بوصلة لا تشير الى القدس مشبوهة

بوصلة لا تشير الى القدس مشبوهة
مدونة الفكر القومي التقدمي

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الأحد، 17 مايو 2015

مائة يوم من الضحك على الذقون .. !!



مائة يوم من الضحك على الذقون .. !!

الضحك على الذقون ، مثل عربي في صياغة معبرة ، تفيد السخرية من الناس باعتبار أن أصحاب الذقون هم تحديدا تلك الفئة من البالغين ، العقلاء ، الذين يمكن لأي جهة ان تخدع جزءا منهم ، لكن يستحيل عليها أن تخدعهم جميعا ..
هذا المثل ينطبق  تماما على الحكومة الجديدة المنتخبة في تونس .. التي لا يزال مسؤولوها يبالغون في التسويف وتقديم الوعود الزائفة ، دون برنامج واضح ، وخطط مدروسة لمواجهة الواقع المعقد الذي أصبح يتفاقم باستمرار ، ويزداد تدهورا ، وإنذارا بالخطر ، في ظل تصاعد البطالة ، والفساد ، وتنامي ظاهرة الإرهاب الذي بات يستغل كل هذه الأوضاع للتغرير بالناس وجرّهم إما إلى الانخراط الفعلي في العمليات الإرهابية ، أو الى التعاون اللوجستي مع الإرهابيين .. وفي المقابل فان إدانة التحركات الشعبية والاحتجاجات المتصاعدة ، والتشكي من قلة الإمكانيات وكثرة الطلبات ، يتنافى مع الخطاب الذي كان يتحدث أثناء الحملات الانتخابية عن الكفاءات والمشاريع والاستثمارات الضخمة ، والحلول العاجلة ..
والواقع أن التمادي في هذا النهج قد ينجح في خداع فئة محدودة من الناس ، ولفترة محدودة ايضا من الزمن ،  أما أن يخدع شعبا بأكمله فهذا مستحيل أن يحدث .. وهو ما يجعل التمادي فيه بعد انقضاء مهلة المائة يوم التي طلبتها الحكومة ، دليلا على إفلاسها ، وعدم قدرتها على ايجاد الحلول الجدية والملموسة التي تطمئن الناس ، وتعطيهم بصيصا من الأمل لمواجهة المستقبل ..
 هو مأزق فعلا ، يُظهر ـ بما فيه الكفاية ـ  بوادر الفشل في الوفاء بكل الوعود التي أطلقتها الأحزاب الحاكمة وهي تتسابق الى الحكم قبل الانتخابات ، جعلها تتخبط ـ من حين الى آخر ـ  في الرّد على الاحتجاجت الشعبية بين الحنين  الى الأساليب الردعية القديمة ، والمنطق الجديد الذي فرضته الثورة باعتبارها مرجعية عليا في التأكيد على حق الناس في الحرية والشغل والكرامة الانسانية ..  
ولعل مازاد في اظهار العجز لدى الحكومة وأحزابها الحاكمة ، هو سياسة الهروب الى الأمام ، من خلال تهرب الدولة من مسؤولياتها في تنمية الثروة ، وحمايتها من اللصوصية والنهب المتواصل ، ومحاربة الفساد ، مع الرجوع الى السياسات القديمة المعتمدة كليا على الاقتراض الخارجي المشروط ، وبيع المنشآت العامة ، والتحالف المشبوه مع الدول الاستعمارية الكبرى ، وتجاهلها التام لملفات الفساد ، والمال المنهوب ، وسكوتها المتواصل والمريب عن الصفقات المتعلقة بالثروات الطبيعية التي لا تحصل منها الدولة الا على نسب ضعيفة قد لا تصل أحيانا في بعض المجالات الى نسبة 20 % على أقصى تقدير من العائدات ، والبقية تذهب الى جيوب اصحاب الشركات والوكلاء والسماسرة المحليين ..
انقضت اذن مائة يوم من العجز والفشل في ظل غياب الحلول التنموية ، والخطط المستقبلية  لتجاوز المشاكل العالقة ، والحد من الفساد وغلاء الاسعار .. وباتت الحكومة اسيرة للحلول التي تزيد في ارتهان البلاد للقوى الاستعمارية ، على غرار مشاريع الشراكة مع الولايات المتحدة التي ستزيد في ارتباط تونس وخضوعها أكثر لسياساتها المعادية للقضايا العربية ، وستمنحها صلاحيات أوسع لاستعمال أراضيها ، ومجالاتها الجوية ، ومياهها الاقليمية ، باسم التعاون العسكري وتبادل الخبرات ، والمناورات المشتركة ، ومكافحة الارهاب ، وهي تقريبا نفس السياسات ، والخيارات الفاشلة  التي كانت تنتهجها تونس قبل الثورة  ...   وكأنك يا أبو زيد ما غزيت .. 

 ( نشرية القدس العدد 176 ) .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق