الوحدة العربية بين دعاتها وأعدائها .. (11) .
لم يهدأ الصراع في الوطن العربي منذ سنوات عديدة كأفضل
تعبير عن حدة المشكلات المطروحة في كل قطر ، والتي تبدو أحيانا متأثرة ببعضها ، مرتبطة ـ الى ابعد الحدود ـ بالاطراف المحلية المتدخلة فيها ، وهي لا تستطيع أن تحافظ على مصالحها الا من خلال التدخل المباشر أو الخفي ، وهو ما يعني أن تلك الاوضاع بكل ما
فيها من أحداث مأساوية هي جزء لا يتجزأ من الصراع الاجتماعي على المستوى القومي الذي يدور بين
جميع مكونات المجتمع العربي ، بحثا عن حلول للواقع المتخلف الذي انحدرت اليه الأمة
بعد استفحال مشاكلها الكبرى في ظل الاحتلال والاستغـلال والتجزئة ، وتحت سيطرة
الحكم المطلق والاستبداد الذي يمارسه الحكام على شعوبهم .. وفي ظل التدخل الخارجي المدعوم من جهات داخلية مستفيدة من
استمرار هذا الوضع ، ومستعدّة للتضحية بأجزاء أخرى من الوطن العربي حفاظا على وجودها
وامتيازاتها ..
لذلك فان المشروع القومي هو المشروع الذي يعتبر ابن بيئته وطبيعـته ، وهو القادر أن يجعل من الامة العربية أمة متماسكة ، قوية ، ذات سيادة ، ومكانة في العالم ، بفضل ما تملكه من امكانيات مادية وبشرية تمكنها من الوصول الى تلك المرتبة الريادية ..
لذلك فان المشروع القومي هو المشروع الذي يعتبر ابن بيئته وطبيعـته ، وهو القادر أن يجعل من الامة العربية أمة متماسكة ، قوية ، ذات سيادة ، ومكانة في العالم ، بفضل ما تملكه من امكانيات مادية وبشرية تمكنها من الوصول الى تلك المرتبة الريادية ..
ولهذا تجندت قوى متعددة رغم اختلاف أهدافها لتصفية كل
القوى الوطنية والقومية متحالفة فيما بينها للوصول الى تحقيق تلك المصلحة المشتركة
: الولاء ، والتمكين .. حيث تتعهد الجهات الطامعة في ثروات الأمة بحماية القوى الرجعية وتمكينها
من البقاء على رأس السلطة في كل قطر ، مقابل تعهد تلك الجهات بالطاعة والولاء ،
واقتسام المنافع ..
وفي هذا الاطار استسلمت قوى الاسلام السياسي للواقع
بعد الوصول الى السلطة سواء في مصر أو في تونس ، فعملت على ايقاف المسار الثوري مكتفية بالنتائج المتحققة
التي اوصلتها الى السلطة لتتحوّل بعدها مباشرة الى أنظمة أسوء من التي قامت عليها الثورات ، انسجاما مع طبيعتها الرجعية في خياراتها ، وتحالفاتها ،
واصطفافها ، وخضوعها ، من ناحية ، وتعويلا على ما تملكه من امكانيات مادية
واعلامية تفوق في ضخامتها قدرات بعض الدول من ناحية اخرى ..
وفي سياق الحديث عن الجانب الثاني ، نجد في العدد 9825 للعرب
الدولية ، الصادر بتاريخ 11 / 2 / 2015 ، تقريرا تحت عنوان : " مصادر
تمويل الإخوان المسلمين ، جمعيات وتنظيمات عابرة للقارات " جاء فيه : "
كان معرض القاهرة للكتاب فرصة لمناقشة كتاب " اقتصاديات الإخوان في مصر
والعالم " ، للدكتور والخبير الاقتصادي عبد الخالق فاروق حيث أبرز أن عناصر ارتكاز
الجماعات الإسلامية هو المسجد ، باعتباره مكانا للتعليم والتثقيف الديني والتعبئة ،
ومكانا للحصول على موارد من التبرعات ، مشيرا إلى أن أوروبا بها ثلاثة آلاف مركز،
وهي مراكز للحركة أيا كان غرضها، وبالتالي فعدد المسلمين السُّنَّة المتردّدين على
المساجد يتراوح بين 2 مليون أو 3.6 مليون مسلم طبقا لدراسات نشرت خارج مصر .
وهذا يفيد أن هذه التنظيمات وهي الإخوان
والجماعات الإسلامية تتحرك وسط هذه الكتلة الاجتماعية ، ويصل المتعاطفون معهم من 10 إلى 20 بالمائة
تقريبا أي ما يعادل 150 إلى 300 ألف شخص في أوروبا ، والتعاطف يأتي في دفع أموال الزكاة .. " . ثم يضيف التقرير نقلا عن المصدر نفسه : "
أما بالنسبة إلى التبرعات فقد بلغت 603 مليون جنيه سنويا، إلى جانب ربع الأرباح
إجماليا والتي تحوّل من الشركات المملوكة للإخوان إلى التنظيم ، وبذلك يصل إجمالي
الأرباح والتبرعات إلى 500 مليون جنيه سنويا .
وفيما يتعلق بأموال الزكاة فقد بلغت 188 مليون
جنيه سنويا من داخل مصر، أما خارج مصر في أوروبا فبلغت 125 مليون جنيه سنويا
.
فحجم موارد تنظيم الإخوان
حسب إحصائيات عبد الخالق فاروق تبلغ 7 مليارات سنويا ، فيما يبلغ معدل
إنفاقه 2 مليار و573 مليون جنيه .. !!
وتعود الصحيفة ايضا
الى تقرير الامريكي دوغلاس فرح مشيرة الى ظاهرة البنوك الاسلامية التي أنشأها
التنظيم العالمي للاخوان المسلمين فيقول
: " ان الإخوان نجحوا بالتوازي مع بداية ظاهرة البنوك الإسلامية
الحديثة ، التي عرفها العالم في بداية
الثمانينات من القرن
الماضي ، في بناء هيكل متين من شركات “ الأوف شور”، التي أصبحت جزءا لا يتجزأ من
قدرتها على إخفاء الأموال ونقلها حول العالم ، فهي شركات يتم تأسيسها في دولة أخرى
غير الدولة التي تمارس فيها نشاطها ، وتتمتع هذه الشركات بغموض كبير، يجعلها بعيدة
عن الرقابة .. "
كما يعرض موقع بوابة
الحركات الاسلامية الافكار التي جاءت في الكتاب المذكور للدكتور عبد الخالق فاروق، ومنها:
" إن موارد التنظيم تتحدد في 8 موارد : اشتراكات
الأعضاء والتبرعات من الأفراد والمؤسسات ، وأموال الزكاة ، وأرباح المشروعات في
خارج مصر وداخلها .. إلى جانب عنصرين ، هما
أموال الإغاثة الإسلامية الدولية ، وأموال الجهاد الأفغاني ...
" .
وأضاف : " أن الاشتراكات السنوية بلغت 87 مليون جنيه ، وتصل
إلى 187 مليون جنيه بمتوسط 141 مليون جنيه سنويا .
بالنسبة للتبرعات بلغت أقلها 70 مليون جنيه
... بمتوسط 280 مليون جنيه سنويا ، إلى جانب ربع الأرباح إجماليا من الشركات
المملوكة للإخوان التي تـُحوّل للتنظيم ، وبذلك تصل إجمالي الأرباح والتبرعات 500
مليون جنيه سنويا.
وبالنسبة لأموال الزكاة وفقا للتقدير بلغت
188 مليون جنيه سنويا من داخل مصر، أما خارج مصر في أوروبا فيدفعها ما يقرب من 200
ألف شخص بما يبلغ 125 مليون جنيه سنويا ، وفي أمريكا يدفع 150 ألف شخص بما يبلغ
375 مليون دولار .
وأشار فاروق إلى أن إجمالي دخل التنظيم بناء
على ما سبق بلغ في حدود 6 مليارات و800 مليون جنيه سنويا ، أي حوالي 7 مليارات
جنيه سنويا ..".
كما اشار التقرير نقلا عن الدكتور عمار علي
حسن الكاتب و الباحث في العلوم السسياسية متحدثا عن الجمعيات قائلا : " أن
الجمعية الشرعية لأنصار السُّنَّة تكفل 441 ألف و700 يتيم ولديها 24
مخبز توزعه بالمجان، وجماعة الإخوان تمكنت من السيطرة على هذه الجمعية
..
ولفت إلى أن الجماعة طبقية بامتياز، والأموال
التي جُـمعت رسخت ذلك ؛ حيث ظهر أباطرة لرجال الأعمال ، لافـتا إلى أن الإخوان
كانوا يستثمرون أيضا في البشر حيث يتبنون طلابا ويصرفون عليهم دراسيا ويفتحون لهم
بعض المشاريع ليتم استغلالهم فيما بعد.
وأوضح حسن أن من يتحكمون في أموال الجماعة
تحولوا ـ فعلا ـ إلى رجال أعمال، وهذا أعطاهم قوة مالية ونفوذا يتيح لهم الهيمنة
على المجتمع ..
وقال حسن إنه لا يرى فرقا بين أموال الفرد
والتنظيم ، لافتا إلى أن أموال التنظيم ليس لها مشروعية قانونية، بدليل أنهم قرروا
بعد الثورة إنشاء جمعية ؛ ليكون هناك رقابة عليهم ، موضحا أنه لا يمكن مقارنة
أموال الكنيسة بأموال الإخوان ، وإنما تقارن بأموال الأوقاف .
ودعا حسن إلى أن يتم إعداد كتاب آخر عن
اقتصاديات السلفيين ، والطرق الصوفية ؛ لنعرف كيف تحوّل الدين من السمو الأخلاقي
إلى مجرد آلية لتحصيل الثروة والجاه والمكانة في الدنيا .."
.
للحديث بقية ..
( القدس عدد 174 ) .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق