بوصلة لا تشير الى القدس مشبوهة

بوصلة لا تشير الى القدس مشبوهة
مدونة الفكر القومي التقدمي

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الاثنين، 14 سبتمبر 2015

الوحدة العربية بين دعاتها وأعدائها .. (23) .

                    الوحدة العربية بين دعاتها وأعدائها .. (23) .


ثامنا : الاختبار الصعب ..

مطلوب تمهيد فعلي بين القوى القومية على أساس الثوابت (المحكمات) ، يحوّل واقعهم الردئ الشبيه بواقع الأنظمة الاقليمية الى واقع قومي حقيقي ..
ورغم أن التشبيه بتلك الأنظمة معناه استحالة حصول المطلوب ، الا أن الولاء القومي الذي يتميز به القوميون عن القوى الاقليمية جميعا ، هو القادر وحده على احداث المستحيل اذا توفرت الارادة الحقيقية التي يقدرون بها وحدها على ازالة كل العقبات والحواجز العارضة ..   
وعليه ، فلو فرضنا ان وضعا مشابها لهذا الوضع قد اصبح واقعا حيا ، باتخاذ احد الاحزاب القومية زمام المبادرة ، مكلفا قائده أو رئيسه أو أمينه العام  ، بالاتصال بنظرائه في الأحزاب القومية على الساحة القطرية والقومية للتباحث والحوار وطرح المبادرات ولو من أجل تحقيق وحدة الصف ، ووحدة الموقف بين القوى القومية ، مع ما يتطلبه ذلك الأمر الجلل من تنسيق وتشاور ، واتصالات دائمة .. لتحقيق وحدة الموقف والحركة ، وتوفير الكثير من الجهد الضائع في مواجهة بعضهم البعض على المستويين القومي والقطري ، للتنافس على المهام والمكاسب الإقليمية المحدودة ، التي يستطعون تحقيها اضعافا وهم مجتمعون .. فماذا  سيكون موقف الدول الإقليمية تجاه هذا الوضع ..؟؟  هل ستسمح سلطاتها مثلا باحتضان مؤتمر قومي يبحث في إمكانيات الوحدة بين الفصائل القومية ، وهم يتناوبون على لعن الإقليمية ، ويجدّدون رفضهم لشرعية مؤسساتها ودولها ، وكياناتها المصطنعة .. ؟؟ 
وهل ستسمح بعد ذلك أي دولة إقليمية لأي حزب قومي بالتواصل مع الأحزاب القومية الأخرى ، والتنسيق معها من أجل الوصول إلى إلغاء وجودها ولو ديمقراطيا عن طريق الخيار السلمي ..؟؟
 أبدا .. لن يسمح بذلك أي نظام إقليمي في الوطن العربي وهو يعلم أن وراء تلك الخطوات أهدافا صريحة تدعو لإزالة مؤسسات الدولة من أساسها .. ولا شك أن أجهزتهم الأمنية ومخابراتهم ستنشط في كل مكان لجمع القرائن والأدلة التي تدين تلك الأحزاب ، وصولا إلى حلها ، وإيقاف نشاطها ، على خلفية التآمر على أمن الدولة ، والتعامل مع جهات أجنبية لزعزعة أمنها واستقرارها .. !!
ألا تنتظر القوميين إذن ، تهم جاهزة بالخيانة في كل حين .. ؟
بلى .... وان وضعا مشابها لهذا الوضع سيحصل  يوما ما ، لتكون سلطة الدولة الإقليمية اللاديمقراطية ، بكل ما تملكه من آلة البطش ، هي العدو المباشر للمشروع القومي ، ولا شك أن تلك السلطة  ستكشر عن أنيابها في أي لحظة ينتقل  فيها القوميون للعمل الفعلي على تحقيق مشروعهم .. أي حينما يصبحون قوميين فعلا .. وهنا يمكن أن يُطرح السؤال : لماذا تبدو سلطة الدولة الإقليمية ، والإقليميون من حولها صامتين تجاه المشروع القومي إلى حد الآن ..؟؟
والجواب بكل بساطة .. لأن القوميين جميعا ـ في الوضع الرّاهن ـ اقليميين .. وهم بالتالي قد يشكلون خطرا ـ في أي وقت ـ على النظام القائم ، فيعاملونهم بالتضييق والحصار والاقصاء .. ولكنهم لا يمثلون اي خطر ـ في الوقت الراهن ـ على مؤسسات الدولة الاقليمية ذاتها ، طالما انهم لم يتحوّلوا إلى قوة منظمة تستهدف تلك الدولة من الداخل والخارج ..
وفي المحصلة النهائية ، قد يكون من المفارقة حقا ، أن يكون القوميون على موعد مع اشد المعارك التي تنتظرهم ضد الدول الإقليمية  باعتبارها تمثل النقيض من مشروعهم ، وهم يتنافسون في الوقت الراهن على الوصول إلى مؤسساتها .. !!
ففيما يكون التنافس اذن ...؟؟  هل يكون من أجل تحقيق غايات ومكاسب اقليمية محدودة ، ، قد يكفي فيها التنسيق والتعاون مع القوى الاقليية لانجازها ، أم من أجل أهداف ومصالح  قومية لا تتحقق الا  بوحدة الصف ووحدة الحركة النضالية بين القوى القومية ، على المستويين القومي والقطري ، وبالوسائل الثورية المناسبة لتحقيق  تلك الاهداف والغايات ..؟؟


للحديث بقية ..    

 ( القدس عدد 193 ) .      




ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق