهلوة
وشطارة .. وهم يظنون انهم وحدهم الاذكياء ، وأن سلطتهم وسطوتهم وقبضتهم الحديدية
ستحميهم من الغضبة العارمة التي اقتلعت عروشهم من جذورها ـ حين آن أوانها ـ وهم حائرون بين الحلم
واليقضة ..
نعم لهيبة الدولة .. ولكنها هيبة الدولة العادلة التي تهيب بشعـبها .. وتحميه
من بطشها وسطوتها ذاتها .. ( نشرية القدس العدد 163 ) .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق