بوصلة لا تشير الى القدس مشبوهة

بوصلة لا تشير الى القدس مشبوهة
مدونة الفكر القومي التقدمي

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الاثنين، 21 سبتمبر 2015

الوحدة العربية بين دعاتها وأعدائها .. (24) .

                 الوحدة العربية بين دعاتها وأعدائها .. (24) .


تاسعا : لا يغير الله ما بقوم حتى يغيروا ما بانفسهم ..

الحركة القومية لن تتقدم ولن تتطور ولن تبلغ اهدافها أبدا ، وهي مجزأة ، ومشتتة مهما تصور الصادقون فيها  انهم على حق ..
والحركة القومية لن تتوّحد أبدا الا بحركة ارادية واعية من القوميين الصادقين .. لتتمكن بعد ذلك وهي موحدة ، من التفاعل الايجابي مع  مشاكل الامة في اي مكان ..
فالحركة القومية أمامها مشكلات التجزئة في الوطن العربي ، وأمامها مشاكل الاستعمار والاحتلال الصهيوني ، وأمامها مشكلات التخلف والقوى الرجعية والرأسمالية المتوحشة .. فمن الغباوة بمكان أن لا تفكر في الوحدة ولو في حدها الأدنى : وحدة الصف ، كمرحلة مهمة وضرورية هي عبارة عن مرحلة انتقالية يتم فيها التحول من التعدد السلبي الى التعدد الايجابي ،  أو مرحلة " التعدد الذي يسبق الوحدة " ، بكل ما في ذلك من معاني  ، وأهداف سامية ، وبكل ما يقتضيه من تغيير في العقلية ، والسلوك ، نحو التكامل والوحدة ..
ويبقى تحوّل الحركة القومية الى حركة جماهيرية شعبية رهين الشروط المتصلة بطبيعتها القومية ذاتها ..
أي عندما تتحوّل أولا الى حركة قومية واحدة ، تجعل المواطن العربي في أي قطر ، يشعر بأنها تمثله فعلا .. على عكس ما يشعر به في الواقع الحالي ، وهو يرى أن الحركات القومية الحالية ـ بتعدّدها وتشرذمها ـ لا تقدّم له أي دليل مادي على أنها قومية فعلا .. وهي بالتالي ـ وفي أحسن الحالات ـ يمكن أن تستقطب اهتمام الذين اختاروا وحدهم انتماءهم الفكري في الأقطار التي تنشط فيها تلك التنظيمات ، وقد يبقى كثير منهم رافضين انتماءهم اليها بسبب طبيعتها الاقليمية .. فلا ينخرطون فيها ، ولا ينتخبون ممثليها ، ولا يدافعون عنها ضد خصومها ، بل نجدهم أحيانا يهاجمون آدءها ومواقفها وسياساتها وخياراتها جميعا ..
وعندما تتحوّل ثانيا الى حركة قومية ملتحمة  بقضايا أمتها الحيوية التي تهدّد أمنها ووجودها ذاته .. أي حينما تكون منسجمة مع طبيعتها القومية في الدفاع عن وجود الامة التي تسعى الى  توحيدها .. فيكون لها وجود في أماكن المقاومة والقتال ضد اعدائها ، مثلما يكون لها تواجد في مواقع السياسة والانتخابات .. أو بمعنى آخر حينما تكون لها يد تبني ، ويد تحمل السلاح ، ليشعر بدورها الفاعل  كل من له مصلحة في وجودها ووقوفها الى جانبه  ..
وعندما تتحوّل ثالثا الى حركة ديمقراطية فعلا ، يعرف كل فرد فيها أن الجدل الذي يؤمن به كقانون نوعي خاص بالانسان ، ليس له أي لزوم أصلا ، الاّ لادارة الاختلاف .. ومعناه ان لا تطور ، ولا وحدة ، ولا قوة تنظيمية الا بالديمقراطية الحقيقية ، التي تبدأ بمساهمة الجميع في طرح المشكلات ، ومساهمة الجميع في تقديم الحلول ، وتنتهي بالتزام الجميع بتنفيذ الحل الأغلبي ..  فلا تشكيك ، ولا شتائم ، ولا استقالات ، ولا انقسامات .. 
ثم وهذا على قدر كبير من الأهمية ، حينما يصبح لها قاعدة ثابتة تتحرك منها لتحقيق كل أهدافها ، وقد تكون تلك مهمّتها القادمة ..  
عندها ، وعندها فقط  ، ستكون الحركة القومية هي الحركة الجماهيرية الأولى في الوطن العربي ..

 ( القدس عدد 194 ) . 



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق