المفكر القومي د.عصمت
سيف الدولة :
العراق هو الدولة
النفطية الوحيدة الطاهرة ..
القاهرة ـ العرب ـ
تحقيق محمد جمال القليوبي .
أزمة الخليج العربي لم تحدث لأن
صدام دخل الكويت . ولكن لأن العراق أقدم على بناء قاعدة صناعية وجيش قوي . ودخل
حربا أثبت فيها أنه مقاتل . إذن لا بد أن تزول هذه الدولة ، ولو دخل الكويت أحمد
حسن البكر، لضُرب العراق . ولو لم يقدم العراق على دخول الكويت لضُرب أيضا . هذا
مصير أي دولة عربية تملك ضمن ما تملك تهديد مصالح الغرب وصنيعته (إسرائيل) . فما
حدث في العراق الآن حدث في مصر عام 56 و67 ، وما بين 56 وما يحدث في الخليج عام 91
صراع طويل أبرز محاوره المستهدفة دائما الوحدة العربية ... هذا ما أكده المفكر
القومي العربي عصمت سيف الدولة أمام حشد من الجماهير بمقر الحزب الاشتراكي العربي
الناصري تحت التأسيس بالقاهرة ..
نوايا الامبريالية العالمية بقيادة
الولايات المتحدة هي العصف بالنمو الذي قد يحدث في أي مكان من العالم العربي ، هذه
هي القضية التي يُضرب من اجلها العراق الآن .. من أجل هذا لن تنتهي هذه الحرب
بتحرير الكويت .. فالكويت لن تتحرر مرة أخرى إن خرج العراقيون . فالأمريكان لن
يخرجوا . ستقام المعسكرات الأمريكية .. ويأتي آل الصباح الذي يرجع تاريخهم الى
تعيين السلطات الانجليزية لهم .. فليس غريبا .. ويعود أحفادهم .. ويعودون للحكم
تحت مظلة الاحتلال الأمريكي .. والحقيقة أن الخليج العربي منذ 1985 وجميع إماراته
تحت حماية الأسطول الأمريكي . فالمراكب الكويتية وباقي مراكب دول الخليج تخرج من
الموانئ حاملة علم أمريكا حماية لها من إيران ، وكل المواقف من الحرب الدائرة في
الخليج سواء استندت الى الشرعية الدولية أو الى حرية الكويتيين في تقرير مصيرهم أو
الى السلام العالمي أو حتى أخطاء صدام حسين أو الى أي تبرير أخلاقي هدفها الأساسي تدمير
العراق ..
فالاستعمار في حقيقة الأمر
باستمرار لديه خطط معدة ومجهزة سلفا تنتهز الفرص المواتية . وان لم توجد اختلقوها لإيقاف
أي محاولة للنمو والتقدم السياسي والاجتماعي والعسكري في أي قطر في الوطن العربي والأهم ضرب الوحدة العربية ...
في عام 1967 ... ظهرت مجموعة من الكتب مليئة بالوثائق بتاريخ الحركة الصهيونية
والصراع العربي الصهيوني منذ البداية يوما بيوم ، ووصل الحديث عما فعلته الصهيونية
لتصل الى اعتداء عام 1956 و1967 . من بين هذه الكتب كتاب اسمه (تصعيد) ، والغريب
في هذا الكتاب أنه ذكر أن خطة احتلال سيناء وضعت وتدربت عليها (إسرائيل) عام 1958
وبين قوسين أكد الكاتب أن هذه الخطة نفذت عام 1967 .. أي بعد الوحدة المصرية
السورية مباشرة قررت (إسرائيل) ضرب مصر واستدراك القوات المصرية داخل سيناء ، وإشعال
صراع لا تستطيع مصر التخلي عنه في اليمن .. كل هذا مرسوم ومخطط تماما ، وما يحدث
للعراق اليوم .. فالتحدي الاستعماري للأمة العربية سيظل يهدد وجودها كأمة ..
فمصر عبد الناصر كانت ستضرب ولو كان الملك فاروق بحكومته الوفدية هو حاكم
مصر .. القضية كيف يتجرأ ويقوم بتحول اشتراكي ومشروعات عملاقة ومصانع ضخمة وجيش
قوي ... وللعلم العراق هو الدولة العربية الوحيدة النفطية المتميزة التي لم يضع
قادتها مليما واحدا من أموال البترول في جيوبهم .. هذه قيادة طاهرة من الناحية
المالية وهو ما لا يحدث في أي دولة نفطية أخرى حتى نيجيريا ..
والسؤال الذي يحتاج الى إجابة الآن : هل كتبت علينا الهزائم والانكسارات
سواء كنا مستعدين أو غير مستعدين ..؟ معتدين أو غير معتدين ..؟ وما الحل لمواجهة
التحدي الاستعماري الامبريالي الموجه للأمة العربية ..؟ أزمة الخليج أثبتت أن
الدول العربية كلها تعيش في عصر غير عصرها وأنها دول تمُتّ الى الدول المنقرضة كما
هو الحال بالنسبة للحيوانات المنقرضة .. ولم يعد هناك قطبان مثلما هو الحال في
الخمسينات والستينات ، تلك المرحلة التي استطاع عبد الناصر أن يخلق خلالها كتلة
بشرية اسمها (عدم الانحياز) .. أما الآن فهناك
وفاق دولي ، وغورباتشوف رحب بالعدوان الأمريكي على العراق بقيادة أمريكا ،
وانسحبت الكتلة الشرقية من موازين القوى ، ولا يوجد عالم عربي يمثل أي معني
للاستقلال أو الحرية أو الكرامة ..
ما الحل ..؟
يجيب د.عصمت على السؤال بأن الحل هو الوحدة العربية إذا أردنا أن نكون
أعزاء في وطننا العربي في أي يوم من الأيام .. فالأمة العربية كلها معرضة لخطر مثل
الذي يحدث في العراق الآن .. ونقطة البدء منذ انتهى عبد الناصر عندما قال عام 1963
" ان الحركة العربية الواحدة قد أصبحت ضرورة تاريخية " ، وهذا ما أنادي
به دائما .
فاذا كان هناك فشل لتجربة الوحدة ، هناك أيضا تصحيح لها ، وعليه فالحركة
القطرية ليست ناصرية ، الإقليمية ليست ناصرية ، النضال ضد الحركة أو عرقلة الحركة
العربية الواحدة ليس عملا ناصريا .. بعد كل هذه الدروس التي مررنا بها لا بد من
بناء الحركة العربية الواحدة .. فدولة الوحدة ضرورة علمية في الأمة الواحدة .. كيف
تتم هذه الدولة الواحدة ..؟ التاريخ المشترك جعلنا جميعا مشتركين في الأرض وفي
مصادر الإنتاج ، والمصير المشترك ، وكل شئ مشترك عند أدارته لمصلحة المجتمع لا بد أن
تكون له إدارة واحدة .. هذا هو الحل الذي يمكن أن يحمينا ويحمي استقلالنا وسيادتنا
.. فعبد الناصر وصل الى أرقى ما استطاعت أي دولة عربية أن تصل إليه سياسيا
واقتصاديا وثقافيا ، وجاء السادات ببساطة واستطاع الرّدّة بمصر .. ولو أن عبد
الناصر ظل رئيس دولة الوحدة لما انشقت مصر أو ارتدّت ..
فالعراق وصل الى ما لم يصل إليه صلاح الدين من حيث التنظيم العسكري
والشجاعة والصلابة في القتال ، والآن يسحق تحت سمع وبصر ومعونة وتحالف دول عربية ،
ولو كان العراق أحد أقاليم دولة الوحدة لاستمرت الحرب من عاصمة دولة الوحدة الى أن
تحرّر العراق ..
وفي النهاية أكد على أنه لا مستقبل للوطن العربي طال الزمن أو قصر إلا بالوحدة
العربية ..
تحقيق صحفي نشر
بجريدة العرب الدولية بتاريخ : 6/3/1991 يعرض أهم ما جاء على لسان الدكتور عصمت سيف الدولة في مداخلة مباشرة أمام حشد جماهيري اثر أحداث الخليج سنة 91 ..
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق