بوصلة لا تشير الى القدس مشبوهة

بوصلة لا تشير الى القدس مشبوهة
مدونة الفكر القومي التقدمي

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الأحد، 8 فبراير 2015

هيبة الدولة .. ( 1 ) . !!



هيبة الدولة ..( 1 ) .  !!


لعل الكثيرين في تونس نسوا أن الثورة التي انطلقت يوم 17 ديسمبر بسيدي بوزيد كانت بسبب رفض الغبن ، وقطع الأرزاق ورفع التحدّي ، حينما رفض الشهيد محمد البوعزيزي سياسة الحصار والتجويع بذلك الفعل الذي حوّل الحادثة المؤلمة الى فعل ثوري غيّر الأحداث في العالم بأكمله ..
ولعل هؤلاء ايضا ، وعلى رأسهم المسؤولون الجدد ، الذين باشروا مهامهم بالرصاص والأساليب الأمنية القديمة ، قد نسوا أيضا أن أوّل شعارات الثورة الذي جاء في سياق الرّد على تلك السياسة اللاشعـبية حين رفعته الجماهير الثائرة في كل مكان  في وجه العصابة الحاكمة كان : " التشغـيل استحقاق يا عصابة السراق "  .. ذلك الشعار الذي انطلق من المسيرة الأولى بسيدي بوزيد ، ثم انتشر في كل الساحات ليصبح الشعار الرمز لأهداف الثورة ، وبقي كذلك حتى تحوّل الى معـيار لا يخطئ في الحكم على آداء الحكومات المتلاحقة التي فشلت في خلق الثروة وتنميتها لتوفير الحياة الكريمة للمواطنين وهي التي لا تتحقق الا بضمان حق الشغل وتوفير موارد الرزق لكل مستحقيه ...
ولعل الكثيرين اليوم يستغـربون كيف دشنت الحكومة الجديدة عهدها بالرصاص والقتل في مناطق الجنوب الثائرة ، ردّا على احتجاجات الناس الغاضبين على الاجراءات التعسفـية المتمثلة في الأتاوات المفروضة على الأجانب ، فوجدوا أنفسهم تحت طائلة نفس القوانين وهم يتنقلون طلبا للرزق الذي لم يتوفر في وطنهم ، حتى اصبحوا غرباء مثلهم .. ولكن لماذا نستغـرب من الحكومة أن تفعل ذلك ..؟ هل هي حكومة ثورية  ، تنبع منطلقاتها  من رحم الثورة لكي يكون اعضاؤها حاملين لهموم الناس الضعفاء ..؟
وهل ستكون مختلفة عن حكومات الرّش السابقة ؟ ولماذا نستغـرب أسلوبها العنيف في الرّد على احتجاجات الناس ؟  اليس رئيس الحكومة هو وزير الداخلية الذي قام بالتنكيل بثوار القصبة 3 ؟ أليس رئيس الدولة ورئيس الحزب الحاكم قبل تولي الرئاسة هو صاحب نظرية هيبة الدولة بكل ما تعـنيه من معاني حتى القديمة منها ؟؟ 
فعن اي هيبة يتكلمون ؟
لماذا لا يتكلمون عن هيبة الدولة حينما يذهب الرئيس إلى إثيوبيا ويستقبله وزير السياحة الاثيوبي في المطار ؟؟  ولماذا لا يفعّـلون هيبة الدولة في مجال الثروات المنهوبة ..؟؟ ولماذا لا يتكلمون عن الهيبة في فرض النظام على اللصوص الذين يعيثون في الأرض فسادا ، سرقة وتهريبا ، واحتكارا ومضاربة في الاسواق حتى صار المواطن مهدّدا في عيشه ، وبقائه على قـيد الحياة بسبب غلاء الأسعار ..؟
أم أن هيبة الدولة لا تقوم الا  بالعصا الغليظة واليد الطويلة التي لا تطال إلا المستضعـفـيـن والمهمشين ..؟ 
يقولون أن هذه الإجراءات اتخذتها الحكومة المنتهـية مهامها .. لكن لماذا تتعامل الحكومة الجديدة مع مواطنيها بالقتل ـ وقد اندلعت الأحداث في عهدها ـ ولا تتعامل معهم بعـقلية الحوار ، ومعالجة الأزمات بمجابهة المشكل الحقيقي عوض البحث عن مبررات لتبرير القتل ، وقد كان أولى بالحكومة أن تتراجع عن فرض الإتاوة المجحفة منذ بداية الأحداث ..
الآن تراجعت الحكومة فعلا على إقرار الضريبة ، ولكن هل ستقدر على مواجهة مشاكل البطالة والتنمية الغائبة منذ عقود في تلك الجهات المحرومة ؟ 
 وهل ستغـيّـر حكومة الترويكا الجديدة تلك الاساليب المستـنسخة من السياسات القديمة القائمة على قمع الاحتجاجات ومحاكمة المحتجين وترهـيـبهم .. ؟
نأمل ذلك .. !!


( نشرية القدس العدد 162 ) .


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق