" عرك طبابلية " ..
الطبابلية ـ كما هو معلوم ـ هم الذين يضربون على الطبلة وينفخون
في المزمار ويرقصون ويغنون في الأفراح ، لكنهم حينما يختصمون لحظة يعودون بعد
لحظات الى جوقتهم مصطفين متناغمين تطبيلا وتزميرا ورقصا وغناءا ، لذلك سمي عراكهم
وخصامهم بهذا الاسم حتى صار مثلا لكل مشهد مشابه .. وهكذا تقريبا تبدو الزوبعة بين
قطر والسعودية في المدة الأخيرة نوعا من "عرك الطبابلية " لانه في
النهاية ـ وحتى وان كان عراكهم يلقي بظلاله على الحلفاء في تونس ـ فان الغيوم التي
تراكمت هنا ستتقشع ولو بعد حين عندما تتجلى هناك ،
وستخمد رياح محاربة الفساد عندنا حينما تهدأ العاصفة الخليجية التي ينفخ فيها
ترامب حاليا لكي تجرف اليه الثروة القطرية والسعودية في آن واحد .. وحتى تركيا
وايران سوف تكيف كل منهما أمورها مع المتغيرات مثلما حدث للاولى مع روسيا واسرائيل
وبعض الدول الغربية ، وللثانية مع تركيا ذاتها ومصر وأغلب الدول العربية سابقا ..
ولعله من المؤكد ان الهيجان والحملات الاعلامية ستظل هي الحالة القصوى لمظاهر
الازمة ، فلا السعودية ستغزو قطر المحمية امريكيا ولا العكس ايضا لان الرجعية يمكن
أن تتصارع على النفوذ أو على المصالح ولكن صراعاتها في آخر المطاف لا تحكمها
المبادئ التي يمكن ان تدفع أصاحبها الى ركوب الأخطار دون ضوء أخضر من الخارج ، بل
تقودها القوى الخارجية التي ستعمل دائما على تحقيق التوازنات الاقليمية التي تخدم
مصالحها .. وطالما ان الثروة في قطر والسعودية فان امريكا ستضرب هذا بذاك احيانا ،
وستقرص اذن هذا أو ذاك أو الاثنان معا أحيانا أخرى ، ولكنها ستحميهما معا ولو من
بعضهما البعض .. وغدا أو بعد غد سيعود المختصمون للوفاق بينهم وسيصطفون معا من
جديد في نفس الجوقة ولو بقيادات جديدة او بتنازلات ومسرحيات .. فالثروة العربية
والنفط وضرب المقاومة هي المطلوبة أولا وأخيرا من وراء الازمة ..
( القدس ) .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق